التدخل الجراحي لعلاج الوسواس القهري
السادة المحترمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا مصاب بالوسواس القهري وجربت كل الوصفات الطبية والسلوكية بلا فائدة.. وقد قرأت بالنت عن المؤتمر 160 للجمعية الأمريكية للطب النفسي في 2007 تقريبا.. عن التدخل الجراحي بالمخ لعلاج ذلك المرض.
أرجو شاكرا توضيح هذا الأمر لي كالتالي
هل تم بالفعل تجربة ذلك التدخل الجراحي وما نسبة نجاحه؟
أين تتم تلك النوعية من العمليات سواء داخل مصر أو خارج مصر؟
كم تكلفة تلك الجراحة؟
آسف جدا لإزعاجكم وأتمنى الإجابة على أسئلتي وجعلكم الله عونا وسندا للضعفاء أمثالنا
خالص شكري وتحياتي، أنتظر الرد
09/06/2014
رد المستشار
الأخ الفاضل "محمد" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على استعمالك خدمة الاستشارات، من النادر جدا هذه الأيام أن يلجأ أحد للعلاج الجراحي في حالات الوسواس القهري، والجراحة العصبية Neurosurgery أو التي كانت تسمى قديما بالجراحة النفسية Psychosurgery وقد غير الأمريكان الاسم غالبا لأنهُ يحمل ذكريات سيئة لهم؛ فقد كانت الجراحة النفسية في بداياتها سيئةَ السمعة إلى حد بعيد نظراً لأن أساليب التدخل الجراحي نفسها لم تكن متطورة بالقدر الكافي ولم تكن تعطي من النتائج إلا التقليل من مستوى الضيق والكرب النفسي الذي يحس به المريض وذلك بالطبع مقابل العديد من المشاكل الناتجة عن التدخل الجراحي في المخ لعل من أيسرها نوبات التشنج، المهم أن الجراحة النفسية لم يحدث أن طبقت على نطاق واسع على المرضى النفسيين لأن نتائجها كما قلت كانت سيئة السمعة، وما زالت لا تطبق على نطاق واسع اليوم أيضًا نظرًا لوجود العديد من طرق العلاج النفسي ومن العقَّـاقير التي تجعل الحاجة للجراحة نادرة جدا، ففي حالات الوسواس القهري مثلاً يمكننا أن نقول أنه من بين كل أربعمائة مريض من الذين لم يستجيبوا للعلاج التقليدي لاضطراب الوسواس القهري مريض واحد فقط قد يحتاج إلى إجراء الجراحة النفسية؛ وبالطبع لا يرشح المريض باضطراب الوسواس القهري للجراحة النفسية إلا بعد أن تستنفذ كل الوسائل المتاحة لعلاج الوسواس القهري بما فيها العقاقير والعلاج السلوكي والمعرفي.
وقديما لاحظَ معظمُ الباحثينَ أن 66% من مرضى الحالات المستعصية من الوسواس القهري يتحسنون بعد البتر، وقد لوحظَ أيضًا أن الطقوسَ الوسواسية تتحسنُ بصورةٍ أقلَّ من الاجترار، ويؤكدُ البعضُ أهميةَ العوامل الاجتماعية والبيئية بعد إجراء الجراحة، ومن العوامل المهمة جدا بالنسبة للبت في إجراء العملية شخصيةُ المريض قبل أن يصابَ بالمرض، ولحسن الحظ أن معظمَ مرضى الوسواس مواطنون صالحون ومستقرون ولذلك لا تتأثرُ الشخصية بصورةٍ عكسيةٍ بعد البتر.
