أحلام اليقظة في طفولتي
دائماً ما أذكر أحلام اليقظة التي تراودني في طفولتي وخاصة ما بين عمر 9 إلى 11 سنة، أذكرها بقوة أذكر أني عندما تقسو علي والدتي أنعزل في مكان لوحدي وبعد البكاء أحلم بأن أمي وأبي الحقيقيين الذين ضعت منهم حسب خيالي يدخلون بيتنا ويقومون باحتضاني وتقبيلي ثم أشعر بالراحة والسعادة الغامرة، المهم أن هذا كله حلم وأمي التي تقسو علي هي والدتي بالفعل ووالدي كذلك وما زالت قاسية وما زال قاسيا مكابرا.... لديهم جبروت عجيب.
المشكلة أنهم يطلبون منا ما يعجزون أو ما عجزوا عن فعله يطلبون الحنان واللطف وهم مستمرون في كبريائهم وتفرقتهم بيننا ولا سيما تمييز الأولاد وتقديرهم واحترامهم وشعورهم بأننا نحن الفتيات عالة عليهم، أشعر بأن هناك رمزا ومعنى لديكم لا سيما أني في هذا العمر لم أجد الراحة النفسية ولا الأمان ولا الاستقرار وأشعر بأني لا أستطيع التحكم في انفعلاتي ولا شعوري وعندما أبكي أبكي بحرقة كالأطفال، قلقة في الغالب، أحمل الأمور أكبر مما تحتمل لا أعيش الحياة ببساطة ولا أستطيع الفرح، عندما أفرح فأنا أتكلف وأفتعل الفرح.
اليوم وأنا أرى طفلي وحجم محبته لي أعرف كم أحببت والدي وكم كنت أرى الدنيا من خلالهم وكم كنت ضعيفة، فالناس عندما ينجبون الأطفال يعرفون قدر محبة والديهم لهم وأنا عكسهم،
أشعر بأني تأثرت بسلوك أهلي تجاهي وخاصة أني كنت أعيش في مجتمع مغلق ومحاصر بأشخاص معينين، أتمنى وأدعو الله ألا أرتكب أخطاء في حق ابني أو أطفالي.
أنتظر النصيحة والتوجية والإرشاد لي.
06/01/2015
رد المستشار
أرحب بجميع الآباء والأمهات على موقعنا الذي من ضمن أهدافه مساعدتكم على تخطي العثرات التي تواجهكم مع أبنائكم، فالأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي تتلقى الطفل ويفتح عينيه في أحضانها حتى يشب ويستطيع الاعتماد على نفسه بعدها يلتحق بالمؤسسة الثانية وهي المدرسة المكملة للمنزل ولكن لأنها تتشكل شخصية الطفل خلال الخمس السنوات الأولى أي في الأسرة، لذا كان من الضروري أن تلم الأسرة بالأساليب التربوية الصحية التي تنمي شخصية الطفل وتجعل منه شابا واثقا من نفسه صاحب شخصية قوية ومتكيفة وفاعلة في المجتمع...
وتتكون الأساليب غير السوية والخاطئة في تربية الطفل إما لجهل الوالدين في تلك الطرق أو لاتباع أسلوب الآباء والأمهات والجدات أو لحرمان الأب أو الأم من اتجاه معين فالأب عندما ينحرم من الحنان في صغره تراه يغدق على طفله بهذه العاطفة أو العكس، بعض الآباء يريد أن يطبق نفس الأسلوب المتبع في تربية والده له على ابنه وكذلك الحال بالنسبة للأم، وقد أشرت بمشكلتك أنك كنت تعانين في الصغر من قسوة الوالدين والتفرقة بالمعاملة بينك وبين أخواتك الذكور، وأوضح لك أن مثل هذه الأساليب غير السوية أثناء تنشئتك الاجتماعية ستنعكس سلبيا عليك في حياتك المستقبلية مع أبنائك، لذا سوف أستعرض معك آثار هذه الأساليب غير السوية معك وبعض الإرشادات التي تعينك بإذن الله في تربيتك لأبنائك.
