تقرير منظمة العفو الدولية عن غزة 2009مقدمة
قتل الفلسطينيين المدنيين على يد القوات الإسرائيلية
وأضاف "أريد عدوائية- إذا اشتبه بشخص ما في الطابق العلوي من المنزل، سنطلق قذيفة، إذا كانت لدينا شكوك حول منزل ما، سندمره ولن يكون هناك أي تردد... لا أحد سيتمهل- فلتكن الأخطاء على حساب حياتهم وليس حياتنا". (مرافق قائد عسكري في اجتماع أمني مع الجنود خلال عملية "الرصاص المسكوب"(11)).
حوالي 1،400 فلسطينياً قتلوا في الهجمات التي شنتها القوات الإسرائيلية خلال عملية "الرصاص المسكوب" ما بين 27 ديسمبر 2008 و 18 يناير 2009، وأصيب نحو 5،000 الكثير منهم بعاهات مستديمة. مئات القتلى من المدنيين العزّل، من بينهم نحو 300 طفل، وأكثر من 115 من النساء وحوالي 85 من الرجال فوق سن 50 (12). تستند الأرقام على البيانات التي جمعها مندوبو منظمة العفو الدولية في غزة، وعلى حالات موثقة بالتفصيل سجلها العاملون في المنظمات غير الحكومية المحلية وفي المجال الطبي في غزة. وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان الفلسطيني (المنظمات غير الحكومية) فإن ثلثي القتلى هم من المدنيين.
لم يكن لدى مندوبي منظمة العفو الدولية الذين قاموا بالبحث والاستقصاء في قطاع غزة في شهري كانون الثاني / يناير وشباط / فبراير 2009 الوقت الكافي والموارد اللازمة للتحقق من كل حالة وفاة مسجلة، ولكنهم تحققوا في عشرات الحالات التي تجاوزت 300 من الضحايا، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، وجمعوا معلومات من مجموعة واسعة من المصادر وخلصوا إلى أن إجمالي عدد الوفيات نحو 1،400 وهو رقم دقيق، وأنه بالإضافة إلى الأطفال والنساء والرجال الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً فإن نحو 200 من الرجال الذين تقل أعمارهم عن 50 كانوا من المدنيين العزّل الذين لم يشاركوا في القتال، وأن نحو 240 من مرتبات الشرطة قتلوا في قصف مراكزهم في جميع أنحاء قطاع غزة في اللحظات الأولى من عملية "الرصاص المسكوب" صباح يوم 27 ديسمبر 2008، بينهم عشرات لقوا مصرعهم في أول غارة جوية إسرائيلية استهدفت طلبة كلية الشرطة أثناء حفل تخرجهم في مركز الشرطة الرئيسي في مدينة غزة. وبالرغم من أن بعض رجال الشرطة الذين قتلوا في هذا القصف هم من أعضاء الجناح العسكري لحركة حماس (بالإضافة لكونهم من منتسبي جهاز الشرطة)، فإن الكثير منهم لم تكن لهم علاقة نشطة بالجماعات المسلحة ولم يشاركوا في أعمال عدائية عندما تم استهدافهم وقتلهم في تلك الغارات.(13)
يضع الجيش الإسرائيلي حصيلة القتلى في حدود 1،200 وأن معظم القتلى لم يكونوا من المدنيين (14)، إلا أن السلطات الإسرائيلية لم توفر أي قوائم بأعداد القتلى- سواء الذين يدّعون أنهم مقاتلون ولا للمدنيين. (إسرائيل/ غزة: عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة : MDE 5/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009)
7
أكد الجيش الإسرائيلي أن قواته تعمل وفقاً للقانون الدولي، فلم يشن إلا هجمات متناسبة ضد الأهداف العسكرية، وأنحى باللائمة على حركة حماس عن أي ضرر لحق بالمدنيين الفلسطينيين، ولا تختلف معه منظمة العفو الدولية في أن الكثير من الهجمات التي شنتها القوات الإسرائيلية خلال عملية "الرصاص المسكوب" استهدفت أهدافاً عسكرية ولم تتسبب في ضرر غير متناسب بالمارة من غير المشاركين في القتال، وعلى هذا النحو تماشت في سلوكها مع متطلبات القانون الدولي. لقد لقيَ أعضاء من الجماعات الفلسطينية المسلحة مصرعهم خلال مواجهات مسلحة مع القوات البرية الإسرائيلية، واستهدف آخرون خلال إطلاقهم صواريخ أو مشاركتهم في الأعمال العدائية، وبعضهم الآخر كان هدفاً في ظروف لا تشكل انتهاكاً لقوانين النزاع المسلح.
