استشارة نفسية
الأخ الأستاذ الدكتور/ وائل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسأل الله أن تصلكم رسالتي هذه وأنتم بألف خير، بداية أود أن أعبر لكم عن خالص شكري وتقديري لجهدكم الرائع والدؤوب وأسأل الله أن يجري على يديكم الخير ويكتبه في ميزان حسناتكم.
سؤالي يتمثل في النقاط التالية:
1. أنا فلسطيني تغربت كثيرا وفي الاستعداد الآن لمناقشة رسالة الدكتوراة بعد أشهر، وذلك في مجال الكيمياء، متفوق منذ صغري ولذا حصلت على منح دراسية لما سبق وحتى الدكتوراة، وذلك من فضل الله، متزوج وسعيد في حياتي وزوجتي هي الأخرى طالبة دكتوراة في أبحاث السرطان، رزقنا الله بطفلة جميلة منذ عام بعد ست سنوات من الزواج، أهلنا يقيمون في فلسطين ونحن على اتصال يومي بهم. لدي اهتمامات أدبية وقد أصدرت مجموعة شعرية وأخرى قصصية تدور كلها حول الوطن وما فيه. كما أنني أحب الله كثيرا وتربطني بوالدي علاقات أكثر من رائعة وكذلك بالناس.
2. من حين لآخر تنتابني موجات ألم غريبة لا أعرف سببها، كانت تتركز في البطن، أما هذه المرة فامتدت إلى الصدر والرأس. قبل ثلاثة أسابيع وبعد نزلة برد شديدة ألزمتني الفراش، شعرت بآلام حادة في الصدر وكأنها في الضلوع وما بينها، ذهبت أعراض البرد لكن آلام الصدر لم تذهب، ذهبت للمختصين وأجريت فحوصات مقطعية للصدر ثم MRI لكل من الفقرات الرقبية والصدرية وأظهرت النتائج التهابات بسيطة في الفقرات الصدرية أوصاني الطبيب بعشر جلسات للعلاج الطبيعي سوف أشرع فيها قريبا بإذن الله، لكنه كذلك أوصاني بالذهاب إلى طبيب قلبية وقد فعلت، وأجرى لي تخطيطا للقلب مستريحا وعلى الدراجة، ثم فحوصات بالموجات فوق الصوتية للقلب والرقبة وكانت النتائج مطمئنة وطبيعية، والحمد لله.
3. عملت خطأ أدى إلى تراكمات نفسية وهو أنه لدي جهاز محمول (ساعة) لقياس ضغط الدم، هذا الجهاز كان يعطيني نتائج مخيفة كلها تبرز ارتفاعا في الضغط، علما بأنني عملت نتائج مغايرة له وتقرر أن أرميه بعدما قاست لي طبيبتي الضغط أكثر من مرة كذلك في الصيدلية المجاورة وكانت كلها قراءات طبيعية، لكنني وبعد استعارتي لجهاز أستاذي وهو كذلك محمول لكنه أغلى ثمنا، أظهرت النتائج أمرا غريبا وهو ارتفاع في الضغط الانقباضي (systolic) إلى 150في حين ظل الضغط الانبساطي طبيعيا، هذا الأمر أرهقني، لكن الطبيبة أشارت أن أنسى الموضوع تماما حيث إنني أصبحت حتى لا أقدر على رؤية جهاز الضغط، وتتسارع ضربات قلبي لتصل إلى120بمجرد وضع الجهاز في يدي. منذ عدة أيام أشعر بحالة أفضل وقد بدأت رياضة صباحية وكثفت الذكر وغيرت نمط غذائي اليومي بحيث أكثرت من الخضار والفاكهة.
4. ليس سرا حضرة الأستاذ الدكتور أنني أمر بظرف نفسي سييء، ومن أعراضه كما أخبرني أحد أصدقائي من أطباء الأعصاب أن التوتر يعبر عن نفسه بآلام إما في البطن أو الصدر أو الصداع الدائم. أنا أعاني من آلام في الصدر لكنها ليست متواصلة والحمد لله، كذلك ألم في عيني اليسرى، كان نومي مرتبكا لكنه أصبح منتظما، ومن الأعراض أنني أشعر بإنهاك عام دون سبب، وكأن جزيئات جسمي الداخلية تتحرك في غير انتظام، مع بعض الدوار، ومع ذلك لم أتغيب عن عملي يوما، وألاعب طفلتي أو أتصنع ذلك، ولم تختل علاقتي بزوجتي، لكنني لست مستريحا البتة، وإنتاجي في العمل أقل بكثير، علما بأنني أرهقت نفسي كثيرا وبشكل متواصل على مدار السنوات الثلاث الماضية. قبل عدة أيام عملت الحجامة لأول مرة وأجراها أحد الأصدقاء الأطباء، وأتناول تمرات سبعة وعسل وحليب، وأكثر من الماء.
أخي الأستاذ الدكتور/ وائل الأسئلة كثيرة وهي سبب لإرهاقي مع إيماني بقضاء الله، لكن ماذا أصنع بعد التخرج، أين أقيم، ما هو مستقبل طفلتي، وحيث أنتهي من دراستي قبل زوجتي بعام، السؤال ماذا أصنع خلالها؟
على مسئوليات يومية فأنا أوقظ طفلتي في السابعة والربع وأغير لها وأفطرها وأجهزها وآخذها الحضانة وأعيدها في الرابعة، زوجتي تعود في الخامسة مرهقة جدا ولا مجال للمجاملات والزيارات إلا يوم الأحد.
