ما أروع أن يأتوا زرافات وزرافات من صباح الخير، صباح الوعد الجميل، الذي يرسمه البحر الأبيض المتوسط بكل امتداد زرقته المعانقة لزرقة السماء.. ليس المهم في الأمر كله عدد هؤلاء القادمين إلى غزة، أو نوع وشكل وحجم ما يحملون من مواد طبية أو تموينية أو حتى لعبٍ لأطفال غزة.. كل ذلك يُشكرون عليه دون شك.. لكن المهم والأهم أنهم يحملون قلوبهم البيضاء كي تكون مشاركة لأهلنا المحاصرين في غزة هاشم همهم وعذابهم وحُرقتهم.. وأنهم في هذا التواصل الذي يُريد أن يُعبر عن محاولتهم كسر الحصار اللئيم الخبيث إنما يحملون شموع أمل مهما قلّ نورها فإنها تُعطي الكثير من المعاني الجميلة الرائعة المعبرة عن إنسانية هؤلاء القادمين إلى غزة ووقوفهم إلى جانب الإنسان الذي تلوكه أنياب الذئاب الصهيونية بمشاركة مفضوحة من دولٍ وناسٍ وبشرٍ في مرحلة همجية لئيمة تنتهك إنسانية الإنسان دون أن يرف لها جفن!!.. فالمجرمون سادرون في الغيّ والعيون التي يُفترض أن تنظر غارقة في ظلام التجاهل الأحمق أو الغبي!!..
قد يكون هؤلاء القادمون عبر البحر الأبيض قلة قليلة في العدد والعُدة.. قد لا يُغيرون شيئاً من واقع الحصار الذي امتدّ وطال أمده وصار مريراً بل أكثر من مرير.. قد لا يُغيرون شيئاً في واقع تفرضه ويا للأسف عصابات تُساندها عصابات قد يُسميها البعض تجاوزاً دولاً!!.. قد لا يُبدلون ولا يُحركون ساكناً!!.. كل ذلك ممكن وجائز ولا جدال حوله.. ولا أحد يطلب من هؤلاء فوق وأكثر مما يستطيعون لأن الأمور جدّ واضحة ومن غير المعقول أن يقلب عدة أشخاص واقعاً وراءه عصابات وراءها عصابات!!.. لكن لننظر إلى إيمان هؤلاء بما يقومون به ولنُقارنه بما يقوم به غيرهم.. ألا يبدو الأمر غريباً عجيباً داعياً للسخرية..!!؟؟
هؤلاء الذين يقضون الأيام والليالي وهم يُعدون العُدة للقدوم إلى غزة عن طريق البحر، تجمعهم كلمة الإنسانية ليس إلا!!.. وتوحدهم كلمة الوقوف مع المظلوم ضد الظالم.. وتُحركهم إرادة تغيير واقع يشعرون ويعرفون أنه مرير ثقيل صعب على أهل غزة، وتدفعهم قلوب تعرف أن من واجب الإنسان أن يرفض الظلم وأن يقف إلى جانب أخيه الإنسان.. لنترك كل شيء.. هنا قد نجد الناس من كل بلد ومن كل دين أو عقيدة.. فما يجمع هؤلاء هو الإنسانية ليس إلا.. ببساطة فإن البحر يحمل قلوباً تنبض بحرارة المشاعر الإنسانية ويوصلها إلى غزة لتقف إلى جانب الأهل الذين تحدوا وما زالوا أصعب حصار وأشرس هجمة وأقسى ظلم دون أن تنحني الهامات أو الرؤوس.. في غزة هاشم يشعر هؤلاء الصامدون الأبطال كم هي رائعة تلك القلوب التي أتت لتقف إلى جانبها محاولة كسر الحصار المضروب على غزة وأهلها..
وفي الوقت نفسه ينظر البحر بزرقته وامتداده وعمقه إلى المحيط فيرى أنّ هناك من هم أقرب إلى غزة وبيدهم مفاتيح ألف باب ورغم ذلك يقفون عاجزين أو شبه عاجزين يلوكون اللوم الذي يقع عليهم غير مبالين مع معرفتهم بأن سيئة الذكر (إسرائيل) لن تُفكر ذات يوم بكسر الحصار أو تقليله إذ همها أن تزيد عذاب الأهل قدر المستطاع.. فماذا نقول عن هؤلاء وهؤلاء؟؟!!.. كيف نُساوي بين القلوب القادمة من البعيد عبر البحر لتكسر أو لتُحاول أن تكسر الحصار عن غزة، والأقرب الذين ينظرون ولا يفعلون!!؟؟.. يبدو أنّ الصمت أفضل وإن كان جارحاً قاتلاً !!..
اقرأ أيضاً:
جرح غزة المفتوح!!!/ أنقذوا غزة/ لا سـلام صدقوني!!/ الفلسطينيّ أين؟؟!! / شجرة الدار/ ذاكرة شعب/ كل رمضان وغزة بخير/ وطن بحجم الذاكرة!!