السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعلي قد أطيل شرح تفاصيل مشكلة عائلتنا التي بدأت بشخصية والدي الغريبة وتسلسلت المشاكل من خلفها. نحن عائلة مكونة من والداي ونحن الأبناء 4 ذكور و3 إناث، كنا نعيش في السعودية وعدنا لبلدنا منذ ما يقرب الثماني سنوات، نبدو للناس عائلة متماسكة ولكننا في الحقيقة عائلة هشة جدا ولا قدّر الله يمكن لمصيبة ما أن تنتهي منا وتدمرنا تماماً ولن أبالغ إن قلت أننا عائلة على الورق فليست هناك مشاعر حقيقية بيننا.
منذ وِلادتنا ونحن نلحظ شيئا غريبا وهو أنّ والدي لديه موقف غريب تجاهنا أبنائه الذكور فهو لا يتعامل معنا إطلاقا ولا يولينا مسؤولية ولايتحدث معنا تقريبا في أي شيء، كل ما يفعله إنه يصرف علينا ماديا بما يجعلنا نأكل ونشرب ونتعلّم وبالمقابل هو يولي شقيقاتي جميع المسؤوليات حتى المالية ويستشيرهم ويعمل بقراراتهن ويتحدث معهن ويناقش المستقبل وكل شيء ولكنه معنا نحن الذكور لا حوار إطلاقاً فقط الصرف المادي لا غير أما شيء كان صغيراً أو كبيرا فهو يفضل التعامل مع بناته فحسب ومهما كان الموضوع هاماً أو يحتاج لنا نحن الذكور فهو يلغينا تماماً منه.
منذ ولادة شقيقي الكبير وحتى وصولاً للأصغر منا لم يكن لدى أحد منا خريطة عن والدنا ولا ذكرى ولا موقف معه أو أي شيء إذ لديه قدرة غريبة لتحاشي الحوار معنا أو حتى توليتنا مسؤوليات وغيرها، ولهذا فهو يعتمد بشكل مطلق في إدارة المنزل على شقيقاتنا ويثق بأفكارهن بصورة مطلقة ولا يناقش أفكارهن أبداً، والمشكلة أنّ طريقة والدي هذه أكسبت شقيقاتنا سلطة مطلقة أسأن استخدامها طبعاً فهو يحميهن بسلطته الأبوية وينفذ كل ما يطلبنه ويضمن لهن كل شيء، ولأنهن أدركن تعامل والدنا معنا الذكور فقد استغللن الأمر ليزيدوا الفجوة بيننا وبينه.
فوالدي غريب جداً ومبادئه لا يكاد يفهمها شخص ما فهو يرى أنّ الذكور عادة مجرمون ومتمردون ومتهورون، بينما الإناث بالنسبة له النقيض تماماً فهن طاهرات مغلوبات على أمرهن وضحايا لسطوة الذكور وهو يُصرِّح بهذه المبادئ أمامنا وحتى أمام أقاربه وأصدقائه، يقول أن بنات الرجل ضيفات وسيغادرن المنزل حين الزواج ولهذا يعمل على إرضائهن بصورة مطلقة وكأنّ ذلك عملية تعويضية لهن، وللأسف يقول عبارات غريبة يستنكرها الناس إذ أنه مرة اقترح لأحد أصدقائه أن يُذبح للفتاة أكثر مِن الصبي لأنّها ضيفة على حد وصفه الدائم، وللأسف شقيقاتي يدعمن أفكاره دائماً لأنّه بإزاحتنا تكون الصورة الكاملة لهن أمام والدي.
