تلعب المدرسة دورًا أساسيا وأكيدًا في نمو الطفل المعرفي واللغوي والعاطفي والاجتماعي والخلقي. كما تمثل المهارات مثل القراءة والكتابة والحساب الأساس الذي يقيم عليه الطفل. لذا فمشكلة التعلم تسبب مشاعر القلق والدونية والخزي مما يؤدي إلى اضطراب الأطفال بالمدرسة ويؤثر بالتبعية على أداء الطفل العاطفي والاجتماعي والأسري.
يكتشف كثير من الآباء أن مشكلة أطفالهم يساء تشخيصها ومعالجتها ويتضح فيما بعد أن لديهم صعوبات تعلم. إن عسر القراءة هي حالة يجد فيها الطفل الذكي –متوسط بالنسبة لأقرانه– صعوبة في تهجي وفك رموز الكلام ويجب ألا يكون ذلك بسبب ضعف القدرات العقلية أو الإعاقة الجسدية كضعف البصر أو السمع أو عدم المعرفة باللغة أو ضعف الموارد التعليمية كالصور المطبوعة.(1)
إن عدم مقدرة الطفل الذي يعاني عسر القراءة Dyslexia فك رموز الكلام تجعل اكتسابه لقاموس من الكلمات المرئية عملية بطيئة جدا بالنسبة لأقرانه إلا أن الاكتشاف المبكر لضعف الإدراك الصوتي يؤدي إلى الوقاية من عسر القراءة.(2)
وعسر القراءة مشكلة شائعة بين أطفال المدارس فواحد من كل عشرة أطفال مصاب بالمرض كما أن نسبة الإناث إلى الذكور 1الي 3.4 وتؤثر العوامل التالية على تعرض الطفل للمرض:
- وجود بيئة محفزة لعسر القراءة
- إهمال الطفل
- القدرة القرائية لدى الأم
- الدخل الأسري
- تعليم الأبوين
- المستوى الاجتماعي
- حجم الأسرة
- وتعرض الأم للاكتئاب أو صغر سنها.(3)
تمثل عسر القراءة مشكلة شائعة بين الأطفال والكبار بالولايات المتحدة الأمريكية حيث أن شيوعها ما بين 5% إلى 17% كما تمثل 80% من حالات صعوبات التعلم وهي مشكلة مزمنة تلازم الفرد طوال حياته ويقدر عدد المصابين بالمرض في المملكة المتحدة باثنين مليون شخص. أما في دراسة مصرية فيمثل عسر القراءة والكتابة نسبة 53% من الفئة ذات التحصيل الدراسي المنخفض في حين أن 10% فقط كانوا مصابين بالتخلف العقلي.(4)
في الماضي لم يكن عسر القراءة مرضا معروفا وكان المصابون به يوصفون بأنهم كسالى أو أغبياء أو تركيزهم ضعيف(5) أما رونالد دافيذ –مؤلف هبة عسر القراءة- فيصفهم على العكس بأنهم بالرغم من إصابتهم بعسر القراءة والكتابة فهم أذكياء وموهوبون بمجالات أخرى مثل الفن -الموسيقى- الرياضة- الميكنة- كتابة القصص- التصميم والهندسة. كما أن أداءهم جيد بالاختبارات الشفهية بخلاف الاختبارات التحريرية وتنتابهم أحلام اليقظة ويعانون من قلة الانتباه لكنهم يتعلمون جيدا من خلال المهارات اليدوية والشرح والتجريب والملاحظة والوسائل البصرية.(1)
تواجه الأطفال والمراهقين المصابين بعسر القراءة كثير من التحديات بحياتهم كالمشكلات العاطفية والسلوكية وبخاصة إذا كانوا مصابين بفرط الحركة وقلة الانتباه Attention الذي كثيرا ما يصاحب عسر القراءة. كما أفادت الدراسات بارتفاع نسبة صعوبات التعلم بين المكتئبين من صغار السن والعكس صحيح.(6)
وقد لوحظ أيضا أن الأطفال والمراهقين الذين يعانون مشكلات بالقراءة يحرزون نتائج أعلى من غيرهم على مقاييس القلق وبخاصة الفتيات(7). كما يصابون أكثر من غيرهم بأعراض جسدية كالصداع والمغص عند تعرضهم لمشاكل دراسية وقد أوضح المدرسون ارتفاع الشكوى الجسدية بين طلاب المدارس الخاصة بصعوبات التعلم عن غيرهم من طلاب المدارس العادية. ويصف الآباء أبناءهم المصابين بصعوبات تعلم بالسلوك الخارج بالنسبة لأقرانهم بالمجتمع كما أن معدلات العنف لديهم هي الضعف بالنسبة لأقرانهم.(8)
