أحقن نفسي يوميا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ مشكلتي تتلخص في أنني أعاني من الرغبة المؤقتة في حقن نفسي بالإبر واستخراج بعض الدم، أحيانا أشعر برغبة شديدة في ذلك فآخذ إبرة -أنا متمرسة في الحقن لأن والدتي دكتورة تحاليل وعلمتني ذلك وأنا صغيرة- ولكن عند وخز نفسي بالإبرة لا أشعر بأي ألم مكان الوخز بل أحيانا أقوم بتغيير مكان الإبرة أكثر من مرة لرغبتي في سحب كمية أكبر من الدم.
والمشكلة أنني أشعر بألم شديد بعد الوخز بعشر دقائق ويستمر هذا الألم إلى أكثر من يوم، مع العلم أنني كنت أمارس هذه العادة منذ أكثر من سنة بالقليل بمعدل مرة كل شهر، والآن ومنذ شهر وأنا أمارسها كل يوم مرتين على الأقل.
أرجو الإفادة
وشكرا.
16/05/2004
رد المستشار
الأخت العزيزة، أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، وشكرا جزيلا على ثقتك؛
الحقيقة أن إيذاء النفس المتكرر Repetitive Self Injury، هو أحد الأعراض النفسية (أو الاضطرابات) التي بدأ الاهتمام بها حديثا نظرا لتكرار الشكوى منها، وأحدثُ التوجهات في النظر إليها هو اعتبارها أحد اضطرابات نطاق الوسواس القهري ضمن فئة اضطرابات العادات والنزوات Habit & Impulse Disorders أو اضطرابات التحكم في الاندفاع Impulse Control Disorders حيث يشعر المريض/المريضة برغبة عارمة في إيذاء الجسد بالشكل الذي اعتاد عليه،
ورغم معرفته بكل ما قد ينجم عن ذلك من أضرار إلا أنه لا يستطيع مقاومة الرغبة الملحة (والتي تشبه هنا الفكرة التسلطية) في القيام بذلك الفعل (والمتمثل في الحقن وسحب الدم في حالتك)
وعادة لا يشعر بالألم أثناء أدائه لفعل إيذاء الجسد (والذي يقوم مقام الفعل القهري)، بل إن بعض الحالات يشتكين من أن لفعل إيذاء الجسد متعة شديدة تصل في بعض الأحيان إلى ما يشبه الإرجاز، ومن الممكن أن يكونُ إحداث الإيذاء بالحقن وسحب الدم كما في حالتك أو يكونُ باستخدام آلة حادة للقطع أو التشريط، وأحيانا بإحداث جرح ونكئه كلما بدأ يندمل وأحيانا يكونُ بالحرق لجزء من الجلد وهكذا، والغريب في جميع الأحوال هو أن تكرار مثل هذا الفعل يدفع بصاحبه إلى شكل من أشكال التعود أو الإدمان، وليس مفهوما على وجه الدقة بعد كيف ينعدم الألم المصاحب لتلك الأفعال أو كيف ينقلب الفعل المؤلم إلى فعل ممتع كما يحدثُ في بعض الأحيان.
أنت طبعا لم تذكري لنا أي معلومات نستطيع بها تفهم الإمراضية النفسية Psychopathology لحالتك، فلا ندري شيئا عن طفولتك ولا علاقتك بوالديك ولا إن كنت أخبرت أحدا بما تفعلينه في نفسك أم تراك تفعلينه في السر دون أن يدري بك أحد وهل لم تلاحظ والدتك آثار الحقن؟
كل هذه أسئلة من المهم أن نعرف الإجابة عليها قبل أن نخوض في تحليل النص الإليكتروني الذي أرسلته أنت لنا. والحقيقة أن إيذاء النفس المتكرر انتشر بشكل غريب في أيامنا هذه وعادةً ما يبدأ في سنين المراهقة، وغالبا ما يمثل طريقة يتعامل بها المراهق/المراهقة مع المشاعر السلبية القوية التي لا يستطيع تحملها مثل الشعور بالخواء أو الغضب الشديد أو الوحدة أو العجز إلى آخره.
وكثيرا ما نجد تاريخا شخصيا للضرار الجنسي في الطفولة، وعلاج مثل هذه السلوكيات التي دائما ما تكونُ تعبيرا عن اضطراب نفسي أعمق يحتاج بالطبع إلى فهم ذلك الاضطراب والخلفية التي تشكل عليها لأن العلاج لدى الطبيب النفسي المتخصص -والذي هو ضرورة في مثل هذه الحالات- يعتمد على هذا الفهم، وأما في حالتك أنت فلا توجد لدينا معلومات كافية لتكوين رؤية أو انطباع مبدئي ولذلك ننصحك بأن تكتبي لنا تفاصيل عن حياتك وعلاقاتك الأسرية وانتظري منا الإرشاد إلى ما يجبُ فعله، وأهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بالتفاصيل المطلوبة.