أرسلت مها (طالبة، 20سنة، فلسطين) تقول:
دماغي محتاج تجميع: ثمن الصمود الفلسطيني
مرحبا..... أنا وأنا بقرأ مشكلتك أختي بجد بكتبلك وببكي
أنا عندي نفس الشيء زهقت من كل شي حوالي زهقت.... صوت الطيران والدبابات والطرادات زهقت........ صرت مش متحملة بجد.............. صوت طيارات تفريغ الهوا بيرعب بجد......... قسما بالله بصحى من نومي مهلوعة بمعني الكلمة على طيارات الصوت.... وفوق كل هذا اجى تضارب الإخوة فتح وحماس كأنه يعني إحنا ناقصين، اتسكرت عينا من كل الجهات....... أنا كمان بفكر أسيب الجامعة لأنو شو بعديها؟
ما فيه وظائف ولا فيه مستقبل....... قاعدين بنستنى دورنا يجي عشان نموت، إحنا وصلنا لقناعة انو إحنا انخلقنا هنا وبنستنى دورنا بالموت، بنضحك وبنقول يا لطيف أبصر شو بدو يصير، حتى الضحك صار ممنوع علينا ومقابله شي دايما
بنكون مهيصين بيجي خبر وفاة أو استشهاد غالي.
أنا صح عندي 20 سنة.......... بس كأني عندي 60 سنة............. بجد مش متحملة الوضع...... وفعلا بعاني من صداع وبسكر دنيّ لما بسمع صوت طيران....... بس ما تقولوا لي طبيب، بس نعالج حالنا جسديا أول بنعالج حالنا نفسيا الوضع بهالبلد الله يعين كل واحد عحالو، لا قبضة ولا شغل ولا ما يحزنون رغم أنّا متعلمين وثقافتنا عالية.
يالله أختي بيعين الله............. صرنا متعودين ويمكن هذا الأدهى انو إحنا وصلنا لمرحلة اللاشعور. بطلنا نعرف نفرح ونحزن........... أصبحنا باردين فوق المطلوب.......... إن شاء الله الله بيفرجها علي وعليك.
بدي أقول حالنا أحسن من غيرنا....... بس مين حالو أسوأ منا؟........... نفسي أعرف
لا إله إلا الله ..............
بيعين الله.
أختك
مها
3/1/2008
في حوار مع ابنة فلسطينية قلت لها ذات مرة محاولا تلطيف الأجواء التي تعيش فيها، وتعيشون جميعا، قلت لها: يبدو أن أمريكا قد اكتشفت أخيرا الحل الأمثل لإنهاء مشكلة الشعب الفلسطيني، وجاري التنفيذ، والحل الجاري تنفيذه هو الإبادة البطيئة المتدرجة فيهجر البلد من يستطيع، ويكتئب المقيمون، ويستسلم الأفاضل المجاهدون للشعور بالإنهاك بعد طول الانتهاك كما تشعرين، ومثلك كثيرون.
مطلوب أن نصل إلى اليأس وقلة الحيلة بأسباب منطقية ومتراكمة حتى نقبل بأي شيء: دولة في الضفة، وملحق في غزة، تحطيم "حماس" في مقابل لا شيء!!
دولتان من الكرتون، أو "دولتين" واحدة في غزة، والأخرى في الضفة، أو يستمر الحال على ما هو عليه من حصار من بعد طول حصار، وتجويع... إنها الإبادة البطيئة المنظمة.
والأنظمة نفضت أيديها من مسألة فلسطين إلا من تصريحات المسئولين بين الحين والحين، والشعوب مترنحة لأنها أصلا لا تكاد تعقل أو تحلل أو تفكر، كانت تتعاطف وتدعم حين كان يبدو الصف موحدا، ولكن الدخول في التفاصيل والتطورات كشف ضعف قدرة النخب والجماهير على ضبط بوصلة الموقف، أو التدخل لضبط الأحوال.
وأنا كنت وما زلت أقول لمن حولي ما كنت قد وصلت إليه من سنوات، وتصادف أنني كنت أصور برنامجا تلفزيونيا في الأردن تقابلت على هامشه مع بعض قيادات "حماس"، وقلت لهم: لا حل ـمرحليا على الأقلـ إلا بالعودة للمناداة بالدولة الواحدة على أرض فلسطين من النهر إلى البحر، دولة لجميع مواطنيها، وليسقط الجدار إلى الأبد، ومرحبا بكل من يريد الإقامة هناك على قدم المساواة لا التمييز!!
