الفوضى ترهقني
السلام عليكم، أرسلت لكم رسالة سابقة وأجبتموني بعنوان: وسواس انتقال النجاسة ..قاعدة الانتشار السحري!
الحمد لله، الكثير من المشاكل بدأت تقل بفضل الله. لكن في الأخير سألت عن التسويف والكسل وإضاعة الوقت المشكلة التي لا زالت ترهقني وتتعبني إلى اليوم. و قلتم لي أن المشكلة غالبا تحتاج إلى برنامج علاجي معرفي سلوكي تقوم أنت ومعالجك بابتكاره وتطبيقه أثناء العلاج. ولم أعرف كيف أقوم ببرنامج علاجي معرفي وكيف أتخلص من تسويف أعمال كثيرة مهمة ولا أعرف كيف أرتب أولوياتي بل وكيف ألزم نفسي بتلك الأعمال.
أريد طرقا عملية لكيفية تنظيم وقتي بدقة (فـأنا الآن أنام متأخرا وأقوم متأخرا وأضيع كثيرا من الوقت أمام الحاسوب وأحيانا دون فعل أي شيء رغم أنه يجب علي أن أدرس وقد يصل بي التسويف إلى الأسابيع فلا أستطيع التركيز على شيء محدد أو الدراسة لمدة ساعة متواصلة بل هي مجرد خمس دقائق أقوم فيها ببداية حل تمارين في الرياضيات أو الفيزياء، غالبا ما تصعب علي فأتركها وأشاهد إصلاحها دون أي استفادة وأحيانا أقطع الدراسة وأنشغل في إضاعة الوقت أمام النت) هذه الحالة موجودة معي وتلاحقني منذ كنت صغبرا، وأفراد عائلتي دائما يلوموني على هذا منذ كنت صغيرا.
لم أجد من يساعدني خاصة أني كسول وأميل إلى الراحة والنوم في أوقات فراغي.
ستكون اجابتكم حدد هدفا ولكن المشكلة أن لي أهدافا كثيرة وأحس بالتشتت والضياع بينها..... لا أستطيع حصرها أو الاختيار بينها رغم أني أستطيع الجمع بينها إلا أن ذلك يتطلب همة عالية وعدم إضاعة للوقت والابتعاد عن الكسل. كذلك أمتاز بقصر النفس وعدم القدرة على الإكمال بنفس العزيمة عند الدخول في أي عمل والملل وحتى الانقطاع عن العمل. حبذا لو تكون الأجوبة والحلول عملية:
1- كيف كيف أقوم ببرنامج علاجي معرفي لنفسي؟ وكيف ألتزم به؟
2- كيف أحدد أهدافا لحياتي واضحة وواقعية؟
3- كيف أتخلص من الفوضى والعبثية؟
4- كيف أتخلص من التسويف وأبني نفسية تعمل دائما لها طول نفس ولها أهداف تسعى لتحقيقها دون النظر لطول المدة؟
5- أنا مصاب بالوسواس فأؤجل بعض الأعمال أو أطيل عند فعلها فكيف أتعامل مع ذلك وهل أحسب لها مدة القيام بها في جدول أوقاتي؟
6- كذلك مشكل آخر وهو الخجل أحيانا من سؤال الأستاذ حول أشياء صعب علي فهمها، إما خوفا من أن يقول لي الأستاذ أنه قد فسر ذلك في الفصل وأنه لا يفسر ذلك مرة أخرى رغم أنه لا يفعل ذلك أو خوفا من أن يراني أحد زملائي فينعتني بالطالب المجتهد، وقد تزيد السخرية إذا لم أحصل على نتيجة جيدة أو ممتازة فماذا أفعل وكيف أتغلب على ذلك فهو من مضيعات الوقت؟
أعتذر لطول هذه الرسالة وحبذا لو تكون الإجابة سريعة
وشكرا.
10/12/2014
رد المستشار
السلام عليكم
وحياك الله على شبكتنا، وشكراً لثقتك بنا بتكرار الأسئلة والاستفسار عن مشكلتك، وسنحاول في هذه الاستشارة الإجابة على الأسئلة المرفقة برسالتك وبالترتيب.
