موسوس علمي لا يؤمن بالماورائيات! م1
مرة أخرى إلى رفيف
شكرا على الرد مرة أخرى، وأعتذر على أنني خاطبتك بصيغة المذكر ولكن ربما أكون معذورا فرسالتك تنضح بالذكورة وثقة الرجال. وعذرا مرة أخرى على أنك نبهتني إلى ذلك ولم أنتبه، لأنه استقر لدي ومنذ البداية في العقل الباطن بأنك ذكرا .. وفي هذا المقام أستسمحك بأن أبدي إعجابي باسم رفيف حتى وإن لم أتبين معناه .. كما أستسمحك بأن الرد سيكون طويلا لأن المقام لا يسمح بالإيجاز. في البداية ترددت كثيرا قبل أن أجيب، ولكنني وبعد لحظة فارقة قررت أن أرد برد علمي أكاديمي، وبعيدا عن الغوغائية، خاصة وأنني تعجبت مما تفضلت به في بعض الردود. ثانيا حتى أخاطبك هذه المرة بأسلوب المؤنث، بعدما وقعت في الزلل مرتين.
المهم لقد تناثر في ثنايا ردك غضب الذكورة والفحولة وإن كنت قد استسغته مادام أنه في إطار علمي أكاديمي تجلى فيه الاحترام. ولكن هذا لا يمنع من أنني مازلت أعترض على بعض ما جاء في إفادتك. لأنه فعلا يؤسفني أن نستكثر على العربي أن يستخدم عقله، فما إن تخالف بخاريا أو مسلما، إلا وتهيج عليك الألسن وتنهال عليك الأحكام من كل حدب وصوب وتصبح إما متفتحا أو علمانيا أو حتى جاهلا.
أما بطاقة عدم التخصص فهي جاهزة لأن ترفع في وجه كل من يتجرأ أن يدلي بدلوه في التراث أو الفكر الديني المنقول .. نَقْلٌ نُقِل إلينا وتجرعناه حد الثمالة وتقبلناه بحرفه ولفظه وشحمه ولحمه، بل وأسمائه وما أدراك ما الأسماء، وإن طفح إلى السطح مخالفا أو معارضا حتى يُجْلد بآيات الكفر وجهنم والويل والوعيد. ومن ثمة تحرم عليه الجنة.. حقا وجدنا أنفسنا في طيات رسالة غفران أخرى ومَعَرِيا آخر، أخذ يحدد فيها مصيرنا مسبقا. وكأنني سأسأل يوم الحساب عن البخاري ومسلم وأبي حنيفة والتي تقدست حد الألوهية، لا عن الشهادتين أو الصلاة... والغريب في الأمر حينما تضع يدك على الخطأ الواضح البائن كأي خطأ بشري تجد الواحد ممن درس أو يُدَرِس كتب أبي حنيفة وبخاري ومسلم والتي طبعا يسمن بها نفسه وجيبه من جوع بالفتاوى والأقاويل من المنابر الإعلامية والقصور المزخرفة، تجده يحاول أن يجد المخارج والأعذار فيلوك الكلام ويلف ويدور هنا وهناك، بدلا من أن يقول بكل بساطة لقد وقع في الزلل ككل إنسان.
وحتى لا تفهمي كلامي على حسب هواك مثلما اجتهدت وشرحت توظيفي للماورائية، وحتى لا تكلفي نفسك عناء تخريجات لم أقصدها .. فإنني أقول بأنني لست ضد الأعلام المذكورة أسماءهم سلفا، بل بالعكس فأنا لا أحسبهم إلا من الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه نظير ما قدموه للأمة.. ولكن ذلك لا يمنع من غربلة ما يحتاج إلى الغربلة .. أو ليسوا بشرا تلبستهم البشرية المقترنة بالنوم والنسيان والخطأ والزلل .. من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين؟؟
و كما أجبتيني نقطة بنقطة فدعيني أرد عليك بمثل ما فعلتي: أي نقطة بنقطة أقول فعلتي (ي) بالياء المُغَلَظة بأيمان الأنثى، وقد كتبتها بذلك عمدا على الرغم مما فيها من خطأ إملائي
يا سلام ونحن نَرُد في هذا القرن الذي وصلت إليه العلوم شأوا عظيما برد: (لو كنتَ كأبي حنيفة النعمان رحمه الله في علمه، لسمح لك الجميع أن تقول: هم رجال ونحن رجال. ولكن أن يغيب عنك سند حديث ثم تقول هم رجال ونحن رجال!!! لا يا أخي، بمصطلح أبي حنيفة رحمه الله أنت ذكر، ولكن لست رجلًا..... فلست أنا ولا أنت الذين نحكم عليهم، الناقد يجب أن يكون على علم واسع فيما ينقده، وتعرف هذا بحكم اختصاصك في النقد)... ألا تعتقدين أنك تنزيلنه منزلة المنزه على الرغم من أنك تقرين بإنسانيته، ثم أتساءل لماذا هم أعلم منا بالضرورة وأتقى؟؟ ألا يعلم ما في القلوب إلا الله، ثم ألا تعتقدين أن العلوم تراكمت مئات السنين فاطلعنا عليها بتراكماتها وبالتالي وصلت المعرفة إلينا تراكميا عبر مَرِّ الزمن عكس زمانهم.
