السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا يا سيدي صاحبة المشكلة زواج الصالونات : عقدة في ال..... وبداية أحب أن أُعبر عن شكري لردك على رسالتي لاحترامي الشديد لحضرتك ولأنني أتابع حضرتك منذ فترة منذ أن عُدت من الخارج وأُعجب بآراء حضرتك جدا.
أما متابعة لرد حضرتك فأبدأ بموضوع الصلاة وأقول إنني لا أتعامل معها كواجب في فترة الالتزام بل بالعكس إنني أرتاح جدا بالصلاة وأشعر بسعادة أنني قادرة عليها ولكن في الفترات الأخرى أشعر بضيق شديد وتأنيب ضمير كلما فكرت في هذا وأنا أفعل يا سيدي ما قلته حضرتك في الصلاة ولكن أيضا في فترة الالتزام فقط والتي لا أدري أبدا ما السبب وراء هذا التذبذب في الصلاة.
أما العصبية الزائدة يا سيدي فحاولت مرارا أن أعرف ما سببها ولكنني فشلت حتى أنني في مرة من المرات شعرت بغضب شديد في إحدى المشكلات وأحسست أنني أكاد أن أنفجر فعلا حتى أنني ذُهلت من نفسي وتساءلت إلى أين سأصل أكثر من ذلك ولكنني الآن يا سيدي والحمد لله أحاول تخفيفها وسأقول لحضرتك ماذا تغير في حياتي خلال هذه الفترة القصيرة والذي ربما كان سببا.
فأنا يا سيدي كما قلت في بياناتي أعمل في مجال الفن التشكيلي وهو مجالي ولكن مكان عملي كان دائما به بعض المشاكل من وقت لآخر وصاحبة المكان الذي أعمل به سيدة تكبرني بسنوات قليلة وبها الكثير من العيوب وقد حدث بيننا شجار أكثر من مرة ولكننا دائما نعود وأنا أحبها جدا يا سيدي وأعلم أنها أيضا تحبني ولكن بقدر ما تستطيع فأنا مقتنعة يا سيدي أنني ربما أشعر بالضيق إذا أحبني شخص مثلا بنسبة 50% وهو أقصى قدرة له 90% مثلا ولكن عندما تكون قدرة شخص على الحب 60% فعندما يحبني 50% فهذا جيد جدا على الرغم من أن كل الأشخاص ربما لا يقتنعون بهذا ويرون أنها لا تحبني كفاية مثلا.
وأنا يا سيدي أقول قدرتها قليلة على الحب لأنني أرى ذلك في علاقتها بابنها الوحيد وهي لها كثير من الطباع غير الجيدة والواضحة جدا ولكنا لنا علاقة خاصة والتي بعد كثير من المشاجرات استقرت الآن لذلك أحسست أنني أريد أن أكمل معها ومن ناحية أخرى فقد كانت أمامي فرصة لوظيفة حكومية في إحدى الهيئات المعروفة بمرتبها الجيد وكنت أرفض بشدة في البداية لأنني أكره العمل الحكومي والجو الخاص به لأنه تقليدي جدا ولكنني وافقت في إحدى الفترات عندما كنت قد خرجت توا من علاقة حب فاشلة حيث إنني قلت لنفسي إنني كنت مخطئة في تقديري وأفكاري ولماذا لا أكون كذلك في موضوع الوظيفة الحكومية هذه أيضا فكان وأنا منذ حوالي أسبوعين فقط استقريت بها.
وخلال هذين الأسبوعين يا سيدي كانت والدتي في سفر ومرض معا وكنت أنا أتولى الكثير في البيت فكنت أصحو في الصباح الباكر أقوم ببعض الأشياء في المطبخ حتى موعد نزولي ثم أذهب لعملي الحكومي وأرجع بعده على المنزل أتناول غذائي وأحضر لأبى غذائه ثم أذهب للعمل الثاني وأعود في الليل لأطبخ شيئا لليوم التالي أو أقوم بعمل شيء في البيت خلال ساعتين أو ثلاثة على الأكثر يا سيدي وأذهب للنوم وأضع رأسي على المخدة فما هي إلا بضع دقائق وأكون نمت وهو شيء يحدث معي تقريبا لأول مرة في حياتي فكان يومي مشغولا جدا ونسيت أشياء كثيرة كنت أفكر فيها أهمها فقداني لرجل في حياتي وهو ما يؤلمني بشدة أحيانا كثيرة يا سيدي ولقد جهزت نفسي يوما لأحدث أبي مع وجود خلاف بيننا دون أن أرفع صوتي أو أتحدث بعصبية كعادتي ومرة أخرى كذلك مع إحدى صديقاتي وسعدت جدا وقررت أن أحاول فعلا أن أهدأ وإن شاء الله عند عودة أمي قريبا سأحاول أن أظل على هذا المنوال في اهتمامي بالبيت.