لا تجادل منظمة العفو الدولية أيضاً في أنه ليس جميع القتلى المدنيين الفلسطينيين والجرحى سقطوا نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية غير القانونية. في بعض الحالات قتل مدنيين نتيجة لأخطاء بشرية حقيقية أو عطب في الأسلحة، أو لكونهم غير المقصودين في هجمات قانونية على الأهداف العسكرية- بما في ذلك في الحالات التي لم تتخذ فيها الجماعات المسلحة الفلسطينية الاحتياطات اللازمة لتجنيبهم الخطر، أو استخدمها تكتيكات عرّض هؤلاء المدنيين لخطر لا داعي له.
ومع ذلك، فإن العديد من عمليات قتل مئات المدنيين الفلسطينيين الذين لم يشاركوا في الصراع، بما فيهم نحو 300 طفل، لا يمكن ببساطة التغاضي عنها على أساس أنها "أضرار جانبية" -عرضية لهجمات قانونية- أو مجرد أخطاء. كما لا يمكن أن تعزى إلى ردود فعل جنود وجدوا أنفسهم وحيدين في مواجهة النار.
الهجمات التي تسببت في أكبر عدد من القتلى والجرحى نفذت بذخائر طويلة المدى عالية الدقة أطلقت من الطائرات المقاتلة والمروحيات والطائرات دون طيار، أو من الدبابات المتمركزة على بعد عدة كيلومترات- في كثير من الأحيان ضد أهداف مختارة، الأمر الذي يتطلب عادة موافقة من أعلى سلسلة القيادة. ضحايا هذه الهجمات لم يقعوا في منطقة تبادل لإطلاق النار في المعارك بين الفلسطينيين المسلحين والقوات الإسرائيلية، كما أنهم لم يستخدموا كدروع بشرية لحماية المسلحين أو أي أهداف مشروعة أو غير ذلك.
كثير ممن لقوا مصرعهم كانوا نياماً عندما قصفت منازلهم، آخرون قتلوا أثناء قيامهم بأنشطتهم اليومية في بيوتهم؛ كانوا إما جلوساً في أفنية منازلهم، أو أثناء نشر الغسيل على السطح.. حين استهدفتهم الغارات الجوية الإسرائيلية وقصف الدبابات. كان الأطفال يدرسون أو يلعبون في غرف نومهم أو على أسطح منازلهم، أو خارجها عندما ضربتهم بالصواريخ أو قذائف الدبابات، وآخرون كانوا يمشون في الشارع يركبون دراجاتهم. هاجم الجيش الإسرائيلي سيارات الإسعاف والمسعفين مراراً أثناء محاولاتهم لإنقاذ الجرحى أو انتشال القتلى.
استناداً إلى الأدلة التي جمعت خلال البحوث الميدانية وغيرها من المعلومات من مجموعة واسعة من المصادر، بما فيها التي وفرتها السلطات الإسرائيلية، تعتقد منظمة العفو الدولية أن العديد من الفلسطينيين المدنيين العزّل قتلوا في هجمات نتيجة للممارسات التي تنتهك القانون الإنساني الدولي، وأن القوات الإسرائيلية:
- لم تتخذ جميع الاحتياطات الممكنة في اختيار وسائل وأساليب الهجوم بغية تجنب أو على الأقل التقليل إلى أدنى حد في وقوع إصابات وخسائر في أرواح المدنيين، وأضرار في الممتلكات المدنية. (إسرائيل/غزة: عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة: MDE 15/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009)
8
- نفذت هجمات عشوائية وغير متناسبة.
- نفذت هجمات مباشرة على المدنيين والأهداف المدنية، بما فيها المركبات والكوادر الطبية.