تشير الدلائل إلى أن فرط الحركة وقلة الانتباه يرتبط بالتحصيل القرائي كما أن السلوك العدائي للمجتمع وبخاصة الذكور هو عامل هام للتنبؤ بمشكلات القراءة حتى مع الأخذ بالاعتبار التلازم المرضي بين فرط الحركة وقلة الانتباه واضطراب الجناح Conduct Disorder مما يفيد بأن التحصيل القرائي يتحسن عند معالجة المشكلات السلوكية والعكس صحيح.(9)
لا يوجد سبب واحد يؤدي إلى عسر القراءة ولكن توجد عدة عوامل منها سوء التنشئة والتلف الدماغي الدقيق وضعف السمع والعامل الأكثر أهمية هو الجينات المسببة للمرض وكلما زادت معرفتنا بالأسباب في كل حالة كلما اخترنا العلاج المناسب لكل مريض، لذا فالتشخيص يعتمد على أساسيات منها التعرف على الأطفال الأكثر عرضة لعسر القراءة في سن المدرسة ويعتمد ذلك على المدرسين والمتخصصين والآباء.(10)
خلال العشرين سنة الماضية تركزت البحوث في مجال عسر القراءة على إيجاد طرق للعلاج بل ودراسة كيفية استجابة الدماغ للوسائل العلاجية المختلفة فبالرغم من أن المرضى لهم نفس المشكلات إلا أن لديهم صفات مختلفة وبناء على مدى نمو الطفل تختلف قدرته القرائية والمهارات المرتبطة بها كما تختلف تعريفات القارئ الجيد من كونه قادرا على فك رموز الكلام إلى قدرته على استيعاب ما يقرأ وتحليله للمعلومات وفهمه للمضمون كما أن الكشف المبكر لعسر القراءة يمكن الأطفال المصابين من عيش حياة طبيعية وعدم إهدار قدراتهم الإبداعية.(11)
المراجع:
1-Gihan Shahine .A difficult child. Al- Ahram Weekly, Aug, No496.2000.
2-James Mike Royer: Identify children dyslexia. Reading successlab.comwww.readingsuccesslab.com/Glossary/Identify ChildrenDyslexia.html - 22k .2006.
3- Kali H. Revisiting the association between reading achievement and antisocial behavior; a new evidence of an environmental explanation. Twin study. Blackwell Synergy; Child devel. , Vol, 77, issue, 1, pp. 72-88.2006.
4-Mona Ibrahim Al Lepody. Reading and writing difficulties: Diagnosis and strategies of management. p 180-181.2005.
5-Rob Hicks; Dyslexia .Bright Solution. British Dyslexia Association, (BDA). DEC, Website; WWW.bda-dyslexia.org. UK.2005
6- Connor, D., Edwards, G., Fletcher, K., Baird, J., Barkley, R., & Steingold, R. Correlates of comorbid psychopathology in children with ADHD. J of the Am Acad of Child & Adol Psych, 42, 193-200. 2003.
7-Willcutt, E. G., & Pennington, B. F: Comorbidity of reading disability and Attention-Deficit/Hyperactivity disorder: Differences by gender and subtype. J of Learning Disabilities, 33, 179-191.2000a
8- Willcutt, E. G., & Pennington, B. F: Psychiatric comorbidity in children and adolescents with reading disability. J of Child Psychol and Psychy, 41, 1039-1048.2000b.
9- Elizabeth Mayfield Arnold, David B. Goldston, Adam K. Walsh, Beth A. Reboussin, Stephanie Sergent Daniel, Enith Hickman, Frank B. Wood ,Severity of emotional and behavioral problems among poor and typical readers . J of Ab Child Psychol, Apr, 2005.
10-Dorothy Bishop. What Causes Specific Language Impairment in Children? Current Directions in Psychol. Science ; 15: 217-221.2006.
11- Ann,W.Alexander, Anne-Marie, Slinger-Constant, Current Status of Treatments for Dyslexia: Critical Review. J Child Neurol.9 (10): 744-785.BL Decker, Inc.2004.
واقرأ أيضًا:
وساوس أم صرع أم صعوبة تعلم؟