إسرائيل / غزة
عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والتدمير.
منظمة العفو الدولية
منظمة العفو الدولية هي حركة عالمية من 2.2 مليون شخص في أكثر من 150 من البلدان والأقاليم، يعملون في حملة مستمرة لوضع حد للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. رؤيتنا هي أن لكل شخص حق في التمتع بجميع الحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من المعايير الدولية لحقوقه. نحن منظمة مستقلة عن أي حكومة أو إيديولوجية سياسية أو اقتصادية أو دين، تمول أساساً من اشتراكات أعضائها والهبات العامة.
منشورات منظمة العفو الدولية
نشرت لأول مرة في عام 2009 من قبل منشورات منظمة العفو الدولية.
مقدمة
"حتى الآن نحن لا نفهم لماذا؟ نريد السلام، ونريد تحقيقاً؛ نريد أن نعرف لماذا تيتّمتُ أنا وأخواتي؟ لماذا قتلوا أهلنا، عائلتنا؟".
فتحية موسى، قتل والديها إخوتها وأخواتها في غارة جوية إسرائيلية وهم في ساحة منزلهم.
11.30 من قبل ظهر 27 كانون الأول / ديسمبر 2008 ، دون سابق إنذار بدأت القوات الإسرائيلية حملة مدمرة من القصف على قطاع غزة أطلق عليها اسم عملية "الرصاص المسكوب". كان هدفها المعلن وضع حد لإطلاق الصواريخ على إسرائيل من قبل المجموعات المسلحة التابعة لحماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية. في 18 يناير 2009 ، أعلن عن وقف إطلاق النار أحادي الجانب وتوقفت كل من إسرائيل وحماس، مخلفاً نحو 1،400 قتيل فلسطيني من بينهم نحو 300 طفل ومئات من المدنيين العزّل، مناطق واسعة من قطاع غزة سوّيت بالأرض وتركت الآلاف دون مأوى، وانهار اقتصاد يعاني مسبقاً من عجز شديد.
الكثير من التدمير كان متعمداً ونتج عن استهداف مباشر لأهداف مدنية، علاوة عن الهجمات العشوائية التي لم تميّز بين أهداف عسكرية مشروعة والأهداف المدنية. مثل هذه الهجمات تنتهك الأحكام الأساسية الدولية للقانون الإنساني، وخاصة الحظر المفروض على الهجمات المباشرة على المدنيين والأهداف المدنية (مبدأ التمييز)، والحظر المفروض على الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة، والحظر المفروض على العقاب الجماعي. مئات من المدنيين قتلوا في هجمات نفذت باستخدام أسلحة عالية الدقة -صواريخ وقنابل ملقاة من الجو، وقذائف دبابات وغيرها- من بينهم نساء وأطفال، أطلق عليهم النار من مدى قصير دون أن يكون هناك أي تهديد لحياة الجنود الإسرائيليين. بدأ القصف الجوي الإسرائيلي من الطائرات المقاتلة طراز إف 16، استهدفت المدنيين ودمرت المنازل دون سابق إنذار، وقتل وجرح العشرات من سكانها، في كثير من الأحيان أثناء نومهم، أطفال يلعبون على أسطح منازلهم أو في الشوارع، وغيرهم من المدنيين الذاهبين لأعمالهم اليومية، وكذلك الموظفين الطبيين الذين حضروا في لإسعاف وإخلاء جرحى والقتلى، في وضح النهار بنار الجحيم والأسلحة عالية الدقة وغيرها من الصواريخ التي تطلق من طائرات الهليكوبتر والطائرات دون طيّار وUAV، والقذائف عالية الدقة التي أطلقت من الدبابات.
الأسئلة المقلقة التي ما تزال تنتظر الإجابة: لماذا تقتل هذه الأسلحة -عالية الدقة والتي يمكن أن يرى مشغليها ومطلقيها حتى التفاصيل الصغيرة من أهدافها، والتي لدقتها تستطيع إصابة مركبات تسير بسرعة من مسافات بعيدة نسبياً-(1) العديد من الأطفال وغيرهم من المدنيين؟.
عشرات المدنيين قتلوا أيضاً وأصيبوا بأسلحة أقل دقة مثل المدفعية (إسرائيل / غزة: عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة: MDE 15/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009).
2
والقذائف ومدافع الهاون، وقذائف الدبابات، والمقذوفات المسمارية flechette التي يمكن توجيهها بدقة لكنها تنشر آلاف الأجسام المعدنية بسرعة كبيرة على نطاق واسع.
