الخوف غير الطبيعي
مشكلتي أنني خواف بشكل غير طبيعي, فإذا ركبت الطيارة أصابني خوف شديد من أن تقع وأموت, وإذا ركبت مصعدا خفت أن يتعطل بي, وإذا ركبت قاربا أو سفينة خفت أن أغرق, وإذا ركبت تاكسيا ومعي زوجتي خفت من السائق أن يؤذينا.
والأدهى من هذا أنه لو نظر لي أحد خفت من أن يعمل لي مشكلة, وإذا سافرت مع زوجتي وسكنا في فندق أو شقة ظللت طوال الليل خائفا من اللصوص, وإذا اتصل أحد بتلفوني بالخطأ أصابني خوف من أن هذا سوف يعمل لي مشكلة, وإذا حصلت أي مشادة مع أحد أصابني خفقان شديد بالقلب وحرارة وأحس أنه سيغمى علي, ولدرجة أنه لو رأيت أحدا يتبعني خفت.
من أسباب الخوف ليس عندي أي ثقة بنفسي إطلاقا "وذلك لأنني قصير القامة 158سم", فأرجو من سيادتكم إرشادي لمحاولة التغلب على هذه المشكلة التي كدرت حياتي ونقصتني.
ولكم جزيل الشكر والامتنان
16/05/2004
رد المستشار
الأخ الزميل الدكتور "أبو حنيفة" العزيز، أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين وشكرا على ثقتك، لستُ أدري بالطبع أي نوع من الدكاترة أنت ولكنني سأعتبرك طبيبا بشريا أي زميلا في المهنة الكبيرة المسماة بالطب، وسأرد عليك واضعا ذلك في الاعتبار.
بدأت وصفك لمشكلتك بقولك أنك خواف بشكل غير طبيعي، ولا ندري هل تتكلم عن حالة أصابتك أم عن سمةٍ فيك؟
فهل أنت خواف دائما أبدا أي منذ وعيت على الدنيا فيكونُ الخوف سمةً من سمات شخصيتك؟
أم أن الخوف غير الطبيعي هذا تغيرٌ طرأ عليك منذ مدةٍ ما؟ ومعرفتنا بهذا أمرٌ مهم جدا للتشخيص وللعلاج. ونستطيع تقسيم الأعراض التي ذكرتها إلى عدة أقسام منها ما يتعلق بأشكال القلق الرهابي ومنها ما يتعلق بأشكال القلق الأخرى مثل القلق المتعمم وغيره.
فأما ما يتعلق بأعراض القلق الرهابي فذلك مثل الخوف عند ركوب الطائرة أو عند ركوب المصعد أو السفينة أو عند السفر أنت وزوجتك أو من الآخرين، إضافةً إلى مسحة من أعراض القلق الاجتماعي مثل ما يحدثُ لك عند المشادة مع آخرين أو عندما ينظر لك أحدهم، وإن اشتبه الأمر مع أعراض القلق المتعمم على أية حال، إلا أننا ندور في حلبة الخوف والقلق معك محاولين الوصول إلى انطباع.
ولكن هناك سؤال مهم هو ماذا تقصد أنت بالخوف؟ وما هي أعراضه؟، فبينما أشرت إلى مخاوف معرفية أي أفكار تتعلق بمواقف تبتعد فيها أنت وأحيانا مع زوجتك عن بيتك، حيث تشعر بالخطر في تلك المواقف، تكلمت عن أعراض جسدية (خفقان شديد بالقلب وحرارة وأحس أنه سيغمى علي) في حالة المشادة بينك وبين آخر، فهل من علاقة بين هذه المشاعر الجسدية وبين ما تسميه أنت بالخوف وهل هي أعراضٌ خوفٍ أصلا في رأيك أم أنها شيء آخر؟
أليست هذه الأعراض هي بعض أعراض الخوف التي تعرفها ما دمت طبيبا وهي أعراض نشاط الجهاز العصبي المستقلي Autonomic Nervous System، وهي ما يعرفه كل إنسان يتأمل جسده في حالة الهرب أو الخوف أو الغضب؟ وأما ما يبدو متعلقا بأعراض القلق المتعمم أو غيرها فهو فكرة أو شعور أنك مراقب وهي فكرة قد تحدث في القلق المتعمم لكنها تكونُ كما هي في حالتك في أعلى منظومة الأعراض التي يراها صاحبها غير طبيعية فأنت تقول: (ولدرجة أنه لو رأيت أحدا يتبعني خفت)، وذلك على عكس أصحاب التفكير الزوراني (البارانويي أو الاضطهاد)
والذي تمثل فيه هذه الفكرة أو الشعور جوهر الإمراضية النفسية للحالة، ويعتبرها صاحبها حقيقة لا تقبل الجدل ولا يصفها أبدا بأنها غير طبيعية. بعد ذلك أشرت في أواخر إفادتك إلى ما تراه أحد أهم أسباب خوفك غير الطبيعي وهو عدم ثقتك بنفسك لأنك قصير القامة، والصحيح أن لمفهومك الخاطئ عن كيفية تقييم الناس للآخرين، وتضخيمك لأثر قصر قامتك السلبي في تقييم الناس لك دورا في تعميق شعورك بالنقص، ولكننا لا نستطيع أن نعتبر قصر قامتك سببا يقف وحيدا في إحداث الأعراض لديك، ولذلك أنصحك بأن تلجأ لمن يساعدك على عمل جلسات علاج معرفي سلوكي يصحح بعض مفاهيمك ويساعدك على تغيير سلوكيات الخوف والقلق، ولتبدأ بقراءة ما ظهر على صفحتنا استشارات مجانين من ردود سابقة تتعلق بهذا الموضوع فانقر العناوين التالية:
الخوف الاجتماعي: ضرورة المعاناة للعلاج
حيرة أم خوفٌ أم خجل ؟
قلق وخواف ومكتئب بعض الشيء !
قلق اجتماعي مفرط أم عدم تركيز ؟
الاكتئاب والقلق: الأعراض الجسدية
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب
"مجرد قلق ، ولا اختناق من القلق!"
القلق المزمن والبحث عن الطمأنينة
اضطراب الأحوال أم اضطراب القلق المتعمم ؟
عدم الثقة بالنفس : تأقلمٌ أم قلق واكتئاب ؟
الاكتئاب والتركيز أم عدم الثقة بالنفس أيهم أولاً ؟
كيف تنمي ثقتك بنفسك، م
فتور في المشاعر أم نقص في توكيد الذات؟
مجتمعاتٌ ضد توكيد الذات
نوبات الهلع وضربات القلب
الرهاب الاجتماعي: خبرة المرض والتعافي
وفي النهاية أتمنى أن تتابعنا مجيبا عن أهم الأسئلة وهو المتعلق بالمدة الزمنية التي ظهرت فيها أعراضك، وأهلا بك دائما على مجانين.