العلاقة الحميمة بين الجسد والروح (3) ::
الكاتب: د.محمد المهدي
نشرت على الموقع بتاريخ: 25/06/2005
مراحل
النشاط الجنسي :
يمكن إيجاز مراحل النشاط الجنسي كالتالي:
1- الرغبة.
2- الإثارة.
3- النشوة الجنسية (رعشة
الجماع - الإرجاز-
الذروة).
4- ما بعد النشوة.
ولنأخذ كل منها بشيء من التفصيل لمعرفة أسرارها واضطراباتها:
أولاً:
الرغبة
هي المرحلة الأولى في مراحل العملية الجنسية, وهناك
تساؤلات هامة تدور حول نشأة الرغبة ومسارها:
هل تأتي الرغبة من الداخل أم من الخارج؟
هل يشعر الإنسان بالرغبة تحت تأثير هرمونات الذكورة أو الأنوثة,
أو تحت تأثيرات تخيلات جنسية ثم يتوجه بتلك الرغبة وتلك التخيلات إلى الخارج
فيستقبل الآخرين أو الأخريات في صورة مثيرة لأنه هو الذي أسقط عليهم الإثارة من
داخله؟ أم أن مصادر الإثارة في الخارج هي التي توقظ
مراكز الإثارة في الداخل؟
في الحقيقة أن الأمر لا يمكن رؤيته بطريقة هل.....
أم..... كما ذكرنا,
فالرغبة الجنسية هي نتاج تفاعل بين الداخل المليء بالرغبة الباحثة عن الإشباع
والخارج المليء بعوامل الإثارة المنشطة. إذن لكي تكون
هناك رغبة جنسية قوية سيتوجب علينا الاهتمام بالداخل والخارج.
أولاً: الداخل ويمثله
التركيب الفسيولوجي والنفسي للزوجين, وذلك بأن
يكونا في حالة صحية جيدة وفى حالة نفسية جيدة, وفي
حالة ارتياح واسترخاء.
ثانيًا: الخارج ويمثله
مظهر كلا الزوجين من شكل الوجه وتناسق الجسم ورشاقته ونوع الملابس
والإكسسوارات والعطور, والمكان المحيط بهما وما يتمتع
به من عوامل الراحة والأمان وإثارة المشاعر.
وكما أننا عند تناولنا الطعام نبدأ بتقديم السلطات والمخللات كعوامل منشطة للشهية,
فإننا في موضوع العلاقة الحميمة نهتم بالمشهيات من ملابس مثيرة وعطور مؤثرة وجو
رومانسي ومشاعر دافئة وغيرها من المثيرات لكي تستيقظ الرغبة وتتصاعد فتدفع الكيانين
الإنسانيين للاقتراب فالالتحام فالذوبان.
إذن الرغبة هي طاقة الاقتراب والالتحام والذوبان فكلما زادت
سهلت هذه العمليات أما حين تكون فاترة وضعيفة فإن هذه العمليات لا تحدث أساسًا أو
تحدث بشكل فاتر وضعيف.
ومثيرات الرغبة تختلف من شخص لآخر فبعض الناس تثيرهم المناظر وبعضهم تثيرهم الأصوات
وبعضهم تثيرهم الروائح وبعضهم تثيرهم المشاعر وحالة الحب..
وهكذا, ولكن على الإجمال يمكننا القول بأن عين الرجل
وقلب المرأة مفاتيح مهمة للإثارة, وهذا يدفعنا إلى
تنبيه الزوجة لأن تهتم بما يراه زوجها منها وفيها وحولها فهو يستثار جنسيًا من عينه
وهذا لا ينفي أو يستبعد بقية الحواس ولا ينفي إثارته من قلبه.
ويدفعنا إلى تنبيه الزوج لأن يهتم بقلب زوجته فهو مفتاح إثارتها,
وهذا لا يستبعد أيضًا ما تقع عليه عينها أو تسمعه أذنها أو يشمه أنفها.
