ماذا يفعل الأب أو الأم حين يتحقق أسوأ كابوس بحياتهم فجأة أحد أولادهم يبكي بسبب تحرش جنسي، بل والأكثر شيوعاً ورعباً هو أن نكتشف ذلك بعد فترة من حدوثه فيتفاقم الألم وتزيد الخسارة. قد يصل الأمر لسنين يعاني بها الطفل وحده من تلك المشكلة وآثارها المدمرة وكل ما نعرفه عنه أنه "متضايق شويه!"، أو يبلل فراشه، أو ينعزل عن أقرانه، ويتدهور مستوى تحصيله بالمدرسة.
الأكثر إشكالاً هو كون المتحرش جزءاً من المجتمع له أقارب وأصدقاء غالباً ما يكون أطفالهم ضحية له، الأمر الذي يستحيل على الأهل تخيّله في بعض الأحيان "أنا سبت البنت مع عمها" أو "سبت الولد مع خاله، طيب أنا عملت إيه غلط؟". يشعر الطفل في تلك الحالة بالخوف الشديد والإحساس بالذنب وكأنه هو من اقترف الجرم وليس المتحرش، كما يخاف من عقاب الأهل إذا عرفوا بالأمر، ويشعر أنه لابد أخطأ في شيء جعله ضحية للتحرش الجنسي! وليس هذا فقط، بل ويمتد الأمر لإحساسه بعيب جسدي أو مظهر جسدي لديه جعله ضحية للتحرش أو يجذب إليه المنحرفين. ومع تكرار الإساءة تقل مقاومة الطفل ويزداد الإحساس بالذنب، والأمر لا يشترط حدوثه بقسوة كما يحدث في الاغتصاب، بل من الممكن اجتذاب الطفل من قبل المتحرش بالهدايا والحلوى، وذلك يشعر الطفل أكثر بمسؤوليته عما حدث معه، فماذا يفعل الوالدان؟.
بداية، لابد أن يقللوا من الشعور بالذنب لدى الطفل، فلا يجوز أن ينهار الأب أو الأم إطلاقاً أمام الطفل لأن ذلك يشعره بالندم والذنب على إخبارهم ويشعره بالضعف وعدم الأمان، مع العلم أن تعبيرهما عن الغضب يجب تفسيره للطفل على أنه ليس موجهاً له بل للمجرم الحقيقي "المتحرش"، ويجب أن تشعر الطفل أنه أقدم على الخطوة الصحيحة بإخباره والديه، وأنهما سيحميانه ولن يكون موضع أذىً بعد الآن. بعد ذلك يجب الإسراع في معالجة الآثار النفسية المترتبة عن الإحساس بالذنب أو نقص تقدير الذات مع الطبيب النفسي، الذي سيساعد الطفل على الخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر، ويعمل على المضاعفات كالقلق والتبول اللاإرادي واضطرابات النوم والسلوك الخارج عن المألوف أو الشائن، ومحاولة وضع هذه التجربة في استيعاب الطفل بما يتوافق مع وضعه وعمره، مع توجيه الأبوين للطريقة السليمة في معاملة الطفل.
اقرأ أيضاً:
التبول اللاإرادي توعية/ عسر القراءة/ الرُّهاب الاجتماعي عند الأطفال