ومنذ عدة سنين وصل لحالة تفكير غريبة، فهو أصبح يرى أنّ بناته عليمات بكل شيء وفاضلات ويرانا نحن على النقيض تماماً، ومن كثرة استماعه لهن أقنعنه أن لا يستمع لنا نحن الذكور إطلاقاً وكأنهن أقنعن والدنا أننا الذكور لدينا المقدرة على الخبث والتلاعب به وأنّ الطريقة الوحيدة لينجو منا هي أن يستشيرهن دائماً ويوكل الأمور لهن وبالفعل هو هكذا الآن، فحين يكون هناك موضوع له علاقة بأحدنا الذكور لا يقطع لنا أمراً ولكنه يذهب ويستشير بناته ويسألهن عن ما يجب فعله وأيّاً كان رأيهن يصبح هو الرأي "المقدس" بالنسبة له وتصبح هناك مشكلة ضخمة إذا تصادمنا مع رأيهن فهو ينقلب لمهاجمتنا نحن ويطلق عبارات كالقول أنّ الذكور غشاشون وكذابون ويتحدث فجأة عن أنه كان دائماً يسمع كلام شقيقته وأنّ شقيقه كان دائماً مثير مشاكل ووبالاً لأسرتهم وأن والدته ماتت وهي غاضبة على شقيقه.
أصبحت الشجارات هي ديدن عائلتنا فمهما كان الموضوع كبيرا أو صغيرا أو حتى موضوعاً ذكوريا صافياً نجد والدي يستشير بناته وهن يفتين لنا عن أنّ الرجل يجب أن يفعل ويجب أن لا يفعل وهكذا .. وللأسف أصبح والدي مجرد منفذ لأوامرهن فسلطته الأبوية هي فقط تهديد لنا نحن الذكور بأنّ العاق يدخل النار وحتى نحن أصبحنا نعرف أنّ والدنا اختفى من المنزل وأصبح فقط منفذ أوامر لبناته، ومجتمعيا أصبح شكلنا سخيفاً جدا فهو بصورة واضحة يوليهن كل شيء حتى أنه مرة اشترى سيارة ولكنه أوكل كل أمورها لإحدى شقيقاتنا وتصوروا أنّ شقيقتي أصبحت تذهب للميكانيكيين وتتحدث عن السيارات وغيرها وللأسف فشل موضوع السيارة واضطر والدنا لبيعها بخسارة ومع كل هذا لم يتحدث مع أحد منا عن ذلك وكل ما حاولنا الدخول في الموضوع فهو يقول لنا "اصبروا" ثم يستمع لما تقلنه شقيقاتي وبعد ذلك ينفذ رأيهن، ويتجاهل كل ما نقول بحجة غريبة فيقول لنا أن نصبر ونتحملهن لأنهن سيغادرن يوماً ما.
ولذلك لا نعمل على معاكسة كلامهم أبداً، وهكذا الأمور المالية والاجتماعية وغيرها تسير بما يقلنه شقيقاتي ودائماً يجدن الفرصة لتشويه صورتنا في رأس والدي، ما يجعله يتبع كلامهن دون أي مناقشة فهو يرى أنّ رأيهن مهما كان فهو خيرٌ له من التعامل معنا، ولأنهن يفتين بما لا يعلمن، ويتعاملن بالعواطف دائماً خسرنا بصورة اجتماعية ومادية غريبة، أموال كثيرة خسرناها لأنّ والدي يرى العقلية الأنثوية عقلية قيادية، واعذروني على العبارة والدي نفسه أصبح يتخلّى عن عقليّته الذكورية فهو يرى أنّ الرجل عادةً مجرم ومتهور وبالتالي يتصرف بشكل غريب فهو أصبح يحضنا على عدم المواجهة ومرات يحذرنا من الجرائم في الشوارع ويقول أمثال كالقول "اللي خاف ربى عياله" وهو يلتزم بهذه الأقوال ما جعله محط سخرية وأقوال شهدنا على بعضها شخصياً، فمثلاً إحدى قريباتي كانت اقترحت موضوعاً ما ويتولاه أحد أشقائي فضحك زوجها وقال لها: "ألا تعلمين أنّ – اسم والدي – يحب بناته؟" مشيراً بذلك لتعامل والدي المطلق مع بناته وتجاهله لنا، وقد قال قريبي هذه الجملة أمامنا.
