ماذا أفعل... لعلاج أختي
الحمد لله وبعد: جزاكم الله عن الأمة الإسلامية وعنا كل خير, حيث أنتم الملجأ لنا من خلال استشاراتكم, حيث إنني ليس عندي ثقة في غيركم خاصة في علم النفس وذلك لوجود الالتزام عندكم...سأدخل في الموضوع مباشرة وأرجو أن تتحملوني للإطالة.
المشكلة هي مشكلة أختي بدأت قبل حوالي 16سنة حسب تقدير الوالدة وتحليلها, وهي أن أختي عندما كان عمرها 18سنة كنا في الكويت وقتها ذهبت إلى طبيب الأسنان لتقويم أسنانها وكان فكها صغيرا وكانت طواحين العقل غير بارزة أصلا, فعمد الطبيب إلى استخدام آلة تشبه بتعبير أمي (الدرل الذي يستخدم لحفر الحائط) وذلك لخلع طاحونة العقل قبل أن تبرز.... المهم بعد هذه العمل بدأت أختي تتغير تدريجيا من حيث عصبيتها فأختي بعد أن كانت مضرب مثل في دراستها وحلمها وأخلاقها حيث كانت والله العظيم مثالا للجمال والطالبة المتفوقة وكانت دائما الأولى في مدرستها كانت كل معلمة تقول لها قولي لأمك هنيالك فيكي,.. المهم وبعد أن صارت أحداث الخليج جئنا إلى الأردن في الـ91, وكانت أختي كل فترة وفترة تصدر منها تصرفات غريبة من حيث الغضب غير الطبيعي والشر الكبير وطبعا أكملت دراستها في الأردن ومع ذلك كانت متفوقة في دراستها حيث درست دبلوم تغذية وأبدعت النسيج والخياطة وأبدعت الطبخ, وكانت والله متفوقة...
وتزوجت وسافرت إلى الضفة الغربية مع زوجها وبعد حوالي سنة من زواجها _أي قبل حوالي 8سنوات_ أصبحنا نسمع كلاما عن أختي أنها معمول لها عمل (سحر) وطبعا امتد الموضوع وكبر فأختي كانت كل يوم في الليل توقظ زوجها من النوم وكل ما ينام توقظه وهكذا.... تطلقت أختي...... وعلمنا أن هناك كانوا يأخذونها إلى مشعوذين وكانوا يضربونها ويقولون لها اخرج منها وهكذا.. وبعد طلاقها رفعنا قضية حضانة في الضفة وأخذت أختي بنتها وهما الآن عندنا.
وجاءت عندنا إلى الأردن ولكنها كانت لما جاءت غير طبيعية نهائيا.... دائمة الغضب وأصبحت تسب أمي... وتتفوه كلاما لا يقال.... وكان طعامها قليلا وإذا مر أحد من جانبها قالت له "في اشي" أو "كم الساعة" وتظل وراءه حتى يقول لها عبارة معينة مثلا "ما في اشي" أو شيء من هذا القبيل... وكل شوي تصرخ وتقول كم الساعة...... ليست هذه أختي التي عرفناها... الحمد لله على كل حال.
ومرت فترة حوالي سنة وأختي كل ليلة تشرب حبوبا فاليوم بتركيز قليل (كمهدءات) وبعد فترة أخذاها والداي قبل حوالي 4سنوات فأنا كنت صغيرا في العمر، عمري الآن 22 إلى طبيب نفسي معروف في الأردن اسمه.............. ودفعنا له مبالغ كبيرة جدا.... المهم ما عرفته أنه كان يعطيها جلسات لا أعرف ما هي ولا ماهيتها وإنما سمعت من أمي عنها وهناك إبرة ضد الفصام كأنها على ما أظن clopixol 200mg وهذه الإبرة كانت تجعلها هادئة وطبيعية لمدة حوالي ثلاثة أشهر -لا أدري إن كانت الجلسة هي نفسها الإبرة أم لا-.... وطبعا الطب النفسي غالي جدا عندنا.... انقطعت فترة عن أخذ الإبرة لغلائها... وأصبحت تأخذ كل ليلة حبة كلوبكسول 3ملغ إلى أن انقطع من السوق، أخذناها إلى عيادة الطب النفسي الحكومي وبالتحايل عليها وفتحنا لها ملفا بالحكومة وأصبحنا نتحايل عليها كل شهر وتأخذ هذه الإبرة الكلوبكسول200ملغ ولكنها لا تكفيها الشهر حيث قبل نهاية الشهر ترجع تصرخ كما أننا لا نستطيع أن نتكلم معها.
