أصبح لزاماً على من يتولى زمام أمورنا الفلسطينية السياسية والعسكرية أن يضع نصب أعينه تحقيق الوحدة الوطنية بمشاركة كل الطيف السياسي الفلسطيني ومكوناته الاجتماعية ولمن يعتقد أن هذا الأمر مستحيل فأقول له أنه أمر قابل للتحقيق، وتحقيقه يكمن عندما نطرد الأنا الكبيرة المستفحلة في عقول بعض قياداتنا الوطنية ولا نريد لأحد أن يجمعنا ويمن علينا رغم كل المحاولات العربية المشكورة السابقة واللاحقة, لأن ما يجمعنا نحن الفلسطينيين أكبر مما يفرقنا ألا يكفي دماء شهداء الوطن الواحد وأنات الجرحى ومعاناة الأسرى؟؟؟؟ والله إن هذه الأسباب لكافية لجمعنا على طاولة واحدة!
وإذا أردنا أن نستعرض بعض أسباب الخلاف القائم داخل المؤسسة السياسية الفلسطينية نجد أنها كلها أسباب خارجية وحجج واهية إن ما حصل في غزة هاشم من انقلاب عسكري لهو عمل غير مدروس النتائج ويتحمل نتيجته الطرفان المتصارعان حركة فتح وحركة حماس, وأسفنا كبير على حركة فتح أولا "لأنها مثلت وما زالت تمثل وهج ثورتنا الفلسطينية المعاصرة" وعتبنا على الأخوة في فتح عتب المحب وعتب الشريك في داخل الوطن وخارجه؛
إن ما حصل في الانتخابات الأخيرة وهي احد أسباب الخلاف وما حصل في غزة كان نتيجة حتمية ستحدث عاجلاً أم آجلاً لأن المرض الذي دب بأوصال المارد الفتحاوي كان مستفحلاً رغم كل المسكنات السياسية والوقتية والحركية التي أدمنتها حركة فتح، وما حصل إبان الانتخابات التشريعية الأخيرة وفوز حركة حماس في هذه الانتخابات الشرعية إلا مؤشر واضح على انتشار الأورام في الجسد الفتحاوي فشعبنا الفلسطيني أصيب بحالة من الملل والإحباط مما يجري داخل صفوف فتح وكان التبرم واضحا على كوادر هذه الحركة الوطنية الرائدة الذين يعتبرون أن فتح أم الثورة وهي في الحقيقة كذلك، قلنا إن ذلك كان واضحاً بسبب ما كان يجري داخل فتح من شللية ومراكز قوى ومن عدم وجود أي أمل لعقد مؤتمر الحركة العام الذي عن طريقه تستعيد فتح دورها الريادي الوطني فبعض من رموز فتح القديمة تكلست الكراسي والمناصب تحتها وبدأ التأفف والتململ يسري في الجهة الشابة والفتية من جسد فتح, ومعروف أن فتح تمتلك داخل صفوفها كفاءات شابة هائلة وطاقات قيادية متميزة وأحست هذه الضمائر الشابة أن التغيير ضرورة ملحة لضخ الدماء الجديدة في الجسد الفتحاوي هذا المارد العزيز على قلوب كل الشعب الفلسطيني.
وكلنا يعلم ما أفرزته الانتفاضة الأولى وانتفاضة الأقصى المبارك من قيادات شابة سياسية وعسكرية كانت الغلبة فيها لأبطال فتح الشباب, ومن الظلم أن لا تستفيد فتح وبالتالي القضية الفلسطينية من هذه الكفاءات العسكرية والسياسية خدمة لشعبنا ومقاومتنا, ولا ننسى كذلك ما أفرزته مؤتمرات فتح الحركية في المدن والمناطق الفلسطينية المختلفة من قيادات شابة موثوقة سياسيا وعسكريا وفكريا واجتماعيا, ومتحمسين للتغيير إلى الأفضل في حركتهم الأم فتح فالمصلحة من تعطيل هذا التيار المتحمس للتغيير والبناء سؤال برسم كل شرفاء فتح الأبطال.