والرغبة الجنسية تختلف حدتها وقوتها من شخص لآخر فهناك بعض الأشخاص لديهم رغبة
مستمرة لا تشبع أبدًا, وهذا ربما يبدو ميزة ولكنه في
بعض الأحيان يسبب مشكلة حيث يلقى عبئًا على الطرف الآخر لإشباع هذه الرغبة التي لا
تشبع, كما يسبب مشكلات لصاحب الرغبة
(أو صاحبتها)
حين لا يجد (أو لا تجد)
إشباعًا كافيًا و بالتالي ربما يندفع (أو
تندفع) لمحاولات إشباع خارج إطار الزواج مع ما
يصاحب ذلك من مشكلات وكوارث. وعلى الجانب الآخر هناك
بعض الأشخاص لديهم رغبات خافتة وضعيفة تجعل إقبالهم على العلاقة الجنسية فاترًا
وضعيفًا, وهؤلاء الأشخاص نجدهم مقلين في الممارسة
الجنسية وغالبًا ما يكونوا مقلين أيضًا في العطاء العاطفي,
ومقلين أيضًا في العطاء المادي... باختصار هؤلاء هم
البخلاء في كل شيء.
وبعض الناس يعتقد خطأ أن مشاهدة الصور العارية أو
الأفلام الجنسية كفيل بإشعال الرغبة وتحسين الحالة الجنسية بين الزوجين,
وهذا غير صحيح تمامًا من الناحية العملية والواقعية,
فقد تبين أن من يشاهدون هذه الأشياء تضعف رغبتهم نحو زوجاتهم لأنها تعمل على تسريب
الرغبة في مسارات جانبية, كما أنها تتعود على الإثارة
بمستويات صارخة وأحيانًا شاذة من الإثارة لا تكون متوفرة في الأحوال العادية.
وبعض الناس لا تحركهم إلا مثيرات شاذة وأوضاع شاذة وممارسات شاذة,
وهذا يسبب مشكلة نفسية وأخلاقية ودينية للطرف الآخر.
وعلى أي حال فالرغبة هي مفتاح العملية الجنسية وهى الشرارة الأولى التي تبدأها
ولذلك وجب الاهتمام بها وبسلامتها وصحتها.
وهي تقل مع السن ولكنها لا تختفي, وفى بعض الناس
أحيانًا تزيد مع السن وتصبح أقوى من قدرة الشخص على الممارسة.
والرغبة تمر بفترات نشاط وفترات فتور طبيعية, وعلى
الإنسان أن يواكبها صعودًا وهبوطًا ولا ينزعج من هذه التناوبات في نشاط رغبته.
والحب هو أقوى ضمان لاستمرار الرغبة رغم عوامل السن والمرض والضعف ورغم الظروف
الاجتماعية أو الاقتصادية الضاغطة, فالحب هو شهادة
ضمان الرغبة الجنسية, وليس شيء آخر.
ثانيًا: الإثارة
مرحلة الإثارة هي المرحلة الثانية في النشاط الجنسي وتلي مرحلة الرغبة,
وفيها يحدث الانتصاب لدى الرجل ويحدث انتفاخ في الشفرين الصغيرين والبظر لدى المرأة
وتحدث إفرازات من غدد في جدار المهبل تؤدي إلى ترطيب المهبل استعدادًا للقاء.
ولكي يصل الزوجان إلى هذه المرحلة يحتاجان لأن يكونا في حالة راحة جسمانية ونفسية
وفى حالة حب وتوافق وانسجام, وأن يكون الجو حولهما
مهيئًا للقاء وأن يشعر كلاهما بالرغبة في ذلك.
والمداعبة الكافية والمناسبة ضرورية جدًا للوصول إلى حالة الإثارة,
ولذلك فالممارسة الفجائية دون التمهيد بمداعبة كافية تؤدى إلى مشكلات كثيرة خاصة
لدى المرأة.
والإثارة تحتاج لتجديد دائمًا... تجديد في الملابس،
الروائح، المكان،
وتجديد في الجو المحيط بالزوجين, حتى لا يحدث ملل
وفتور وانطفاء.