وأنا يا سيدي أشعر الآن ببعض الاستقرار على الرغم من أنه لا أحد يرى جميع الجوانب فزملائي في العمل الصباحي يظنونني مدللة لأن عملي كان بواسطة والعمل المسائي بالطبع لا مجال لإرهاق أو تقصير فيه وحتى أبي عندما أعود في الليل أو حتى في وسط النهار يطالبني بعمل أشياء زائدة في البيت لأنه يريد ترتيب البيت وما إلى ذلك وأنا أعلم أن ذلك نتيجة للفراغ فهو على المعاش منذ عدة سنوات وأنا أعلم ذلك ولكن أحيانا أتألم بيني وبين نفسي أنه لا يُقدر إرهاقي طوال اليوم
أما يا سيدي عن سؤالك عن معنى جملة شخص يعرف يتعامل معايا ويكون راجل بجد فاسمح لي يا سيدي أن أطيل عليك أكثر مما أطلت لأوضح بعض الأشياء في حياتي لتساعدك على فهمي أكثر وفهم مقصدي فأنا يا سيدي نشأت في أسرة من 4 إخوة 3منهم صبيان ونحن والحمد لله أنا وكل إخوتي على علاقات جيده جدا أما أبى يا سيدي فهو محل نقاش كبير، أنا يا سيدي لا أذكره جيدا قبل سن السبع سنوات أو بمعنى أصح لا أذكر أنني تضايقت منه في شيء حيث إنه في هذا السن سافر لإحدى الدول العربية لمدة ثلاث سنوات كنا نقضي معه شهرا منهم في أثناء الدراسة وعند نهاية الدراسة يذهب أول من ينتهي من امتحاناته إليه حتى ننهي كلنا الامتحانات ونذهب إليه حتى ميعاد أجازته يرجع معنا وهكذا أي أننا لم نتركه لنراه مرة كل شهر مثلما يحدث دائما في هذه الحالات ولكنه عاد يا سيدي بعد ثلاث سنوات فقط
وقال أن سبب عودته هو خطاب أرسلته إليه أقول فيه أن كل أصدقائي لهم أب ماعدا أنا فقال أنه تأثر به ورجع وكان الأحرى به بعد رجوعه أن يحتوينا ويقترب منا أكثر وكنا نحن خلال هذه السنوات اعتدنا أن نطلب كل شيء من أمي ونستأذنها هي وعند عودته أصبحت أمي تقول لنا لقد عاد أبوكم الآن فاستأذنوه هو ولكنه كان يقول دائما إذا وافقت ماما سأوافق وتصر أمي على أن نعتاد الطلب منه هو ويصر هو أيضا على رأيه حتى كنت أنا وأخي الصغير دائما في رايح جي عليهم هما الاثنين ولا يختلف ذلك إذا كنا داخل البيت أو خارجه في إحدى المحلات نريد شراء شيء وللحق يا سيدي فأنا أعلم أنه كان يفعل ذلك لأنه لا يريد أن يقول لا فنتضايق منه أو يقول آه ويصبح مخطئا أو مُدللا لنا مثلا ولقد اكتشفت هذا بعد فترة طبعا هذا بالإضافة إلى أنه كان سريع الغضب أيضا وأحيانا فعلا يتدخل في فرض رأيه في أشياء تضايقنا بجد فأظن أنه لم يعرف كيف يتعامل مع أي منا وبالطبع كان لإخوتي الكبار دائما شجاراتهم معه أراها وأسمعها منذ صغري وكان لي أخ أوسط رأيه كان يؤثر فيّ في صغرى فكان يا سيدي إذا أحبه تحدث عنه وعن نزاهته وعن الحق الذي أعاده لأهله في بلدته بعد زمن عندما تمكن من ذلك وإذا جاءت فترة بعدها ظل يعدد مساوءه وعندما سألته وماذا عن الحق الذي أعاده قال لي انظري كيف تحدثت عنه الناس بعدها