وقد كان سؤالك الأول: كيف أقوم ببرنامج علاجي معرفي لنفسي؟ وكيف ألتزم به؟
بالنسبة للمعالجة الذاتية نعتبرها أحد الطرق المساندة علاجياً لكنها غير كافية لوحدها، حيث أن العلاج يحتاج لمتخصص وذلك لفهم تفاصيل المشكلة بعمق وتقديم طرق العلاج المناسب اعتمادا على الأبحاث العلاجية، حيث أن الطرق العلاجية يجب أن تكون مدروسة ومثبت مدى فاعليتها من خلال الأبحاث العلمية، كما أن تخصص المعالج وخبرته يلعب دورا كبيرا في جعل الفائدة أعمق وأكبر، وفي حال الاعتماد الكامل على العلاج الذاتي فمن المفيد الاعتماد على "كتب المساعدة الذاتية" المتخصصة للعلاج النفسي، مع تحذيرك من اللجوء لكتب التنمية البشرية أو الكتب لغير المتخصصين حيث أثبت لنا بالخبرة أنها ذات أثر سلبي جدا على المرضى، بخاصة مرضى الوسواس القهري.
خلاصة الأمر هو اعتماد أحد الأدلة العلاجية المناسبة، وإذا توفرت الفرصة لك للحصول على كتاب OCD Workbook فسيكون ذلك جيداً حيث أنه دليل للعلاج المعتمد على المريض بنفسه ولكنه باللغة الإنجليزية، وستحتاج لشخص يترجم لك في حال عدم معرفتك للغة الإنجليزية، أما الكتب المفيدة فهنالك كتاب الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي عن الوسواس القهري، كما تم ترجمة كتاب آخر حديثا "تحرر من الوسواس القهري" من منشورات كتاب دار الفراشة. أما بخصوص كيف تلزم نفسك، فهنا مشكلتك التي سألت عنها في الأسئلة اللاحقة وسأجيب عليها حينها.
سؤالك الثاني : كيف أحدد أهدافا لحياتي واضحة وواقعية؟
في حالة الوسواس القهري تلعب الرغبة الكمالية "أن تكون الأمور كاملة وتامة، أو أسلوب تفكير أما كل شيء أو لا شيء" تلعب هذه الرغبة وهذه الطريقة دوراً محورياً في رسم الأهداف، فأنت تريد (كل شيء ضمن أعلى المواصفات بأقصر وقت)، وهذه الثلاثية غير ممكنة ويجب الانتباه لتغييرها بحيث أن تحصل على (بعض الأشياء ضمن مواصفات ممكنة ضمن وقت مناسب) فمرضى الوسواس يرون الأهداف بشكل مقلق، وعادة فإن القلقين من الأشخاص يتوقعون عمل الأشياء بسرعة علماً أنهم دائماً يحتاجون لضعف الوقت الذي يتوقعونه لتحقيق أهدافهم.
سؤالك الثالث: كيف أتخلص من الفوضى والعبثية؟
عندما تستطيع التحكم بأسلوب تفكيرك الخاص برغبتك بعمل كل ما يخطر ببالك، ورضاك أن تكتفي بأمر محدد دون الشعور بالضغط النفسي والهم والتقصير لأنك مضطر لعمل القليل، وقليل مستمر خير من كثير منقطع.
سؤالك الرابع: كيف أتخلص من التسويف وأبني نفسية تعمل دائما لها طول نفس ولها أهداف تسعى لتحقيقها دون النظر لطول المدة؟
التسويف في الإنجليزية هو Procrastination وتستطيع البحث في ذلك فطريقة علاج التسويف تعتمد ثلاث مبادئ أساسية وهي:-
-القدرة على إدراك حجم الشعور بالضغط النفسي عندما يكلف الشخص بمهمة ما، حيث أن التأجيل مرتبط بشعور الشخص بالضغط النفسي، فبمجرد أن تكلف بمهمة حتى لو بسيطة مثل ترتيب الغرفة، فإن الشخص يشعر بالضغط والثقل من المهمة، وبخاصة لشعوره أن المهمة يجب إنجازها بكمالية وبمعايير عالية، وحال تفكيره بهذه المعايير العالية سيشعر بالضغط لأن المهمة ستستغرق جهد بدني ونفسي كبير.
-القدرة على الانتباه للأعذار، فمشكلة التأجيل ترتبط بتطوير "أعذار" مثل "سأقوم بهذا بعد قليل عندما أرتاح"، "أريد أن أقوم بذلك وأنا بكامل تركيزي لذلك سأقوم به صباحاً"، "أريد أن أنجز المهمة بشكل مميز لذلك سأحتاج أن أعملها لاحقاً"،"أخشى أن لا أكمل المهمة الآن لذلك سأقوم بها لاحقاً" ولاحقاً تتأجل المهمة مرات ومرات وكل مرة تتأجل لعذر مختلف، ويتميز الأشخاص الكماليين بأنهم لديهم ملف أعذار طويل ولا ينتهي، ويصبحوا مبدعين في ابتكار الأعذار.