إخوتي الأحباب أطلت عليكم ولكن الله وحده يعلم الحال..... سؤالي هو:
أختي كانت عاقلة تماما وكانت مثالا يحتذى به كما قلت لكم... هل ما حدث معها هو جنون الفصام أم أنه السحر كما يقال لي أحيانا كثيرة أم أنها العين؟
وإن كان الفصام كما صنفها الدكتور........... فما سببه وهل يمكن أن يكون خلع طاحونة العقل سببا لذلك وأن يكون قد أثر على أعصاب الدماغ أم ماذا؟
والسؤال الأهم الذي أرجو منكم أن لا تبخلوا علي فيه هو ماذا أعمل كيف تشفى أختى خاصة أن والدي كبرا في العمر 75عام... علما بأنه ليس لي غير أخ واحد أكبر مني 24وباقي إخوتي من البنات ولا أظنهن قادرات على مساعدتي أو أنني حتى أخاف كثيرا على نفسيتهن؟
وهل إبرة الكلوبكسول تعمل نوعا من الإدمان وتصبح غير مفيدة بعد فترة أم ماذا؟
فأنا في حيرة من أمري ووالله ليس لي غيركم ناصح أمين دلوني ماذا أفعل وعند من..... وسأفعله بالضبط وبالتفاصيل؟
......فأختي أحيانا تصبح خطرا على بنتها التي عمرها 6سنوات والتي أبوها لم يتعرف عليها من يوم ما جاءت إلى الأردن وتصبح خطرا على أمي الحبيبة وعلى إخواتي...... أنا على يقين أنكم لن تخذلوني... بتوضيح إجابتكم بالتفاصيل.............. فجزاكم الله خيرا على جهدكم المبارك.... وبارك فيكم.
وأنا على يقين أولا وآخرا أن هذا ابتلاء من الله والحمد لله على كل حال.
بانتظار ردكم على أحر من الجمر.
14/05/2004
رد المستشار
أخي الفاضل: أشكرك على ثقتك فى موقعنا وأعتذر عن التأخير فى الرد لظرف خارجة عن إرادتي.
بادئ ذي بدء لا أدري لماذا قررتم الذهاب لطبيب الأسنان هل لبروز أسنانها نظرا لصغر فكيها أم لسبب آخر، وهل كان ذلك برغبتها أم برغبة من الوالدة وهل استوضحتم من طبيب الأسنان لماذا قرر خلع طاحونة العقل قبل بروزها.... هل هذا سوف يساعد في عملية التقويم أم لسبب آخر؟
المهم أن التغير التدريجي من حيث عصبيتها ليس له علاقة مباشرة بخلع أسنان أختك ولكن مثل هذه الأمراض عادة ما تحدث في مثل هذا السن (سن المراهقة) حيث تزداد العديد من الضغوط على الشاب أو الفتاة ومنها الضغوط البيولوجية مثل النمو الجسدي وزيادة إفراز الهرمونات وخصوصا التي تتعلق بالتكوين الجنسي للفرد والضغوط النفسية ومنها تحديد الهوية والانتماء ومحاولة إيجاد مكان للفرد بين أفراد جنسه وتحديد علاقته بالجنس الآخر ثم تأتي بعد ذلك الضغوط الاجتماعية من أسرة أو مدرسة أو أي أحداث أخرى فتساعد الفرد على النمو والنضج أو تؤدي به إلى المرض.
فأختك بعد أن كانت مضرب مثل في دراستها وحلمها وأخلاقها ورغم أنك لم تكمل وصفك لشخصية أختك قبل المرض فأنا أظن –بالرغم من أنك ترى أختك فى قمة الكمال- فنرى نحن الأطباء أن هذا من نُذُرِ الأمراض فى مثل هذه الشخصيات التى عادة لا تهتم بشيء في حياتها غير الطاعة للوالدين والمدرسين والاهتمام الدراسي حيث يعتبر الشخص ذلك وسيلة دفاعية اتقاءً من التعري فينكشف أمره فيرى الناس ما يعانيه من رعب ويتشفوا فيه فإذا نجحت وسيلة الدفاع كان بها وتقوقع حول ذاته وقلص علاقاته الاجتماعية حتى يطبق المثل "يا نحلة لا أريد منك عسلا ولا تقرصيني" وعندما يفشل يبدأ فى الثورة لأقل مثير ويصبح حساسا للمحيطين به والأكثر إذا تعرض لضغط خارجي كبير كأحداث الخليج والانتقال إلي مكان آخر كالأردن فتظهر علامات المرض "كل فترة وفترة تصدر منها تصرفات غريبة من حيث الغضب غير الطبيعي والشر الكبير" ونظرا للترابط الشديد بالأسرة كحبك واهتمام والدتها بها "أكملت دراستها في الأردن ومع ذلك كانت متفوقة في دراستها حيث درست دبلوم تغذية وأبدعت النسيج والخياطة وأبدعت الطبخ لدرجة التفوق"...