- فشلت في السماح بتأمين وصول المركبات الطبية وكوادرها وموظفي الإغاثة في الوقت المناسب.
الجيش الإسرائيلي والسلطات الحكومية رفضت باستمرار المخاوف بشأن الفلسطينيين ووقوع خسائر بين المدنيين، ويظهر القليل من الاهتمام في التحقيق في مثل هذه الحالات وببساطة من جديد أن المسؤولية عن مقتل المدنيين الفلسطينيين تقع على عاتق حماس، ونادرا ما تشاهد أي تقدم.
أدلة عن حالات محددة لإثبات ادعاءاتها:
على سبيل المثال، في 27 ديسمبر 2008، في اليوم الأول من عملية "الرصاص المسكوب"، ذكر الجيش الإسرائيلي: "إن حكومة حماس قادة وعناصر، والتي تنشط بأعمالها الإرهابية من داخل مناطق السكان المدنيين، هي الوحيدة التي تتحمل المسؤولية عن العمليات العسكرية التي ترد بها إسرائيل على تلك الأعمال".
يوم 19 يناير 2009، في نهاية عملية "الرصاص المسكوب"، كررت إسرائيل هذه الحجة بالتأكيد على مسؤولية حماس "في استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، وبالتالي حركة حماس مسؤولة عن الخسائر في أرواح المدنيين في قطاع غزة".(15)
في مقابلة أجريت بعد انتهاء عملية "الرصاص المسكوب"، وردّاً على سؤال حول المئات من الأطفال الذين قتلوا بنيران القوات الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الحملة العسكرية، قال وزير الداخلية مئير شطريت أن هؤلاء الأطفال: "احتجزوا كرهائن من قبل حركة حماس"، وحين أشار الصحفي إلى أن هذا يخالف روايات عائلاتهم -الأطفال- عمّا حصل، رفض الوزير ذلك قائلاً: "أتصدّقهم؟ لقد استخداموا كدروع بشرية"(16).
وفي نفس المقابلة، ورداً على حقيقة أن "إسرائيل تسببت في خسائر للفلسطينيين في غزة تبلغ 100 ضعف الخسائر التي تكبدتها" قال شتريت وزير الداخلية: "هذه هي الفكرة من وراء هذه العملية، أم ماذا تظن؟" (17).
مثل هذه المواقف، وكثيرا ما كررها مسؤولون إسرائيليون من قبل وأثناء وبعد عملية "الرصاص المسكوب" تدل على عدم احترام الأحكام الأساسية للقانون الدولي، ولا سيما القواعد الدولية للقانون الإنساني التي تضبط سير الأعمال القتالية، والتي هي ملزمة لجميع أطراف النزاع مهما كانت أسبابه وأيّاً كان الجانب الذي شرع في القتال. وقد ساهم هذا النهج في تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب في صفوف الجنود، مما يعطي رسالة أن الهجمات غير المشروعة وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي يمكن أن تحمّل المسؤولية فيها لحماس.
إن قتال المجموعات المسلحة الموجودة في بين السكان المدنيين لا شك أنه يفرض جملة من التحديات -ولا سيما تحديد أماكن المقاتلين والأسلحة الموجودة في المباني المدنية واستهدافهم مع التقليل من الأضرار التي تصيب المدنيين- وقواعد القانون الإنساني الدولي تأخذ في الاعتبار هذه التحديات. ومن ثم فإن التحديات التي تواجه قتال القوات غير النظامية لا يجوز أن تستخدم أبداً لتبرير الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة، وعدم اعتماد التدابير الوقائية لحماية المدنيين، أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة.
