هل لهذه العادة وتوابعها من حل؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد....
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد؛
أخي العزيز مشكلتي تكمن في أنني شاب ملتزم ولله الحمد والمنة ولكنني لم أستطع إلى الآن أن أوقف نفسي من هذه الحرب الدائرة بين أخلاقي وعقلي وديني من جهة وبين مجتمعنا المليء بالشهوات والمغريات..... والمشكلة الأهم من ذلك كله أنني سأنفجر لأنني لا أجد حلاً أبداً......
أخي العزيز قال تعالى ((َلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)) صدق الله العظيم... ولكنني لست معروفاً من قبلكم، ويشهد الله على أن ما سأقوله ليس من باب المدح للذات وإنما من باب دقة تشخيص العلة....
أخي الحبيب كنت منذ صغري أحب القراءة والعلم والحمد لله أُعتبر من الطبقة المثقفة حتى أن الكثيرين يستشيرونني في أمور تخصهم وقد أجد لهم الحلول التي تريحهم من بينها الحلول الدينية التي أحاول قدر الإمكان أن أرى منها ما يوافق القرآن السنة وأقوال العلماء..... ولكن بالنسبة لمشكلتي لم ولن أتمكن من طرحها على أحدهم خشية أن أفقد احترامهم الشديد والبعض منهم يعتبرني قدوته الشبابية في هذا العصر بالنسبة لهم......
أخي الفاضل العادة السرية التي تحدثتم عنها في بعض المواضيع جزاكم الله خيراً هي المشكلة فأنا إلى الآن لم أجد لها حلاً......
فالتأنيب ومخافة الله جل في علاه ينفعني وما يزال في كبحها إلى أبعد الحدود.... ولكن في بعض الحالات التي أكاد أنفجر فيها لا أستطيع المقاومة..... قد حددتم أن المشكلة تكون في عدم الزواج..... أقول نعم وأنا بصراحة لا أستطيع بسبب الكثير من المشاكل المحيطة كالجيش والأعباء المادية غير الطبيعية التي يطلبها أهل الفتيات هذا مع اعتراض الأهل الدائم على الزواج بدعوى أنني صغير ورفضوا المساعدة المادية أيضاً هذا غير أنهم يعتبرون طلب الزواج هو نوع من أنواع قلة الحياء وأنه تفكير حيواني،
فلم أعد أتمكن من طرح الموضوع أمامهم أبداً مع العلم أنهم عائلة ملتزمة.....
المشكلة التي قد لا يعرفها إخواننا في الخليج هو أننا في البلاد التي مثل بلدي كشباب نرى في الطريق والجامعة والعمل و..و...الشيء الكثير الذي من الصعب أن تتجاهله، هذا غير المضايقات التي تقوم بها بعض الفتيات قليلات الحياء في الباصات والأماكن العامة....
ووالله الذي لا إله إلا هو إنني لأغض من بصري دائماً وأحاول لعب الرياضة والانشغال بقراءة الكتب الإسلامية والعلمية والصيام و..و... حتى أنني من النوع الذي يطرح مواضيعَ إسلامية على الإنترنت اعتبرها البعض قوية ومهمة..... ولكنني أريد حلاً فأنا أريد التخلص منها مهما كلفني ذلك ولو كلفني حياتي وأدعو الله أن يميتني شهيداً في سبيله ويغفر لي أخطائي التي لا تعد ولا تحصى لأنني في طريقي إلى الجنون......
في النهاية أشكركم إخوتي في الله
وأرجو ألا أكون قد أطلت عليكم.
13/5/2004
رد المستشار
لعلك تكون قد اطلعت على ما سبق وقلناه في شأن العادة السرية، وهو كثير على موقع مجانين، ولا أنوي تكرار ما سبق وقلته أو نشرناه، لذا أرجو مراجعته لاستكمال الصورة، فانقر العناوين التالية:
الاستمناء أثناء النوم: الأوضاع قبل الأحكام
الاستمناء والوسواس والعرات والشُّقَـيْـقـة
الاستمناء القهري: العادةُ المُسْتَـنْزِفًةُ
الاستمناء، شماعة الجهل التي ذابت
الرغبة الطبيعية وعقدة الجنس!