أي أنه كان يفعل ذلك حتى يثني الناس عليه كل هذا كان حتى بدايات المرحلة الثانوية يا سيدي أما بعد ذلك فكانت فترة شجارات كثيرة بيني وبينه حتى أنه ضربني على وجهي مرة أو مرتين خلال هذه الفترة وعند وصولي لنهاية المرحلة الثانوية يا سيدي تغير الكثير في حياتي فتزوجت أختي الكبرى وتركت البيت وبعد زواجها بعدة أشهر سافرت لإحدى الدول العربية ومازالت بها حتى الآن وتلاها أخي الأوسط الذي كان يحدثني عن أبي حيث سافر للعاصمة أما أخي الأكبر وهو أكثر واحد في إخوتي اقتنع برأيه جدا فقد كان قد سافر لإحدى الدول العربية لسنوات قليلة عاد بعدها عدة أشهر قليلة ليسافر هو أيضا للعاصمة فبقيت أنا وأخي التوأم وكانت له مشاكل كثيرة في البيت مع أبي وأمي وهما لكبر سنهما لم يقدرا عليه ولبعد إخوتي أيضا عنا فلم يستطع أحد التعامل معه بالشدة في الوقت المناسب أو اللين في وقته أيضا فقد كان أبي شديدا جدا عليه وأمي ما بين حنية شديدة معظم الوقت وغضب منه عندما تضيق بتصرفاته وهو غضب يفطر قلبها هي قبل أي حد وشدة أبي أيضا كانت كذلك وهو الآن منذ سنة ونصف سافر لبلد الفرص والأحلام وهو لم يقم بعمل شيء حتى الآن ولا أدري يا سيدي إلي أين سيذهب و أخي هذا يا سيدي كلما تذكرته بكيت لأنني لا أدري متى سيعود وأحيانا أشعر أنه لن يعود أبدا.
وهكذا يا سيدي ترى أنني عندما احتجت لأبي لم يكن موجودا أبدا رغم وجوده معي وتدخله في كثير من حياتنا ولكن في المواضع الخاطئة دائما وأنا أعلم يا سيدي أنه ليس سيئا ولكنني دائما أفضل أخي الأكبر عليه بشدة أما إخوتي فكلهم تقريبا كانوا قد تركوا البيت عند دخولي الكلية ماعدا أخي الصغير هذا وكانت له مشاكله كما سبق وقلت ولذلك يا سيدي كنت في الكلية أحاول أن أتعامل وحدي كما ذكرت لحضرتك من قبل وكثيرا كنت أبكي لأنني لا أجد شخصا أسأله في حياتي هذا غير افتقادي الشديد لإخوتي والذي كان يؤلمني في كل مرحلة بأشكال مختلفة فأنا أحب عائلتي جدا خصوصا وإنني الآن أفتقد كل ما كنا نفعله معا في المصايف مثلا أو المواسم حيث كنا نقوم بعمل الأكلات الخاصة بنا أو حتى عندما ينقطع النور ونظل نغني لعلي الحجار ومحمد منير وغيرهم معا فلقد اختفى كل ذلك يا سيدي الآن إلى الأبد والله يا سيدي إنني لأبكي الآن لتذكري لكل هذا وأريد أن أوضح لك شيئا يا سيدي أننا