ومن أبرز الاتجاهات غير السوية والخاطئة التي ينتهجها الوالدان أو أحدهما في تربية الطفل والتي تترك بآثارها سلبا على شخصية الأبناء، مثل التسلط أو السيطرة ويعني تحكم الأب أو الأم في نشاط الطفل والوقوف أمام رغباته التلقائية ومنعه من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته التي يريدها حتى ولو كانت مشروعة أو إلزام الطفل بالقيام بمهام وواجبات تفوق قدراته وإمكانياته ويرافق ذلك استخدام العنف أو الضرب أو الحرمان أحيانا وتكون قائمة الممنوعات أكثر من قائمة المسموحات كأن تفرض الأم على الطفل ارتداء ملابس معينة أو طعام معين أو أصدقاء معينين أيضا عندما يفرض الوالدين على الابن تخصص معين في الجامعة أو دخول قسم معين في الثانوية قسم العلمي أو الأدبي..... إلخ، ظنا من الوالدين أن ذلك في مصلحة الطفل دون أن يعلموا أن لذلك الأسلوب خطرا على صحة الطفل النفسية وعلى شخصيته مستقبلاً ونتيجة لذلك الأسلوب المتبع في التربية... ينشأ الطفل ولديه ميل شديد للخضوع واتباع الآخرين لا يستطيع أن يبدع أو أن يفكر... وعدم القدرة على إبداء الرأي والمناقشة... كما يساعد اتباع هذا الأسلوب في تكوين شخصية قلقة خائفة دائما من السلطة تتسم بالخجل والحساسية الزائدة.. وتفقد الطفل الثقة بالنفس وعدم القدرة على اتخاذ القرارات وشعور دائم بالتقصير وعدم الإنجاز..
كذلك من الأساليب غير السوية التي أشرت إليها في تعامل والديك معك التفرقة في المعاملة بينك وبين إخوتك الذكور، ويعني عدم المساواة بين الأبناء جميعا والتفضيل بينهم بسبب الجنس أو ترتيب المولود أو السن أو غيرها نجد بعض الأسر تفضل الأبناء الذكور على الإناث أو تفضل الأصغر على الأكبر أو تفضيل ابن من الأبناء بسبب إنه متفوق أو جميل أو ذكي وغيرها من أساليب خاطئة، وهذا بلا شك يؤثر على نفسيات الأبناء الآخرين وعلى شخصياتهم فيشعرون الحقد والحسد تجاه هذا المفضل وينتج عنه شخصية أنانية يتعود الطفل أن يأخذ دون أن يعطي ويحب أن يستحوذ على كل شيء لنفسه حتى ولو على حساب الآخرين ويصبح لا يرى إلا ذاته فقط والآخرين لا يهمونه ينتج عنه شخصية تعرف مالها ولا تعرف ما عليها تعرف حقوقها ولا تعرف واجباتها.
وهناك أربعة أخطاء في تربية الأبناء أتناولها معك حتى لا تقعي فيها مع أبنائك وهي:
أولاً: الصرامة والشدة، يعتبر علماء التربية والنفسانيون هذا الأسلوب أخطر ما يكون على الطفل إذا استخدم بكثرة.. فالحزم مطلوب في المواقف التي تتطلب ذلك، أما العنف والصرامة فيزيدان تعقيد المشكلة وتفاقمها؛ حيث ينفعل المربي فيفقد صوابه وينسى الحِلْم وسعة الصدر فينهال على الطفل معنفا وشاتما له بأقبح وأقسى الألفاظ، وقد يزداد الأمر سوءاً إذا قرن العنف والصرامة بالضرب.. وهذا ما يحدث في حالة العقاب الانفعالي للطفل الذي يُفِقْدُ الطفل الشعور بالأمان والثقة بالنفس كما أن الصرامة والشدة تجعل الطفل يخاف ويحترم المربي في وقت حدوث المشكلة فقط (خوف مؤقت) ولكنها لا تمنعه من تكرار السلوك مستقبلا.