ثم يتعمّد والدي الاشارة السلبية لنا نحن الذكور حتى أمام الناس فهو يكرر عنّا أبناءه دائماً مقولة "لا يعرفون، فوضويون" وأشياء حتى الناس ينحرجون حين يسمعونه يقول ذلك عنا أمامهم، حين يحتاج لمشوار وأن يُوصله أحد يقترح أحد أقاربي أن يقرضه سيارته كي يقودها نحن أحد أبنائه ولكنه يردُّ مباشرة أنه يفضل أن يقوده غيرنا لأننا سنحطم السيارة، وهكذا مواقف محرجة كثيرة من والدنا ومبادئه التي حتى جعلته هو نفسه وللأسف محط سخرية للناس لأنّهم لا يفهمون لماذا لا يثق بنا نحن أبنائه الأربعة خاصة وأن الناس لا يرون شيئاً منا فلله الحمد لا أحد منا مثير مشاكل أو مدخن أو مقصر في الصلاة أو العبادات أو مرتكب ذنوب واضحة اللهم إلا أفعالاً صغيرة لا تخلو منها معظم المنازل ولكنّ هذه الأفعال تتضخم عند والدي جدا، وهو حين يمتدحنا أحد يقول للناس عنا "اسكتوا، أنتم لا ترون ما يفعلونه"، وقد حكى لي شقيقي الأكبر أنّ أحد أبناء عم والدنا، زارنا وسأل شقيقي لماذا والدنا يشتكي له تصرفاتنا، وقريبنا هذا سأل أخي لأنّه نفسه لم يكن يفهم سبب شكوى والدنا فهو – قريبي - بتعامله معنا لم يكن يرى الأشياء التي يتحدث بها والدنا عنا.
ما يزيد مشاكلنا تعقيداً هو أنّنا بقيادة والدنا صرنا نمشي بسلسلة أفكاره وبأوامر شقيقاتنا، فهو منعزل لا يخرج إلا نادراً وحين يخرج يحصل على كل معلومات خروجه من بناته فقط، يتابع الجرائد ويثق بشكل مطلق في كل ما تقوله الأجهزة الرسميّة، يشاهد برامج الجريمة والجرائم على الجرائد وغيرها والتي عادة يكون الذكور فيها مجرمين والضحايا إناث، فتتأكد الفكرة لديه، وحين سمع عن الفتاة التي تعرّت على الفيسبوك قال أمامنا وحتى أمام أصدقائه أنه لم يهنأ بالنوم أسبوعاً كاملاً لأنه لم يصدِّق أنّ فتاةً تفعل شيئاً كهذا، وكالعادة كانت مقولته هذه باب سخرية جديدة توضح للناس انفصاله عن الواقع وفكرته المثالية التي يعيش بها.
من أكبر المشاكل هو الطريقة التي يسير بها المنزل، فلأنّ شقيقاتي يؤمنّ كعادة النساء أنّ المظهر وكلام الناس أهم شيء يحرص والدي على ذلك، فأصبح مع شقيقاتي ووالدتي يتزيفون بشكل واضح يقولون لفلان كلاماً ولعلان كلاماً آخر كي يكسبوا رضا كليهما، حين يزورنا شخص في المنزل يجب أن يكون هناك تأهب كامل وخدمة مطلقة للضيف كي لا يتحدّث عنا أو لا يعجبه شيء ما، فيصيح والدي بصورة مخجلة للأسف أمام الضيوف ويتعجّل بإحضار المشاريب وغيرها وفجأة يبدأ بالاعتذار للضيف عن أي تأخر حدث، يبدأ بإفشاء أسرار منزلنا كي يبين للناس أننا لا نخفي شيئاً.