وحين لا تتم الإثارة بشكل كاف نواجه مشكلات مثل الارتخاء الجنسي عند الرجل أو آلام
الجماع عند المرأة.
ثالثًا: النشوة الجنسية
(رعشة الجماع
- الإرجاز
- الذروة)
هي ذروة المشاعر الجنسية ولذلك تهتز لها كل أجزاء الجسم وتنتفض الخلايا كلها فرحًا
وطربًا ونشوة, ومن شدة هذه النشوة أحيانًا يصاحبها
أصوات أو حركات لا إرادية تختلف من شخص لآخر. والشعور
باللذة في هذه اللحظة يكون هائلاً لدرجة أن العلماء قرروا بأن لذة الرعشة الجنسية
هي أعلى درجات اللذة التي يمكن أن يتذوقها الجهاز العصبي..
إذن فهي نعمة عظيمة من الله حين تكون في موضعها ومع من نحب.
وهي ليست رعشة نشوة جسد فقط وإنما هي شعور شامل لكل مستويات الإنسان الجسدية
والنفسية والروحية.
ولذلك قسم علماء النفس النشوة الجنسية إلى عدة مستويات هي:
1- النشوة
البيولوجية (Biological orgasm):
وهى تحدث نتيجة التفاعل الجسدي لأعضاء الجنس خاصة البظر والمهبل.
2- النشوة العاطفية
(Biological orgasm):
وهي بلوغ حالة الحب بين الزوجين إلى قمتها حيث حدث الاقتراب فالالتحام
فالذوبان العذب والرقيق واللذيذ.
3- النشوة
الإرتجاعية (Feed back orgasm):
وهى تحدث حين يرى أحد الطرفين (أو كليهما)
سعادة الآخر فيسعد لذلك ويشعر بالنشوة حتى ولو لم يكن قد وصل إلى النشوة البيولوجية.
4- النشوة
الاجتماعية (Social orgasm):
وهى تحدث حين يكون الزوجان متوافقين في حياتهما الاجتماعية,
وكأن نجاحهما الاجتماعي يتواصل مع نجاحهما في بلوغ نشوة الجماع فتتصل دائرتي النجاح
وتعطي نشوة أوسع وأعمق.
5- النشوة الروحية
(Spiritual orgasm):
فحين تكون المستويات الروحية نشطة لدى كلا الزوجين فيحدث تلاقي بين النشاط الروحي
والنشاط الجسدي والاجتماعي في صورة دوائر متداخلة وآخذة في الاتساع.
وهكذا يمكن أن تتمدد النشوة الجنسية في صورة دوائر تتسع,
تبدأ من الدائرة البيولوجية ثم الدائرة العاطفية ثم الدائرة الروحية,
وهذا ما نعنيه بأن النشوة الجنسية حين تحدث في علاقة مشروعة وسامية تتمدد في الكيان
الإنساني كله فيرتعش فرحًا وطربًا عبر كل مستوياته,
وهذا إحساس لا يدركه إلا المحبون الصالحون الأوفياء المخلصون أصحاب المشاعر الفياضة
والنفوس الرحبة والأرواح السامية.
وهناك بعض النساء لا يستطعن لسبب أو لآخر الوصول إلى
نشوة الجماع بشكلها المعروف, ومع هذا إذا كان هناك حب
بين الزوجين فإن الزوجة لا تشكو من هذه المشكلة, فهي
تشعر بالرضا لمجرد إحساسها بحالة الحب في لحظات اللقاء وتشعر بالرضا لأنها أسعدت
زوجها الذي تحبه. أما إذا كان الحب غائبًا فإن عدم
بلوغ الذروة الجنسية يؤدي إلى مشكلات جسدية ونفسية مؤلمة,
حيث تشعر المرأة بآلام في منطقة الحوض نتيجة للاحتقان الذي لم يتم تفريغه,
كما تشعر بتقلصات في البطن وغثيان وأحيانًا يحدث قيء,
وفوق ذلك تشعر بالحرمان, والألم النفسي والغضب.
