حائر من نفسي
السلام عليكم بعد معاناة طويلة قررت الاتصال بكم للمساعدة
أنا شاب 26 سنة مشكلتي بدأت منذ 5 سنوات عندما كنت في المهجر كنت أعاني من الوسواس القهري ونوبات الفزع حسب تشخيص أحد المتخصصين تحسنت كثيرا بعد العلاج "" ّدواء و جلساٌت "" بعد ذلك أصبحت لا أطيق الصلاة في المسجد وأشعر بالاختناق مع خوف من الموت وفشل تام في العمل علما أني أملك أحسن محل لإصلاح السيارات في مدينتي لكن حاليا أنا على حافة الإفلاس، عرضت نفسي على راقي تبين أني مصاب بمس وحسد .. أمنيتي أن أصلي في المسجد كما كنت سابقا وفي الفترة الأخيرة بدأت أعصي الله كثيرا
أنا محتار جدا وأرجوا أن تكونوا سبب خلاصي
ولكم الأجر من عند الله
02/07/2014
رد المستشار
لعل لك حظا من اسمك يا صديقي؛ فأنت تصبر صبرين أحدهما في محله والآخر لا، فلقد صبرت على معاناة الهجرة ومعاناة المرض والاستمرار على العلاج، ولكنك تصمت أمام قلقك من الموت وخوفك من الضياع في المعاصي! فما تعاني منه الآن ليس بعدا وجفاء بينك وبين الله سبحانه بقدر ما هو معاودة للقلق المرضي في ثوب جديد يأخد شكل وساوس ترتبط بالموت؛ ولأن الاكتئاب هو الصديق الوفي والمرافق دوما للوساوس القهرية فهو من يلقي بظله عليك بالكسل وعدم الرغبة في أي شيء حتى ولو بغسل وجهك!
فلتراجع طبيبك من جديد ولا مفر ولكن لا تكتفي فقط بالحصول على المساعدة الدوائية، ولكن بعد فترة من العلاج ستتعهد أفكارك ونفسك لتتعرف على مشكلاتك الحقيقية والتي تأخذ شكل مرضي؛ فقلقك يعود لتصورك أنك تعجز عن مواجهة الحياة، وأنك لن تتمكن بشكل كافي من التحكم في تحدياتها، فالعجز وعدم التحكم هما الفكرتان الأساسيتان اللتان يوقعانك في فخ القلق والوسواس؛ فلتناقش كل منهما بمنطقيه ولتتساءل..... ماذا جنبك أو حماك خوفك وقلقك؟ مم تخاف؟ هل من المنطقي أن نتحكم في تحديات الحياة المتغيرة؟؟ هل جهد ذهنك ووجدانك المبذول في الخوف من الموت في المكان الأصح؟ أم قبول فكرة موتك هي نفسها الحياة؟
فالموت جزء من الحياة من الأساس، وقبول الموت هو نفسه الحياه! والموت ليس العدم والغياب في مجهول مظلم، ولا تشرد من عشنا معهم في الدنيا؛ فنحن نحيا مع الأبوين والأبناء والأزواج من خلال أدوار لها بداية ونهاية؛ وليس وجودنا هو الضامن وليس هو الحامي؛ فالرزق والمتابعه لهم ومساعدتهم عند الاحتياج أدوار نتبادلها مع الغير حين نحيا في معية الله سبحانه؛ فتجد الله سبحانه يرسل أشخاصا وظروفا وأقدارا تعينهم حتى مع غيابك؛ وكلما قبلت موتك كلما عشت الحياة فعلا؛ وما أحدثك عنه لمناقشته وتفهمه وقبوله أمر صعب ولكنه ليس مستحيلا أبدا
فلتتحمل مسؤولية قرارك بأن تحيا، ومسئولية قبول موتك، وحين تتمكن من ذلك مع المساعدة الدوائية ستجد الأمر اختلف، وستشعر بأنك نضجت وزاد نموك النفسي والعقلي، وستقبل على الحياة بقوة قبولك لموتك
هيا انتهز فرصة نضوج يمنحها الله تعالى لك لتقف على قدميك وتقم بدورك في الحياة.... خاصة وأنك كما ذكرت ميكانيكي متميز؛ ولا تغرق نفسك في مشاعر الذنب تجاه معاصيك بقدر قبولك لكونك بشر تزل قدمه ولكنه يقوم ويقف... فالله سبحانه يعلمنا الدرس كل يوم، كل يوم يقول لنا مرتين أين مسيء الليل فأمد يدي له، وأين مسيء النهار لأمد يدي له!
وهو سبحانه من قال على لسان رسولنا الكريم صلاة الله وسلامه عليه أن كل وليس معظم وليس غالب بل "كل" بني آدم خطاء وخيرهم التوابون؛ وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ أيعلمنا الله أن مشاعر الذنب تقف حدودها حتى تشعر بالندم فتستغفر فتنتهي المسأله وترفض أنت؟!
أيعطينا الله الفرصة للتوبة تتجدد كل يوم وكل ليلة لنتعلم أن نقف على قدمنا بعد كل مرة تزل فيها وترفض أنت بزعم الكمال؟ أيعلمنا الله أننا سنقع في معاصي وقد نكررها فلا نيأس من عفوه وترفض أنت؟ وتقع في فخ المس والحسد وتترك منطقك في فهم ما تعانيه نفسيتك؟ فلتؤمن بالله سبحانه..... صدق الله تعالى... فحين يقول أنه غفور وأنه تواب وأنه ودود... فإيمانك بالله لا يعني أنك تعرف أنه تواب وغفور... ولكن يعني أنك تصدق أنه تواب وأنه غفور... هيا ابدأ.