-الانتباه للملهيات، وهي الأمور التي يقوم بها الشخص عوضاً عن المهمة، فعندما يقرر الشخص إعطاء عذر لنفسه لتأجيل القيام بالمهمة سيحتاج لشيء ما يلهي نفسه به، وغالباً تكون هذه الملهيات تساعد في تخفيف درجة الشعور بالضغط بسبب المهمات. وبالتالي ستحتاج لتسجيل المهمات التي تؤجل لمعرفة ما تخفيه من ضغط أو أعذار أو ملهيات في طياتها لمحاولة تغيير ذلك والتوقف عن الأعذار قبل كل شيء وعدم القيام بالملهيات على حساب المهمات.
سؤالك الخامس: أنا مصاب بالوسواس فأؤجل بعض الأعمال أو أطيل عند فعلها فكيف أتعامل مع ذلك وهل أحسب لها مدة القيام بها في جدول أوقاتي؟
سبق وذكرت لك في السؤال السابق سيكولوجية التأجيل، لكن مع الوسواس يحاول الشخص تأجيل شعوره بالقلق بسبب ضغط الوسواس عليه، فيؤجل الأمور الوسواسية حتى لا يرهق نفسه بها، ولذلك يجب أن تحاول ملء مقياس (يل- براون) لمعرفة مقدار الوقت والجهد والكرب والتعطيل المتسبب به الوسواس في حياتك، وهذا المقياس مترجم ومنشور في كتاب الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي (الوسواس القهري)، بعد إدراكك ووعيك لمدى ذلك تستطيع أن تتحكم أكثر بقليل في الوقت لكنك بحاجة لمساعدة اختصاصي لنتائج أفضل.
أما سؤالك الأخير وهو: كذلك مشكل آخر وهو الخجل أحيانا من سؤال الأستاذ حول أشياء صعب علي فهمها إما خوفا من أن يقول لي الأستاذ أنه قد فسر ذلك في الفصل وأنه لا يفسر ذلك مرة أخرى رغم أنه لا يفعل ذلك أو خوفا من أن يراني أحد زملائي فينعتني بالطالب المجتهد وقد تزيد السخرية إذا لم أحصل على نتيجة جيدة أو ممتازة فماذا أفعل؟؟ وكيف أتغلب على ذلك فهو من مضيعات الوقت؟؟
فهذا ما نسميه (القفز للنتائج – قراءة أفكار الآخرين) وهذا نعتبره أحد أشكال أخطاء التفكير، حيث ينطلق الشخص للقفز لنتائج لما سيحدث دون أي دليل على أن ذلك يحدث، وعندما تكون النتائج المتوقعة هي توقع ما الذي سيفكر فيه الآخرين أو ما الذي سيقومون به، فنسأل الشخص هل تستطيع إعطاء ولو دليل واحد حقيقي لحدوث ذلك؟ ليس ما تظنه دليلاً حيث يجب أن يكون دليلاً حسياً، فهل حدث ذلك معك من قبل؟ كم مرة فكرت بنفس الطريقة بأن الأستاذ سيقول أنه فسر ذلك سابقاً؟ كم مرة حدث ذلك فعلاً؟ كم مرة فكرت بنفس الطريقة بأن أحد الطلاب نعتك؟ كم مرة حدث ذلك فعلاً؟ هذا يدل على أنها أفكارك أنت وليست أفكار الآخرين أو مشاعرهم، وأخيراً تذكر أن تنظر للعالم من عيني الواقع، فالوسواس قد جعلك تنظر للعالم بعيونه، ورغم صعوبة أن تعيش كشخص يعاني من الوساوس القهرية، لكن الأصعب أن تبقى تعيش الوسواس القهري على أنه عالمك، أرجو من الله أن يديم عليك الصحة والعافية، وتذكر أننا لسنا إلا وسيلة في يد الشافي، فاطلب الشفاء من الله وأن ييسر لك الوسائل لذلك، إنه سميع قدير.
ويتبع ......: وسواس انتقال النجاسة ..قاعدة الانتشار السحري! م1