الفوسفور الأبيض، مادة حارقة تتسبب في حروق شديدة، أطلقت مراراً وتكراراً بصورة عشوائية على المناطق السكنية المكتظة، مما أسفر عن مقتل وجرح مدنيين وتدمير الممتلكات، وغالباً ما كانت تنطلق من قذيفة مدفعية انفجرت في الجو، مما فاقم الآثار المدمرة للهجمات. كل قذيفة تطلق أكثر من مائة إسفين مخصب بدرجة عالية بالفوسفور الأبيض القابل للاشتعال، أمطرت بها المنازل والشوارع، وانفجرت مشتعلة عند تعرضها للأوكسجين وأشعلت النار في الناس والممتلكات. وبمجرد تحرر المادة الحارقة التي تحتويها فإن شظايا القذائف المدفعية التي أطلقتها تسقط على المباني -في كثير من الأحيان- فتتسبب في مزيد من القتلى والجرحى، كما ساهم إنكار المسؤولين الإسرائيليين استخدام الفوسفور الأبيض خلال النزاع في تأخير أو عدم إعطاء العلاج المناسب للأشخاص الذين يعانون من حروق مؤلمة وشديدة، فبعض من قضوا كان يمكن إنقاذه.
إن المدفعية بصورة عامة والقذائف الفوسفورية البيضاء على وجه الخصوص لا يجوز أن تستخدم مطلقاً(2) في المناطق المأهولة بالسكان، لكن القوات الإسرائيلية أطلقتها في قطاع غزة مراراً وتكراراً على المناطق السكنية مع علمها بعدم دقة تلك الأسلحة لتقتل وتجرح المدنيين، وتعتبر الهجمات العشوائية على هذا النحو غير قانونية بموجب القانون الدولي. إن حجم وكثافة هذه الهجمات لم يسبق له مثيل حتى في إطار الحملات العسكرية الإسرائيلية السابقة في قطاع غزة(3)، فعدد الفلسطينيين الذين قتلوا والممتلكات التي دمرت في 22 يوماً من الحملة العسكرية يفوق الأعداد التي خلفها أي هجوم إسرائيلي سابق.
لا يمكن تصور أن القوات الإسرائيلية لم تكن على علم بوجود مدنيين في المواقع التي كانت عرضة لهجمات متكررة بأسلحة غير دقيقة -بما في ذلك مع الفوسفور الأبيض وغيره-، نظراً لأن هذه المناطق تخضع لرقابة مشددة من قبل طائرات إسرائيلية دون طيار، ورغم علم المسؤولين الإسرائيليين منذ الأيام الأولى من عملية "الرصاص المسكوب" أن أعداداً كبيرة من المدنيين قتلوا وجرحوا فإن الجيش الإسرائيلي واصل استخدام نفس التكتيكات طوال 22 يوماً، مما أدى إلى تزايد أعداد الضحايا من المدنيين. إن نوع الهجمات وما نجم عنها من ارتفاع في عدد القتلى المدنيين والخسائر البشرية أظهرت سلوكاً متهوراً وعدم احترام حياة المدنيين وممتلكاتهم، وإصرار على عدم التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين والممتلكات المدنية.
الآلاف من منازل المدنيين والمؤسسات التجارية والمباني الحكومية دمرت، وفي بعض المناطق سوّيت أحياء بأكملها بالأرض وقتلت الماشية. الكثير من التدمير الوحشي والمتعمد نفذ في ظروف لا يمكن تبريره معها على أساس الضرورة العسكرية، بل إنه كثيراً ما يكون نتيجة رعونة وهجمات عشوائية يبدو أنه سكت عنها أو أقرتها سلسلة القيادة، والتي يبدو في بعض الأحيان أنه قصد بها عقاب السكان المحليين جماعياً بجريرة أعمال الجماعات المسلحة.