ضف إلى ذلك الظروف المحيطة بنا بما فيها من تكنولوجيا وإعلام وتطور و.. و.. جعلتنا فيما أخال أعلم منهم أو على الأقل حتى لا أقول أعلم منهم تجعلنا نقبل الجيد ونرد الرث ونكيفها حسب العصر...ألم يدعو علي رضي الله عنه إلى ذلك؟؟ ثم من أعطاك الحق حتى تقصري المعرفة على أبي حنيفة وتجعليها في المرتبة التي لا نصل إليها؟؟ أفقط لأنهم من القدماء؟؟ ثم هل تعتقدين أن الله عز وجل خلق العقل وجعله حكرا عليهم فتبينوا الحقيقة الكاملة ونحن خلقنا بأنصاف العقول. أليس هذا قدح في حق الربوبية؟ ثم إنه بهذا المنطق حسابنا أهون مقارنة بهم لأنهم أوتوا العلم والحقيقة الكاملة بخلافنا لأن الجزاء يختلف حسب مرتبة الفرد مثل نساء النبي ص. بالله عليك أي منطق هذا؟؟ ألم يصفنا خير الخلق عليه أفضل الصلوات والتسليم بأننا إخوانه الذين سيوظفون عقولهم فنؤمن به من غير أن نرى الحقيقة ماثلة أمامنا؟؟
وكم هو جميل وربما سنثاب أكثر حينما نزيح كل ما يشوب هذا الدين بسبب ما نجم من أخطاء إنسانية ورثناها منذ القدم .. ثم ما أجملك وأروعك وأنت تَـتَمَثَلين دور القاضية فحكمت علي بأنني ذكر ولست رجلا، (فأنا ذكر أتميز عن الأنثى فقط بيولوجيا وفيزيائيا، لأنني لم أصل إلى علمه)..آه عذرا هي من القيم التي تعلمتها من أبي حنيفة، كيف لا والله عز وجل خصه بهذه الميزة فجعل له جنة خاصة بالرجال أمثاله. ألم تجدي ما تأخذينه من أبي حنيفة إلا هذا وتركت ما قاله من قيم حسن التعامل مع الآخر؟؟ أترضين أن أقول لك كما قلت لي تماما: بمصطلح أبي حنيفة أنت أنثى ولست امرأة؟؟ أي أَحْصِرُك في مجرد هيكل جسمي يقابل الذكورة فقط؟؟ حقا هذا ما أخر العقل العربي فما إن تفكر حتى تنهال عليك عبارات: حذاري هذا ابن تيمية، اصمت هذا مسلم، ويحك هذا ليس تخصصك.. بينما الغرب استفادوا من تراكم العلوم فحذفوا وأضافوا، نقحوا وصححوا، ثبتوا وبدلوا، فحينما حاولوا اختراع الطائرة والتي تنعمين بركوبها، لم يُقَلْ لهم ما قيل ويقال لنا: ويحك من أنت حتى تتطاول على عباس ابن فرناس...بل أذكرك بأنه اجتمعت فيها عددا من التخصصات..أتساءل لماذا لا يبدي الأديب رأيه في الدين من وجهة نظره وعالم النفس من ميدانه وهكذا دواليك في شتى المجالات. على الأقل فإن الأديب سوف لن يُحَرِم عليك العمل ولا حتى السياقة من منطلقات دينية مغلوطة..
قلت لي لو كنت كأبي حنيفة لسمح لك الجميع أن تقول هم رجال ونحن رجال.. آه عذرا الجميع سمح للرجال أمثالكم بأن يفتي بالتفاهات مثل جواز تكبير الصدر، ويجب فصل النساء عن الرجال في الطواف.. وغيرها من الفتاوى التي لا يعلم غرابتها إلا الله.
