قصة قصيرة
بسم الله الرحمن الرحيم، رجاء عرض تلك الاستشارة على الدكتور وائل أبو هندي خاصة وأرجو عدم نشر بياناتي الشخصية وكذلك عدم نشر رسالتي كاملة خاصة فيما قد يسبب الإساءة للغير إذا اتضحت شخصيتي فقد أسهبت بصورة كبيرة فأرجو حذف الجمل ما بين الأقواس من النشر ولكن بعد عرض الاستشارة كاملة على الدكتور.
وجزاكم الله خيرا
أخي العزيز المفضال الدكتور وائل أبو هندي
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد؛
أسأل الله أن يتقبل عنك وعن إخوانك عملكم وأن يجزيكم بأحسنه وأن يتم عليكم نعمته كما جعلكم سببا للتخفيف عن المكروبين وأبشركم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ((مَن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)).
وبعد أخي العزيز لقد ترددت كثيرا في الكتابة إليك وكلما هممت بذلك وجدت صوارف كثيرة وشعورا غامضا بعدم الفائدة في ذلك ولكن في النهاية وبعد أن قرأت رسالة أحد الإخوة التي (فضفض) فيها كثيرا وقرأت إجابتك عليه توكلت على الله وسطرت إليك تلك الرسالة عسى أن يجعل الله الشفاء التام على يديك.
وأستميحك العذر منذ البداية فأنا أرى أن التفصيل جزء من العلاج في الأمور النفسية فسوف أطيل كثيرا فلا تتأفف فربما تنال استشارتي تلك جائزة أطول الاستشارات وأكثرها تفصيلا.
في البداية أنا شاب في السادسة والعشرين، كنت أمارس حياتي بصورة كنت أظنها طبيعية حتى أصبت بعد التخرج في سن الثالثة والعشرين بحالة من التشاؤم والنظرة السوداوية لا أحتمل أقل العيوب حتى وإن صدرت عني أظل ألوم نفسي حتى أشعر بالاختناق أشعر بالاندفاع في كل شيء وخاصة فيما يتعلق بعلاقاتي بالأشخاص الذين كثيرا ما أكتشف أنهم ليسوا كما كنت أظن، شديد الحساسية والعاطفية والحب والكراهية في نفس الوقت، ونتيجة لذلك أصبت بما أظنه الاكتئاب الجسيم ودرت دورة كبيرة على المعالجين بالقرآن ثم الأطباء ثم في النهاية للطبيب النفسي الذي شُفيت على يده والحمد لله.
ربما تتساءل الآن ولماذا أكتب لك؟
ما سبق هو اختصار لما مررت به، لكن بعد ذلك قرأت كثيرا وكثيرا جدا حول موضوع الاكتئاب وهذه طبيعتي المحبة للقراءة والإطلاع وطبيعة مهنتي؛ [[[[ ]]]]، وإذا بي أكتشف أن حياتي كلها منذ البداية كانت على هذه الوتيرة وأنني أُعد مريضا بالاكتئاب الخامل -إن صح اللفظ- غير أنني لم أشعر به حتى نشطت أعراضه.
ولذلك أحببت أن أراسلك حتى أستطيع أن أعرف كيف أشفى تماما من هذا المرض اللعين فأرغب إليك في أن تصبر علي وألا تمل من القراءة فسوف أبعث إليك بأدق التفاصيل والله يجزيك.
بداية أنا الطفل الأخير في الأسرة أو كما يقولون آخر العنقود [[[[ ]]]]، والدي كان مسافرا طيلة عمره ولا يأتي إلا في أجازات بسيطة وهو ذو طبيعة قاسية لا يكف عن الشجار وأنا متيقن من إصابته بأحد الأمراض النفسية لأن أسلوب معيشته نكدي بمعنى الكلمة [[[[ ]]]].
أما والدتي فلا أجد كلمات أصف بها تلك السيدة العظيمة فهي والدة بمعنى الكلمة ومربية وصديقة وحبيبة، كل الكلمات لا تفي بوصفها ولكنها للأسف عاطفية بدرجة كبيرة فهي تحزن لأقل الأسباب وتريدنا دائما بجانبها ولا تتخيل فراقنا لذلك فأظنها معرضة للإصابة بذلك المرض [[[[ ]]]].
إذاً سيدي فأنت أمام أسرة ذات تاريخ مرضي والحمد لله على كل حال.