إنها التسوية على غرار ما حصل في "جنوب إفريقيا" بعد عقود من الفصل العنصري، لأننا يا عزيزتي كنا وسنظل الطرف الأسود المنتهك المعرض للإبادة ما لم تتوقف، والمساواة بين من جاءوا لاحتلال أرضنا وبيننا، بين اعتبارهم واعتبارنا مواطنين متساويين في الحقوق والواجبات، هذا غاية ما نطمح إليه، على الأقل في ظل التوازنات القائمة، وغير ذلك لن ينتهي بنا إلى شيء، وما يجري على الأرض ينطق دون تفسير أو تحليل!!
وحتى يفتح الله عليكم وعلينا فنستطيع التفكير الهادئ في هكذا تسوية، بدلا من اجترار الأحزان، والاستسلام للكمد، حتى يحصل هذا يحتاج أهلنا في فلسطين إلى فك حالة الطوارئ التي يعيشها لأنها طالت وستطول أكثر!!
نحتاج إلى وعي مختلف، وسلوك مختلف، وتغيير سريع يجمع بين حساسية التضامن الاجتماعي عند المصائب، والتعود على التعايش معها، وأيضا مغالبتها بأنواع التحايل على المعايش بالثقافة والقراءة والفنون بأنواعها!!
الإنسان في محنة طويلة لا يمكن أن يستمر متماسكا إذا ظل يحصر نفسه في مساحة الحزن وانتظار أن تنصلح الأحوال. فلندفن شهداءنا اليوم، ونغني للأرض وللشعب وللشمس وللحب وللعائلة وللمستقبل غدا وبعد الغد.
عودي إلى ممارسة ما تحبين من هوايات، افتحي مصحفك واقرئي وردك اليومي، ومن بعده نادي على صغار العائلة يلتفون حولك تحكين لهم، ويغنون معك!!
فليكن لنا في كل زاوية مجلس سمر، وفي كل بيت لعب ولهو محمود، ومذاكرة لدروس المدرسة والجامعة، ألم يأتك نبأ التعليم المنزلي؟! أليس الانترنت متاحا بما عليه من إمكانيات تعليم وتواصل مع مصادر المعرفة؟!
من أراد أن يعمل بالسياسة فحلال عليه، والله يوفقه حلا لما هو موجود من معضلات، وهي كثيرة، ندعو الله للجميع فيها بالهداية والتوفيق والسداد، أما أهلنا من عموم الناس فالواجب عليهم أن يفكوا حالة الحداد والكمد، ويخلعوا السواد، لأن المعركة اليوم هي أن نعيش ونستمر، وعمر الحزن قصير وإن طال، وعمر الكآبة ما أصلحت حال أمة، ولا صوت الطائرات سيتوقف ولا القضية ستنحل قريبا!!
فلنكتب الأشعار، ونتزوج وننجب، ونقرأ ونحتفل، ونجتمع في فناء كل بيت، ونقول للمحتل وللدنيا كلها أننا باقون هنا، وأنتم عابرون، هذه أرضنا وسنبقى فوقها، ولن نموت كما تريدون، ولتروِ دماء شهدائنا أشجار الزيتون واللوز، لنزرع في كل حفرة قنبلة نخلة وسنبلة، وليتواصل بين القصف والقصف صوت التراتيل من القرآن والإنجيل، فكوا الحصار عن أنفسكم، فكوه نفسيا واجتماعيا، فكوا حالة انتظار الموت، فكوا حالة الحسرة على الشقاق، كل هذه السبل لا تحل مشكلة ولا تحرر وطنا، وتعالوا نفكر ونتضامن ونقترح كيف نعيش ونتعلم ونصلي ونغني ونستمر، وقتها سنستمر ويرحلون!
اقرأ أيضاً:
دماغي.... ثمن الصمود الفلسطيني: م/ الصمود الفلسطيني: دعم ودعوة ودعاية م1/ في العراق وفلسطين: توالي المصائب وتجديد الإيمان/ من ضحايا الانتفاضة فلسطيني في الشتات