لقد أصاب وائل أبو هندي عندما أدلى بدلوه من المنظور النفسي – في ما أعتقد- في رأي أبي الوفاء بن عقيل حينما وصف من انغمس في الماء ثلاثا وشك في صحة اغتساله بأنه مجنون.. وقال بأن هذا الأمر يخلو من الصحة تماما ولا يعدو أن يكون الفعل اختلالا له مسمياته في علم النفس.. إذن ما الذي أفضى للدكتور وائل بأن يتجاوز ما قاله ابن عقيل لولا هذا التراكم العلمي الذي وصل إلينا؟؟ فهل في هذا سُبة في حق ابن عقيل، لا وألف لا وإنما لا نراه إلا اجتهادا يثاب عليه ولكن قد أخطأ في اجتهاده كغيره من البشر. كما أن هذا لا ينقص من قيمة الدكتور وائل لأنه تحدث في جانب ديني من منظور نفسي...وبالله عليك قبل أن أنسى لا داعي للأجوبة التي تبتعد عن الأكاديمية وتجيبينني ب: افعل مثل ما فعل الغرب واخترع لنا طائرة.. لأنني أصلا أؤمن بأن عدم اختراع الطائرة بدأ من المدرسة حينما تعلمنا بألا ننتقد أو نفكر.. وإلا كيف نفسر ملايين العقول العربية لم تستطع فعل ذلك إلى الآن.. أليست هذه العقلية هي السبب عدا عن السياسات والأعراف والتقاليد البالية؟؟ ثم ولو كان الأمر كذلك أتساءل ماذا قدمتم أنتم للأمة وأنتم من يدعي أنكم على الصواب وتسيرون على نهج أبي حنيفة وبخاري ومسلم...بالله عليكم لقد قدمتم لنا أئمة يتنابزون بالفتاوى ويتصارعون من قصورهم التي لا يصل إليها إلا الذكور عفوا الرجال وما أدراك ما الرجال.. أما نحن الذكور فلا يحق لنا أن نتحدث فنحن من العامة وأنتم من الخاصة، خاصة الله وأوليائه.. أنتم العلماء ونحن الجهلة... أنتم الأخيار ونحن دون ذلك.. أنتم لديكم العقول ونحن خلقنا بأنصاف العقول.
ثم أخذاً بمبدأ التخصص الذي أشرت إليه: أخالك لا تبدين رأيا في السياسة ولا الأدب ولا الرياضة.. ولا تتحدثين إلا في مجال تخصصك، ولو فعلت ذلك لانطبق عليك قول الشاعر لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم.
وفي هذا الصدد، أخالك إذن لم تنتقدي مثلا القرضاوي لأنه أعلم أهل زمانه، أخذا بمبدأ الأعلم فالأعلم. والأقدم فالأقدم إذن من حقي أن أقول من أنت حتى تعارضي هذه القامة أو الهامة، ثم إن ابنك من الجيل الخامس القادم افتراضيا: أي بعد 5 قرون ستقول له رفيف أخرى أو ممن يشاركها الرأي في ذلك الوقت القادم المفترض ما إن يفكر أو ينتقد هذا الشخصية على سبيل المثال لا الحصر وَيْحَك أتخالف القرضاوي، وسيقال له مثلما قلت لي بالتمام والكمال: (لو كنتَ كالقرضاوي رحمه الله في علمه، لسمح لك الجميع أن تقول: هم رجال ونحن رجال. ولكن أن يغيب عنك سند حديث ثم تقول هم رجال ونحن رجال!!! لا يا أخي، بمصطلح القرضاوي رحمه الله أنت ذكر، ولكن لست رجلًا... فلست أنا ولا أنت الذين نحكم عليهم، الناقد يجب أن يكون على علم واسع فيما ينقده، وتعرف هذا بحكم اختصاصك في النقد... ) وربما ستصله فتوى القرضاوي الذي سيكون في ذلك الوقت معصوما ومنزها مثله مثل الأوائل باعتبار الأقدمية الفاصلة بين زماننا وزمانهم أي أقصد الجيل القادم مثلما يفصل الزمان بيننا وبين البخاري... وربما ستصله فتوة وجوب قتل الحاكم الديكتاتوري ويقدم على ذلك قياسا على فتواه التي أجازت قتل القذافي، وهو يعتقد أنه سيثاب على ذلك أحسن الثواب.. وويل لمن يعترض هذه الفتوى.. بالله عليك أهذا منطق سليم؟؟