سأبدأ من جديد عن نفسي كنت مدللا بصورة كبيرة يكاد لا يرفض لي طلب وكان الكل يتعلق بي وأنا طفل لوسامتي وكنت متعلقا بوالدتي بشدة وأحب أن أنام معها في سرير واحد حتى سن كبيرة. [[[[ ]]]].
لما دخلت المدرسة شعرت بحالة حزن شديدة وكنت أخاف من المدرسة والمدرسين بل في البداية أذكر أنني كنت لا أتحكم في الإخراج بسبب الخوف وكنت أتعلل لعدم الذهاب بالمرض كثيرا وكان الأمر كذلك بالنسبة للكتَّاب بل أتذكر الآن أنني أصبت في إحدى المرات بنوبة هلع في الكتاب في تلك الفترة الباكرة وأخذت أبكي بلا سبب وشعرت بالاختناق وأحسست أنني سأموت [[[[ ]]]].
سيدي أستميحك عذرا أن تصبر معي.
[[[[أتذكر أشياء كثيرة منذ الصغر ومن أشد الأشياء التي تضايقني تعرض والدتي وهي جميلة أمامي لمحاولات تحرش جنسي من بعض الرجال وهي محاولات عن غير رغبة منها ولكنها كانت تخاف أن تصدر أي تعبير يشعرني بذلك وتحاول التصرف والانصراف بهدوء مما كان يضايقني أكثر ويشعرني بضعفي وضعفها، كنت في البداية أشعر بمشاعر متناقضة تجاهها أحيانا بالنقمة عليها وعليهم وأحيانا بالشفقة وأن ليس لها يد فيما يجري ولكن لما بلغت ارتحت للشعور الثاني وإن لم أكن متيقنا من صدق ذلك الشعور وأبغض هؤلاء الرجال وأعلمهم واحدا واحدا وأود لو أستطيع الانتقام منهم ولكن بأي تهمة]]]].
النقطة التالية هي أن والدي كان ولم يزل رغم كبر سنه كثير الشجار مع والدتي، [[[[ ]]]] ولم نكن نرى أي مبرر لتصرفاته العصابية تلك، [[[[وكان يضربها ونحن صغار وأكاد أتذكر كل مشهد من تلك المشاهد وكيف أغمى عليها في إحدى المرات أما أنا فلم أكن أملك نفسي فأحيانا كنت أبكي أو أصرخ أو أضرب وجهي بكفي]]]] وأشعر أن داخلي بركان من الخوف والغضب في آن.
وأذكر أنني حين كنت صغيرا كنت أرى في نومي حلمين غريبين وكانا يتكرران بصورة دائمة.
الأول:- كنت أرى نفسي أسقط من مكان مرتفع ثم أستيقظ قبل أن أرتطم بالأرض مباشرة.
والثاني:- كنت أرى أشكالا دائرية صغيرة بألوان مختلفة زاهية تبعث في نفسي السرور مع شعور بالقلق من ناحيتها وبالفعل تبدأ في التضخم وتكبر وتكبر حتى تصير كبيرة جدا وحينئذ أكون في قمة القلق والضيق منها ثم تختفي وتبدأ دورة أخرى جديدة، والأغرب من ذلك أن هناك حلم يقظة دائما ما كان يعاودني حيث إنني أحب ركوب الخيل وإن لم أركبها ولا لمرة واحدة ولكنني حين أتخيل نفسي راكبا حصانا دائما ما يتعثر ذلك الحصان ويسقط بعد عدة خطوات ولا أستطيع أن أتصور غير ذلك وكلما عاودت الحلم من أوله تعود إلي نفس النتيجة وربما نجحت في مرات بسيطة جدا لا أكاد أذكرها.
