في هذه الأوضاع التي يمر بها العالم العربي وخاصة فلسطين، يحظى التلفاز بالجزء الأكبر من وقت اجتماع العائلة.. مما يفتح مجالاً للأطفال باستراق النظر للأخبار أو حتى مشاركة الجلسة لمتابعة الأحداث.
والطفل كائن رقيق جداً سهل التأثر بما يدور حوله وتصل حاجاته الشعورية في مثل هذه الأوقات إلى مرحلة حساسة تحتاج عناية وتعاملاً خاصاً، ويعود ذلك إلى قلة خبرتهم المعرفية والحياتية ومحدودية قدراتهم التفكيرية مما يجعلهم يعيشون في عالمهم الخاص من الخيال الواسع البعيد عن الواقعية حيث تكبر الصورة إلى أضعاف حجمها الحقيقي ويقترب الخطر من أقصى الأرض إلى أدناها.. خاصة عندما تكون الأحداث بفعل بشري فيزداد تأثيرها وتترسخ بالذاكرة أكثر من الأحداث والكوارث الطبيعية.
ومن هنا يأتي دور الدعم النفسي للطفل.. الذي يجب أن يكون أول من يقدمه والدي الطفل اللذين يشكلا مصدر الأمن في تفكيره. قد يصعب علينا في أوقات معينة أن نكون جاهزين وبكامل الاستعداد لكل ما يطرأ على أطفالنا، لكن علينا أن نتذكر أننا يمكن أن نقدم القليل كلما سنحت لنا الفرصة لنبني نفساً تستحق بعض التضحية.
قبل أن تقدم الدعم لطفلك عليك أن تعلم
طفلك يعلم أكثر مما تعتقد، فهو إما قد سمع من البرامج التلفزيزنية أو ممن يتواصل معهم من محيطه.
o ((مهمتك: تصحيح المعلومات المغلوطة وبناء الصورة الصحيحة))
قد يسأل الطفل أسئلة غريبة لا تخطرر بالبال، لكنها مهمة جداً بالنسبة له.
o ((مهمتك: تقبلها وأجبه عنها بصدق وبدون مبالغة أو وعود خيالية وبقدر فهمه ووعيه))
يعتقد الطفل أن له علاقة مباشرة بما يحصل، وأنه المذنب.
o ((مهمتك: اشرح له بشكل مبسط أن العدوان الاسرائيلي احتل أرض الفلسطينيين وأن على أهل فلسطين استعادتها منهم))
قد يعتقد الطفل أن الحرب في بلده أو قريبة جداً منه وقد يتأذى هو أو أحد أفراد أسرته.
o ((مهمتك: أن تعلم طفلك احداثيات المنطقة وبأن لكل بلد حدوداً، وتريه على الخريطة أو مجسم للكرة الأرضية أين تدور أحداث الحرب))
مشاهدة الأهل المستمرة للأحداث على التلفاز تزيد من مستوى التوتر لديهم، وهذا ينتقل لا شعورياً إلى أطفالهم.
o ((مهمتك: تقليل مدة مشاهدة الأطفال للأخبار، ومشاركتهم بالجلسة. ولابأس باظهار المشاعر أمامهم كالحزن والغضب لكن بنفس الوقت فتح باب النقاش معهم والشرح بأن هناك من يقوم بدوره في حماية الناس مساعدتهم))
يخاف الطفل عندما يرى والديه بحالة خوف وقلق.
o ((مهمتك: انشغل بنشاطات متنوعة تخفف حدة الضغط والتوتر، فذلك يعطي شعوراً بالأمان للأطفال وبأنك تبذل مابوسعك لحمايتهم))
قدم لطفلك الدعم بحسب عمره
ما دون السنتين ( < 2 ):
لا يعلم الطفل تحديداً بما يجري في العالم من أحداث، لكنه وبكل تأكيد يشعر بالتوتر الموجود ضمن محيطه الذي يعيش فيه.
وهنا يجب المحافظة على روتين الطفل الذي كان متبعاً (وجبات طعامه – مواعيد نومه – نزهته – وقت اللعب) مع محاولة تجنب وجوده في غرفة التلفاز عند مشاهدة الأخبار.
أنشطة عملية:
- الجلوس مع الطفل على الأرض واللعب معه بألعابه الخاصة أو بأواني بلاستيكية من المطبخ.
- الغناء للطفل وتعليمه على المشاركة بترديد كلمات الأغنية.
- قراءة القصص البسيطة ذات الصفحات الملونة والرسومات الجذابة.