أما فيما يخص الاستدلال بأبي بكر الصديق فهي حجة عليك لا لك، ولا يصح الاستدلال به من منظورك. لأن التفكير السليم واستخدام العقل هو الذي أدى به لأن يصدق هذه المعجزة التي أتى بها نبينا الكريم.. أيعقل أن يلغي عقله الراجح السليم ويكذب الوحي الماثل أمامه الذي لا شك في أنه نازل من إلاه من السماء ويتبع سنة الأولين الذين كفروا وتعبدوا أصناما من حجارة وتَمْر؟؟ أتعتقدين بأنه قال كما تقولين: الويل كل الويل لقد خالفنا سادتنا وأخيارنا الذين أحسنوا عبادة الأصنام التي تقربنا من الإله.. هل قال: هذا ما ألفينا عليه آباءنا؟؟ هل باع عقله بسوق النخاسة؟؟ أتريدينني أن أقول من دون تفكير ولا تدبير هذا ما ألفينا عليه القدماء والأجداد؟؟ ألا تعتقدين بأنه كَرَّم عقله بخلاف عمر بن الخطاب قبل إسلامه حينما اتبع سنة الأولين من دون تفكير ولا تدبير فكان يأكل إلهه أطراف النهار ويعبده أناء الليل.. تصوري معي لو أنه فكر قليلا وقال في لحظة تفكير عميقة ما الذي أورثنيه آبائي وأجدادي.. ألا تعتقدين أنه كان قد تبرأ منها عاجلا غير آجل؟؟
وفي هذا الشأن أريد أن أوضح أمرا ذا أهمية: إن دَعْوَتي لاستخدام العقل ليس معناه عدم الإيمان بالمعجزات لأنها تدخل في باب القدرة والقوة والحول.. والعقل هنا بالذات يدعوك لأن تصدقيها، ذلك أنها تبين كما قلت سابقا عظمة الخالق وقدرته وإلا أصلا كيف أؤمن بإله ليست له القدرة بأن يأتي ما يعجز عنه البشر. ولكن يجب أن تكون المعجزة منصوصة بنص مقدس، أو أن يأتي بها نبي منزل من السماء.. أما أن يتناقلها الناس من دون دليل أو إثبات ونقول عنها معجزة فهذا ما أرفضه. لأنه حتى لو قلت لك فرضا: لقد انتقلت من إيطاليا إلى بغداد في ظرف ساعة واحدة من دون وسيلة تعينني على ذلك. أو قلت لك لقد سمعت ما تقوله النملة لعشيرتها لوصفتني بالجنون والارتياب ونصحتني بزيارة طبيب أمراض عقلية.. فهذا شأن وذلك شأن آخر... إذن لا داعي للخلط بين الأمور وأنت أستاذة جامعية لك من الكفاءة العلمية ما يُمَكِنك من ذلك. فأنا بكل بساطة أدعو إلى تنقية التراث الديني (لا أقول الدين) من الإسرائيليات والخرافات.. التي جعلت المسلم عبداً للجن، والعفاريت.. وهل ترتقي المرأة إلى مكانة الرجل؟؟
وحتى يعطي النبي ص حق العقل شاور أصحابه ليعزز فيهم هذا الفعل، وأنتم اليوم تنكرونه علينا وبأي حق، خاصة وأننا لم نقم بما يخالف الشرع.. فأنا لم أحرر رأيي في الصلاة ولا في العبادات، وهذا لا يحق لي. وأصلا لا يكون لي ذلك. و هنا بالذات أترحم على أبي حنيفة و البخاري و مسلم و لا يسعنا إلا للدعاء لهم. و لكن يجب أن نضعهم في منزلة الإنسان الذي يجب أن يراجع في بعض_ أقول بعض_ ما يجب أن يراجعوا فيه. وفي هذا المقام أصرخ بكل ما أوتيت من قوة: أنا عربي قح أغار على ديني وعروبتي ورجاء لا داعي للمزايدة على ذلك... وهذا فقط حتى تتوضح الأمور.