كما كنت في تلك الفترة شديد الخوف من الأماكن المرتفعة، حين أصعد إلى مكان مرتفع أشعر بأنني سأقع من حالق رغم أن المكان متسعا وربما لا أستطيع الصعود من الأصل إلى مثل تلك الأماكن ولكن لا أظن أنني ما زلت كذلك الآن، كذلك دائما ما أتوقع المصائب والكوارث خاصة في أشد حالات الفرح وأكره الغروب ومجيء الليل والسكون، وشديد الحساسية لأقل المواقف وشديد الملل من الأشياء المتكررة وحين أجابه برد فعل سلبي قد يكون تافها أو من باب المزاح يظل يتردد في ذهني بصورة مملة وألوم نفسي على الطريقة التي تحدثت بها وأوصلتني إلى ذلك وأقضم أظافري خاصة في أوقات الانفعال والقلق [[[[وهذه العادة موجودة عند والدتي بصورة بسيطة وعند أخوي للأسف ولكنني والحمد لله استطعت التخلص من تلك العادة إلا في أوقات نادرة وعن وعي تام ولا أشعر أن لها ارتباطا عصبيا بحالتي]]]]
وأخاف من الظلمة والموت وأفكر فيه كثيرا وبصورة سوداوية وأكره الصيف وهو مرتبط عندي بالموت وخاصة أوقات القيلولة فأحيانا كنت أترك البيت وأخرج في ذلك الوقت، [[[[ ]]]] وأشعر بالرهبة وينقبض قلبي لصوت النائحات وما شابه وكنت أشعر بالخوف الشديد بل الرعب حين أجد والدتي متجهة إلى أي مظهر من مظاهر الحزن كمأتم أو حريق أو ما شابه وأتشبث بها وأصرخ.
ما زلت لم تسمع شيئا فاصبر ويجزيك الله أجر الصابرين.
بعد ذلك وفي مرحلة المراهقة تعرضت لمحاولات تحرش جنسي مثلي وللأسف استجبت لها وكنت أشعر بلذة غير مكتملة وأنهي الممارسة سريعا وبطريقة ظاهرية ثم بعدها مباشرة أشعر بندم شديد ويكاد الغم يقتلني وأعزم على عدم العودة ولكن لا أثبت أمام تلك المواقف لأجد نفسي أدور في حلقة مفرغة ثم استطعت التخلص من الأمر في مرحلة متأخرة في الفترة الثانوية تحديدا، ولكن بقيت العادة السيئة التي لم أستطع التحكم فيها إلى الآن فأكف مدة قد تصل إلى شهور ثم أعود مرة أخرى بشراهة قد تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من مرة في اليوم [[[[وهذه عادتي في معظم الأمور فأحيانا أكون في قمة النشاط لا أعرف كلمة (لا أستطيع) شديد الالتزام والتحكم في نفسي وأحيانا على النقيض تماما]]]].
ولكن مما زاد الطين بلة أن أصبحت أنا متحرشا ولكن بالفتيات أذكر أنني تحرشت بخمس فتيات صغيرات [[[[ ]]]] ومارست مع اثنتين ولكن خارجيا وكان ذلك في مرحلة الثانوية وكن في مراحل صغيرة بين 4 سنوات وابتدائي وإعدادي تصيبني القشعريرة حين أذكر ذلك وأشعر أن الله لن يسامحني لما سببته لهن من ألم نفسي لم أعلمه إلا بعد فوات الوقت.
ثم بعد ذلك اتجهت اتجاها آخر كان يلح علي من صغري ربما كان شعورا بالذنب فأحاول أن أبالغ في العبادات لا أدري ولكنني تدينت بصورة بالغة وأخذت أتتبع المشايخ والخطباء في كل مكان وكان تديني عن فهم سيء مبالغ فيه.
[[[[ ]]]] وانضممت بعد ذلك إلى جماعة دينية فانقلبت رأسا على عقب التزاما وأخلاقا جسدا وروحا وكل شيء يسير بصورة جيدة ما عدا بعض الشعور بالقلق تجاه مواقف الظهور أمام الجموع وهي للعلم معي منذ فترة باكرة فلم أكن أستطيع التحدث أمام جمع وكنت أحرج بصورة كبيرة من الفتيات خاصة حين ينظرن إلي وكنت وسيما ورغم ذلك كثير النظر بالمرآة وأحاول أن أرى هل أنا بالفعل وسيم بالقدر الذي يظنه البعض بل ربما لم أوقن أن بشرتي بيضاء حتى سمعت ملاحظات كثيرة بأنني شديد البياض لم أكن أعتقد ذلك ولا أكف عن النظر في المرآة، وكنت شديد القلق في فترات الامتحان [[[[ ]]]] وكذلك الشعور بالهلع للتعرض لمواقف معينة مثل التعرض للأمن في الجامعة أو للشجار وكنت أشعر بالقلق والخجل للمشاركة في التظاهرات بالجامعة وأشعر أنني سأتعثر حين أسير أمام جمع كبير وأن الجميع ينظرون إلي ولكنني كنت أحاول أن أتجرأ وأتظاهر بعدم الهيبة وللحقيقة فقد نجح ذلك الأسلوب بصورة ما ولفترة كبيرة وانتهت بعض تلك المظاهر خاصة فيما يتعلق بالخجل لا القلق.