إن سلوك القوات الإسرائيلية في غزة أيضاً تظهر أنها تعتبر جميع الأفراد والمؤسسات المرتبطة بحماس أهدافاً مشروعة. لقد قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي لبي بي سي: "إن تعريفنا يقتضي أن كل من ينخرط في إرهاب حماس هو هدف مشروع. وهذا يشمل المؤسسات العسكرية البحتة، والمؤسسات السياسية واللوجستية التي تقدم التمويل والموارد البشرية لأغراض ذراعها الإرهابي"(إسرائيل/غزة: عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة:MDE 15/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009)؛
9
وتشمل الأمثلة على هذه السياسة قصف المجلس التشريعي الفلسطيني (المجلس التشريعي أو البرلمان)، ومختلف الوزارات ومكاتب وسائل الإعلام، في الوقت الذي رُبِطت أنشطتها بحماس رغم إنها لم تشارك في القتال. إن الإفراط في تطبيق مثل هذا التعريف الفضفاض يقوّض القانون الإنساني الدولي ومبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين. وفي حين أن القادة السياسيين المشاركين في الإستراتيجية العسكرية والتخطيط قد يفقدون الحصانة ضد الهجوم طوال اشتراكهم في الأعمال الحربية، إلا أن أعضاء في حماس وأنصار لها لم يشاركوا مباشرة في الأعمال الحربية يعتبرون من المدنيين الذين لا ينبغي استهدافهم في الهجمات. وبالمثل، فإن مباني مدنية مثل: الوزارات، والبرلمان، ووسائل الإعلام، والمساجد لا يمكن أن تكون أهدافاً مشروعة للهجوم الإسرائيلي لمجرد أنها منبثقة أو خاضعة لإدارة حماس بالأمر الواقع. (انظر الفصل 5 لتعريف الأهداف العسكرية).
هذا وتفرض قواعد القانون الإنساني الدولي قيوداً على أساليب المجموعات المسلحة في حرب العصابات التي قد تلجأ لها بصورة قانونية. إن التحديات التي تواجه هذه الجماعات عندما تخوض معركة ضد عدو أكثر قوة ومجهزاً بشكل أفضل وجيشاً نظامياً تابعاً لدولة لا يمكن أن تبرر الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي.
تصرّف الجنود الإسرائيليون الذين عملوا في قطاع غزة خلال عملية "الرصاص المسكوب" بوحي من ثقافة الإفلات من العقاب، حيث سمح لهم بل شُجِّعوا من قبل القادة على إطلاق النار على "كل شيء يتحرك"، حتى لو لم يكن هناك خطر على حياتهم.
قال أريك دوبنوف، الذي كان في لواء استطلاع الاحتياطي من الجيش الإسرائيلي أن: "منذ الاجتماع الأول مع القادة كان واضحاً أن الجيش قد غيّر تماماً القواعد الفكرية التي تتحكم في مهامه؛ فبدلاً من الحصول على الاحتياطات المعتادة لضمان عدم إيذاء المدنيين، قيل لنا عن ضرورة أن تكون البداية في غاية العدوانية".
قيل لنا: "عند أي علامة خطر، افتح النيران بكثافة. أثناء التدريب في السابق، كنا نستعد للقتال ضد الجماعات المسلحة، ولكن هذه المرة قالوا لنا أننا سنواجه حماس وهي في تشكيل قتالي عسكري كامل- وهو شيء، بالطبع، لم يحدث. بعضنا لم يكن مرتاحاً لهذه الأوامر، بعضنا الآخر كان من دواعي سروره أن جيش الدفاع الإسرائيلي أخيراً قرر نزع قفازاته... "(18).
شعارات التهديد من قبيل "الموت للعرب"، "جئنا لإبادتكم" أو "العربي الجيد هو العربي الميت" التي تركها الجنود في المنازل التي استخدموها، وغالباً ما خربوها بلا مسوغ، يثير المزيد من المخاوف من العقلية التي تحكم تصرفات بعضهم وضباط القيادة، ويثير تساؤلات حول ما إذا كانت تصرفاتهم الطائشة والهجمات العشوائية التي استهدفت المدنيين كانت متعمدة.
