|
|
|
وهل نجح الحل البديل ؟ ::
الكاتب: أ.صفية الجفري
نشرت على الموقع بتاريخ: 08/02/2006
" تبدأ المأساة حين ينظر الناس إلى الأمر غير العادي كأنه من الأمور العادية ،
فتصبح القاعدة هي الاستثناء والاستثناء هو القاعدة وتضطرب القيم وتفسد المعايير"
الكاتب المسرحي الألماني برتولد بريخت *
قد يتكرر هذا المعنى على ألسنتنا في مجريات الحياة اليومية وفقا لمواقف سلوكية
تصدمنا، لكن الأشد نكاية أن يكون تبادل الأدوار هذا في ثقافة المجتمع ككل ، ورؤيته
في القضايا المتنوعة .
ومن الإفراط في تعاطي مبدأ سد الذريعة إلى الفساد ، تشكلت
مجموعة من الأحكام الشرعية الاستثنائية ألبست لباس الثوابت، وصار الدفاع عنها
دفاعا عن الدين في صورته القطعية التي لا مجال للتحاور حولها .
ولعل الحديث عن الزواج بدءا من مقدماته مرورا بسائر الأحوال المرتبطة به هو أكثر
المطبات الاجتماعية التي أنتجتها الرؤية الاستثنائية، وسأتناول في السطور القادمة
الخطبة ، وتطبيقاتها في مجتمعنا وفقا لهذه الرؤية ، وآثار ذلك على الاختيار المتزن
الحر .
تقتصر الخطبة في أفضل الأحوال على نظر الطرفين إلى بعضهما لمرة واحدة فقط، دون أن
تتاح الفرصة لما يزيد على ذلك، انطلاقا من الاعتقاد بأن الشرع قد اقتصر على إباحة
النظر دون سواه . ثم حيث أن هذه الطريقة عرف عدم جدواها مجتمعيا إذ لا يتبين
الطرفان موافقة أحدهما للآخر نفسيا و فكريا، وحيث أن الشرع – كما هو شائع - يحرّم
أي تواصل بين الجنسين خارج إطار الزواج مهما كانت ضوابطه ، فلا بد إذن من حل (شرعي
) لهذا الوضع الحرج، وتكون ( الملكة ) هي ذلك الحل السحري الذي يسمح للطرفين
بالاختيار عن بصيرة .
ولكن هذا الحل لا يعود سحريا مع تكشف مشكلاته ، فكثير من الفتيات يتحدثن عن غياب أو
تغييب حقهن في الاختيار بعد ممارسة العلاقة الكاملة مع ( الخطيب – الزوج ) مما لا
يرتضيه العرف وإن أجازه الشرع ، فلا يستطعن الانسحاب مهما وضح لهن من سوء خصال
الطرف المقابل .
ولو أن الأمور وضعت منذ البداية في نصابها الصحيح، لتم التعارف بين الخطيبين في
حضور الأهل ومباركتهما، بحيث يكتشفان مدى التواؤم المبدئي لكل منهما للآخر .
فالنظر الذي تحدث عنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لغاية وهي أن يرى
منها ما يدعوه لنكاحها، و قوله ما يدعوه إلى نكاحها كما يدخل فيه النظر يدخل فيه
التعرف على صفاتها النفسية والفكرية ، هذا ما نبه عليه الشيخ عبد الحليم أبو شقة في
( تحرير المرأة في عصر الرسالة ) وأزيد، أن التنصيص على النظر دون سواه إشارة إلى
أن الخاطب له أن ينظر زيادة على نظر الأجنبي تكرارا للنظر مادامت نيته هي الارتباط
الجاد لا التلاعب أما الحديث المحتشم بلا خلوة ولا ريبة فجائز في جميع الأحوال مع
الخاطب وغيره فلا يحتاج إلى التنبيه عليه . هذا وإن الحديث عن جواز نظر الخاطب يشمل المخطوبة أيضا إذ هو حق مشترك لهما .
ويكون الحق في تكرار النظر مصاحبا للحق في مزيد من تعرف كل طرف لما يبغي معرفته عن
شريك حياته المستقبلة كل ذلك تحت نظر الأهل كضابط اجتماعي لازم لتحقيق المقصد
المقدس من هذه المرحلة.
فلو أن المجتمع عاد إلى الأصل الشرعي في جواز العلاقة المنضبطة بين الجنسين، و
تفهّم المقصود من الخطبة شرعا من كونها إعدادا مهما لميثاق غليظ، والإخلال بها
وبمقاصدها إخلال بحكمة الشرع في تشريعها ، لما اضطر إلى وضع فترة العقد في إطار
يناقض مقصودها الأصلي، ولوظفت بشكل يخدم المقاصد الشرعية، كأن تكون مجالا للتواصل
بين الزوجين اللذين لا يستطيعان الاجتماع في مسكن واحد لظروف طارئة كعجز الزوج عن
توفير مسكن، أو انشغال الزوجين بالدراسة، بحيث لا توضع ضوابط لهذه الفترة تناقض
مقتضى العقد وهو حل العلاقة الكاملة بين الطرفين برضاهما . والله أعلم .
حرر في : يوم السبت10/10/1426هـ
* كتاب ( قالت الأيام ) للأستاذ عبد الوهاب مطاوع .
اقرأ أيضا:
الحنابلة والدور التنموي للمرأة
المرأة وحكمة الاختيار
الاختلاط في السعودية ونظرية النعجة والذئب!
فن اختيار شريك الحياة (1)
فن اختيار شريك الحياة (2)
فن اختيار شريك الحياة (3)
فن اختيار شريك الحياة (4)
فن اختيار شريك الحياة (5)
الكاتب: أ.صفية الجفري
نشرت على الموقع بتاريخ: 08/02/2006
|
|
|
|
|
|
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com
|
حقوق الطبع محفوظة لموقع مجانين.كوم ©
|
|