ليس لنا أي أقارب من أعمام أو أخوال في محافظتنا هذه فأبي وأمي كلاهما من محافظات مختلفة ولم يأت إلى هنا أي من إخوتهم فنحن هنا وحدنا تماما حتى عندما يمرض أبي أو أمي يكرمنا الله بأن يكون الآخر في صحة جيدة مؤقتا حتى يساعدني في شئوننا وإخوتي لا يستطيعون سوى المجيء من وقت لآخر ونحن والحمد لله علاقتنا معا جيدة جدا ولكن بُعد المسافات هذا يقتلني
حتى أنني يا سيدي أرفض أي عريس خارج مصر أو حتى في القاهرة حتى لا أترك أبي وأمي أنا أيضا حيث إن أبي لا يريد السفر للعاصمة على الإطلاق لأنها صاخبة جدا أن يبدأ بها الآن في هذا السن وأنا أقدر ذلك جيدا وأعلم أن له الحق فيه ولكن يا سيدي للأسف فهو وأمي دائما لا يكفون عن القول أنهم (ياللا حُسن الختام) وكأنهم ينتظرون موتهم في أي لحظة ولكن ليسوا وحدهم فأنا أيضا كذلك يا سيدي أصبحت في حالة تَحسب دائم فإذا تأخر أحدهم في النوم فأول ما يأتي في بالى أن يكون حدث له شيء وكذلك إذا تأخر في الخارج أو أي من هذه الأشياء فأصبحت في قلق دائم عليهم يا سيدي ويمتد الخوف والقلق على إخوتي أيضا إذا اتصلت بأحدهم فترة ولم يرد أو إذا تأخر أحد إخوتي في الخارج في الاتصال بنا فأبي وأمي يحملان القلق على إخوتي وإخوتي يحملان القلق على أبي وأمي أما أنا فالاثنين.
لهذه الظروف يا سيدي فأنا لا أريد أي شخص متخاذل فأنا أريد شخصا يعوضني إلى حد ما عن وحدتي وبُعد كل إخوتي عني غصب عني وعنهم فأنا يا سيدي أرفض مثلا أي ضابط جيش لأنه موجود لمدة أسبوع واحد وأسبوعين لا فكيف أعيش وحدي كل هذا الوقت هل أتزوج لأعود للوحدة مرة أخرى حتى أنني قلت لأمي ذات يوم أنك تريدنني أن أتزوج لتطمأني علي إذا حدث لك شيء فماذا لو حدث أي شيء واحتجت لزوجي في الليل مثلا لتعب أو ما شابهه إلى من سألجأ وأنا ليس لي أي إخوة هنا وأنا يا سيدي لا أريد رجلا أعتمد عليه كلية وأرمي عليه كل الحمول ولا أريد أيضا شخصا يرمي علي كل الحمول وهو ما رأيته كثيرا في زواج الصالونات حيث يكون أحد أسباب إعجابه بي أنني أعرف كيف أتصرف فأحس في كلامه أنه يريد الاعتماد علي كثيرا أكثر مما أريد أنا فأنا أريد يا سيدي شخصا يشاركني بكل ما تحمله الكلمة من معان وحينما قلت أريد شخصا يعرف كيف يتعامل معي فذلك لأنني رأيت أشخاصا في زواج الصالونات عندما نبدأ في اتخاذ خطوات في الارتباط يتحدث بكلام حلو اعتقاداً منه أنه سيضحك علي بهذه الكلمات وسيوقعني في حبه بسهوله فهم يا سيدي يستسهلونني ولا يعلمون أنني لست بهذه السذاجة وأن هذه الأسطوانات مشروخة بالنسبة لي.
