الصورة شديدة القتامة، مليئة بالجراح والدم وبقايا الدمار والحريق.. غزة هاشم تذوق الأمرّين وتُكابد ما تُكابد من آلام، تدفع من أبنائها الشهيد تلو الشهيد في موكب الشهادة التي أصبحت زاد وزوادة غزة صباح مساء.. ولا أحد في هذا العالم الأخرس المشلول يقول للمعتدي "الإسرائيلي" كفى!!.. وكأنه عالم قد ارتضى أن يكون شاهداً على مجزرة تُنفذها الصهيونية بموافقة أمريكية، لكنه شاهدٌ لا يضرّ ولا ينفع.. شاهد يقف مكتوف اليدين أصمٌ أبكمٌ أعمى!!.. رغم وجود كلّ أدوات الكلام والسمع والرؤية لديه.. لذلك كان ويبقى شاهداً موجوداً لكن دون فعل أو معنى..!!
هل كُتب على غزة هاشم أن تذوق الويل إلى هذا الحد، وتحترق إلى هذا الحد؟؟..!!.. وتُقدم الشهداء صباح مساء دون توقف؟؟.. هل كُتب على غزة أن تذوق المرَّ وتكتوي به من الأهل والأعداء؟؟.. من القريب والبعيد؟؟
ما معنى كلّ ما يجري وإلى متى هذا الظلم المشوب بالصمت، وهذا الصمت المشوب بالظلم؟؟.. إلى متى تبقى غزة هاشم رهينة السجن الكبير في زمن صار فيه السجان والجلاد والقاتل يستبيح فعل القتل والسجن والتدمير دون رادع، بل دون تفكيرٍ برادع، لأنه واعٍ أنّ لا أحد سيقف في وجهه، ولا أحد سيقول له لماذا؟؟..
هي غزة هاشم، غزة الروح والوجدان والقلب، غزة الحبّ المقيم في القلب، غزة الجرح الذي لا يعرف غير النزيف المتواصل. تستيقظ على جراح الشهداء وتنام على دمعة الأيتام والأرامل والثكالى.. كأنما كانت غزة وما زالت مرتبطة أو مرهونة بقصة وحكاية العذاب الطويل الذي لا يحدّ.
أهلنا في كلّ شارع من غزة صراخ ألم.. ولا من مجيب.. أهلنا في كل بيت من غزة هاشم أنين جرح ووجع حصار ولا من مغيث.. وتزداد الجراح وتعمّ، يزداد عدد الشهداء ويكثر.. تتحول غزة كلها إلى مجرد جرح مفتوح ولا من منقذٍ أو مخلصٍ.. فيا لهذا العصر، ويا لهذا الزمان، حيث طغى السواد وعمَّت الفوضى وصارت الذئاب تسرح وتمرح ولا أحد يردّ أو يردع..!!..
لا أحد يُنكر بطولة أهلنا وصمودهم ووقوفهم في وجه العدوان.. لا أحد يُنكر أنّ المقاومة هي اللغة الوحيدة في وجه الوحشية.. لكن هل لأهل غزة العزّل أن يقفوا بوجه كل آلات الفتك والدمار والقتل والتخريب.. هل لأهل غزة المجردين حتى من لقمة العيش أن يتصدوا لكلّ هذه الهمجية الصهيونية وحدهم دون مدِّ يد العون لهم؟؟!!.. لكن من سيمدّ يد العون أو المساعدة في عالم أربكه الشلل وأدمنه الصمت!!.. من سيُساعد غزة إن كان لا يوجد من يقول لآلة الشرّ كفى!!.. من سيُساعد أهل غزة، أهلنا، في عالم بارد كالثلج، صامت كالمقبرة..!!
لغزةَ أن تقف وحدها فلا من معين!!.. لغزةَ أن تفتح صدرها للجراح فلا من مغيث!! لغزةَ أن تشرب المرَّ والحنظل كل دقيقة فلا أحد في هذا العالم سيردع القاتل ويُنصف القتيل!!.. قد نطلب الكلمة في وقت عزَّ فيه طلب المساعدة لأنها لن تكون.. فهل صار صعباً إلى هذا الحدّ حتى الكلام؟؟.. هل صار صعباً إلى هذا الحد حتى الصراخ من أجل مساندة الجريح.. يا لهذا العالم الذي تخجل منه وتستحي من صمته حتى المقابر..!!
اقرأ ايضاً:
الفلسطينيّ أين؟؟!! / لا سـلام صدقوني!!/ أنقذوا غزة