ومرة أخرى لا تسيئي الفهم، حينما أقول أستخدم عقلي ليس معناه أنني وصلت شأن العظماء والعباقرة. ولكن أدعو إلى استخدام ما وهبنيه الله وإلا لماذا أصلا خلقني بعقل؟؟ ولماذا رفع القلم عمن غُيبت عقولهم وكان من الممكن أن يتولى عنا التفكير أبي حنيفة وهو الرجل؟
نعم وألف نعم وبملء في لا أوافق حديث رضاعة الكبير ولا أؤمن به، بإسناد أو بغير إسناد بل إنني أُجَرِم من يُقَرِره ويصححه من منظوري الشخصي المتواضع لأن في ذلك انتقاص لخير خلق الله عليه أفضل الصلوات والتسليم فكيف يعقل أن يجيز النبي ص لهذا الشاب الدخول على هذه المرأة بهذه الكيفية والعجيب في كل هذا أن يكون من باب التخصيص.. يا سلام على هذا التخصيص الذي شرفه به. ثم ما علة هذا الفعل: الإجابة من منظوركم هي أن تُحْرَم عليه فتنتفي الشبهة، أليس كذلك، أو حتى لا يجوز له التمتع بها ولو بمجرد نظرة تصحبها لذة.. أليس هذا الفعل هو التمتع بذاته والذي تجاوز حتى فعل النظر. إذن دَعُو الشباب يقومون بهذا الفعل بدعوى التحريم. آه آسف لا يجوز ذلك للشباب هو من باب التخصيص. لأن الأمر أصلا مقزز. وهو لا يجوز إلا لمن خص به الرسول الكريم..إن النبي ص بكل شرفه ومنزلته وقدره العالي والرسالة التي كان يريد أن يوصلها للبشرية جمعاء، التفت إلى هذا الشاب وقال له ارضع من هذه المسنة ولكن سيكون الأمر مخصوصا لك وأنا أعلم بأنه سوف لن تتداوله الألسنة والأجيال المتعاقبة. وكن مطمئنا فأنا أعلم بأنه سيأتي من بعدي بخاريا ومسلما وسوف لن يكتبا هذا الحديث من باب أن الأمر هو على سبيل التخصيص.
يا أختي الكريمة لنقل بأنني سأوافقك الرأي وأعد هذا الحديث صحيحا. ألم يكن من باب أولى ألا يدون هذا الحديث من باب دَرْءِ الفتنة على أساس أنه من باب التخصيص.. ثم لماذا استخدم العلماء عقولهم مع مسلم وهو أعلم أهل زمانه وفسروا بأن هذا الفعل هو من باب التخصيص، على الرغم من أنه لم يأت في هذا الحديث ذكر الخصوصية؟ أليس مسلم لديه من العلم ما لا يصل إليه أحد من بعده، ولو كان يعلم بأنه مخصوص لقال ذلك؟ ولماذا اجتهد العلماء وقالوا بأنه محمول على أن هذه المرأة وضعت حليبها في إناء ولو كان يعلم مسلم ذلك لقاله في حديثه؟؟ خاصة وأنه أخذ الحديث من الثقاة الذي لا يطعن في عدلهم وصدقهم..
سأجيبك بكل بساطة يا أختي الفاضلة، لأنه في منطقة من لا وعيهم الباطن رفضوا هذا الحديث، ووجدوه منافيا للفطرة السليمة فأخذوا يبحثون عن مخرج يَنْفَذُون منه (طبعا وإلا كيف سيكون مسلم عالما لا يمكن أن يقع في المحظور؟). وكأنهم كانوا متهمين في هذا الحديث فتارة يقولون بأنه من باب التخصيص، وتارة وضعت حليبها في إناء.. لا لشيء إلا ليبينوا أنه صحيح. وهذا شأنهم في مثل هذه الأحاديث.. ثم بالله عليك يا فقيهة، قياسا على قولك لي يا أديب ألم يُقَلْ بأنها مسنة.. فمن أين لها بالحليب... ولو قلنا فرضا أن هذا الحديث صحيحا، ألم يكن من باب أولى ألا يذكر أصلا دَرْءً للفتنة وهو العالم العارف.. وقد أقسمت عليك بأن تجيبينني بصراحة ألا يرفض عقلك هذا الحديث.. أيمكنك تصور شاب كبير يقوم بهذا الفعل؟؟
والذي نفسي بيده لو جاء هذا الحديث على ألسنة النصارى في نبيهم عيسى عليه السلام، لأشرتم بالبنان إلى ذلك وقلتم انظروا إلى الضَلَلَة الكفرة، إنهم يفترون على النبي عيسى عليه السلام ويسفهونه ويقللون من شأنه.. ثم ما جدوى ذكر حادثة القرود وهو كما قلت بأنه لم يرد عن النبي. وهي حادثة لا تسمن ولا تغني من جوع، خاصة وأنها لم تكن من باب علمي..فما الجدوى من ذلك.. أليست من باب الإنسانية القاصرة؟؟ ثم إن من جاء بعد أبي حنيفة في ما أعلم لم يتخصصوا في الدين أكاديميا..هل كانت هناك جامعات. فبهذا المنطق من أعطى الحق لهم حتى يتحدثوا في الدين.