حين يحاول أحدنا الحديث بصورة تلقائية يقاطعنا والدي، فهو يستمع حتى لما يقلنه شقيقاتي عن أنّ الناس يتوقعون منا طريقة كلام محددة، وأنّ الناس تسمع كل كلامك وسيغضبون إن قلت خطأً ما، وطبعاً سبّب هذا صداماً كثيراً في المنزل وجعلنا نحن الذكور لا نحب أن نجلس جلسات عائلية فيها والدانا أو شقيقاتنا، وحين يسأل الناس والدي عن غيابنا يجيب والدي للناس أننا – نحن أبناءه الذكور – غير اجتماعيين، ويبدو أنّ والدينا يحاولان كسب الناس بأي شيء حتى لو خسرا علاقتهما بنا نحن أبناءهم فمثلاً والداي يقولان عني أنا شخصياً أنني غريب الأطوار، وحين سألتْ إحدى صديقات والدتي عن تعاملي الديني الوسطي مع نساء العائلة – في ظل مجتمعنا المنفتح - أجابت والدتي بالقول أنني لا أحب التعامل مع النساء.
ووالله هناك غرائب في أسرتنا فوالدتنا أيضاً تخشى من مظهرنا نحن الذكور أمام الصورة المثالية التي تحاول مع والدي وشقيقاتنا صنعها أمام الناس لذلك بعد فترة عمِلتْ والدتنا على إبعادنا عن قريباتنا وصديقاتها كي لا "نحرجها" بمنظرنا وكلامنا، وتجيب الناس حين يسألون عن غيابنا بالقول "أننا أبناء السعودية غير متعودين على النساء" ولكنها مرات أخرى حين تلومها ضيفاتنا ويعتقدن أنّ عدم حضورنا نحن الذكور هو تكبُّر منا وأنّ المجتمع منفتح ومتساوٍ، فجأة تتغير والدتي وتعاتبنا بالقول أنّ قريبتكم تشتكي لأنكم لم تسلموا عليها أو تجلسوا معها ثم تقوم والدتنا بمعاتبتنا، والعتاب الصادر منها ومن والدي لا يكون عاديا فهو دائماً غضب شديد وأننا عاقون وعدة مرات قاطعتني والدتي لأيام في مثل هذه المسائل، وتتعامل معنا وكأننا نصبح أبناءها ومرضيا عنا ما دمنا نتبع نظام العائلة – الذي وضعنه شقيقاتي.
حين حاولتُ التحدث مع والدتي عن هذا الفكر السائد في المنزل وعن الصورة التي يسببها وعن كيف سبب لي أنا شخصيا ألما نفسيا عميقاً، وأرقاً، وكلامها التي تقوله هي عني أمام الناس، والشائعات التي تنشرها شقيقاتي عنا نحن الذكور أمام الناس، لم تزد والدتي على أن قالت أنّ هذا نظام البيت، وأنّ الناس يسألونها، فتجيب ب"الصدق" بأننا نحن الذكور لا نحب التعامل مع نساء العائلة وأنّ أفكارنا غريبة ووجدتها فجأةً تقول لي أن أتحسّن وأُصبِح أفضل من أجل كلام الناس، أما والدي فلم أحاول أن أتناقش معه في موضوع لأنه لا يتحدث معنا أصلاً.