عرقلت القوات الإسرائيلية طوال عملية "الرصاص المسكوب" حصول الجرحى والمحاصرين على الرعاية الطبية والمساعدات الإنسانية، ومنعوا سيارات الإسعاف والطواقم الطبية من الوصول للجرحى ونقلهم إلى المستشفى، كما تمّ استهداف طواقم الإسعاف والإنقاذ في عدة حالات وأحبطت محاولات أولئك الذين كانوا يحاولون إجلاء المصابين (إسرائيل / غزة: عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة : MDE 15/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009)
3
ما تسبب في وفاة العديد من الذين كان يمكن إنقاذهم، وكابد بعضهم الآخر معاناة كان يمكن تجنبها، وتفاقمت إصاباتهم، كما وحوصر كثر بينهم أطفال ونساء وكبار في السن ومنعوا من الحصول على الرعاية الطبية و/أو الخروج من المناطق التي هاجمتها القوات الإسرائيلية، ودمرت أيضاً العربات والمرافق الطبية والإنسانية أو أصيبت بأضرار نتيجة الاستهداف المباشر أو الهجمات الإسرائيلية العشوائية. استخدم العديد من الجنود الإسرائيليين المدنيين بمن فيهم الأطفال "كدروع بشرية"، وعرضوا حياة هؤلاء للخطر من خلال إرغامهم على البقاء في المنازل -أو بالقرب منها- التي استولوا عليها واستخدموها كمواقع عسكرية، ودفعوا بعضهم للقيام بمهام خطيرة مثل تفتيش المنازل أو الأجسام التي يشتبه في أنها مفخخة، وأطلق الجنود الإسرائيليون النيران وهاجموا من المنازل التي يقطنها السكان المحليين أو حولها مما عرّض حياتهم -السكان- لخطر الهجمات المضادة أو محاصرتهم في مواقع تبادل إطلاق النار.
أبقت إسرائيل ومصر على حدود قطاع غزة مغلقة طوال عملية "الرصاص المسكوب"، ولم يتمكن سكانه ال1.5 مليون من المغادرة إلى الخارج أو إيجاد مكانٍ داخله يضمنون فيه سلامتهم، خلافاً لما حدث في جنوب إسرائيل حيث أن السلطات الإسرائيلية قامت ببناء الملاجئ وتجهيزها لحماية السكان المحليين من الهجمات الصاروخية التي تطلقها الجماعات الفلسطينية المسلحة. هناك في غزة لا ملاجئ قائمة ولا يمكن بناؤها إن أراد السكان ذلك، فإسرائيل ومنذ فترة طويلة تمنع دخول مواد البناء إلى القطاع.
أجرى الجيش الإسرائيلي بشكل عشوائي مكالمات هاتفية مسجلة تحمل رسائل تحذيرية، وبثت برامج إذاعية وأسقطت منشورات في كل أنحاء قطاع غزة تطلب من الناس مغادرة منازلهم وأحيائهم مسببة ذعراً واسع النطاق لكنها لم تقدم إلا القليل من الحماية لهم. وفي بعض المناطق حوصر السكان في منازلهم، ورغم سماعهم لنداءات الجيش الإسرائيلي التي تحذرهم وتطالبهم بمغادرتها إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك لأن القوات الإسرائيلية في المنطقة لا تسمح بأي حركة، وبالتالي كل من يخرج يعرّض نفسه لخطر(4) إطلاق النار. آخرون ممن فرّوا من منازلهم قتلوا أو أصيبوا بجروح حين تعرضت المدارس التابعة للأمم المتحدة وغيرها من الأماكن التي لجؤوا إليها للاحتماء للعدوان الإسرائيلي والهجمات الإسرائيلية.
استمرت الجماعات المسلحة الفلسطينية في مهاجمة المدنيين في جنوب إسرائيل بالصواريخ يومياً طوال 22 يوماً. الجناح العسكري لحركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة أطلقت عدة مئات من الصواريخ وقذائف الهاون على جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مصرع ثلاثة مدنيين وإصابة عشرات آخرين، وإلحاق الضرر بالعديد من منازل المدنيين وغيرها من المنشآت، بعضها تضرر بشكل كبير. ستة جنود إسرائيليين قتلوا أيضاً في الهجمات الفلسطينية(5).
تعد مدافع الهاون، وما يسمى صواريخ القسام وهي من صنع محلي في قطاع غزة، ومجموعة صواريخ من نوع غراد تم تهريبها إلى غزة عن طريق الأنفاق من مصر، من القذائف غير الموجهة والتي لا يمكن توجيهها نحو أهداف محددة، مما يجعل الهجمات التي تستخدم هذه الصواريخ العشوائية غير قانونية بموجب القانون الدولي. في معظم الحالات انفجرت هذه الصواريخ في المناطق الخالية دون أن تسفر عن سقوط ضحايا، لكنها قد تكون مميتة إذا تحققت إصابتها المباشرة، كما أن كثافة إطلاق صواريخ من هذا القبيل طوال 22 يوماً من عملية "الرصاص المسكوب" أثارت الذعر بين السكان المدنيين في جنوب إسرائيل. فرّت آلاف العائلات إلى مناطق أخرى في البلاد، ومن بقوا في منازلهم هناك في الجنوب كان عليهم أن يهرعوا لإيجاد ملجأ يحميهم في كل مرة سمعوا فيه صفارات الإنذار تحذر من قدوم الصواريخ.
حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة تنتهك أيضاً القانون الإنساني الدولي في سلوكها داخل قطاع غزة؛ فقد أطلقت صواريخ ووضعت معدات عسكرية في (إسرائيل / غزة: عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة :MDE 15/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009)
4
مواقع بالقرب من منازل المدنيين، ما عرض حياة السكان لخطر الهجمات الإسرائيلية، كما أنها استخدمت المنازل والممتلكات الخالية كمواقع قتالية خلال المواجهات المسلحة مع القوات الإسرائيلية، الأمر الذي عرّض سكان المنازل المجاورة لخطر الهجمات أو الوقوع في مجال تبادل إطلاق النار. ولكن، على النقيض من الادعاءات المتكررة من جانب المسؤولين الإسرائيليين باستخدام "الدروع البشرية"، منظمة العفو الدولية لم تجد دليلاً على أن حركة حماس أو غيرها من المقاتلين الفلسطينيين وجهت حركة المدنيين لحماية الأهداف العسكرية من الهجمات. إنها لم تجد دليلاً على أن حماس أو غيرها من الجماعات المسلحة اضطرت السكان إلى البقاء في أو حول المباني التي يستخدمها المقاتلون، ولا منعوهم من مغادرة المباني أو المناطق التي كانت تحت سيطرة نشطائهم.
طوال عملية "الرصاص المسكوب"، ولعدة أسابيع قبل بدء العملية، رفض الجيش الإسرائيلي السماح بدخول مراقبين مستقلين، وصحفيين، ومراقبي حقوق الإنسان وعاملين في المجال الإنساني إلى قطاع غزة - فعلياً قطعت غزة عن العالم الخارجي المستقل مما أعاق مراقبة ورصد تحركاته وأعماله فيها(6). وحتى بعد إعلان وقف إطلاق النار في 18 كانون الثاني / يناير، واصل الجيش الإسرائيلي منع وصول مراقبي حقوق الإنسان والعديد من العاملين في المجال الإنساني والصحفيين إلى القطاع، بل إن بعضهم استمر رفض دخوله إلى غزة حتى بعد مرور أكثر من أربعة أشهر(7).
حتى الآن، وبعد خمسة أشهر من انتهاء عملية "الرصاص المسكوب"، لم تقم السلطات الإسرائيلية بأي تحقيق مستقل ونزيه في سلوك جيشها في تلك العملية، وتعارض كل التحقيقات التي أجريت في هذا السياق. لقد رفضت التعاون مع أو حتى السماح بدخول بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق شكلتها الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون(8) وبذلك قوضت قدرتها على أداء مهمتها، كما أنها رفضت النتائج التي خلص إليه مجلس التحقيق الذي شكلته الأمم المتحدة والذي حقق في تسع هجمات على منشآتها وموظفيها خلال "الرصاص المسكوب"(9).
ترفض السلطات الإسرائيلية اتهامات منظمة العفو الدولية وعدة منظمات أخرى لحقوق الإنسان ووسائل إعلام -فلسطينة وإسرائيلية ودولية- بارتكاب القوات الإسرائيلية جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي خلال عملية "الرصاص المسكوب"، مدعية أن حماس تمنع القيام بأي تحقيق مستقل وتجبر السكان على تقديم اتهامات كاذبة، لكن مثل هذه الادعاءات لا تصمد أمام الحقائق، فمندوب منظمة العفو لدولية الذي زار غزة أثناء وبعد عملية "الرصاص المسكوب" -كما في مناسبات أخرى عديدة في السنوات الأخيرة- استطاع القيام بتحقيقاته دون عوائق، وكثيراً ما عبّر الناس عن انتقادات لسلوك حركة حماس بما فيها لهجمات الصاروخية. بينما تمكن مندوبو منظمة العفو الدولية في غزة من التحقيق في الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها قوات وميليشيات حماس ضد مواطنيهم الفلسطينيين، كالقتل العمد والتعذيب والاختطاف والاعتقال التعسفي، ونشرت نتائج التحقيق في 10 فبراير 2009 في تقرير بعنوان: «حماس» الحملة المهلكة في ظل حرب غزة(10).