ثم جاءت المصيبة الكبرى التي قلبت حياتي رأسا على عقب ولمرة أخرى فبعد أن تخرجت أكملت دراستي العليا وكنت أعمل بعد تخرجي مباشرة [[[[ ]]]] وفي تلك الفترة بدأت أشعر بالنقمة على كل شيء ونفسي في المرتبة الأولى أشعر بأن كل شيء يسير في مسار خاطئ، أغضب لأتفه الأسباب أشعر برغبة ملحة في البكاء والذكريات المؤلمة لا تتركني لحظة واحدة حتى تلك الذكريات الجميلة لا أملك إلا البكاء حين أذكرها وأي صورة تمر بذهني نادرا ما أنساها خاصة مشاهد الموت والدفن وما شابه، [[[[ ]]]].
وفي تلك الفترة بدأ التزامي مع الجماعة يقل تدريجيا حتى انمحى وتركتهم وإن لم يتركوني بل ما زالوا وإلى الآن يلحون علي بالنصيحة ولم يعلموا ما أصابني رحمهم الله ورضي عنهم، ثم سافرت أمي للحج وبكيت كطفل ولكن في الحمام بعيدًا عن الأعين، ثم كانت المصيبة أنني بدأت أخرج مللي في إقامة علاقات جنسية وأشعر أن تركيزي الجنسي منصب على المتزوجات لا أدري لماذا [[[[ ]]]] ثم أدور نفس الدائرة الندم الشديد والرغبة في قتل النفس أحيانا أشعر أنني أنتقم من المجتمع في صورة تلك النساء ولكن لماذا لا أدري.
والمشكلة الكبرى أنني الآن أشعر بعدم الرغبة المتكاملة في الزواج ربما لشعوري بأن كل النساء خائنات من السهل أن ينجذبن إلى أي فتى وسيم بعض الشيء ولذلك فأنا متوقف في الأمر رغم إلحاح أسرتي علي فيه كما أن تفكيري في الزواج رغم ميلي الجنسي يتسم بالسوداوية فكثيرا ما أتخيل أنني سأدخل بيتي فأجد زوجتي مع رجل آخر أو يخترع خيالي مشاكل دائمة مع زوجتي التي لا أعرفها بعد حتى حين أتخيل لحظات رومانسية لا أستمتع بها بقدر التفكير في المشكلات وكيفية تصرفي فيها إذا حدثت ودائما ما أتخيل حدوث الطلاق وفي أحيان أخرى أفكر في أن أبقى حرا وأن أعيش حياتي كيفما يتسنى لي بدون مشاكل وأرتاح لتلك الفكرة أحيانا كثيرة.
بعد ذلك تعرضت لرؤية مشاجرة شديدة في تلك الفترة وكان أن قتل فيها أحد الأشخاص ويومها علمت أنني ما زلت مصابا بالهلع علمت ذلك يقينا في اختناقي وزيادة ضربات قلبي ثم ألم في قلبي خفيف ظل معي لفترة طويلة حتى كانت المصيبة التالية
فقد اضطررت للسفر إلى القاهرة حيث توفرت لي فرصة عمل أفضل [[[[ ]]]] وهنا كانت الطامة الكبرى فقد اضطررت للعمل بصورة متفانية لإثبات كفاءتي أمام أقراني القاهريين وكنت ألاقي منهم بعض العنت في البداية ولكنني والحمد لله ولحسن خلقي الذي من الله به علي كبقية فضل من معاشرتي للإخوان استطعت أن أستميلهم وأستميل رؤسائي، وأنا والحمد لله دقيق أيما دقة في عملي حتى لا يكاد يجد أحد خطأ واحدا خلفي في العمل وأغضب إذا وجدت أي خطأ وأقمت لمدة شهر كامل بالقاهرة وكانت هذه هي المرة الأولى التي أتغيب فيها تلك الفترة عن البيت وكنت في أحسن حال ولم أشعر إلا ببعض القلق وخاصة عندي قرب عودتي للبيت كما شعرت ببعض الدوار الخفيف يوميا عند قيامي في الصباح زاد بعد ذلك [[[[ ]]]].