وكان هذا حواري الأخير مع والدتي منذ ما يقرب من 4 سنين، لأنني وجدتها هي الأخرى تصدق ما يقلنه شقيقاتي عنّا، والغريب أنّ الأمور معقدة جداً، فلكي لا يتدخل والداي في أمورنا نحن الذكور بتفكيرهما المطبق عليه من شقيقاتي، صرنا نحن الذكور ننظم أمورنا لوحدنا، فاجتماعياتنا لا تتضمن والدينا وتسيير أمورنا لا نستشير ولا نخبر به والدينا، وأنا حاليا في دراستي الجامعة لا أخبر والداي عن أي شيء لا عن جدول دراسي ولا أحداث جامعية ولا قصص ولا يعرفون أصدقائي، ولا معلميني ولا معلماتي، ويكتفي والداي بالأخبار الناتجة عن شقيقاتي، والتي عادة تكون أنني في الجامعة لا أصدقاء لي ولا أحداث ولا غيرها، ففي الوقت الذي أتعامل فيه مع زميلات دراسة أو معلمات أو حتى أمهات أو شقيقات أصدقائي، أعود لأجد والدتي تسألني عن سر "عدم تعاملي مع النساء"، وحين أخرج مع أصدقائي أجد أمي تسأل شقيقتي عني "لماذا ليس لديه أصدقاء؟"، ورغم مهاراتي – ولله الحمد – في الاستنتاج والحفظ بحكم دراستي عن البرمجة ولغاتها وتعاملي مع الأجهزة الإلكترونية وحتى قراءاتي الكثيرة، أجد والداي يتعاملان معي وكأنهما أمام صبي في ال6 من عمره" لا تنسى، لا تقل، لا تفعل"
القيم منزوعة في أسرتنا، فإرضاء هذا النظام الفكري هو الغاية الكبرى حتى لو تصادم مع الدين، فمنظري بالنسبة لوالدتي أهم من كل شيء ما دام لن يتشوه أمام الناس، منذ الصغر تأمرنا بزيارة أقاربنا كي لا يأخذوا موقفاً منا، تأمرنا ألا ننسى أن نهنئ أو نعزي، كيلا يعتقد الآخرون أننا لا مبالون، تتدخل في طريقة لبسنا وكلامنا ثم تستشير هي الأخرى شقيقاتنا عن كل شيء يجب فعله، بدأت تسألني عن لحيتي حين بدأ الناس يحدثونها عن استغرابهم من مظهري وتصرفاتي الملتزمة نسبياً، ثم فجأة بدأت تشير لي بإزالة لحيتي أو تخفيفها مراعاةً للناس، وأنّ الدين ليس معقد هكذا، ولأنني عادةً لا أستجيب لهذا الفكر الخاطئ المُملى عليها وأتجاهله أجد نفسي أدخل دوماً في دوامة أخرى من المقاطعة والإبعاد، لدرجة أنّ أشقائي يتخاذلون خوفا من غضبها عليهم أيضاً، أما أنا فاكتسبت مناعة من ذلك فالحقيقة ودون مبالغة لم أعد أشعر بأمومة أمي هي الأخرى كفقدي لإحساس أبوة والدي لي، فقد اختارا أن يجعلا شقيقاتي والدين بدلاً عنهما، وشقيقاتي والداتٌ لا يرحمن.
مما يحدث أيضاً أنّه حين تختلف والدتي مع شقيقاتي، يقف والدي مع شقيقاتي بصورة مباشرة، حتى أنّ والدتي غادرت المنزل مرتين بسبب ذلك، ولكنها بعد ذلك أصبحت تتوقف عن مخالفة شقيقاتي، لأنها لا تتحمل غضب والدي عليها.
لا أعرف من أي طرف أتعامل فيه مع عائلتي، فمن جهة والدي، فهو لديه – والله أعلم – ماضي سيء مع الذكور جعله يأخذ موقفه منا، و"يقدس" الفكر الأنثوي وخاصة فكر بناته ويراه جديراً بالقيادة رغم أنه مثقف نسبيا ويقرأ كثيراً، ومن جهة والدتي فهي امرأة بسيطة، وملتزمة بصورة تقليدية تعرف العبادات الأساسية فقط وتخلط بين التقاليد والأحكام الشرعية، ومن جهة ثالثة شقيقاتي وجدن والدينا تربة خصبة ليتزعّمن عليهن وتحوّلن لمخلوقات حاقدة بصورة غريبة، ويزودن والداي بالمعلومات التي تضمن لهن قيادة الأسرة الدائمة، وعودة والدي لهن في كل صغيرة وكبيرة، ومن جهة رابعة، فقدنا نحن الذكور الانتماء للعائلة، فلا يهمنا ما يحدث للعائلة وصرنا لا نتدخل لمساعدة والدينا أو شقيقاتنا إلا في الحالات الطارئة جداً، وحين تكون الحالة طارئة بحيث نتدخل متجاهلين هذه المنظومة، لا يشكرنا والدانا ويكتفيان بالإشارة إلى أننا كسرنا قوانين الأسرة بتدخلنا هذا.