وقد يعلل الكبار قسوتهم على أطفالهم بأنهم يحاولون دفعهم إلى المثالية في السلوك والمعاملة والدراسة.. ولكن هذه القسوة قد تأتي برد فعل عكسي فيكره الطفل الدراسة أو يمتنع عن تحمل المسؤوليات أو يصاب بنوع من البلادة، كما أنه سيمتص قسوة انفعالات عصبية الكبار فيختزنها ثم تبدأ آثارها تظهر عليه مستقبلاً من خلال أعراض (العصاب) الذي ينتج عن صراع انفعالي داخل الطفل.. وقد يؤدي هذا الصراع إلى الكبت والتصرف المخل (السيئ) والعدوانية تجاه الآخرين أو انفجارات الغضب الحادة التي قد تحدث لأسباب ظاهرها تافه.
ثانيا: الدلال الزائد والتسامح، هذا الأسلوب في التعامل لا يقل خطورة عن القسوة والصرامة.. فالمغالاة في الرعاية والدلال سيجعل الطفل غير قادر على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين، أو تحمل المسؤولية ومواجهة الحياة.. لأنه لم يمر بتجارب كافية ليتعلم منها كيف يواجه الأحداث التي قد يتعرض لها.. ولا نقصد أن يفقد الأبوان التعاطف مع الطفل ورحمته، وهذا لا يمكن أن يحدث لأن قلبيهما مفطوران على محبة أولادهما، ومتأصلان بالعواطف الأبوية الفطرية لحمايته، والرحمة به والشفقة عليه والاهتمام بأمره ...
ولكن هذه العاطفة تصبح أحيانا سببا في تدمير الأبناء، حيث يتعامل الوالدان مع الطفل بدلال زائد وتساهل بحجة رقة قلبيهما وحبهما لطفلهما مما يجعل الطفل يعتقد أن كل شيء مسموح ولا يوجد شيء ممنوع، لأن هذا ما يجده في بيئته الصغيرة (البيت) ولكن إذا ما كبر وخرج إلى بيئته الكبيرة (المجتمع) وواجه القوانين والأنظمة التي تمنعه من ارتكاب بعض التصرفات، ثار في وجهها وقد يخالفها دون مبالاة.. ضاربا بالنتائج السلبية لمخالفته عرض الحائط.
إننا لا نطالب بأن ينزع الوالدان من قلبيهما الرحمة بل على العكس فالرحمة مطلوبة، ولكن بتوازن وحذر. قال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا" أفلا يكون لنا برسول الله صلى عليه وسلم أسوة؟
ثالثا: عدم الثبات في المعاملة، فالطفل يحتاج أن يعرف ما هو متوقع منه، لذلك على الكبار أن يضعوا الأنظمة البسيطة واللوائح المنطقية ويشرحوها للطفل، وعندما يقتنع فإنه سيصبح من السهل عليه اتباعها.. ويجب مراجعة الأنظمة مع الطفل كل فترة ومناقشتها، فلا ينبغي أن نتساهل يوما في تطبيق قانون ما ونتجاهله ثم نعود اليوم التالي للتأكيد على ضرورة تطبيق نفس القانون لأن هذا التصرف قد يسبب الإرباك للطفل ويجعله غير قادر على تحديد ما هو مقبول منه وما هو مرفوض وفي بعض الحالات تكون الأم ثابتة في جميع الأوقات بينما يكون الأب عكس ذلك، وهذا التذبذب والاختلاف بين الأبوين يجعل الطفل يقع تحت ضغط نفسي شديد يدفعه لارتكاب الخطأ.
