من أولى ثانوي: كرب مبكر جدا!
أولم تحذرونا من الوسواس!!
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد.. ثالث استشارة، وأريد التنبيه على أن ما رأيته من حسن خلق وعلم وذوق رفيع ودمج العلم بالدين هو ما دفعني لاستشاراتكم مرة ثالثة ويعلم الله أني خجول ولا أحب أن أحدث الكثيرين عن مشاكلي، أدامه الله عليكم ووفق حضراتكم للخير وجعله خيرا في ميزان حسناتكم وأود شكر أ.د وائل أبو هندي على كلماته المطمئنة لي في الاستشارة السابقة وأتمنى أن يكررها ويرد هو علي في هذه الاستشارة أيضا ولكن الشكر لجميع القائمين على الموقع.
أولا أريد إعطاءكم نظرة سريعة عن حياتي منذ طفولتي.. نشأت في أسرة متوسطة الحال والحمد لله ولكن ما لبثت أن كبرت وبدأت أفهم ما أنا فيه، أسرتي نوعا ما مفككة، فأبي لا يكلم أخى وكثيرا ما تحدث مشاكل بينه وبين أمي، كنت أحس منذ صغري بأنني بين فريقين، كل فريق يحاول الفوز بي، ولكن تقريبا انتصرت أمي وأخي ولا أنكر أن أمي قد ربتني على الخلق وعملتني الكثير من الأشياء الجيدة ولا أنكر ذلك أيضا، لأبي ولكن في كبري فقط. لم يكن أحد من البيت يعتمد علي في شيء ولم أكن أعتمد كثيرا على نفسي مما كان يسبب لي أيضا مشاكل بسبب أني كنت مختلفا وليس مثلما يجب أن يكون الرجال، كنت وكان من الممكن أن أظل هكذا ولكن مع فصل جديد في حياتي وصلت تقريبا للخامسة عشرة وتعرفت على أصدقاء وقويت صداقاتي، تعلمت منهم أشياء كثيرة كالجدعنة مثلما يقولون والاعتماد على نفسي والخروج من البيت.
غيرت في شخصيتي الكثير وأحس أنني نادم على ذلك، غيرت بنفسي لكي أتأقلم مع المجتمع، فمن يتحمل العيش بدون أصدقاء وأتحدث عن الأصدقاء الجيدين وليس الفاسد والمهم أنني صرت أقهر خوفي من أشياء كثيرة وأحسست بالمسؤولية، واخترت أن أكون رجلا أحاول الحفاظ على مال أهلي ولا أصرفه في ما يضر مثلما يفعل الكثيرون، وهكذا من تصرفات توحي بالمسؤولية. المهم ومع تغيري حاولت الحفاظ على أن لا أقع فيما يغضب الله، فنعم صرت أمرح مع أصدقائي وتعرفت على ناس كثيرين ولكن لكل حدوده معي، كان أمامي العديد من فرص الانحراف ولكنني لم أختر ذلك الطريق كالسجائر مثلا أو مصاحبه البنات.
نعم! لا تتعجب سيدي هذا ما يحدث في ذلك السن بالرغم من أني لم أجد أحدا ينهني من أهلي مثلا عن المشي مع البنات ولكن كان عندي رادع الخوف من الله أولا وثانيا لأنني لن أستفيد شيئا، فأنا أرى أنهم حمقى يظنون أن تلك هي الرجولة وصرف أموال أهلهم على ما يضرهم وإضاعتها, وأضيف أن الآن أصبح لي الكثير من الأصدقاء، وأيضا يقول الكثيرون أنني طيب بدرجة مختلفة عن ما هو شائع الآن فكثيرا أحس نفسي أنني لا أعرف الكثير من ما يحدث حولي وأتفاجأ كثيرا عندما أسمع أشياء عن أشخاص مثلا. كما أنني حريص على ألا يغضب أحد مني أو يحزن أحد مني فدائما أهَم بالاعتذار والإلحاح حتى لا يظل مستاءً مني الأمر الذي سبب لي في الكثير من الأحيان أن أكون حريصا على أشخاص هم ليسوا حريصين علي وأحس أنني أنتقص من كرامتي إذ أنني أعاملهم بإحسان وأخوية وأجد عكس ذلك.