أذكر مثالاً على إحدى هذه الحالات، إحدى المرات أتى أحد أقاربنا الشباب للدراسة الجامعية، ووثق به والدي بصورة مفرطة كما اعتدناه يفعل للناس، وأصبح يزوده بالمال ويسأل عنه في كل صغيرة وكبيرة، ويسأله " هل نحضر لك طعام، هل نفعل لك شيئا" وهكذا ... ولاحظنا نحن الذكور تصرفات قريبنا الغريبة، فهو يعود للمنزل من "محاضراته" بشكل سريع جداً رغم أنه طالب هندسة، وقبل أن يغادر يحمل فلاشات كمبيوتر بدلا عن كتب والدفاتر وغيرها، كما أنه يتحدث عن صديقات وأصدقاء وتوسع علاقاته معهم رغم أنهم طائفة غير مسلمة في بلدنا ومزاحه قبيح جداً وعادةً في الأمور الجنسية التي يفعلها أصدقاؤه، وحتى اعترف مرة أنه تناول وجبة طعام في منزل مروج "بانغو"، واشترك في استعمال جهاز كمبيوتر مشترك بيني وأشقائي، وبمتابعة المتصفح وجدناه كان يدخل على مواقع إباحية، ثم تابعنا سجل التحميلات فعثرنا على فيديو إباحي خبّأهُ في الجهاز، وفي الأخير بحثنا في حقيبته وعثرنا – والله شاهد على ما نقول – على إنجيل لديه . وفي النهاية ذهبنا لجامعته واكتشفنا أنه لم يسجل فيها أصلاً وخلال الأربع سنوات الجامعية التي قضى منها اثنين معنا لم يكن ذهب للجامعة حتى.
وقد قمن بكل هذا دون إشراك والدنا في الأمر، ثم بلّغنا والد قريبنا هذا وفضحنا أمره، حتى أنّ أعمامنا عاتبونا نحن الذكور، على السنتين التي قضاهما معنا هذا المدّعي، ولم نقل جواباً لأقربائنا لأنّ الجواب هو أنّ الوحيد الذي أخّرنا هو وللأسف والدنا. بعد فترة اتصل والدي بوالد هذا المدّعي وأعتذر له عن "سوء الفهم" الذي حصل.
الآن علاقتي بوالداي وشقيقاتي علاقة ورق فحسب، فوالداي ولأنني لا أنفع هذا القانون المجنون السائد في المنزل وغير مؤمن به، فقد حددا علاقتهما بي، بأشياء سخيفة كإحضار كوب ماء أو أغراض عادية من البقالة وحتى المهمات المعقدة لا يرسلوني إليها، ويكتفي والدي بإرسال والدتي وشقيقاتي برغم أنّ والدتي عانت عدة مرات مِن آلام الساقين، وحين يرسل والدتي وشقيقاتي يلتفت إلينا ويقول "والدتكم وشقيقاتكم يقمن بكل شيء"، ووالدتي وشقيقاتي يشتكين مِن قسوة هذه الأعمال، عمل داخل المنزل وعمل خارجه، فيلقين باللائمة علينا نحن الذكور أيضاً. وحين نحاول القيام بهذه الأعمال (الواجب على الذكور الاهتمام بها) يحاربنا والدنا بكل طاقته.