وبالانعطاف إلى الطرف الأخر في الصراع الفلسطيني, نرى أن حماس بعد قرارها خوض الانتخابات التشريعية ولاحقاً الفوز بها أصبحت محتارة فهي غير قادرة على المقاومة بالشكل القديم قبل الفوز ولا هي تملك البرنامج السياسي القوي الذي يؤهلها لقيادة الشعب الفلسطيني سياسياً ودبلوماسيا لأن خيارها الاستراتيجي كان المقاومة المسلحة; دخولها الانتخابات والفوز الساحق فيها غير المعادلة عند حماس فأصيبت بالارتباك السياسي والتخبط العسكري, ونسي إخوتنا في حماس أن الطيف السياسي الفلسطيني بأكمله هنأها على هذا الفوز الكبير وكانوا من الداعمين لنتيجته الشرعية رغم كل الاختلافات الأيديولوجية والفكرية بين حماس وبينهم, وتمنى الجميع أن تكون حماس بعد فوزها صاحبة الخطوة الأولى لتحقيق الحلم الدائم لشعبنا في الاستقلال والتحرر؛
ولكن ما حصل للأسف من طرف حماس كان مخيباً للآمال لأن حماس تبنت فورا أجندة خارجية وفضلتها بل وقدمتها على الأجندة الفلسطينية بحجة أنها تتقاطع مع طموحاتنا وآمالنا الفلسطينية, وهذا الانعطاف الخطير أدى إلى ظهور بوادر الشرخ والخلاف في الجسد السياسي الفلسطيني الواحد وتناسى القائمون على قيادة حماس إرثهم الرائع والمشرف الذي جنوه إبان كونهم مقاومة وطنية فاعلة تسببت في ألم فظيع وكبير لجيش الاحتلال والذي وقفنا له جميعنا وقفة إجلال وإكبار لتضحيات حماس وشهدائها ورغم ذلك ذهب الجميع إلى تبني وثيقة الوفاق الوطني عام 2006 حفاظاً على الدم الفلسطيني الفلسطيني وصونا لكرامة شعبنا وحريته وكان الاتفاق يحمل على متنه تنظيم العلاقات الفلسطينية الواحدة ويوزع المهام والمسؤوليات الوطنية ووقع عليه جميع الفصائل والطيف السياسي الفلسطيني دون استثناء وكان ليكون فاتحة خير يعم على فلسطين الحبيبة؛
ولكن ما حصل في غزة من انقلاب عسكري قلب الطاولة على الجميع تنفيذاً لإرادة البعض من الخارج لعدم وجود مصلحة لهذا البعض في الوفاق الوطني والوحدة الوطنية وطرحت المملكة السعودية اتفاق مكة وذهبنا إلى مكة المكرمة على أن تنتهي الأزمة الداخلية ولكن للأسف الاتفاق بحد ذاته كان مبنيا على مبدأ المحاصة الثنائية وكان هذا أول خلل في الاتفاق وجرى تهميش باقي المكونات السياسية الفلسطينية من فصائل وهيئات وطنية ورغم ذلك عضضنا على جرحنا وتوسمنا خيرا فقط لإنهاء الاقتتال الأخوي وكان فشل اتفاق مكة تحصيل حاصل لاستبعاده قوى فاعلة ووطنية فلسطينية ومن بعدها طرح الأخوة في اليمن مبادرة صنعاء؛
وذهبنا إلى صنعاء وماذا كانت النتيجة اختلفنا على التطبيق الفوري أم إعادة الحوار الداخلي وشعبنا في هذه الحالات جميعها هو من يدفع الثمن الفادح فاتورة دم الأخوة الأعداء، لهذا أصبح واجباً علينا أن نعود وننادي بكل قوتنا بالحوار الوطني وأن نعود إلى وثيقة الوفاق الوطني التي كان أحد بنودها الأساسية إعادة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني لتكن م ت ف ومؤسساتها هي الحكم والفيصل بيننا إن م ت ف تتسع للجميع وبكل الطيف الفلسطيني ومكوناته على أن نحذر من المحاولات الداخلية والخارجية لإبقاء منظمة التحرير مشلولة وغير فاعلة لأن البعض يرى أن إحيائها سيسحب البساط من تحت أقدامهم وعندها سيعود القرار فلسطينياً مستقلاً؛
ولأن ما جرى ويجري على أرض غزة هاشم لا يرضي أحداً ولو كان شهيدنا وقائدنا أبو عمار وشيخ المقاومين الشيخ أحمد ياسين والقائد الرنتيسي موجودين في هذه الدنيا لما حصل ما حصل ولجاهدوا للحفاظ على دم هذا الشعب من الهدر والإراقة في شوارع وأزقة غزة, إن وحدتنا ستعيد لنا قيمتنا التاريخية والنضالية أمام العالم أجمعين وستعيد لشعبنا ألقه النضالي الطويل المعمد بالدم الطاهر، وبوحدتنا نرفع الحصار الجائر والظالم عن شعب غزة البطل فلم ولن يرضى شعبنا البطل أن تذهب دماء أبو عمار والشيخ أحمد ياسين والرنتيسي وفتحي الشقاقي وأبو علي مصطفى وأبو جهاد الوزير ورائد الكرمي ومحمود طوالبة ويحي عياش وكل دماء شهداء فلسطين الأبرار قلنا لن يسمح شعبنا أن تذهب هذه الدماء الزكية هدراً وهباءً منثورا, فباسم كل من فقد شهيد وباسم كل جرحى الوطن وأسراه البواسل أن نتحاور ونتجادل ونختلف ولكن باسم فلسطين وتحت علم فلسطين وأن نجعل نصب أعيننا قدسنا الشريف والحبيب وشعبنا المشرد اللاجئ وقيام دولتنا المستقلة ولنكن يداً واحدة تضرب كل من يجرؤ على العبث بقضيتنا وأمننا وسلمنا الأهلي ولنرفع شعاراً واحداً:
لأجل فلسطين
سمير حسن
رئيس اتحاد شباب النضال الفلسطيني-سوريا
المنسق القطري لرابطة الشباب القومي العربي-سوريا