ورجعت للبيت وكانت الأمور عادية وفي ثاني يوم من الإجازة بدأت رحلتي مع العذاب بموضوع تافه [[[[مشاجرة بسيطة أمام البيت كان أخي يحاجز بين الناس فيها فهلعت أمي وأخذت تنادي عليه بصوت عال ففزعت وكنت بالحمام فخرجت مسرعا وكنت في حالة غريبة هكذا قال لي أخي وأخذت أصرف الناس عن بيتنا وأجذب أخي بطريقة هيستيرية حتى أدخلته]]]] وانتهى الأمر أمام الناس ولكنه لم ينته عندي.
فقد بدأت أشعر بحرقان خفيف بعيني ثم دخلت إلى حجرتي لأشعر بدوار شديد وشعرت كأن قلبي قد انتزع من موضعه وكف عن النبض وشعرت بالموت يخيم علي [[[[أخبرت والدتي فاستدعت أخي الطبيب ووجد كل شيء بخير]]]] وهكذا بدأت رحلة المعاناة فجميع أطباء القلب يقولون أنت بخير ولكنني أعلم أنني لست بخير أستيقظ مبكرا على ألم شديد في قلبي وخمول وعدم رغبة في الحياة أصرخ وأقول أريد أن أنام رغم نومي الكثير كأنه نوم هروبي ولا أستطيع النوم المريح رغم ذلك أشعر بكل أعضاء جسمي وهي تعمل وجسدي كله ينتفض وأشعر بتلك الزخات الباردة الساخنة المقيتة التي تشعرني بقرب النهاية وألم في الرأس من الخلف ودوار شديد كان يصل في بعض الأحيان لعدم القدرة على الحركة.
[[[[الأمر المؤسف أنني أشعر أن الله ينتقم مني بذلك بسبب ما سببته لكثير من الناس من آلام دون أن يكون لهم أدنى مسؤولية عما أصابني]]]].
ورغم ذلك يتحسن الأمر بعض الشيء في وسط اليوم وخاصة حين يجالسني أحد من المقربين مني، ولكنه يعود للتكرار ليلا على هيئة رهبة وقلق وغموض.
وفي تلك الفترة بدأت أشك في كل شيء في الإله في النفس في الموت في كل الحقائق في أهمية وجودنا حتى أنني إلى الآن ما زلت أحتفظ بكثير من تلك الشكوك وإن كانت بصورة أقل إلحاحا [[[[ ]]]].
وبدأت الاتجاهات الميتافيزيقية لدى الأسرة فأنا لا أرغب في العودة للعمل [[[[والإصابة كانت عند خروجي من الحمام]]]] وأشعر بالخمول والرغبة في النوم وعدم الرغبة في أي شيء لا صلاة ولا قراءة قرآن ولا حتى طعام كنت أمضغ الطعام ولا أقوى على بلعه ولذلك فلابد أن روحا خبيثا يسكنني وبدأت رحلة أخرى من المعاناة مع المعالجين بالقرآن.
شعرت ببعض التحسن رغم إيماني داخليا بأن ذلك ليس هو الطريق الصحيح ولكنني كنت أتشبث بأي شيء ينتشلني من تلك الحالة ولكن لا فائدة حتى ذهبنا إلى معالج (كبير) فقام بالقراءة ونطق الجن على لساني [[[[وزعم الجني الأول أنني أصبته لدى خروجي من الحمام]]]].. وهكذا دواليك وبدأت الشياطين تخرج الواحد تلو الآخر ما بين محق في إيذائي حيث آذيته وبين راغب في الانتقام لإسلام الأول وخروجه وهكذا وهكذا وبدأت أشعر بالتحسن الزائف، حيث لم تمتد تلك الراحة طويلا [[[[فقد كنت تعرضت لنوبتي هلع سابقتين في الفترة المرضية التي أتحدث عنها وكانتا نوبتين متكاملتين الأولى هي التي تعرضت لها مع حدوث المشاجرة والثانية لم يكن لها سبب أو تعليل واضح أبدا وربما أتت بعد تمهيد من القلق التوجسي]]]]، وما أقلقني هو عودة تلك النوبات في صورة ناقصة سريعة ولوقت بسيط خوف من مجهول، تسارع ضربات القلب، التعرق، الزخات، تشكيلة رائعة تجعلني أفكر في الانتحار ألف مرة خوفا من عودتها.