وقد استطاعت التقنيات الحديثة في جراحة الأعصاب أن تقلل من المضاعفات التي تلي الجراحة النفسية، ولكن احتمال حدوث نزيف أو عدوى أو تشنجات أو تغير في الشخصية ما يزال قائمًا وإن كان بنسب أقل من ما كان يحدثُ في الماضي، وأما ما يقوم به الجراح هنا فهو قطع بعض القنوات العصبية في بعض مناطق المخ التي تصل بين القشرة الأمامية والنواة المذنبة والكرة الشاحبة في الدماغ المتوسط أي قطع حلقة الوسواس القهري المفرغة بشكل أو بآخر والحقيقةُ أن النتائج التي نحصل عليها بعد ذلك ما تزالُ غير مشجعة، فكل ما يمكنُ أن يحدث هو تقليل للتوتر والضيق الذي يعاني منه المريض حتى أن الفكرة التسلطية نفسها كثيرًا ما تظل ولكن دون أن تستثيرَ لدى المريض ما كانت تستثيره من ضيق وقلق وتوترٍ قبل إجراء الجراحة.
1- خزع الحزام الأمامي Anterior cingulotomy :
وفي هذه الجراحة يُسْتخدم مِجَسٌّ ساخن لقطع جزء من المخ يسمى القشرة الحزامية الأمامية، وتعطي هذه الجراحة استجابة معقولة في حوالي 50% من الحالات المستعصية بعد فشل كل من العلاج العقاري والعلاج السلوكي
2- خزع المحفظة الأمامية Anterior capsulotomy :
وهي جراحة شبيهة بخزع الحزام الأمامي لكن القطع هنا يكون في الطرف الأمامي للمحفظة الداخلية وتعطي استجابة معقولة في نسبة تصل إلى 60% من الحالات المستعصية.
وحديثا أصبح لدينا أيضًا سكين جاما Gamma Knife وهي أحد التقنيات الحديثة التي يماثل أثرها أثر الجراحة العصبية ولكن دون احتياج للجراحة ودون شق لعظام الجمجمة، وفكرة هذا الجهاز هي أن يمر عدد كبير من خيوط أشعة جاما من خارج الجمجمة إلى داخلها بحيث تلتقي كل خيوط الأشعة وتتداخل عند هدف محدد في داخل المخ، وبينما لا ينتج ضرر من مرور شعاع واحد من أشعة جاما عبر الجمجمة والمخ فإن التداخل والتتقاطع في نقطة معينة هي الهدف يؤدي إلى إنتاج كم كبير من الطاقة يدمر الهدف، وأشهر أنواع العمليات التي تجرى بسكين جاما لمرضى الوسواس القهري خزع المحفظة البطنية بسكين جاما Gamma Ventral Capsulotomy وتستفيد نسبة 60% من الحالات المستعصية من هذه العملية.
إلا أن النقطة المهمة هي أن أماكن إجراء الجراحة العصبية المحترمة لا تقبل أبدا بإجراء الجراحة إلا بعد إثبات عدم استجابة مريض الوسواس القهري لأكثر من محاولة صحيحة بالعقاقير وبالعلاج المعرفي السلوكي الذي غالبا ما يطلبون إجراءه في أماكن معينة معترف بها، فهناك نقطة لابد من التصريح بها رغم كونها مخجلة وهي أن ليس كل من يدعي من المعالجين إجراء العلاج المعرفي السلوكي يجريه بالفعل وللأسف هناك من المعالجين من يخدع المرضى بجلسات يستمع فيها فقط لشكاواهم ويقدم بعض النصائح ويسميها جلسات علاج معرفي سلوكي، بكلمات أخرى عليك أن تتأكد من مقولة أنك "جربت كل الوصفات الطبية والسلوكية بلا فائدة" فهذا غالبا غير صحيح.
أما عن أماكن إجراء جراحات علاج الوسواس القهري في العالم العربي فلا علم لي بأي منها ولا بأن هذا النوع من الجراحات يتم إجراؤه، وكذلك لا علم لي بتكلفتها إن كانت تجرى في بلادنا أصلا، نصيحتي لك هي أن تبحث عن متخصص حقيقي في علاج الوسواس القهري، وتابعنا بالتطورات.
واقرأ أيضًا:
أنا من ضيع في الوسواس عمره !
موسوس يرفض الدواء !
أوسوس ولا أتحمل العلاج ما العلاج؟
جحيم الوسواس م