الاستمناء والاحتلام والوسوسة
بين العادة السرية والشذوذ
الجنس مثل أي غريزة طبيعية أودعها الله سبحانه في الإنسان لتقوم بدورها في إمتاعه، واستمرار نسله، ودفعه دفعا إلى إقامة علاقات مع غيره من البشر فلا تتم الحياة إلا بالاتصال الإنساني. ومثل أية غريزة فإنها تثور بالتنبيه وأيضا بالكبت، وكلاهما شائع عندنا للأسف الشديد، فالمثيرات متعددة وكثيرة ومتنوعة الأشكال والألوان، والجهل سيد الموقف كما شرحنا مرارا وتكرارا، والكبت هو الأصل، وأعني به هنا الحرمان من تلبية هذه الغريزة بالزواج حتى سن متأخر جدا أحيانا حتى يصل إلى قرب الأربعين!!!
وتزداد حدة تأثير وإثارة الغريزة حين تنشط دون زواج أو تلبية فتتلظى في فراغ نفس صاحبها من بقية الأنشطة والمجالات والدوائر الإنسانية، والمقصود هنا أن للجسد والعقل والروح أشواقا وألعابا وتمارين وحاجات أخري غير الالتهاب طلبا للجنس، أو دوام التفكير فيه والانشغال به، وليس الحل هو محاولة "الهروب" الساذج من هذه الغريزة، أو محاولة التشاغل عنها،
وإنما تلبية الحاجات الأخرى للجسد بالرياضة والتمارين، وبرامج الغذاء الصحي، واللياقة البدنية...الخ، حتى يحين الوقت وتأتي الفرصة للممارسة، وتلبية حاجات وأشواق الروح والعقل بالعبادة والفنون، والفكر والمعارف، وقلت كثيرا أن في الحياة متعا نحرم أنفسنا منها بسبب الجهل أو الكسل أو الإصرار على انتظار ما لا يجيء، وأعني به الجنس.
وبدلا من أن أنصب لك منبر خطابة ونقد للتخلف الاجتماعي، والظرف الاقتصادي، والثقافة السائدة، وغيرها من العوامل التي تؤدي إلى المشكلة الجنسية التي تعيشها مجتمعاتنا العربية والإسلامية، أقول لك إن حركتك الفردية على كل المستويات التي ذكرتها لك هنا هي السبيل للتغلب على المشكلة أو التخفيف منها على الأقل في المستوى الفردي الخاص.
فمثلا اجتهادك في الدراسة ثم العمل من شأنه تشجيع أهلك على تقديم العون لك في زواج يعتبرونه مبكرا!!! وتقليل مجالات احتكاكك بالمثيرات، وتخفيض تأثرك بالحتمي منها، واندراجك الحقيقي في أنشطة تشبع احتياجاتك الأخرى، وليس فقط لتتشاغل بها عن الجنس، ووضع خطة عمل تكفل لك بعد فترة معقولة أن تستقل ماديا، وتنضج أكثر نفسيا واجتماعيا، إضافة إلى ما تقوم به من صوم وغيره، كلها تبدو مفردات برنامجك لمحاصرة العادة السرية، إضافة إلى ما ذكرناه من برامج تعديل السلوك في إجابة المواقع الساخنة.. الاستمناء .. وداعاً للإدمان، فإذا طبقت هذا ولكن غلبتك بعض الاختراقات فلا بأس.
وقلنا وكررنا أن التأجيل القسري للزواج حتى يمتلك الإنسان الفرصة للزواج يمكن أن يأتي مصحوبا بممارسة العادة كبديل للوقوع في الفاحشة، وهي في هذه الحالة تكون أخف الضررين، والاختيار الضروري الأقل سوءاً، والحاجات تقدر بقدرها، قلنا هذا وكررناه،وليس لدينا غيره!!!
لقد تحولت العدة السرية إلى نوع من العصاب الجمعي للشباب والفتيات ضمن المثيرات المنتشرة إلى فشل الدفاعات الهشة التي يمارسونها إلى المبالغة في الشعور بالذنب، والخوف من العواقب النفسية والصحية والدينية إلى الشكوى من الأهل وعدم تفهمهم، والحسرة من تكرار العزم ثم الخطأ أحيانا، وهذه الحزمة من المفاهيم هي برميل بارود لا نصل ونحن جالسين فوقه إلا إلى التشويش الذهني والتشتيت العقلي والروحي، واحتمال الانفجار في أية لحظة، والأصوب دينيا وعقليا أن تتغير هذه الخريطة في كل جزء من أجزائها فتنشأ برامج فردية وجماعية حقيقية لممارسة الرياضة، واكتساب المعرفة، ورفع المستوى العلمي الدراسي، والتواصل مع البشر حول العالم تفاعلا وتفاهما وتبادلا للخبرات والمنافع، ودفاعا عن قضايانا، ولابد من إنشاء الأوضاع وتكاتف جهودنا، لإنجاز هذا.