وبمناسبة الانتحار فأنا ومن قبل مرضي بفترة كبيرة شديد التفكر في تلك المسألة والاستغراب من كيفية قدوم المنتحر على الانتحار ولكن في نفس الوقت أشعر بالأسى له والتعاطف معه وأترحم عليه وأتعجب كيف سيعذبه الله رغم عدم تحكمه في ذلك خاصة وأن الروح هي أغلى ما يملك المرء وأذكر ذلك منذ صغري وأحيانا حين أتخيل ذلك أفكر في كوني سأموت منتحرا وبالتحديد سأقطع شريان يدي اليسرى أرجو من الله ألا يكون ذلك.
[[[[بعد تلك الدورة قام أخي بعرضي على طبيب نفسي جزاه الله كل خير فقد عرف للوهلة الأولى إصابتي ووصف لي صنفين سيبرام حبة صباحا وأنافرانيل 25 حبة مساء لمدة ثلاثة شهور وكانت الاستجابة جيدة فبدأت الأعراض تخف تدريجيا حتى تلاشت والحمد لله وكان من المفترض أن أذهب له ولكنني قبل أن أذهب توقفت عن العلاج ولأمر ما لم أوفق للذهاب فبدأت أشعر ببعض الأعراض الغريبة كالتوهان والزغللة، ولكن ذهبت له فلامني على إيقاف العلاج فجأة، وقرر استمراريته، ثم طلب مني إيقاف أحدهما دون تحديد، فأوقفت السيبرام لارتفاع ثمنه، واستمررت على العلاج فترة شهرين، ثم شهرين، وذهبت آخر مرة فقال لي استمر على أنافرانيل شهرين آخرين، ونرى]]]].
وأنا والحمد لله الآن بصحة جيدة من الناحية الجسمية، ما عدا الشعور بثقل في رأسي من الخلف صباحا في وقت الاستيقاظ يزول بعد فترة ومعه شعور بسيط بالضيق، وكل ذلك ظهر بعد فترة بسيطة من الانقطاع عن تناول السيبرام وما زال إلى الآن، ولكن من الناحية النفسية ينتابني شعور بالقلق الدائم [[[[لست مرتاحا في غربتي ولا حين أعود لبلدتي وانقلب الأمر الآن فبعد أن كنت أرتاح أكثر في البيت أصبحت راحتي الآن في الغربة أكثر وإن لم تكن راحة كاملة وأشعر بالانقباض لقرب عودتي للبيت وحين أعود أنام كثيرا وأشعر بالملل وبانقباض في رأسي من الخلف باختصار أمارس الاكتئاب بصورة مبسطة لدى عودتي إلى البيت وقد تعرضت لما ربما أسميه تمهيد لنوبة هلع ولكنها والحمد لله لم تتم]]]].
أشعر أن شيئا داخلي قد انكسر أو أن شيئا ينقصني [[[[أشعر بالرغبة في العودة إلى الإخوان وفي جهة مقابلة الرهبة من مواجهة الواقع والفشل مرة أخرى في الانتظام معهم خاصة وأن هناك كثيرا من الاختلافات الفكرية الآن]]]] أحيانا أكون في قمة الطموح والرغبة في مجالات شتى [[[[خاصة فيما يتعلق بالتسجيل للدرجات العلمية حيث انتهيت من دراستي العليا النظامية]]]] وأحيانا خمول مميت.
وينتابني شعور بأن هذا المرض مزمن في حالتي التي تتسم بماض تاريخي أصيل وأشعر بالقلق مخافة عودته، [[[[رغم أن طبيعتي ومهنتي في مجال القراءة والنت قد ساعدتاني كثيرا على ضبط سلوكي وانفعالاتي ومعالجتي معرفيا]]]] وخاصة من خلال قراءة نصائحك جزاك الله خيرا.
