وسواس الطهارة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا مصاب بوسواس الطهارة والحمد لله وأجاهده أحيانا أتغلب عليه وأحيانا يتغلب علي ولكن في يوم أعطاني شخص بنطال وارتديته وصليت به عدة صلوات وعندما أغتسل أرتديه وهنا حصلت الفاجعة لأني عندها رأيت صورة والشخص هذا يضع على البنطال كلب صغير وعندها كبر جهدي وغسلت كل بناطيلي التي ارتديتها بالتراب والماء وتعبت كثيراً كثيرا والله شاهد على ما أقول وإلى الآن لا تزال تبعاتها علي فتعبت والله كثيرا.
إخواني جزاكم الله خيرا أريد حلاً لعلاج الوسواس بدون أدوية لأنكم تعرفون وضع العراق ولا يوجد عندنا أطباء نفسيين، وإنني أظن أن الوسواس الذي بي ليس بالقهري لأني أنتصر عليه أحيانا ولله الحمد، فأعتمد على الله ثم عليكم والسلام عليكم ورحمة الله. وهناك عدة وساوس لم أذكرها لضيق الوقت وكلها متعلقة بالطهارة والنجاسة وإزالة النجاسة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا مصاب بوسواس الطهاره وأشك كثيراً بأن ملابسي نجسة وبالرغم من أني متأكد أنها غير نجسة تبقى الفكرة تلح برأسي كثيرا إلى أن أغسل الملابس فتنطفئ الفكرة وتعود فكرة أقوى إلى أن وصل بي الحال أن أطهر النجاسة وأشك أنها طهرت أم لا وهكذا وخصوصا بنطال الجينز لا يعصر فأتعذب كثيرا وعندها بدأت أقاوم الوسواس وتغلبت عليه بعض الشيء ولكن أحس أن صلاتي غير صحيحة وأحس أن ثيابي نجسة وستبطل صلاتي لا أعرف لماذا وأصاب بالملل كثيرا
فأرجو أن تعطوني برنامج علاجي
وأنا إن شاء الله سأحاول تطبيقه. لكي أتخلص من هذا الوسواس وأرتاح إن شاء الله.
20/02/2014
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "محمد"؛
أعانكم الله، العراق تدمي القلب، لا أنساها عندما كنت طفلة كيف كانت، ولا أنسى مجلات الأطفال الرائعة التي كانت تأتينا منها (مجلتي والمزمار) وكذلك الأناشيد الحلوة التي كنت أحبها...
وعندما كبرت لا أنسى كيف كانت قوية في كل شيء، وكيف أصبحت...
فاحمد ربك أن عقلك ما زال معك، وأن ما بك وسواس فحسب!
بعد هذه المقدمة التراجيدية، أجيبك عن مسألة الكلب أولًا ثم أنتقل للمشكلة الأساسية.
صورة الكلب لا تعني بالضرورة أن البنطال نجس، الكلب إن كان جافًا لا تنتقل نجاسته إلى غيره بالإجماع؛ فما أدراك أن الكلب جلس على البنطال وهو مبتل؟ أو ما أدراك أن لعابه أصاب البنطال؟ فالأصل أن البنطال طاهر، ولا نحكم بنجاسته إلا عن يقين، واليقين معدوم هنا، وإنما يحتمل أن توجد النجاسة ويحتمل لا.
وسألخص لك المذاهب تتميمًا للفائدة:
الحنيفية: قالوا إن الكلب ليس بنجس العين (أي الذات) فجسمه ليس بنجس، وإن ابتل الكلب لا ينجس ما لامسه بعد ذلك، وقالوا إن النجس لعابه ورطوباته الخارجة منه، ويكون التطهير منها كسائر النجاسات، أي لا يحتاج الأمر إلى الغسل سبعًا أو إلى استعمال التراب.
المالكية: الكلب عندهم طاهر حال حياته هو ولعابه ودمعه ومخاطه وعرقه... (بل يؤكل أيضًا مع الكراهة)، ولا يجب التطهير منه، ويندب (ولا يجب) أن يغسل الإناء سبعًا إذا ولغ الكلب فيه (أي حرك لسانه في الماء داخله)، أما إذا سال لعابه في الماء، أو لعق جوانب الإناء فقط... فلا يندب الغسل!
الشافعية: الكلب نجس العين وكذلك كل ما خرج منه، ونجاسته مغلظة، لا تطهر إلا بالغسل سبع مرات بالماء ويجعل التراب مع إحدى هذه الغسلات، والأفضل أن تكون الأولى.