ومن هنا تبدأ المشكلة.. أصبت بفترة قريبة بالوسواس في صلاتي وفي الوضوء حتى في كلامي كنت أخشى من يحسب الهزار أنه كذبة مع العلم أنني لا أحب أن أسبّ أحدا أو أحدا يسبني أو الكذب، وصلت إلى أنني كنت أتوضأ فيما يصل إلى ربع ساعة وتكرار صلاتي إلى ما يزيد عن مرتين وثلاث، ولكن الحمد لله فعلت مثل ما جاء ردكم في الاستشارات وتخلصت الحمد لله من الوسواس في الصلاة والضوء، والآن أنا في الصف الثاني الثانوي, لكن ظهر لي وسواسا جديدا في الذاكرة أصبحت أحس أن ذاكرتي ضعفت جدا، أذاكر فترات طويلة وأسهر كثيرا وأضغط على نفسي كثيرا وبعد يوم مثلا أكتشف أنني نسيت ما حفظته!
ووقعت قبل ذلك في أحلام اليقظة، نعم فلقد كنت أصرف العديد من الساعات في إجازتي في أحلام اليقظة والتي ما زالت مستمرة معي, سابقا كنت لا أذاكر كثيرا وكنت أتلقن المعلومة وأحفظها في الحال وكنت متفوقا والحمد لله، أما الآن أبذل الكثير وأنسى أكثر تقلصت عدد ساعات نومي بالليل إلى 4 فقط تقريبا، وأكملهم ساعتين بعد العودة من المدرسة، كنت أقنع نفسي أن العادة التي تخلصت منها هي السبب في ضعف الذاكرة، وأضيف أيضا التشتيت والشرود كثيرا وأنا لا أدرى ماذا أفعل الآن.
ومشكله أخرى.. دائما ما أقول لنفسي أن أحدا لن يرضى بي فأنا لست وسيما والحمد لله على كل حال ولكنني أظن أن المعظم ينظرون للشكل وأحيانا أخبر نفسي أنني سطحي، لذلك أرى الناس سطحيين, ملتزم والحمد لله بصلاتي وأدعو الله أن يرزقني الخشوع, وأخيرا الحمد لله على ما حسن من حالنا وما ساء، وأما كلامي عن عائلتي هو لتوضيح حالي وأوضح أنني أحبهم كثيرا وأحاول إرضاء أمي وأبي على قدر استطاعتي، أريد أن أفرحهم بي وأحاول أن أبرَهم، ولهم كل الاحترام، هم أهلي وكل ما لي بالدنيا وأتمنى أن يعينني الله على إرضائهم.
والآن سؤالي: كيف أستعيد ذاكرتي وأقويها؟ وما سبب أنني أنسى كثيرا؟ وكيف أتخلص من الشرود وأحلام اليقظة؟ وما هو الجدول الأفضل للمذاكرة؟ وعدد ساعات النوم؟ وما هو الأكل المفضل وإلخ، إلى ما يتعلق بتحسين المذاكرة والذاكرة؟ ولو تفضلتم أن تحذفوا الجزء المتعلق بعائلتي، أعلم أنه جزء كبير، ولكن أرجوكم أن تحذفوه فتلك رغبة مني وأنا أعلم احترام حضراتكم للخصوصية وشكرا.
أطلت عليكم الحديث وأود شكركم مقدما وإن ما جعلني أطيل هو رحابة صدر حضراتكم للحديث والكلام فلقد كنت محتاجا إلى ذلك.
دمتم في رعاية الله.
29/12/2014
رد المستشار
أهلا وسهلا بك يا ولدي يا "أحمد" على مجانين ولا أقول لك إلا عودٌ أحمدُ.. وأدعو الله لك بالتوفيق والسداد فللمرة الثالثة نلمس في إفادتك الصدق والأدب اللذين ينمان عن خلق رفيع.. بداية نسأل الله أن يجعل موقعنا مجانين دائما أهلا لمديحك وأن يجعل لنا ولمستشارينا من دعائك نصيبا.. وكفى بالله رقيبا وحسيبا.