وجاء الزواج بما فيه مسئولية وانكشف الغطاء الذي كان يحميها فى صورة الأسرة الحانية والأم المهتمة في مقابل الزوج الذي له طلبات خاصة وطموحات من الزوجة التي ستصبح أما لأولاده. فزادت الضغوط على هذا الكيان الضعيف التكوين في الأصل وظهر عليها المرض ببشاعته وكالعادة لانجد في مجتمعاتنا تفسيرا لذلك غير أن المريضة معمول لها عمل (سحر) وطبعا امتد الموضوع وكبر لدرجة أنها كل يوم في الليل تصحي زوجها من النوم وكل ما ينام توقظه وهكذا.... وبطبيعة الحال لم يتحمل الزوج هذا الإرهاق حيث إن الحياة أصبحت جزءاً من بل جهنم ذاتها ونتيجة ذلك كان الطلاق......
وتتحمل هي نتيجة أفكارنا وعاداتنا والتي لم ينزل الله بها من سلطان فكانوا يأخذونها إلى مشعوذين وكانوا يضربونها ويقولون لها اخرج منها وهكذا.. وبعد طلاقها رفعنا قضية حضانة في الضفة وأخذت أختي بنتها وهما الآن عندنا.
وبطبيعة الحال عندما تشتعل النيران ولاتجد من يطفئها فيستمر الاشتعال حتى أن تنطفىء النار بنفسها أو تأكل ما حولها وهكذا كان حال مريضتنا المسكينة فعادت إلى الأردن ولكنها كانت لما جاءت غير طبيعية نهائيا.... دائمة الغضب وأصبحت تسب الأم... وتتفوه كلاما لا يقال.... وكان طعامها قليلا وإذا مر أحد من جانبها قالت له "في اشي" أو "كم الساعة" وتظل وراءه حتى يقول لها عبارة معينة مثلا "ما في اشي" أو شيء من هذا القبيل ...وتصرخ وتقول كم الساعة...... وبطبيعة الحال تبدلت المسكينة لدرجة أن أهلها أنكروا الكيان الجديد حيث إنه ليس ابنتهم التى عرفوها من قبل...
وأما عن قصة العلاج فكانت هي الحسنة التي حاولتم تقديمها لمثل هذه المسكينة برغم ارتفاع سعر العلاج. وأنا من خلال هذا الموقع أدعو أمتنا الإسلامية قاطبة (حكاما ومحكومين) أن تهتم بمرضاها وهذا أقل القليل في هذه الأيام الصعبة لاكتساب مرضاة الله الذي سوف نقف أمامه جميعا ولن ينفعنا شيء إلا ما يصاحبنا من أعمال ورحمته.
وأخيرا فيا أخي الكريم سوف أرد على أسئلتك على قدر استطاعتي عسى أن تستفيد منها وغيرك ممن يمرون بنفس الظرف القاسي وأرجو أن يخفف الله ويرحم…..
1. أنا كطبيب أؤمن أولا بأن علاج المريض واجب ليس لأنه خطر علي أو على غيري –مهما كان عنيفا- ولكن لأنه حقه علي فأنا أتصور دائما أن ما يحدث لمريضي يمكن حدوثه لي وفي وقتها أتمنى أن يهتم بي أحد.
2. أنا كآدمي أرفض ضرب المريض بأي حال من الأحوال وتحت أي مسمى من المسميات (العلاج) وطرق إعادة تقويم سلوك المريض متعددة وليس فيها عنف بأي حال كما حدث مع المشعوذين. فبربك كيف يكرم الله ابن آدم بسجود الملائكة له ثم نأتي نحن ونهينه أو نعاقبه على مرضه الذي ليس له ذنب فيه.
