أسرنا البائسة..هل من نهاية لعذابات الأحبة
أختي وحبيبتي في الله وصديقتي عن قريب إن شاء الله لا أستطيع أن أصف لكِ كم دمعت عيني وانقبض قلبي عندما قرأت رسالتك وتمنيت لو أستطيع أن أراكِ وأضمك إلى صدري وأخفف عنكِ بعض ما تتحملين تمنيت أيضا أن أمتلك عصا سحرية كالتي في روايات الخيال لأستطيع بها أن أبدل أحوالك وأدخل السرور إلى قلبك والأمان إلى حياتك ويعلم الله وحده أنني دعوت الله لكِ في صلاتي قبل دعائي لنفسي أختي أنتِ في محنة كبيرة لكنها زائلة حتما بمشيئة الله… وليكن سلاحك فيها الصبر والإيمان..
يا أختي قال رسولنا الحبيب فيما معناه أنه يُأتى بأشقى رجل في الدنيا فيصبغ صبغة في الجنة ثم يقال له أرأيت شقاءً قط؟ فيقول لا والله.
فليكن هدفك إذن جنة الخلد.. ولتجعلي الدعاء سلاحك دائما والله سميع مجيب كيف تقولين أن الدعاء لا يغير من القدر وقد قال رسولنا الحبيب إن الدعاء والقدر يعتلجان إلى يوم القيامة… فكلما كان دعاؤك قويا ملحا كلما كان دافعا ومغيرا لقضائك والله أعلم ادعي الله بأسمائه الحسنى فهو الجبار الذي يجبر كسر الضعفاء والمقهورين وهو الولي الذي لا يتخلى عن عباده وهو الوكيل الرحيم اللطيف الخبير. أختاه بالله عليكِ أحسني الظن بالله فهو يقول أنا عند ظن عبدي بي وظننا ويقيننا جميعا بالله أنه هو الرحمن الرحيم.
إن الله قادر على كل شيء فاستعيني به والجئي إليه ولن يخذلكِ أبدا ولا تيأسي من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون اثبتي واستمري في البحث عن عمل ولا تملي من محاولات الهدنة مع والديكِ واحتسبي الأجر عند الله وتشبثي جيدا بأخواتك الفتيات فهم يبدون صالحات وحنونات جدا والزمي الدعاء لوالديك وإخوانك الذكور بالهداية كما أرجوكِ أن تنفضي ذكريات التحرش والضرب عن رأسك كلما هاجمتك لا تستسلمي لها أبدا فهي مجرد ذكريات الآن ونحمد الله أنها لم تكن أكثر من ذلك.
أيضا لقد لفت نظري شيء هو ضرب أبيكِ لكِ لكي تأخذي جلسات إبر صينية حتى تنقصي من وزنك بالطبع… فما تفسير ذلك عندكِ.. أليس ذلك نوع من الاهتمام حتى وإن كان التعبير عنه بطريقة خاطئة وقاسية..وما يضيره هو في كونك ممتلئة الجسم أو لا..نحن بشر وفطرة الآباء والأمهات هي حب أبنائهم مهما غيرتها ظروف الحياة والتربية كما أن أبويك إلى جانب قسوتهم لكنهم يعرفون أيضا الحب والمعاملة الحسنة مع إخوانك الذكور فلماذا لا تحاولين من جديد فربما نلت ولو قدر بسيط من ذلك الاهتمام ولماذا لا تغيري أنت أولا شعور الكراهية تجاههم فتفيضي عليهم قدر استطاعتك من مشاعرك الدافئة وحنانك المكبوت والله هو مقلب القلوب ومصرفها ربما فجر نبع الرحمة الجاف في قلوبهم تجاهك أنت وأخواتك البنات ولا تيأسي وإن باءت محاولاتك بالفشل…
ورددي دائما دعاء سيدنا يونس الذي نجاه من الظلمات لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ودعاء نبينا وحبيبنا يوم الطائف اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس إلى من تكلني إلى قريب يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي.
أختي وحبيبتي أتمنى أن تتواصلي معي فقد أحببتك في الله فلربما جمعنا الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله وسأكتب لكِ بريدي الإكتروني وأتمنى أن نلتقي ونصبح أصدقاء وأطمئن عليكِ ربما كنت أصغر منكِ بعدة سنوات لكن يمكن أن تتلاقى أرواحنا اللهم بعدد من سجد لك أحبها واغفر لها وفرج كربها ويسر أمرها فإني أحبها وفي النهاية أتمنى أن يتقبل الموقع كلماتي المتواضعة التي ما كتبتها إلا أملا في مساعدة أختي تلك والسلام عليكم
هند.
29/4/2004
رد المستشار
بنيتي الحبيبة: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي رزقنا هذه المنافذ التي نتواصل من خلالها.. نتآزر.. يدعم بعضنا بعضا... نطور أفكارنا.. يكون بعضنا لبعض كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ويساند بعضه بعضا؛ حتى أنني أعتبر هذا التواصل وهذا التفاعل هو أفضل إيجابيات مجانين، كما أوافقك على كل ما ذكرته،
وأؤكد معك على معنى كررته كثيرا وهو أنه في معظم الأحوال لا يعكس سوء تعامل الآباء مع الأبناء بغضا لهؤلاء الأبناء ولكنه في الحقيقة يعني جهلنا المركب بأبسط قواعد ومتطلبات الوالدية وهذا المعنى قد أكدت عليه مرارا في مشكلات سابقة ومنها:
دبلوماسية العائلة والندم حيث لا ينفع الندم
السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب
وهذا الفهم يعين الأبناء على محاولة التواصل ومد جسور الود مع الوالدين؛ ومعك أؤكد أن للإنسان قرون استشعار شديدة الحساسية للحب والتقبل من الآخرين؛ والفارق كبير بين أن يحاول الأبناء في مرحلة من المراحل التواصل مع والديهم من منطلق أداء الواجب فقط وبين أن تكون المحاولة مغالبة للنفس وبذلا للجهد لانتزاع مرارة الذكريات السابقة وإبدالها بمشاعر مودة وامتنان للوالدين،
وهذه المشاعر لن تنمو فعلا إلا إذا حاول الأبناء أن ينظروا لتصرفات الوالدين من وجهة النظر الأخرى، ولقد ضربت لنا مثالا على هذه النظرة المختلفة عندما نصحت صديقتنا أن تعتبر تصميم والدها على العلاج بالإبر الصينية على أنه تصرف من أب يسعى لمصلحة ابنته وإن كان قد أساء التعبير عن هذا الحرص.
ابنتي الحبيبة: مرة أخرى أشكرك على رسالتك وأدعو الله سبحانه أن يرزقنا جميعا حسن الفهم وحسن العمل وأن يصلح لنا أحوالنا وأن يفرج همومنا وكرباتنا.