أسرتك مثلها مثل ملايين الأسر العربية التي تطيل رضاع أبنائها وبناتها حتى سن المشيب إن استطاعت لذلك سبيلا، وأحيانا يكون ذلك مصحوبا بالتدخل القاهر في اختياراتهم الحياتية المختلفة حتى بعد أن يصبحوا راشدين قادرين على الاستقلال.. وفي مرحلة الطفولة (0- 10 سنوات) والمراهقة (10 سنوات –حتى البلوغ) والرشد المبكر (من البلوغ - 18)*، كثيرا ما يتزامن ذلك مع خوف مفرط على الأبناء وتصل في حالات قليلة إلى الحيلولة دون نموهم الاجتماعي ... ولكن المعتاد كرد فعل لهذه الحماية الزائدة هو أن يثور الأبناء والبنات مصرين على القيام بأدوارهم في الحياة.. وقد كنت مثالا رائعا على ذلك يا ولدي.
إلا أن الحلو لا يكتمل كما نقول في مصر والسر في ذلك هو ما ابتلاك الله به من نقص في توكيد الذات، وهي صفة تختلط وتتداخل عند كثيرين مع التواضع ويجعل الناس تسمي الشخص "طيبا" خاصة حين تقل الخبرات ويفرط الشخص في تصديق الآخرين، وهذه الخلطة يمكن جدا حين تصاحبها سمات وسواسية تهيئ للوسوسة في الاعتذار والسؤال لطلب الطمأنة وتؤدي كثيرا إلى شكاوى مثل: (الأمر الذي سبب لي في الكثير من الأحيان أن أكون حريصا على أشخاص هم ليسوا حريصين علي وأحس أنني أنتقص من كرامتي إذ أنني أعاملهم بإحسان وأخوية وأجد عكس ذلك)
لكنك إن شاء الله تستطيع أن تتجاوز كل هذا فقط اقرأ وحاول تطبيق الوارد في مقالات د. محمد شريف سالم المترجمة في باب توكيد الذات، وربما سبقتها بقراءة ملخص أو مقدمة لكيف تؤكد ذاتك كتبها أ.د علي إسماعيل عبد الرحمن يفترض بعد ذلك أنك ستتدرب على السلوك التوكيدي وتقلع تماما عن التصرفات السلبية مثل كثرة الاعتذار أو طلب العفو من الناس. وحبذا لو قرأت كتاب أ.د مصطفى السعدني من (المقدمة إلى الخاتمة) والكتاب منشور في نفس ملف تأكيد الذات بل يمثل 98% من الملف.
وأما إن بقيت الرغبة الشديدة في الاطمئنان من الطرف الآخر أنك لم تؤذه أو أنه سامحك.. فإن المسألة ربما تحتاج علاجا معرفيا سلوكيا لمناجزة طلب الطمأنة.... كذلك لا أدري إن كنت تخلصت من الوسوسة في كلامك (كون المزاح سيكتب كذبا أم لا؟) لكن هذا أيضًا يمكن أن يساعدك فيه العلاج المعرفي السلوكي.
ليس عندنا حتى الآن ما يثبت مسئولية عادة الاستمناء أو العادة السرية Masturbation عن ضعف التركيز أو الذاكرة أو تشتت الانتباه ما دامت تمارس باعتدال (أي تمارس إما فقط لضرورة ملحة، أو بشكل أسبوعي أو نصف أسبوعي) ودون إفراط ودون مشاعر قهرية... وبعيدا إذن عن عادة الاستمناء التي لا نحتاجها لتفسير التشتت فقد يكون لديك انشغال بأحلام اليقظة أكثر من اللازم أو ربما دماغك منهك من كثرة التفكير والوسوسة.