الآن يا دكتور وأعلم أنني قد أطلت عليك أيما إطالة وأعتذر بشدة ولكن أرشدني بالله عليك حتى أصبح إنسانا صالحا أريد أن أتخلص نهائيا من تلك الطبيعة المرضية وأن يتوافق ظاهري مع باطني وفي ذات الوقت لا أرغب في الاعتماد على العلاج أكثر من ذلك، [[[[فالجميع يرون في شخصا مثاليا حتى هؤلاء الذين أظن أنهم أفضل مني بمراحل ويشيدون بقدراتي وأخلاقي ولكنني لا أرى ذلك فقدراتي ومواهبي متعددة ولكن يمكن نعتها بأنها مواهب وقدرات تحت الطلب أحتاج دائما إلى الدفع وبينما أقدم أعمالي وأشعر بأنها ناقصة وأكرر قراءتها كثيرا أفاجأ بترحيب بالغ بما أقدم]]]].
دائما ما أشعر أن الله ساخط علي وأنه قد كتب على البقاء هكذا وأنني ممن قال فيهم رسول الله يعمل بعمل أهل الجنة حتى... لكنني أحب الله هذا ما أشعر به وأحس أيضا بأنه يحبني في أوقات كثيرة ويضع لي القبول عند الناس وهم لا يعلمون سريرتي.. ماذا أفعل؟ وكيف أجنب أولادي إن قضى الله لي الزواج والإنجاب كيف أجنبهم ما حدث لي؟
أرجو ألا تحيلني إحالة واسعة إلى مواضيع سابقة فقد قرأت تقريبا معظم ما كتب على الشبكة فيما يتعلق بالأمور النفسية.
شكرا لاهتمامكم وجزاكم الله خيرًا.
21/05/2004
رد المستشار
الأخ السائل العزيز أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك وعلى إطرائك، إفادتك بالفعل طويلة ولكنها تحكي معاناة من الطبيعي أن يعانيها كثيرون في مجتمعنا ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيا له من مشهدٍ وأنت تتقلب بين مدعي العلاج بالقرآن ولا تستفيد ويا لها من مسرحية محكمة الحبكة تلك التي يفك الجان عقدهم فيك على مر فصول المسرحية، فهذا لأنك دهسته بقدمك وأنت خارج من الحمام، وذاك لأنك تسببت في إسلام أحدهم ولا حول ولا قوة إلا بالله، ورغم أنك طلبت ألا أحيلك إحالات واسعة لكنني سأفعل لكي لا أكررَ ما سبق وقلناه في هذا الموضوع على مجانين تحت العناوين التالية:
السحر والحسد والشياطين ، وأمة المساكين
السحر والشياطين وقول الأطباء النفسيين
السحر وكيفية كشفه ؟
هو يقول ، ونحن نقول ... أين البحث العلمي
الجن المخفي وادعاء العلم بالغيب : مشاركة
خطيبتي والجن !! "التفكير الخرافي "
ين الرقاة - مس قرين؟؟! أم وسواس قهري؟؟!!!
المس واللبس والسحر في العيادة النفسية
التفكير العلمي في مقابل التفكير الخرافي والأسطوري
أعود بعد ذلك إلى حالتك لأقول لك أن لديك خلفية نفسية مما نسميه عسر المزاج Dysthymia، ومع هذه الخلفية الاكتئابية يوجد أيضًا توترٌ عالٍ واستعدادٌ مستمرٌ للقلق، وعلى هذه الخلفية الاكتئابية القلقية الخفيفة والمستمرة تتناوبك أحيانا نوبات من التوتر الزائد ونوبات الهلع عند التعرض لمثير أو كربٍ ما وكثيرا ما تبقى معك بعض أعراض القلق المعرفية وكذلك الجسدية بعد تلك النوبات، وأحيانا أخرى نوباتٌ من الاكتئاب الذي نسميه في حالة ظهوره عند مريض عسر المزاج بالاكتئاب المضاعف Double Depression، وأنا هنا مضطرٌ أن أحيلك إلى عددٍ من الردود السابقة أيضًا على استشارات مجانين لكي لا أكررَ ما قلته أو قاله مستشارونا سابقا:
عسر المزاج ، والاكتئاب
الاكتئاب الدائم أم عسر المزاج ؟
لا لا نرى الشيطان ، بل الإنسانُ في معاناته
الاكتئاب المتبقي أم العلاج المنقوص ؟ م
علاجٌ من العلاج المنقوص !
خلطة الرهاب المختلط مع الاكتئاب !
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب
القلق وانعدام الأمان:
الخوف والوسواس أبناء القلق
الخوف المتعمم: هل هو القلق المتعمم؟
الجبن مرض مزمن ام ماذا
القلق المزمن والبحث عن الطمأنينة
اضطراب القلق المتعمم
اضطراب الأحوال أم اضطراب القلق المتعمم ؟
الكلام أمام المرآة : جنونٌ أم لا ؟!
