كل رمضان وأنتم بألف خير.. جعل الله صيامكم مقبولاً وأعطاكم على قدر نياتكم.. هو شهر الرحمة والخير والبركة وصلة الرحم والوئام والتقارب وتذكر الجار للجار والأهل للأهل.. كل عام وأنتم بخير أقولها من القلب لكل الأهل في فلسطين ولكل المسلمين في العالم.. ولكن في القلب جرح وفي الحلق غصة وفي الرأس سؤال وفي البال عتب وفي الأيام شيء من ضجيج لا يريد أن يهدأ.. فهل من سامع في هذا الشهر الكريم أم أنّ الآذان أُصيبت بالصمم وما عاد يجدي أن نقول!!.. هل نصمت؟؟.. هذا صعب وأصعب منه أن نرى ما نرى وندعي أننا لا نرى ولا نُبصر!!..
كلنا نذهب إلى بيوتنا ونملأ بطوننا ونتمطى فرحين بأننا نؤدي كل متطلبات الصيام على أحسن حال.. ومشكلتنا دائماً النسيان.. أو جعل ما قد مرت عليه الأيام أمراً عادياً لا يستحق التوقف.. نصوم ثلاثين يوماً وقد ينقص الشهر يوماً ثم نقوم مُحتفين بعيد الفطر على الطريقة الحديثة حيث يكفي أن نُرسل رسائل معايدة تحمل كلمات قليلة ونبحث عن طعام وثياب وإطالة نوم حيث صار النوم عنوان احتفائنا بكل شيء ولا غرابة فالزمن على ما يبدو بالنسبة لنا صار زمن النوم الطويل بامتياز!!..
لن أذهب بكم بعيداً في الحديث عن حالنا فالجراح كثيرة في عالمنا الإسلامي الذي صار يسبح ببركة من دم جراء الهجمة التي نتعرض لها تحت تسميات كثيرة متنوعة أسهلها وأبسطها بالنسبة للعالم "المتحضر" "الإرهاب"!!.. وعلى هذا نقع بين فكي الكماشة، والأشد مضاضة أن نقع في حروب صغيرة وكبيرة بين بعضنا قد أتقنوا صُنعها وجعلونا نغرق بها ولا داعي لأن نفرد الأوراق التي تشهد على ذلك، فما يحدث صار عنواناً كبيراً لأيام تلوك لحمنا وتمتص دمنا ونحن غرقى في أوهامنا غير منتبهين إلى من يؤجج هذا الصراع القاتل!!.. أو أننا منتبهون ورغم ذلك نوغل في العتمة والاقتتال الذي يندى له الجبين!!..
أما وقفة "العزّ" التي نقفها ويقف لها شعر الرأس عجباً واستغراباً وتساؤلاً فهي متعلقة بما يحدث في غزة هاشم!!.. يصعب أن يفهم المرء مهما ذهب في التفكير والتدبير كيف نقف متفرجين بعيون مفتوحة وأهلنا في حصار طال ويطول في غزة!!.. كم من الأيام مضت.. كم من الشهور؟؟.. نتذكر أو ربما لا نريد أن نتذكر لأن المعاناة التي يُعانيها أهلنا في غزة تُشير بإصبع الاتهام إلى كل واحد فينا دون استثناء..!!.. ولأن رمضان شهر الرحمة والرأفة وصلة الرحم نسأل: هل تذكر عالمنا الإسلامي أهلنا وكيف تمرّ أيامهم في هذا الشهر الفضيل؟؟.. هل فكر عالمنا الإسلامي أنّ من متطلبات الصيام بل من أولى واجباته صلة الرحم والتعاضد والتآزر بين المسلمين، مع أننا لاهون ساهون غير منصتين لعذابات شعب محاصر من كل ناحية؟؟!!..
وإذا كان العالم "المتحضر" أخرس أطرش أعمى في زمن الهجمة الأمريكية المتوحشة لا يُقدم ولا يؤخر إلا على أنغام سيمفونية الهمجية الأمريكية!!.. فماذا أصاب الأهل والأقارب وعربنا وإسلامنا في وقت صار فيه الصمت عما يحدث لأهلنا في غزة كفراً وأشد من الكفر حيث لا صوت جريح يُسمع ولا نداء مُستغيث يصل والكل في حالة غياب أو سُبات أو ما أشد وأدهى من الغياب والسبات..
أيام مضت من رمضان.. فكل عام وأنتم بخير.. عيد الفطر سيأتي بعد شهر رمضان الكريم فكل عام وأنتم بخير.. فعلا نتمنى من القلب والروح أن يكون الجميع بخير لكن عندما تُمد موائد الإفطار ويرتفع صوت "الله أكبر.. الله أكبر" ألا نتذكر أهلنا في غزة قبل أن نشرب جرعة ماء أو نضع لقمة في الفم؟؟.. وإن تذكرنا فهل يبقى طعم الأشياء على حالها؟؟!!..
اقرأ أيضاً:
جرح غزة المفتوح!!! / أنقذوا غزة/ لا سـلام صدقوني!!/ الفلسطينيّ أين؟؟!! / شجرة الدار / ذاكرة شعب