اعتباراً من 18 يونيو 2009 لم تعد ترد السلطات الإسرائيلية على طلبات منظمة العفو الدولية المتكررة التي بدأتها لأول مرة في أوائل شباط / فبراير لعقد اجتماعات لمناقشة مخاوفها والنتائج التي توصلت إليها، ولا لطلبات الحصول على معلومات بشأن العديد من الحالات المذكورة في هذا التقرير (إسرائيل/ غزة: عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة: MDE 15/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009).
5
في ذات الوقت، فإن إدارة حماس في غزة لم تحقق في الهجمات الصاروخية التي تشنها وغيرها من الجماعات المسلحة، بل واستمرت في تبرير مثل هذه الاعتداءات غير القانونية.
تعتقد منظمة العفو الدولية أن وفاة هذا العدد الكبير من المدنيين العزل والطريقة التي تعرضوا بها للهجوم تتطلب تحقيقاً مستقلاً ونزيهاً في سلوك جميع الأطراف في الصراع، وذلك من أجل إثبات الحقيقة وتالياً محاسبة المسؤولين عن تلك الهجمات غير المشروعة ضد المدنيين والممتلكات المدنية وضمان التعويض للضحايا.
تحقيقاً لهذه الغاية، تدعو منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي تقديم الدعم الكامل للبعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان، كما تطالب السلطات الإسرائيلية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) القائمة على إدارة قطاع غزة -بالأمر الواقع- التعاون مع تلك البعثة، والسماح لأعضائها بالدخول إلى إسرائيل، فضلاً عن قطاع غزة. يجب على السلطات الإسرائيلية، بالإضافة إلى ذلك، أن تضمن القيام بتحقيقات شاملة ونزيهة على الصعيد الوطني في الأدلة التي تشير إلى أن قواتها ارتكبت انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني أثناء الصراع، وتقديم التعويضات الكاملة عن عواقب تلك الأعمال غير القانونية والأخطاء التي وقعت. على الصعيد الدولي، ينبغي على كل دولة ممارسة الولاية القضائية الدولية متى كان هناك ما يكفي من الأدلة على ارتكاب جرائم الحرب أو الجرائم الأخرى بموجب القانون الدولي من قبل أي من الجانبين.
أخيراً، فإن على كلٍّ من السلطات الإسرائيلية وحماس- الإدارة الفعلية بالأمر الواقع- اتخاذ سلسلة من التدابير الإضافية لمنع وفيات المدنيين في المستقبل. يجب على الجيش الإسرائيلي، على سبيل المثال، الامتثال التام لواجب اتخاذ التدابير الاحترازية حين تقوم بأي هجوم، وأن تلتزم علناً بعدم استخدام المدفعية والفوسفور الأبيض وغيرها الأسلحة العشوائية في المناطق المكتظة بالسكان. على حماس -الإدارة الفعلية بالأمر الواقع- من جانبها أن تكفل عدم وجود أي جماعة مسلحة تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرتها وتضطلع بهجمات صاروخية غير مشروعة على مناطق السكان المدنيين في إسرائيل. (انظر إلى كامل الاستنتاجات والتوصيات من منظمة العفو الدولية إلى المجتمع الدولي، السلطات الإسرائيلية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الإدارة الفعلية بالأمر الواقع).
الهوامش
(1) انظر على سبيل المثال في صفحات الويب "سلطة تطوير الأسلحة- رافائيل" المملوكة لدولة إسرائيل:
http://www.rafael.co.il/marketing/SIP_STORAGE/FILES/1/481.pdf ؛
http://www.rafael.co.il/marketing/SIP_STORAGE/FILES/2/512.pdf ؛
http://www.rafael.co.il/marketing/SIP_STORAGE/FILES/9/529.pdf.
(2) الكثافة السكانية في غزة نحو 4،200 نسمة لكل كيلومتر مربع. مخيمات اللاجئين واحدة من أعلى الكثافات السكانية في العالم، على سبيل المثال: أكثر من 82،000 لاجئ يعيشون في مخيم حي الشاطئ، الذي تبلغ مساحته أقل من كيلومتر مربع واحد.
(3) ومنذ اندلاع الانتفاضة، الثورة الفلسطينية التي بدأت في 29 سبتمبر 2000، غالباً ما استخدم الجيش الإسرائيلي- وبصورة متزايدة- قوة مهلكة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في غزة.