ما مشكلة أسرتنا هذه؟ وماذا نسميها؟ وكيف نتعامل مع والدينا خاصة والدي؟ هل نبتعد عن والدينا ونرتاح من تصرفاتهما وأفكارهما هذه فنريح رأسنا ونبني ما تدمّر من أمورنا نحن الذكور فيصبح والدانا عرضة للسقوط من فكرهما هذا وشقيقاتي اللواتي لا يرحمنهن؟ أم نجلس معهما ونتحمّل أفعالهما ونُضحِّي بصورتنا الاجتماعية ومستقبلنا الطبيعي؟
وماذا عن طاعة والدي في ما يفعله وفي أفكاره هذه، هل نحن ملزمون بطاعته؟
أعرف أنّ الطاعة مذكورة في القرآن والسنة ولكن هل تجب في هذه الحالة حتى لو قادت أسرتنا لمصير لا يعلمه إلا الله؟
11/11/2014
رد المستشار
أولا أشكرك "أسامة" على ثقتك بالقائمين على موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية، ولجوئك إلينا لنشاركك مشكلتك ونساعدك بإذن الله في إيجاد حلول لها، كما أود أن أُحيي فيك تلك الروح الطيبة التي لمستها فيكِ والمتجلية في رغبتك البالغة في إصلاح الأحوال وعدم ترك زمام المشكلة بينك وبين والدك، لأنه إذا لم تكن لديك هذه الرغبة بالإصلاح ما كنت لجأت إلينا.
بادئ ذي بدء أذكرك بقول الله تعالي: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) "الإسراء: 23"
لذلك أحاول معك أن أقترح عليك بعض الأمور التي قد تكون عونا لك في تضييق تلك الهوة والمسافة الموجودة بينك وبين والدك، وهي كالاتي:
أولا: حاول أن تجد أرضية مشتركة للحديث بينك وبين والدك، فمن المستحيل أن تكون درجة الاختلاف بينكما 100% فبالتأكيد هناك أرض مشتركة تجمعكما ولكنك لم تستكشفها بعدُ، وعليه فإيجاد هذه الأرض ربما يساهم في إطفاء ولو قليل من الليونة على شكل التعامل بينكما.
ثانيا: تعرّف على اهتماماته وحاول أن تشاركه فيها، فإذا كان يحب كرة القدم على سبيل المثال حاول أن تبادله الأحاديث في هذا الشأن -قدر استطاعتك ومعرفتك بالطبع- وإذا كان مهتما بالسياسة فشاركه نشرة الاخبار، وتبادل معه النقاشات فيما عرض في النشرة... إلخ، لأن ذلك ربما يزيل عن ذهنه نظرته تجاهك.
ثالثا: يجب عليك أن تحاول إخفاء نقاط الاختلاف بينكما والتي ربما يكون لها دور في إشعال فتيل غضبه أيا كانت، فتتخلى عن السيء منها -إذا كان هناك سيئ- وتخفي الجيد منها وتمارسه بعيدا عن ناظريه حتى تتغير شكل العلاقة بينكما وتنشأ علاقة أخرى تكون قائمة على النقاش والإقناع.
رابعا: فلتجرب أن تهاديه بهدية ما ولتكن مناسبتها مثلا عيد ميلاده أو ترقيته في العمل، فالهدايا ترقّق القلوب ويكون لها بالغ الأثر في النفس مهما كانت نفس قاسية.
وفي النهاية وإذا باءت كل محاولاتك بالفشل فلتعلم أن الأب والأم لهما حصانة خاصة من الله عز وجل، ولا يمكن المساس بهذه الحصانة مهما كانت الظروف، وبالتالي أتعشم في هذه الحالة في عقلك الناضج -هكذا لمست من رسالتك- أن تستمر في حسن معاملته رغم الإساءة، أما المشاعر فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها .. المهم أن تعامله كما أمرنا الخالق وديننا الحنيف " هدّأ الله سرّك وهدى والدك إلى الصواب..
اقرأ على موقعنا:
أسرنا البائسة..هل من نهاية لعذابات الأحبة...مشاركة
قلبي وربي وأبي: دفاتر تعاستنا، وعشقنا
قلبي وأبي وربي شباب للعرض فقط م
أبكي وأمي وأبي لا يبالون. مشاركة1
استشهادية تدمر مستوطنات استبداد الوالدين
ابنتنا ترسم معالم استراتيجية التعامل مع الوالدين