أنا أقدر نصيحتكم عاليا سواء كانت عضوية أو نفسية،، جزاكم الله كل خير وبارك فيكم.
أخوكم حسن
11/5/2004
رد المستشار
الأخ العزيز، أهلا وسهلا بك، وشكرا جزيلا على ثقتك وعلى إطرائك لنا ولموقعنا مجانين، ما تعانيه يا أخي الفاضل هو نموذج مثالي لما نسميه في الطب النفسي باضطراب القلق المتعمم Generalized Anxiety Disorder، صحيح أن لديك ما يشغلك من مواضيع وارتباطات والتزامات، إلا أنك بفضل الله تؤدي أداءً جيدا وعلى علاقة طيبة بكل من حولك وليس هنالك ما يستدعي كل ذلك التوتر والتوجس من المستقبل، وصحيح أن الإرهاق والكرب المستمر الذي تعيشه، وأيضًا أن اقتراب موعد الحصول على الدكتوراة، كل هذه الملابسات كلها فاعلة في تهيئتك لذلك الاضطراب، إلا أن حالتك بفضل الله تبدو بين الخفيفة والمتوسطة الشدة.
وأنا سأحاول أن أبين لك لماذا يحدثُ الألم المصاحب للتوتر النفسي في منطقة القفص الصدري وأحيانا في جلد الرأس فيحس الشخص به صداعا، فمن المعروف ويمكنك أن تسأل زوجتك أن عضلات الإنسان تبقى في حالة خفيفة من التوتر العضلي Muscle Tone طالما الإنسان حي، وهذا التوتر العضلي يعني أن عددا ضئيلا من الألياف العضلية يكونُ في حالة انقباض أي قِصَر، وفي الأحوال العادية يحدثُ نوع من التناوب بين مجموعة من الألياف داخل كل عضلة ومجموعة أخرى، وعند ازدياد مستوى القلق أو الكرب تحدثُ زيادةٌ مفرطة في عدد الألياف العضلية التي تنقبض، وهذا القصر الزائد في الألياف العضلية لا يمثل مشكلة في كل عضلات الجسد ما دامت العضلة تستطيع أن تقرب المسافة ما بين منشئها Origin ومربطها Insertion في العظام، وهذا ما تستطيعه كل العضلات التي يوجد مفصل متحرك ما بين منشئها ومربطها، وتبقى عندنا عضلات الرأس التي تمتد مثلا من الجبهة حتى القفا كيف لهذه العضلات أن تقصر استجابة لانقباض الألياف العضلية المتزايد فيها؟ ونفس الكلام ينطبق على العضلات في منطقة الصدر والظهر، وهذه هي أكثر المناطق التي تحدث فيها الآلام التي تردُّ في النهاية إلى منشأ نفسي.
من الواضح يا أخي أنك استجبت استجابة وسواسية للخطر الذي توهمته في ارتفاع ضغط الدم الانقباضي، ومن المهم ألا تكرر مثل هذه الاستجابة التي تضخم من مشاعر الخوف والقلق، ولعلك تستفيد من أجل تغيير مثل ذلك النهج إذا استطعت الحصول على علاج معرفي، ولا أدري مدى إتاحته في مكان إقامتك.
من المهم جدا أن تزيد من صلتك بالله سبحانه وتعالى
كما أنصحك بأن تطيل في حركات وسكنات الصلاة وأن تكثر ما استطعت من الدعاء وأنت ساجد بين يدي الله، وأذكرك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) صدقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.رواه البخاري ومسلم وابن ماجة، فالاسترخاء أثناء الصلاة إذا َمن الله عليك بالقدرة عليه قد يحل كل مشاكلك، إضافة بالطبع إلى التغييرات الطيبة التي أجريتها بالفعل على نظام غذائك وإكثارك من الذكر، وتريضك كل هذا في الاتجاه الصحيح إن شاء الله.
فإما إن لم تستطع الوصول إلى حل لمشكلتك بسرعة، فإنني أنصح لك بنوع من الأعشاب اسمه سان جونز أظنه متوفرا في مكان إقامتك في صورة أقراص، والمادة العلمية فيه هي Hypericum Perforatum، فهذه المادة فضلا عن كونها عشبا وبلا آثار جانبية تقريبا، فإنها ستقلل من توترك ومن شعورك بالكرب المستمر، وهي لا تسبب لا التعود ولا الإدمان ولا النعاس ولا تؤثر على دراستك، وأنا لم أعتد بالطبع وصف العقاقير من خلال الإنترنت إلا أنني أعرف أن هذا قد يكونُ الطريق الأيسر وربما الوحيد بالنسبة لك في الغربة، وعلى أي حال سم الله قبل أن تبلع الأقراص، وأنا لا أدري بالطبع ما هي التركيزات المتاحة من هذا العقار في مكان إقامتك لكننا نحتاج إلى ما بين 900 مجم و1200 مجم يوميا على جرعتين،
وفقك الله وتابعني بأخبارك.