السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أما بعد، أرجو من حضرة سموكم الكريم التكرم بالنظر إلى حالتي والرد عليها وشكرا:
أنا ولد من المملكة العربية السعودية _الرياض _ أبلغ 19 عامًا من العمر، أنا كنت إنسان مرح وحبوب اضحك وامزح مع أصدقائي ومع جميع الناس من حولي، أما الآن وبالتحديد من سنتين أو سنة ونصف انقلبت حالتي وصرت إنسان انطوائي ولا أتكلم كثير مثل أول ولا امزح وأحس اني ثقيل دم على أصدقائي، وأفكر كثير وما صرت مرح زي أول وصرت أنظر إلى أي إنسان وأقول في نفسي وهو يخاطبني هل هو يكرهني أو أنه يجاملني؟
هل أنا إنسان محبوب أم لا وأريد حلا لهذه الكبوة، وشكرا، أرجو التكرم بالرد وإرسال الرد الوافي الشافي بإذن الله،
ولكم جزيل الشكر والامتنان ودمتم.
13/8/2003
رد المستشار
الابن العزيز: نعتذر عن تأخرنا عليك في الرد ونعد بعدم تكرار ذلك، من الواضح من خلال إفادتك أنك تعاني من أحد اضطرابات المزاج وهو الاكتئاب، وله عند الطبيب النفساني ثلاثة درجات من الشدة سأكتفي هنا بذكر اثنين منها مع ملاحظة أن وجود بعض هذه الأعراض أو حتى كلها لمدة تقل عن خمسة عشر يوما متصلة لا يعني أن الشخص يعاني من الاكتئاب المرضي وقد يعني فقط أنهُ يمرُّ بأزمةٍ نفسية مثلا، وقد لا يعني أي شيء، وأما وجود النوع الخفيف الشدة لمدة تزيد عن السنتين مثلما قد يكونُ الحال عندك فأمرٌ مختلف سنوضحه بعد ذلك:
أولى درجات الاكتئاب هي الاكتئاب الخفيف أو النوبة الاكتئابية الخفيفة، حيث يكون لدى المريض مزاج كئيب، أي شعور عام بالحزن والكآبة، إضافة إلى فقدان الاهتمام أو فقدان للقدرة على الاستمتاع أو التلذذ بما يحب أو فقدان نكهة الحياة، وأيضًا سرعة الإحساس بالتعب أو زيادة الإحساس بالتعب ربما دون مجهود أو بعد مجهود بسيط.
ووجود عرضين على الأقل من هذه الأعراض الثلاثة ضروري لتشخيص الاكتئاب، وعادة ما يكون الشخص ضائقًا بأعراضه تلك، لكنه يظل قادرًا على الاستمرار في أداء وظائفه ومسئولياته في الحياة، وإن كان بدرجة أكبر من المعاناة وبكفاءة أقل مما هو في حدود قدراته.
وثاني هذه الدرجات هي الاكتئاب المتوسط الشدة، والذي توجد فيه (بالإضافة إلى اثنين على الأقل من الأعراض الثلاثة الضرورية المذكورة في النوبة الخفيفة)، ثلاثة على الأقل من الأعراض التالية:
* ضعف التركيز، واللامبالاة.
* انخفاض احترام الذات والثقة بالنفس، فعندما يقيم المكتئب ذاته فإنه دائمًا ما يبخسها حقها، ودائمًا ما يشك في قدرته على فعل ما يفعله الآخرون ممن لهم نفس قدراته وربما أقل.
* أفكار عن الشعور بالذنب أو فقدان القيمة.
* نظرة تشاؤمية فيما يتعلق بالمستقبل وانعدام الأمل في تحسن الأحوال.
* الرغبة في إيذاء النفس أو الانتحار.
* اضطراب النوم، بحيث لا يستطيع الدخول في النوم أو لا يستطيع الحفاظ عليه، أو يقوم في موعد مبكر عن موعده المعتاد بساعتين أو أكثر، أو ربما يأخذ الاضطراب في وتيرة النوم اتجاهًا عكسيا هو النوم بإفراط ولساعات طويلة مع فقد الشعور بمتعة النوم أو قدرته على إعادة الحيوية والنشاط كما في الشخص الطبيعي.
* اضطراب الشهية للأكل والشكل قد يكون انعدامًا للشهية، وقد يكون في الحالات غير النموذجية زيادة للشهية خاصة للسكريات.
وإضافة إلى الأعراض النفسية المعرفية السالفة الذكر فإن العديد من حالات الاكتئاب توجد معها أعراض جسدية، مثل الصداع، والشعور بالحرقان في الجلد، وسقوط الشعر، والشعور بالاختناق وضيق النفس، إضافة إلى اضطرابات الجهاز الهضمي المختلفة، وعادة ما نجد هذه الأعراض في الحالات المتوسطة الشدة، وإن كان وجودها ممكنًا حتى في الحالات الخفيفة الشدة، وكثيرًا ما تطغى الأعراض النفسية والمعرفية الشديدة في حالات الاكتئاب الشديد على الصورة السريرية (الإكلينيكية) للمريض فلا يشتكي منها، ليس لأنها غير موجودة، وإنما لأنه يائس من أن يطلب الراحة.
وقد قمنا بوصف كل هذه الأعراض لكي نبين لك ما قد يكونُ خافيا عليك ولأننا أيضًا في مرحلة تأسيس صفحة الاستشارات النفسية في موقعنا، وأما ما توحي به رسالتك من ناحية الأعراض النفسية؛ فإن فيها ما يوجهنا ناحية نوع من الاكتئاب البسيط، ولكنه طويل العمر؛ أي ما نسميه اليوم في الطب النفسي "عسر المزاج"، وهو نوع خفيف الشدة من الاكتئاب أهم ما يميزه هو كونه مزمنا، ولكن مشكلته أنه يتداخل مع أسلوب الحياة، ومع أفكار الشخص؛ بحيث لا يحس به المرء، وقد لا يحس به أهله المحيطون به؛ لأنهم ببساطة يرون فيه إنسانا شخصيته هكذا.. أي أنه -مثلا- شخص ميال إلى الحزن والنكد، وهذا النوع من الاضطراب النفسي المزمن يحتاج إلى مساعدة من طبيب نفساني مختص.
وهناك نوعان من عسر المزاج أحدهما يسمى عسر المزاج مبكر البداية وهو ما قد يكونُ في حالتك حيث يبدأ من فترة الطفولة المتأخرة أو المرهقة، ونوعٌ متأخرُ البداية يحدثُ بعد ذلك، وفي كلتا الحالتين لابد أن تزيد مدة التغير عن سنتين لكي يكونُ تشخيص عسر المزاج ممكنا، وليس أسبوعين كما قلنا في تشخيص اضطراب الاكتئاب
ويمكن أن يصل الأمر في حالات عسر المزاج إلى حدوث اضطراب واكتئاب جسيم، إضافة إلى عسر المزاج؛ فيكون التدخل العلاجي هنا واجبا، إذن فأنت في حاجة إلى مساعدة طبيب نفسي، ولكي يستطيع تحديد سبب معاناتك من ناحية، ولكي يستطيع وصف طريقة العلاج المناسبة، وحالتك في النهاية يمكن جدا أن تتحسن بعد أسابيع من الانتظام على جلسات العلاج المعرفي عند الطبيب النفساني، ونحن في انتظار سماع الأخبار الطيبة منك، فتابعنا بأخبارك.