"الموت للعرب" من الشعارات العبرية التي تركها لواء غيفاتي من جيش الدفاع الإسرائيلي في منزل عائلة السّموني. © منظمة العفو الدولية (إسرائيل/ غزة: عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة: MDE 5/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009)
10
في نهاية كانون الثاني/ يناير 2009، بعد أيام فقط من انتهاء عملية "الرصاص المسكوب"، تعهّدت الحكومة الإسرائيلية تقديم المساعدات والدعم لضباط الجيش الذين قد يواجهون دعاوى قانونية في الخارج لجرائم حرب مزعومة ارتكبت في غزة، وهذا ما صرّح به رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت: "القادة والجنود الذين تم إرسالهم إلى غزة في حاجة إلى أن يعلموا أنهم في مأمن من مختلف المحاكم". (19)
في نيسان/ إبريل 2009، قدّم الجنود شهاداتهم في ندوة في أكاديمية رابين عن الاستخدام غير المشروع للقوة ضد المدنيين والممتلكات المدنية في قطاع غزة، وقد نشرت في وسائل الإعلام الإسرائيلية على شبكة الانترنت، ما دفع الجيش للمسارعة في الإعلان عن القيام بتحقيق داخلي 20. رفض التحقيق الذي انتهى في غضون أيام هذه الادعاءات ووصفها بأنها لا أساس لها من الصحة 21، لكن الجيش لم يعط أي تفاصيل حول التحقيق، في حين أن مزاعم الانتهاكات استمرت في الظهور من كل المعنيين وبتبجح الجنود.
لقد اقتصر التحقيق الوحيد الذي قال الجيش الإسرائيلي أنه نفذه على عدد قليل من في القضايا والمسائل، معظمها من تلك التي استقطبت الاهتمام النقد الدولي، والتي تم النظر فيها من قبل مجلس التحقيق الدولي في الهجمات على ممتلكات وموظفي الأمم المتحدة. نتائج هذه التحقيقات الداخلية وردت في تقرير وزعه الجيش على الصحفيين في 22 نيسان / أبريل 2009، والتي تنص على أن "جميع النتائج التي توصلت إليها لاستخدامها كمعلومات أساسية تعزى إلى الصحفيين فقط"، ويتضمن القليل من التفاصيل معظمها يكرر ادعاءات الجيش والحكومة التي روجتها منذ الأيام الأولى لعملية "الرصاص المسكوب"، لكنه لم يقدم أي دليل يدعم تلك الادعاءات، إلا أنه يذكر ستة حوادث محددة، والتي تشمل ثلاث سيارات أو ممتلكات للأمم المتحدة (الملحق أ)، وثلاث عمليات قتل للمدنيين (الملحق ج)، وكذلك العديد من الحوادث غير محددة شملت المرافق الطبية وطواقم الإسعاف (الملحق ب)، وإشارات عامة حول استخدام الفوسفور الأبيض (الملحق د)، وإشارات عامة عن تدمير الممتلكات الضرر الذي لحق بالبنية الأساسية (الملحق هـ).(22)
وحتى في هذه الحالات القليلة فإن تحقيقات الجيش كانت روتينية وغير كافية، ويبدو أن الهدف منها هو صرف النظر عن الانتقادات الموجهة له وليس إثبات الحقيقة. لم يحاول الجيش مقابلة الضحايا أو الشهود على الهجمات، بل اعتمد بشكل انتقائي- بدلاً من ذلك- على رواية الجنود للأحداث، وبذلك برأ الجنود من ارتكاب أي خطأ وألقى اللوم على الضحايا، وهو أمر كان متوقعاً (23). حتى في الحالات الاستثنائية التي اعترف فيها الجيش أن المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال لقوا مصرعهم على يد قواته نتيجة الأخطاء التقنية، فشل في تقديم تفسيرات وافية وترك الأسئلة دون إجابات حاسمة. وفي حين أن الضربات غير المقصودة ضد المدنيين من المارة قد تكون في الواقع نتيجة الأعطال الفنية أو غيرها من أوجه القصور التشغيلية أو الأخطاء البشرية، فإن جميع المعلومات المتاحة تشير إلى أن إسرائيل تصرّفت بتهور، وكثيراً ما شنّت هجمات قاتلة ضد كل من يقع في مدى رؤية جنودها دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة للتمييز بين المدنيين والأهداف العسكرية.