أنا يا سيدي أريد شخصا يحترم ذكائي وشخصيتي ويعرف أنني مختلفة ولي خبرتي في الحياة رغم أنها ليست بالكبيرة للبعض إلا أنها أكبر مما يظن الكثيرون وأنا أشعر يا سيدي أن هذا يظهر في عيني وفي كلامي إذا ركز أحدهم في هذا ولكنهم دائما ما يكتفون بأن يروا فتاة جميلة على خلق من عائلة محترمة وقادرة على التصرف والتعامل فيكون هذا غاية المراد من رب العباد وينسوني أنا شخصيا في وسط كل هذا فهل هذا كثير يا سيدي؟
أما مجالات هواياتي والتي يمكن أن أقابل أحدا بها فعلى الرغم من أن وقتي الآن لا يسمح إلا أنني كنت أفعل ذلك من قبل ولكنني يا سيدي هواياتي كلها فنية وأدبية وهذا الوسط كما تعرف متحرر إلى حد ما فأنا يا سيدي وحسب ما جربت بنفسي تفكيري متحرر إلى حد ما بالنسبة لشخص ملتزم وملتزمة بالنسبة لشخص متحرر الفكر فتحرر الفكر كما تعلم يا سيدي هنا ليس به وسط إلا الكثير فهو تحرر من أي شيء فهناك كثير من الملحدين أو على الأقل الذين يفضلون التحرر من قيود الدين بشكل مبالغ فيه لا أقبله ولا أقبل أيضا الغلو في الدين فأنا كما قلت لحضرتك وسط وللأسف فالوسط في بلدنا الآن ليس بالكثير أو على الأقل هذا ما رأيته حتى الآن
ولا تقلق يا سيدي فأنا لن أتزوج لإرضاء أهلي أو لمجرد الزواج فقط وإلا كنت فعلتها منذ زمن وأرحت نفسي ولكنني صراحة يا سيدي في أعماقي فعلا أعلم أن الله سيرزقني بشخص به ما أريد ولن أتردد فيه كثيرا وسيكون قريبا من شخصيتي حتى أنني أحيانا أتساءل يا ترى ماذا يفعل الآن وهل هو وحيد مثلي أيضا أم أن الله أراد تأخير لقائنا حتى يتمم هو أشياء معينة في حياته سواء مادية أو معنوية فأنا مؤمنة يا سيدي أن تأخيري في الزواج له مزايا وهي أنني فهمت أكثر واستوعبت أكثر العلاقات بين الرجل والمرأة خاصة عندما بدأت صديقاتي المقربات في الارتباط فكانت الأشياء أمامي وأفكر في حلولها دائما لهن وأكتسب خبرة في كل ذلك وأنضج أكثر فأكثر فبالتأكيد هو أيضا يحدث معه نفس الشيء بشكل أو بآخر.
أما الآن فأظن أنه يكفي الصداع الذي سببته لحضرتك من طول خطابي هذه المرة ولكنني فعلا سعيدة جدا أنني أخرجت كل هذا وسعيدة جدا أن حضرتك تستمع لي وشكرا مرة أخرى وآسفة مرة ثانية على الإطالة.
و شكرا.
22/4/2004
رد المستشار
صديقتي العزيزة، التذبذب في الصلاة أمر يواجهنا جميعا بشتى الطرق وبشتى الأشكال.
قد يواظب الإنسان على طقوس الصلاة ولكنها تخلو من التركيز الجيد أو الخشوع.. من المعروف والدارج أيضا أن الإيمان يزيد و ينقص... لا داعي للشعور بالذنب.. الصلاة هي صلة ومقابلة مع الله وقد أعطانا الله بحكمته ورحمته الحرية في متى نبدأ المقابلة (ضمن مواقيت الصلاة أو في النوافل) ومتى ننهيها أو متى نختم الصلاة... فما الذي يجعل الإنسان يتذبذب في رغبته في هذه المقابلة؟؟.. قد يكون مجرد غضب من وضع ما وأساس هذا الغضب أن الإنسان قد يحس بأن الله قد وضعه في وضع صعب (لماذا يحدث لي كل هذا وأنا إنسان طيب؟).. قد يغضب الإنسان من الله بسبب عدم فهمه لحكمة الله في الأمور ثم يغضب من نفسه ويحس بالذنب لارتكابه جريمة أو معصية الغضب من الله.. وبما أنه لا يجرؤ على الاعتراف لنفسه بهذا الغضب فإنه يغضب من نفسه أكثر وأكثر مما يجعله يحس بعدم استحقاقه لمقابلة الله في الصلاة ويعزف عنها...
كل هذه الصراعات تسبب العصبية التي تشيرين إليها أو على الأقل جزء منها والتي لا تعرفين سببها لكبتك هذه المشاعر والخوف من وجودها بداخلك... بدلا من كل هذا الصراع، ابدئي في تذكرة نفسك بأن "مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً" وبأنه "عَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ" وبأن "ما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو"... من المهم جدا أن نعرف جميعا أن الله معنا وأنه يحبنا ورحيم بنا مهما فعلنا... وبمناسبة التذبذب فإن الله عز و جل قال في نبيه داود "نعم العبد إنه أواب" أي كثير الرجوع إلى الله.. أليس في هذا المعنى الضمني أنه أيضا كان كثير الذهاب.. فإن كان نبيا يتذبذب ويكثر في الذهاب والإياب ويصفه الله بأنه "نعم العبد"، فحري بنا أن نترفق في حكمنا على إيماننا والتزامنا ولكن بدون أن نتقاعس أو أن ندلل أنفسنا إلى حد الفساد.