3. برغم أنني أتعامل مع المرضى كبشر ولا أميل إلى"أكلشة" مرضاي بالفصامي أو المهووس ولكن اضطرارا للتواصل فنحن نسمي الأمراض وليس الأشخاص. ولذا فما مرت به أختك هو مرض ذهاني (عقلي) يسمى اضطراب الفصام (النوع الوهامي أو "الضلالي").
4. مرض الفصام له أسباب متعددة منها البيولوجي (الوراثي والهرموني والكيميائي والمناعي) أو النفسي (السلوكي والدينامي) والاجتماعي (الأسري والبيئي). وهو بعيد كل البعد عن السحر والعين وخلافه ونحن كعلماء لنا الظواهر العلمية والتي ثبت تأكيدها في مثل هذه الأمراض.
5. ليس هناك علاقة مباشرة مابين خلع الضرس والمرض كما قلت سابقا ولكن الألم الناشيء عن الخلع قد يمثل ضغطا يضاف على ضغوط أخرى لإظهار علامات المرض.
6. أما ماذا تفعل تجاه أختك فهو الاستمرار على العلاج وإعطاء الحقنة كل ثلاثة أسابيع وممكن أن يضاف إليها علاجات أخرى. وإن لم يكن في الاستطاعة فيفضل أن تودع إحدى المستشفيات النفسية الحكومية لحين تحسين أحوالها ثم تعالج بعد ذلك في منزلها ووسط أهلها ولكن بصفة مستمرة حيث إنه توجد نسبة25%فقط التي تشفي تقريبا من المرض ونسبة50%التي تتعدل أحوالهم الصحية ولكن مع وجود بعض الأعراض ويسمى مرضهم في هذه الحالة "بالفصام المتبقي" وأما ال25%المتبقية فيصيرون من المرضى المزمنين.
7. طالما أنت مستمر على حقنة الكلوبكسول فالحالة مستقرة وإذا قطعتها عاود المرض نشاطه كمرض الضغط والسكر. وأما الحقنة فلا تفقد تأثيرها مع الوقت وليس لها علاقة بأدوية الإدمان من قريب أو بعيد.
8. في فترة الخطر على نفسها وابنتها أو إخوتها كما قلت لك سابقا، الأفضل أن تدخل مصحة نفسية لحين استقرار الحالة وبعد ذلك يستمر العلاج بينكم ويعاد تأهيلها للحياة تدريجيا ويوضع لها برنامج خاص لذلك.
شفى الله أختك ….. وطمئن الله قلبك وقلب أسرتك ….. والله خير ولي.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الأخ العزيز أهلا وسهلا بك على مجانين، الحقيقة أن أخي الدكتور السيد صالح قد غطى جوانب استشارتك كاملةً وليس لدي غير أن أحيلك إلى بعض الروابط من على صفحتنا استشارات مجانين عن الفصـــام، وعن المفاهيم المغلوطة الشائعة في مجتمعاتنا عن الطب النفسي وعن المرض النفسي وعلاجه، فانقر العناوين التالية بالفأرة من فضلك:
الفصام المزمن وأعراضه السالبة م
ما هو الفصام ؟ الرد بعد المعلومات !
بعد ظلمة نفسي وانقطاع رجائي : عاشقة الفصام !!
الصوفية والفصام : محاولة للفهم م
الفصام الوجداني : والمآل ما بين بين
الفصام الوجداني لا الاكتئاب !
الأدوية النفسية هي مجرد مسكنات ومنومات
كيف لعقار مادي محسوس أنْ يعالج معاناة نفسية غير محسوسة؟
الأمراض النفسية لا شفاء منها
العلاج النفسي مجرد جلسات كلام
المرض النفسي لا يصيب المؤمن القوي
الأمراض النفسية أعراضها نفسية بحتة ولا تأخذُ شكلاًعضويًا
لا فائدة من علاج المرض النفسي دون حل للمشكلات الحياتية
حيرة مريض نفسي بين الطب والغيب
الأمراض النفسية كلها بسبب المس و التلبس بالجن
الطب النفسي ينكر أثر القرآن في العلاج وينكر الجن والسحر والعين
الطبيب النفسي سيدخلك في الدوامة فاحذرْ منه
الطب النفسي إفراز غربي لا يمت إلى الإسلام بصلة
البركة أم اللعنة ؟! الدين ومجتمع المعرفة
أتمنى أن تتابعوا رعاية أختك بالمواظبة على العلاج والله هو الشافي ونعتذر مرةً أخرى لغيابنا في الرد عليك، وأهلا بك دائما على مجانين فتابعنا بالتطورات.