الاكتئاب والقلق: الأعراض الجسدية
نوبات الهلع وضربات القلب
وأكونُ بذلك قد أجبت على كثير من تساؤلاتك التي وردت في مشكلتك فقد كنت طفلا عصابيا منذ البداية كما ستفهم من مشكلة: قلق الانفصال في الطفولة وأسباب ذلك علمها عند ربي، ذلك أن معظم ما تعرضت له في طفولتك وشبابك لا يختلف كثيرا عن ما يتعرض له كثيرون ولكن الله لم يقدر لهم هذا النوع من المعاناة مع خلطة القلق وعسر المزاج المزمنة وهو الانطباع الذي أراه متماشيا مع ما وصلني من سطورك الإليكترونية،
وأما المهم يا أخي الفاضل فهو العلاج وهذا ما سأحاول أن أرشدك إلى الطريق الذي يجب أن تسلكه من أجل أن يمن الله عليك بالشفاء، فأنا أعتبر كل محاولات العلاج السابقة محاولات منقوصة لم تكتمل ليس فقط لأنك كنت تترك العلاج دون إذن الطبيب أو بإذنه وإنما لأن مجرد العقار لا يكفي في حالتك كما ذكرنا من قبل لأخينا صاحب مشكلة: ليس بالعقار وحده يشفى المريض،
فحالتك يا أخي الفاضل تحتاج إلى العلاج النفسي المعرفي السلوكي، وربما التحليلي أيضًا حسب ما يتراءى لطبيبك النفسي المعالج. كما أن في حالتك ما يشير إلى تفاوت الحالة المزاجية أثناء اليوم الواحد Diurnal Variation، وهي أحد علامات الاكتئاب الحقيقية أيضًا حيث تقول: (أستيقظ مبكرا على ألم شديد في قلبي وخمول وعدم رغبة في الحياة أصرخ وأقول أريد أن أنام رغم نومي الكثير كأنه نوم هروبي ولا أستطيع النوم المريح........ورغم ذلك يتحسن الأمر بعض الشيء في وسط اليوم وخاصة حين يجالسني أحد من المقربين مني، ولكنه يعود للتكرار ليلا على هيئة رهبة وقلق وغموض) فما بين مزاج اكتئابي سوداوي في الصباح مع انقشاع بسيط للكآبة وسط النهار يأتيك الليل وأنت خائف متوجسٌ بلا سبب واضح.
إلا أن أكثر ما يقلقني في حالتك هو خيالات الانتحار التي أشرت إليها بقولك: (أفكر في كوني سأموت منتحرا وبالتحديد سأقطع شريان يدي اليسرى أرجو من الله ألا يكون ذلك)، وعندما يكونُ ذلك تاليا لوصفك لخواطر شيطانية تأتيك فيها تساؤل عن كيف يحاسب المنتحر فإني قلقي يكون مبررا، وأحيلك إلى ارتباطات على مجانين عن الانتحار هي:
الانتحار بين المرض والاختيار: الجزء الثاني
"مستقبلي ضاع...أريد الانتحار"
الوسواس القهري والانتحار
بين الجنون والانتحار تبدأ الحياة م
لقد كنت في حضرة الله فلماذا لم تعترض ؟! مشاركة
أرجو ألا يغضبك هذا الكم من الإحالات ولكن هكذا الإنترنت وأنت تعرف، خاصةً وأن مشكلتك طويلة جدا بالقدر الذي لا يسمح لنا بإطالة الإجابة عليها لأن للصفحة طولا يراعى أن يكونَ معقولا، كما أن التكرار لا داعي له، وكل واحدة من الروابط ستفتح في صفحة جديدة فلا تقلق، وفكر منذ الآن في طبيب نفسي متخصص ذي خبرة في أنواع العلاج النفسي المختلفة، ولاحظ أن حرصك على الالتزام بواجباتك الدينية وسعيك للبقاء قريبا من الله هو من أهم عوامل القوة النفسية لدى المسلم، فتحرك يا أخي في طلب العلاج ولا تمكن الاكتئاب منك.
وقاك الله شرَّ الاكتئاب الجسيم وكيف يسلب الإيمان؟، وتابعنا بأخبارك.