وهذه الأشياء حين يتحدث تحتاج للعلاج بشكل مبكر لأن تراكمها مع الوقت يؤدي إلى عزوف
المرأة عن الجنس وإصابتها بحالة البرود الجنسي والعلاج هنا
سوف يكون على عدة مستويات:
1- المستوى الجسدي:
وذلك لبحث المشكلات الجسدية التي تعطل الوصول إلى النشوة مثل وجود التهابات
في عنق الرحم تسبب ألمًا, أو ضعف التنبيه لأعضاء
الإحساس الجنسي أثناء العلاقة أو غير ذلك.
2- المستوى النفسي:
أن يكون لدى المرأة مشكلات نفسية تجعلها تستقذر العلاقة الجنسية من الأساس أو تخاف
منها لأنها تخاف الحمل والولادة, أو أن لديها ميول
ذكورية (مسترجلة)
تجعلها ترفض هذه العلاقة, أو أن لديها شعور قديم
وعميق بحرمة العلاقة الجنسية لم تستطع التخلص منه بعد الزواج.
3- المستوى الزواجي:
وذلك يكون بسبب مشكلات في التوافق بين الزوجين كأن تكون هناك خلافات زوجية
كثيرة أو أن يكون الرجل صغيرًا في عين زوجته فلا تشعر بتفوقه وتميزه,
وبالتالي لا يمنحها الشعور بأنوثتها.
أما الرجل فتحدث لديه مشكلات في هذه المرحلة إما في صورة سرعة قذف أو في صورة بطء
إنزال أو انعدامه. وسرعة القذف مرتبطة كثيرًا بمشاعر
القلق أو فرط الإثارة, وهذه يمكن علاجها بعلاجات
دوائية وتدريبات تؤدي إلى التحكم في سرعته, أما تأخر
النشوة وتأخر الإنزال بالتالي فغالبًا ما يكون بسبب تعاطي بعض الأدوية أو يكون بسبب
ضعف الإثارة من الطرف الأخر.
والمرأة لديها القدرة على الوصول إلى رعشة الجماع مرات عديدة في اليوم الواحد,
والشاب ما بين 15 إلى
25 سنة لديه أيضًا هذه القدرة ولكنها تقل لدى الرجل
مع التقدم في السن بحيث يحتاج إلى بعض الوقت (عدة
ساعات غالبًا) قبل أن يصبح قادرًا على الوصول إليها
مرة أخرى, وبعض الرجال يحاولون أن يعاودوا المحاولة قبل استعداد جهازهم العصبي لها
وهذا يسبب لهم إجهادًا ويجعل العملية غير ممتعة,
ولكنهم يفعلون ذلك كنوع من إثبات القدرة وكنوع من المنافسة للأقران الذين يتباهون
بقدرتهم على تكرار الفعل الجنسي مرات عديدة في وقت قصير وكثيرًا ما يكون في كلامهم
مبالغات كثيرة تخرج عن نطاق القابلية الفسيولوجية الطبيعية لتكرار الممارسة.
رابعًا:
ما بعد مرحلة النشوة
هي مرحلة مهمة ومع هذا يتغافل عنها الكثيرون خاصة الأزواج,
فبمجرد الانتهاء من حالة النشوة يعطي الزوج ظهره لزوجته وكأنه لا يعرفها,
وهذا يؤذي الزوجة كثيرًا ويؤلمها وتشعر لحظتها بأنانية الرجل وإهماله لها خاصة إذا
لم تكن هي قد وصلت إلى حالة النشوة أو الرغبة التي وصل هو إليها.
إذن يجب أن يستمر سريان المشاعر الهادئة والرومانسية في هذه
المرحلة التي تتسم بحالة من الاسترخاء الجسدي والنفسي,
وهذه المشاعر تنتقل بين الزوجين في صورة نظرات امتنان ورضا ولمسات حب وحنان.
اقرأ
أيضاً:
العلاقة الحميمة بين الجسد والروح (1)
العلاقة الحميمة بين الجسد والروح (2)
الكاتب: د.محمد المهدي
نشرت على الموقع بتاريخ: 25/06/2005
|
|