- تعليمه ملمس الأشياء باحضار بعض الأقمشة والأدوات غير المؤذية مع ذكر الكلمات المناسبة (ناعم، خشن، قاسي....)
من ثلاث إلى ست سنوات ( 3 >< 6 ):
يعيش الطفل في هذه المرحلة بعالمه الخاص حيث تختلط الحقيقة مع كثير من الخيال. أعطه إجابات صادقة بسيطة على أسئلته على أن تكون ممزوجة بالتطمين أن أحداً من أنه وأفراد عائلته لن يصابوا بأذى.
أنشطة عملية:
- مشاركة الطفل بالرسم وتعليمه أسماء الألوان.
- الطلب من الطفل بأن يحكي قصة رسم قام به، على أن يكتب الأهل بجانب الرسم القصة ويرووها له مرة ثانية، ويتم تعليق لوحاته في مكان مخصص من البيت.
- إغماض عيني الطفل وإسماعه أصوات مختلفة (طائرة – قطار – عصفور – ملاعق – نقود) على أن يحزر الصوت.
- افساح المجال للطفل للتعبير عن مشاعره عن طريق التمثيل.
ملاحظاتك:
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
من سبع إلى اثني عشر سنة (7 >< 12):
يسأل الأطفال في هذا العمر أسئلة مباشرة عن الحرب. وتكون لديهم صورة معينة في بالهم عن العدوان. قبل أن يقوم الأهل بالإجابة على تساؤلات الطفل في هذه المرحلة عليهم أن يعرفوا ما هي المعلومات التي يملكها ومن أين حصل عليها (عن طريق الحوار الهادئ) ثم يتم تصحيح الخاطئ من المعلومات والإجابة على الأسئلة مع توضيح أن الناس يختلفون في أسلوب التفكير. أما إن لم يكن لدى الأهل إجابة عن تساؤلات طفلهم فليس هناك من حرج أن يطلبوا منه تأجيل الإجابة إلى وقت معين حتى يبحثوا له عنها (فلا يوجد إنسان يعرف كل شيء) أو أن يخبروه بعدم معرفتهم للإجابة. فهذا يخلق نوعاً من الثقة بين الطفل وأهله وأنهم لا يمكن أن يقدموا له المعلومات الخاطئة.
أنشطة عملية:
- قراءة القصص التي يحبها ويختارها بنفسه.. أو قراءة نصف القصة والطلب منه بأن يتخيل ما هي تتمتها قبل أن تكمل من قبل الأهل.. (فذلك ينمي عنده الخيال).
- مشاركة الطفل بأعمال معينة في المنزل تتناسب مع قدرته على الانجاز وتشجيعه عند اتمامها بالشكل الصحيح.
- لعبة (عندما أكبر): بأن يجلس الطفل ويغمض عينيه ويتخيل نفسه بعد خمس أو عشر سنوات أو أكثر.. ما الذي يريد تحقيقه وأين سيكون وماذا يفعل..
- الحفاظ على روتين الحياة اليومية للطفل قدر الإمكان، وعدم الإخلال به لأي سبب كان
أكبر من ثلاث عشر سنة (13 >):
يكون طفلك في هذه المرحلة قد بدأ بتجاوز مرحلة الطفولة، ويبدأ بتكوين مفاهيم الحياة الخاصة به، ويكون شعوره بالانتماء قد نمى ويسقيه باهتماماته المتنوعة حول القضايا السياسية والخلاقية وما إلى هنالك.. ويحب أن يشارك بالنشاطات الخيرية والسياسية.
قد لا يوافق الأهل على جميع أفكار طفلهم في هذه المرحلة، لكن من واجبهم أن يستمعوا لأفكاره ويتحاوروا معه حولها.. فإن لم تعجبهم شرحوا له وجهة نظرهم بلين و هدوء حتى يقتنع بها.
ملاحظاتك:
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
وأخيراً.. أطفالنا هم أمانة في أعناقنا.. ومن واجبنا كأهل تأمين الجو النفسي الآمن لنشأتهم ونموهم.. ليس المهم ما نقدم لهم من متع الحياة، وما تقدم لهم هذه الحياة من محن، ولكن الأهم أن نعلّمهم..
كيف يمشون على الأرض هونـاً في حيــاةٍ صاخبةٍ صادمةٍ، وهم يحملون نفساً واثقةً معافاةً مطمئنّه.
اقرأ أيضاً:
الدعم النفسي للأطفال ضحايا الحروب/ التعامل مع المتضررين من الراشدين والمراهقين2/ دورة دار الحكمة.. والجوانب النفسية للنكبة