رابعا: عدم العدل بين الإخوة، يتعامل الكبار أحيانا مع الإخوة بدون عدل فيفضلون طفلا على طفل، لذكائه أو جماله أو حسن خلقه الفطري، أو لأنه ذكر، مما يزرع في نفس الطفل الإحساس بالغيرة تجاه إخوته، ويعبر عن هذه الغيرة بالسلوك الخاطئ والعدوانية تجاه الأخ المدلل بهدف الانتقام من الكبار، وهذا الأمر حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم".
وهناك العديد من الطرق والأساليب التي تساعدك كأم في مواجهة أي سلوك غير مرغوب للطفل منها:
أسلوب القصة: اختيار قصة ذات الطابع الخيالي وينبغي التركيز على القصص التي تحكي علاقة الحيوان أو الطائر بالأم وكيف أن الحيوان الفلاني حصل له كذا وكذا لأنه لم يسمع كلام أمه.
أسلوب التحايل وتحويل الانتباه: تحويل انتباه الطفل لشيء يحبه فمثلا عندما يبدأ الطفل في إصدار أصوات مزعجه كالصراخ وعندما يطلب منه أحد التوقف عن ذلك ولكن الطفل يقوم به.
فلا يصدر إليه الأمر مرة أخرى وإنما يتوقف عن ذلك تماما ويطلب منه تقليد صوت حيوان يحبه (تعالى نقلد صوت العصفور)
عدم الإكثار من التعليق: عدم الإكثار من التعليق على تصرفاته (بأن هذا يليق أو لا يليق أو هذا يصح وهذا لا يصح) والإقلال من أضرار الأوامر والنواهي.
أسلوب التغاضي: التغاضي عن بعض أخطائه والتظاهر بعدم رؤيتها فيمكن أن يكون النهي بنظرة حادة توضح مدى الاستياء بما فعل.
الحزم والحب: عدم جعل الطفل يحس بأن والديه لا حول لهما ولا قوة أمام تصرفاته بل يجب أن يحس بالقوة والحزم وفي الوقت نفسه بالحب والحنان.
العلاقة الإيجابية مع الأطفال: يجب إزالة الفجوات بين الوالدين والأبناء عن طريق اللعب معهم وإقامة رحلات وإفراد وقت خاص لكل طفل للحديث معه عن أموره الخاصة.
أسلوب التكليف: يتم تكليف الطفل ببعض الأعمال المنزلية حتى يتعود تحمل المسئولية فمثلا يقال للطفل أنك مسئول عن طعام العصافير
لا للضرب: إن الضرب لا يعد وسيلة ناجحة فقد ينجم عنها أن يخاف ولكن الوقت نفسه يؤدي إلى زيادة العناد.
وأخيرا أتمنى لك التوفيق والنجاح مع أبنائك وشيء إيجابي أن يعترف الآباء بأخطائهم التي يمارسونها بحق أبنائهم من خلال تنشئتهم قد يكون لعدم توافر المعلومات الكافية عن كيفية تربية وتنشئة الأبناء تنشئة سليمة نفسيا وتربويا، فعليك أن تحتويهم وتغدقي عليهم بحبك وحنانك وتفهمك.. وتابعينا بأخبارك
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الابنة الفاضلة "أسماء" أهلا وسهلا بك على مجانين .... ليست لدي إضافة على ما تفضلت به مجيبتك الرائعة د. رانيا الصاوي، فقط أشير إلى أن استشارتك ذكرتني ببرنامج عمل مجانين مع أبناء الصمت والقسوة ... كنا بدأناه وفعلانه على مجانين، وارتأيت لاستشارتك عنوانا يذكرنا بذلك العمل ..... كذا أقدم بعض النماذج التاريخية الظهور على مجانين وذلك من ضمن مئات أخر، فاقرئي ما تيسر لك وحبذا لو تشاركين فيه:وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين تقرئين وبين السطور تتعمقين.