وأما الوسواس الجديد في الذاكرة، فأظنه ناتجا بعد ملاحظتك للتدني الذي أصاب قدراتك الدراسية في الآونة الأخيرة والتي هي بالنسبة لك فترة التحضير للثانوية العامة.... أي أنك كنت قلقا أكثر من اللازم وكنت تخاف النسيان أكثر من اللازم فتحتاط لذلك باحتياطات الأمان القهرية المتمثلة في تكرار المذاكرة والحفظ بإسراف كما يتبين من قولك: (أصبحت.... أذاكر فترات طويلة وأسهر كثيرا وأضغط على نفسي كثيرا وبعد يوم مثلا أكتشف أنني نسيت ما حفظته!) أنت توسوس في المذاكرة مخافة أن تنسى ما ذاكرت فتكون النتيجة أنك تنساه!
أنصحك بما أنصح به مرضاي من الموسوسين بالمذاكرة والحفظ مثلما أنصح به نفسه غيرهم من الراغبين في المذاكرة، فاحتراما وإحسانا لاستخدامنا لذاكراتنا وبناء على بعض ما عرف عن آلية عمل الذاكرة البشرية:
- لا تحاول حفظ أي موضوع دراسي من المرة الأولى أبدا فهذا مهما أحسنت سينسى إلا قليلا!
- يفضل في القراءة الأولى البحث عن عناصر الموضوع الرئيسية والاكتفاء بتفهمها مع قراءة الموضوع أو المواضيع كاملة أو حتى الفصل كاملا (20 صفحة مثلا).
- تكرر القراءة بعد يومين أو ثلاثة (وربما أكثر) ويكرر استرجاع عناصر الموضوع ومحاولة الفهم بصورة أعمق، للعلاقات بين العناصر أو بين الفصل وبقية المادة....
- ممنوع التباطؤ أو التلكؤ أو التكرار أثناء القراءة.... وممنوع التسميع في هذه المرحلة.
- بعد أسبوع من القراءة الثانية يمكن أن نبدأ في الحفظ أثناء القراءة الثالثة والمقصود بالحفظ هو كيف أنقل عن الكتاب وليس أن أنقل ما في الكتاب.
- الذاكرة التي تتشكل على مرات متباعدة أقوى كثيرا من الذاكرة التي تنتج عن حفظ المرة الأولى مهما أتقن... فضلا عن ضياع الوقت..
- اقرأ 20 صفحة من عدة مواد يوميا، واقرأها مرة أخرى بعد يومين أو ثلاثة ومرة بعد أسبوع.. ولا تحاول الحفظ قبل ذلك.... وإن اتبعت ما سبق لن تجد صعوبة في الحفظ خاصة إن كنت في سنوات تفتح الزهور يا ولدي.
عليك أن تنظم وقتك واضعا في اعتبارك ما لا يقل عن 8 ساعات نوم، وأن تهتم بتغذية صحية وأتركك يا "أحمد" مع عدد من الروابط المهمة والتي كثيرا إن شاء الله تساعدك
كيف أقوي تركيزي وذاكرتي؟؟
الوظائف الجبهية التنفيذية من المذاكرة إلى الطب النفسي
استراتيجيات لتحسين التركيز والذاكرة
فن المذاكرة
11 خطوة للاستعداد للمذاكرة
نظم إيقاع حياتك تعود لك
وأخيرا أكرر شكري على متابعتك، وأثمن دأبك على الاستفادة مما يرزقنا به الله على مجانين من مقالات وردود السادة المستشارين... ونحن في انتظار متابعة بعد الإنجاز إن شاء الله.
* هذا التصنيف خاص بموقع مجانين بناء على عدد من المعلومات والملاحظات وبعد الاطلاع على بحث للأستاذ عبد الله الطارقي دعه فإنه مراهق وهو كتاب رائع يتحدث عن تحديد وتحرير مصطلح المراهقة الذي تم استنساخه ونقله من الغرب إلى المفاهيم العربية رغم اختلافها واختلاف خلفياتها وأحكامها كما بين ونقل النصوص التي تخالف هذا المفهوم من حيث اللغة والاصطلاح الشرعي لدى العرب منذ العصور الأولى.
ويتبع>>>>: من أولى ثانوي: كرب مبكر جدا ! م1