لم تردي علي حينما استشهدت بقول الله عز وجل أفلا يتذكرون، أفلا يعقلون، وهي من أسباب الإيمان.
قلت في إفادتك: أرجوك ألف مرة: إيتني بالجملة التي اتهمتك فيها بالكفر. وأنا أقول لك أرجوك ألف مرة: إيتني بالجملة التي التي لم أراع فيها مقام الأدب مع الأنبياء. وهذه المرة أرجوك لا داعي للإنكار لأن العبارة كانت واضحة ووضوح الشمس، لأن ما لاحظته هو أنك تفسرين الكلام على حسب الكيفية التي تريدين فهمها. والغريب في الأمر أنك قلتها بصيغة الجمع ( الأنبياء).. يا أختي الفاضلة لا داعي لأنْ تجتهدي من محض إرادتك وتتهمينني بالإساءة إلى الأنبياء، لأنني قلت لا أؤمن بالأحاديث وليس الأنبياء، لأن الحديث الذي يأتي به بشر ليس هو بالضرورة من النبي ص، وبحكم تكوينك الديني: لماذا لم تحسني الظن أولا، أو كان من الممكن أن تسأليني هل أنت لا تؤمن بالحديث أم لا تؤمن بالأنبياء.. أم ستفسرين بالخصوص والعموم مثل ما فعلت في الماورائية؟؟ إن حُبِي للنبي ص عليه أفضل الصلوات والتسليم لا يعلمه إلا الله وهو خير مني ومنك..وللتذكير فأنا من سلالة هذا الرجل العظيم وهي موثقة بشجرة عائلية تشهد على ذلك.
أما أسئلتي التي تتبادر إلى ذهني وطرحتها في الموقع كانت من باب أنني أبحث عن كمال الإيمان. وقد وجد الصحابة ما وجدت أنا فأجابهم نبي كريم يوحى إليه بأن ذلك من تمام الإيمان.. وهنا أقول كان من الأجدر بك أن تؤمني بهذا الحديث وتطبقيه على نفسك أولا، لا أن تتهمينني بالإساءة وتؤمني بحديث رضاع الكبير، حتى ولو كنت متعمدا. ألم يدعو النبي الكريم جهابذة الشرك بالموعظة الحسنة؟؟ ومثلما تعجبت بأنني لم أنتبه إلى أنك أنثى، فأنا بدوري أتعجب من أنك لم تنتبه إلى أنني حذرتك في الرسالة الماضية من إساءة الظن بالنوايا وخباياها التي لا يعلمها إلا الله، فلا تعلمين من هو خير. وتفسرين الأقوال حسب ما يجعلني في موقع المتهم.. ثم من أعطاك الحق حتى تستخدم عقلك وتشرحين مصطلح الماورائية؟؟ فما أدراك بهذا المصطلح الفلسفي العميق ألا تحترمين تخصصا يتجاوزك؟؟ ألم تنبهينني إلى ذلك؟؟ ألم تنبهينني إلى أن لكل تخصص رجال أما من يخوض فيه من غير أهل التخصص فهم ذكور؟؟
نبهتني إلى ضرورة الاهتمام بالجاحظ والمتنبي ومن باب السخرية قلت هم وأنت رجال..وما أدراكِ ما قاله الجاحظ، فلعله يكون مرضيا.. وكما دعوتني إلى الاهتمام بالجاحظ والمتنبي، فأنا أدعوك إلى الاهتمام بفتوى: هل يجوز للمرأة أن تقود السيارة أم لا. وأخالك تفعلين ذلك أو على الأقل تودين ذلك. وغيرها من الفتاوى التي جاء بها الفقهاء وأضرت بالدين..
أرجو أن يدلي الدكتور وائل أبو هندي بدلوه مشكورا
20/11/2014
رد المستشار
السلام عليكم يا "بن الكرام"، وسليل رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد قلت لك في المرة الماضية أن أسئلتك ليست من اختصاص الموقع فأعتذر عن الإجابة.. هناك مواقع شرعية، منها ما هو مختص بإزالة الشبهات ستجد هناك ما يثلج صدرك.
وفقك الله