الحنابلة: مثل الشافعية، غير أنهم قالوا يمكن استعمال أي شيء مزيل بدل التراب، كالصابون والإشنان وغيرهما.
عندما يقرأ المرء هذا التنوع في الأحكام، واليسر الكبير في بعضها يشعر بارتياح كبير، ولا سيما إن وجد أن تطبيق الأفضل والأكمل في أيامنا هذه شبه مستحيل، وأنه يجلب مشقة بالغة لا يمكن تحملها.
إنسَى يا محمد قصة الكلب ونجاسته، فكل شيء انتهى وعاد طاهرًا وفق مذهبين على الأقل هذا إن فرضنا يقين تنجسه من قبل.
أما الشق الثاني من السؤال الذي يبدو أنه أرسل متأخرًا عن الأول، فموضوعه طلب برنامج علاجي للتخلص من وسواس النجاسة.
ملخص أيِّ برنامج علاجي سلوكي للوسواس القهري: التعرض للمثير مع ترك الاستجابة.
وغالبًا في حالات الوسواس القهري الديني، لابدّ قبل العلاج السلوكي من علاج معرفي يصحح الأفكار، حيث يتم تعليم الموسوس الأحكام الصحيحة وإحلالها بدلا من ما كان يظنه صوابًا، وكذلك تغيير الفهم العام للدين والأحكام الشرعية ككل.
مثلًا: يتعبك بنطال الجينز لأنه لا يُعصر ---> تظن أنه لابدّ من العصر لأجل حصول الطهارة ---> تصحيح الحكم: لا يشترط العصر لحصول الطهارة بل يكفي إزالة شيء من الماء على الثوب.
ويتم فهم هذا ضمن الإطار العام للتيسير في الدين وبعده عن الحرج وإيقاع الناس في المشقة، ويقاس على هذا أمثلة أخرى للتيسير، مثلًا: مسألة نجاسة الكلب السابقة:
1- لا يتنجس البنطال شرعًا بمجرد رؤيتك لكلب جالس عليه، في الصورة أو في الواقع، ولا يجب عليك تطهيره لصحة الصلاة.
2- لو تنجس الثوب يقينًا بنجاسة الكلب لا يشترط لصحة صلاتك أن تغسله سبع مرات إحداهن بالتراب، يمكنك أن تقلد من لا يجعل الكلب نجسًا أصلًا، فلا تطهر الثوب نهائيًا وتكون صلاتك صحيحة، ويمكنك أن تقلد من يقول بأن تطهير النجاسة الكلبية كتطهير غيرها لا يشترط فيها التراب ولا التسبيع.
بعد هذا التصحيح المعرفي يأتي العلاج السلوكي:
1- لا تطع رغبتك بغسل الثوب بمجرد الشك (يا ترى هل تنجس؟ ربما هو متنجس..)، واصبر على القلق مهما اشتد عليك، والمثابرة على ذلك كفيلة بالقضاء على الوسواس خلال 15 يومًا.
2- إذا تيقنت حصول النجاسة (100%)، اغسل الثوب مرة واحدة.
3- صلِّ بالثياب التي تشك أنها نجسة! فباعتبارك لم تتيقن نجاستها، أو قمت بتطهيرها بعد تيقنك من نجاستها مرة كما أمر الشرع؛ فإن كل شك بعد هذا وسواس يجب أن يُعصى... كلما جاءك الوسواس قل: الثوب طاهر، والشعور وسواس، وعليّ ألا أطيع الوسواس ثم أهمل الفكرة نهائيًا... أعني انشغل بغيرها ولا تناقشها صحيحة أم لا، فورًا اقطع التفكير...
إن ألحّت الفكرة أكثر يمكنك أن تقطعها بطريقة أخرى بقولك: نعم ثوبي نجس، وأريد أن أصلي فيه... وصلاتي غير مقبولة ولن أعيدها! تقف عند هذا الحد وتقطع التفكير وتنشغل بما تقوم به في صلاتك ثم عندما تسلم انهض من مكانك فورًا وانشغل بعمل آخر.
وإن استطعت في الأيام الحارة أن تصلي بثوبك الذي تشك في طهارته، وهو مبلول، فافعل.
هذا ما يمكنني الإجابة به على سؤالك المقتضب العام، ويمكنك الرجوع إلى برامج العلاج الذاتي للوسواس القهري، وإلى مقالات منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري، وجميع هذا موجود في طيف الوسواس القهري على الموقع.
أسأل الله لك المعونة والشفاء التام.
واقرأ أيضًا:
وسوسة من النجاسة: الكلب والشك والتكرار!
وساوس نجاسة الكلاب