آن الأوان أن نخرج من هذا النفق الذي ننحبس فيه مثل الجرذان المصابة بالجرب حين يحرمونها من الطعام والدواء، فالعالم أمامنا باتساعه يا شباب، فمن استطاع أن يتزوج فليفعل فورا، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، وليس الصوم وحده إلا جزءاً من برنامج تغييرٍ في مفاهيمنا وممارساتنا للجنس وبقية أنشطة الحياة، وعلاقاتنا بأجسادنا وذواتنا كلها.
نحن نحتاج إلى تغيير اجتماعي وثقافي جذري وواسع، ولن ينجزه إلا الشباب، كيف وهو مبدد في تيه الشهوات ومقاومتها؟! رغم أن قائمة الأولويات كبيرة!!!
تلزم إعادة لرسم خريطة حياتنا يا شباب، ثم من تغلبه نفسه مرة أو عدة مرات فلا يستسلم لتلبيس إبليس، ويظل يكبو كالجواد الذي سقط، إنما يقوم ويواصل، وربما سقط مرة أخرى فيقوم ويواصل.... وهكذا، حتى يأذن الله بالزواج يا شباب كفوا عن الألم غير المنتج، والعويل المنهك للقوى، والغضب غير المفيد، وانشغلوا بالعمل والإنتاج والتغيير، ومن أفلتت منه مرة فليستغفر الله، وليعلم أن هذه ليست هي المعركة الرئيسية وإنما هي فرع، والأساسي أن يتغير كل منا ويغير، وأن يمتلئ بحق فراغ حياته وذهنه وطاقاته بما يمتعه وينفعه، ويصله بالله وبالعلم.
هل تراني قلت شيئا مفيدا له علاقة بالواقع؟! أم قدرنا أن نظل متخبطين في الدروب التائهة بخطوات متعثرة؟! نلف في الدوائر المفرغة وندور.... وندور حتى نسقط من الإعياء!!!
يا شباب قاطعوا كل المثيرات: اتركوا المجلات المثيرة التافهة تبور على الأرفف، واتركوا البرامج والأغاني والأفلام والصور المثيرة حتى تكسد فلا يشاهدها أحد، ولا يهتم أحد منكم حتى بنقدها، لكن اقبلوا على الله بقلوبكم وعقولكم، واقبلوا على العلم –وهو أمامكم واسع– بأوقاتكم وإبداعكم، تواصلوا وتعلموا، وتحركوا في كل لحظة ودقيقة لتغيير أنفسكم وأحوالكم ومجتمعاتكم وكل الظروف السلبية من حولكم، لا تتقاعسوا فتتكاثر عليكم الهموم، ولا تتركوا لحظة فراغ دون استثمار، والله معنا.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابن العزيز أهلا وسهلا بك وبأمثالك من النابهين على موقعنا مجانين، الحقيقة أن كلاما لا يقال بعد ما أضاءت كلمات أخي وحبيبي في الله الدكتور أحمد عبد الله، لكنني فقط أود بيان نقطة ربما أشار لها مجيبك حين قال أن كل غريزة تثور بالتنبيه وأيضا بالكبت، هذه النقطة هي أن الخليج الذي تظن أن شبابه نجا من لظى المثيرات، إنما يستعر شبابه وشاباته في لظى الكبت وهم أيضًا يتعرضون بشكل أقسى للميول الجنسية الشاذة "المثلية".
واعلم يا أخي أن الحل ليس في منع المثيرات من الشوارع كما تظن ويظن كثيرون غيرك، فلرب عباءةٍ سمراء تفتن وتغوي أكثر من امرأة عارية،
وواقع الأمر أن سطوة الغريزة الجنسية أعمق بكثير مما يظن كثيرون، والتعامل معها في حالة العجز عن الزواج لا يكونُ إلا ببرامج عامة كالتي طرحها عليك الدكتور أحمد عبد الله، وأحيلك في النهاية إلى مقالين له على مجانين فانقر العنوانين التاليين:
إبحار الأجيال وتعاقب الأمواج البناءة
في الجنس وغيره أخطر مما يسمي
وأكرر ترحيبي بك وبأمثالك على مجانين مرةً أخرى، فأهلا بك دائما وتابعنا بأخبارك.