منظمة العفو الدولية طلبت من الجيش الإسرائيلي الحصول على معلومات حول مجموعة محددة من الهجمات التي أسفرت عن مقتل مدنيين غير مسلحين، ولكن حتى الآن لم تتلق أي ردٍّ على ذلك. (إسرائيل/ غزة: عملية 'الرصاص المسكوب': 22 يوماً من الموت والدمار، الوثيقة: MDE 5/015/2009 منظمة العفو الدولية يوليو 2009)
الهوامش
(11) التلفزيون الإسرائيلي القناة 10 ، 21 مارس 2009 : http://www.haaretz.com/hasen/spages/1072811.html
(12) وفقاً لخبرة منظمة العفو الدولية من تحقيقات سابقة في أنشطة المجموعات الفلسطينية المسلحة على مدى سنوات عديدة، فإن في الغالبية العظمى من الحالات كان المقاتلين في العشرينيات والثلاثينيات من أعمارهم، والأقلية في الأربعينيات، وفي حالات نادرة جداً في الخمسينيات.
(13) إن وجود المدنيين والمقاتلين في مرفق مدني بطبيعته لا يجعل من هذا المرفق وجميع قاطنيه هدفاً عسكرياً.
(14) في 26 آذار / مارس أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن أجهزة الاستخبارات جمعت أسماء 1166
فلسطيني قتلوا خلال عملية "الرصاص المسكوب"، بينهم 709 من "الإرهابيين" من حماس والجماعات الأخرى، و162 من الرجال لا يعرف انتماؤهم، و295 من المدنيين بينهم 89 تحت سن 16، و49 من النساء. بيد أنها لم تقدم أي أسماء أو تفاصيل أخرى. انظر: http://www.mfa.gov.il/MFA/Terrorism-+Obstacle+to+Peace/Hamas+war+against+Israel/Vast_majority_Palestinians_killed_Operation_Cast_Lead
_terror_operatives_26-Mar-2009.htm
(15) في بيان لجيش الدفاع الإسرائيلي:
http://idfspokesperson.com/2008/12/27/idf-launches-operation-cast-lead
في تقرير صحفي لجيش الدفاع الإسرائيلي لوسائل الإعلام:
http://dover.idf.il/IDF/English/News/the_Front/09/01/1901.htm
(16) http://news.bbc.co.uk/1/hi/world/middle_east/7878711.stm
(17) http://news.bbc.co.uk/1/hi/world/middle_east/7878711.stm
(18) الوقائع اليهودية، 5 مارس 2009: http://www.thejc.com/articles/gaza-soldiers-speak-out
(19) http://www.haaretz.com/hasen/spages/1058509.html
(20) من بروتوكول "المقاتلون يتحدثون" جلسة خريجي دورة رابين البرنامج التحضيري، عقب عملية "الرصاص المسكوب" أورانيم، 13 فبراير 2009 – مؤتمر الشتاء.
(21) وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك: " تحقيقات غزة أظهرت الجيش الإسرائيلي على أنه من بين أكثر جيوش العالم التزاماً بالأخلاقيات العسكرية":http://www.haaretz.com/hasen/objects/pages/PrintArticleEn.jhtml?itemNo=1080244
(22) لم يوزع على وسائل الإعلام بل نشر على شبكة الانترنت ووزع عبر البريد الإلكتروني. العفو الدولية تنشر هنا موجزاً له: http://idfspokesperson.com/2009/04/22/idfannouncement-findings-from-cast-lead-investigations
(23) "عدد صغير جداً من الحوادث التي تسبب فيها أخطاء المعلومات الاستخبارات أو الإجراءات التنفيذية وقعت أثناء ... لم يكن هناك مفر من الوقوع بها وحدثت في جميع حالات القتال، وخاصة من النوع الذي فرضت فيها ذلك حماس على قوات الدفاع الإسرائيلية بقتالها من بين السكان المدنيين": http://idfspokesperson.com/2009/04/22/idf-announcement-findings-from-cast-lead-investigations
ترجمة الأستاذة لميس طه
ويتبع >>>>>: تقرير منظمة العفو، الفصل الأول، الباب الأول 1.1.1
اقرأ أيضاً:
التقرير العربي النفسي الأول عن غزة / غزة من الداخل والخارج / الإعلام والحرب على غزة / هنا غزة... من يحتاج من؟ / شبهات حول قضية غزة والرد عليها / عفواً غزة أنا لست متضامنة معك!!/ إعادة إعمار غزة.. سيناريوهات متوقعة!