العصبية أيضا هي غضب ممزوج بمحاولة للسيطرة على الموقف مع عدم معرفة كيفية صحية وصحيحة لهذه السيطرة... وما تفعلينه الآن من مراقبة نفسك وعصبيتك ومناقشة نفسك فيها ومحاولة تقويم سلوكك هو عين العقل وهو الأسلوب الصحي الجيد في مواجهة الأمور وتنمية الذكاء الاجتماعي والعاطفي والنفسي.. هذا في رأيي هو جهاد النفس الحقيقي.... تقبلي أنك لن تقدري على تغيير الحياة أو الآخرين أو الظروف ولكنك قادرة على تغيير كيفية التعامل مع كل هذا.
بالنسبة لوالدك وتحامله عليك فإنك تتعاملين مع الأمر بمنتهى الحكمة ولكن لديك الحق في أن تغضبي لعدم تقديره لتعبك أو مجهودك ولعدم اهتمامه بأشياء أخرى تملأ فراغه غير إصدار الأوامر بطريقة "الفاضي يعمل قاضي".. لماذا لا تقترحين عليه الاشتراك في نشاطات مفيدة له وللآخرين وتكون متعلقة بخبرته في العمل والحياة؟؟
من ناحية الزواج والأزواج فأنا أوافقك الرأي كلية وأرجو أن تستمري على أسلوبك الراقي الوسطي الواعي.. سوف يظهر في حياتك هذا الرجل وسوف تقابلينه ويقابلك من خلال ممارسة الحياة والهوايات.. قد يكون أغلب من حولك لا يناسبونك ولكنك لا تبحثين عن الدارج والأغلب وإنما تبحثين عن شخص معين وذي صفات خاصة.. لماذا لا تحضرين قائمة بمواصفات فتى أحلامك؟... لقد ذكرت أنك تريدينه متعاونا ومشاركا وليس متخاذلا أي أن يكون مقداما... أرجو أن تحضري قائمة كتابية وأرجو أن تحرصي على استخدام الصيغة الإيجابية مثلما فعلت أنا هنا: أن تقولي "يكون مقداما" بدلا من أن تقولي "ليس متخاذلا".. أعتقد مثلا أنك تريدينه حنونا، متفهما، ومثقفا، واسع الأفق، فنانا (ولو في مجال آخر)، ملتزما، معتدلا، صبورا.. إلخ.
بعد ذلك نمي في نفسك هذه الصفات بنفس القدر الذي تريدينه في فتى الأحلام.. فالطيور على أشكالها تقع أو تتجمع وتتجاذب.
بعد ذلك اسألي نفسك ما هو التغيير الذي تتوقعينه في نفسك وفي أحاسيسك وفي تعاملك مع الحياة والناس والمشاكل إذا كان فتى أحلامك معك وتزوجك فعلا...
ثم نمي في نفسك هذه التغييرات الآن... عندما تفعلين هذا وتصبح هذه الشخصية الجديدة هي المعتاد سوف تفاجئين بظهور العديد من المعجبين الذين يريدون التقرب إليك...
وهنا سوف تكون مشكلتك الوحيدة هي الصبر والانتظار حتى تصطفي منهم فارس أحلامك الحقيقي..
فالكثير منهم سوف يكونون مزيفين أو غير ملائمين.. خذي وقتك في دراسة الشخص... ستة أشهر على الأقل من التعامل في مختلف المجالات مع ملاحظة كيف يتعامل مع الآخرين وخصوصا من هم أقل منه في المستوى وفي القدر..
إن عامل هؤلاء بكرم أخلاق حقيقي فهو كريم الأخلاق....
هذه هي خطوات الأخذ بالأسباب في مسألة الزواج والارتباط.
احذري أيضا من ارتباطك بالطفولة وذكرياتها..
إن الشيء الثابت في الكون هو التغيير والله هو الوحيد الذي لا يتغير.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.