(4) في 7 كانون الثاني / يناير حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية من أن " جيوباً متزايدة من سكان غزة محاصرون في منازلهم... ولا يستطيع سكان غزة الهرب إلى بر الأمان، أو الحصول على الغذاء بسبب القوات البرية الإسرائيلية في المنطقة. بالإضافة إلى إلقاء المناشير في كل المناطق بما في ذلك شمال قطاع غزة بكامله والحدود الشرقية لقطاع غزة ورفح، وبث الجيش الإسرائيلي رسائل عبر محطات الإذاعة والتلفزيون المحلية وشبكات الهاتف في جميع أنحاء قطاع غزة، والتي تطلب من السكان إخلاء منازلهم والتوجه إلى المناطق الحضرية، ما دفع السكان المذعورين إلى الفرار وسط إطلاق النار والقصف ": http://www.ochaopt.org/documents/ocha_opt_gaza_humanitarian_situation_report_2009_01_07_english.
pdf
(5) قتل أربعة جنود إسرائيليون آخرون وأصيب العديد بجروح في حوادث إطلاق نار من زملائهم "نيران صديقة".
(6) سعت منظمة العفو الدولية للحصول على تصريح لدخول مندوبيها إلى قطاع غزة من الأيام الأولى لعملية "الرصاص المسكوب"، لكن الجيش الإسرائيلي رفض طلبها. في نهاية المطاف تمكنت المنظمة من الحصول على تصريح خاص في 17 كانون الثاني / يناير من السلطات المصرية لدخول مندوبيها إلى غزة من مصر (عادة يمنح هكذا تصريح فقط للفلسطينيين المقيمين في غزة للتنقل عبر الحدود بين مصر وغزة، لكن في الأيام الأخيرة من "الرصاص المسكوب" سمحت السلطات المصرية بشكل استثنائي بمرور الصحافيين الأجانب ومراقبي حقوق الإنسان والعاملين في منظمات إنسانية). بقي مندوبو منظمة العفو الدولية في غزة حتى 3 شباط / فبراير، وفي تلك الفترة قاموا ببحوث ميدانية أولية في مناطق مختلفة من قطاع غزة.
(7) من بين الذين ما زالوا ممنوعين من الدخول إلى غزة -في وقت كتابة هذا التقرير- مندوبين عن المنظمات غير الحكومية، ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش Human Rights Watch (، وبتسيلم( منظمة إسرائيلية للدفاع عن حقوق الإنسانB’Tselem ).
(8) أنشأ مجلس حقوق الإنسان "البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق" في دورته الاستثنائية التاسعة في 12 كانون الثاني / يناير 2009. مهمتها محدودة في التحقق في مزاعم انتهاكات القانون الدولي من قبل القوات الإسرائيلية، ومع ذلك، وفي نيسان / أبريل 2009 صرّح كل من القاضي ريتشارد غولدستون رئيس بعثة تقصي الحقائق ورئيس مجلس حقوق الإنسان أن البعثة ستنظر في انتهاكات القانون الدولي التي ارتكبها جميع الأطراف، بما في ذلك الجماعات المسلحة الفلسطينية.
(9) خَلُص مجلس الأمم المتحدة للتحقيق إلى أن القوات الإسرائيلية كانت مسؤولة عن سبعة من أصل تسعة هجمات تعرضت لها منشآت الأمم المتحدة وموظفيها، وأن المسلحين الفلسطينيين كانوا مسؤولين عن هجوم واحد على الأقل، ومصدر للجنة كتابة تقرير "إسرائيل/ غزة : عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة : MDE 15/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009 ،108 " وجد أن الهجوم التاسع لا يمكن أنه وقع.
(10) منظمة العفو الدولية، "حركة حماس: الحملة المهلكة في ظل الحرب في غزة (الوثيقة : MDE 1/001/2009)، 12 فبراير 2009:
http://www.amnesty.org/en/library/asset/MDE21/001/2009/en/9f210586-f762-11dd-8fd7-
f57af21896e1/mde210012009en.html
ترجمة الأستاذة لميس طه
ويتبع >>>>>: تقرير منظمة العفو الفصل الأول1-1
اقرأ أيضاً:
التقرير العربي النفسي الأول عن غزة / غزة من الداخل والخارج / الإعلام والحرب على غزة / هنا غزة... من يحتاج من؟ / شبهات حول قضية غزة والرد عليها / عفواً غزة أنا لست متضامنة معك!!/ إعادة إعمار غزة.. سيناريوهات متوقعة!