في مواجهة عملاق الحب .. كيف أتصرف ؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
مشكلتي اليوم مشكلة جديدة.. باختصار: عندما تكون أنت في موقف المربي ولكن المربي الصديق, ثم تقع في موقف مواجهة مع الحب, حب من تربي لأشخاص آخرين, وأقصد به حب المراهقة: كحب تلميذة لأستاذها, وحب فتاة في الثانية عشرة لكل من يمر في حياتها من شباب كابن العم وابن العمة, ماذا تفعل؟؟
أعرف أن حب المراهقة سرعان ما سينتهي وهو ليس الحب الحقيقي –أقصد بالحقيقي أي الذي سينتهي بالزواج ولا أقصد أن أشكك في صدق المشاعر- في حياة صاحبه, ولكنني أعلم أيضا أنه عنيف جدا وعميق جدا.. كيف لي –كمربية- أن أتعامل مع حالات الحب التي تمر بها الفتيات ممن أقوم بدور تربوي في حياتهم؟؟
الحقيقة أنني محتارة إزاء إحدى الحالات, وهي حالة بنت الثانية عشرة, حيث إنه من المنطقي والطبيعي –كما علّمتمونا- أن تحب الفتاة, ولكن ما أعرفه أيضا أنها تحب شخصا واحدا فترة طويلة نسبية من الزمن, قد تصل إلى سنوات, ولكن ما لا أستطيع فهمه هو كيف يتحول الحب من شخص لآخر بمجرد اللقاء بالشخص الآخر, مثلا: رأت ابن عمتها في جلسة عائلية جماعية, فهامت به حبا وعشقا وسيطر على تفكيرها ولم تعد تستطيع النوم من شدة حبها له, وتبقى هذه الحالة مستمرة إلى أن تلتقي بشخص آخر وليكن ابن عمها, بعد فترة من الزمن قد تكون شهرين أو ثلاثة, فتتحول هذه المشاعر العنيفة إلى الشخص الثاني.. وهكذا..
هل هذا شيء طبيعي, وكيف السبيل إلى التعامل مع ظاهرة الحب هذه؟؟
ثم هناك سؤال مهم يلح علي كثيرا: هل لا بد من خوض تجربة الحب لكل إنسان في فترة مراهقته؟؟
أليس هناك ترياق نعطيه للطفل والمراهق حتى لا يتعرض لتجربة الحب المؤلمة, أو على الأقل ليخرج منها غير مجروح الفؤاد, فكما أعرف معظم حالات حب المراهقة تنتهي بالفراق, وفي هذا ما فيه من الألم الشديد على المحب.. أريد أن أتصرف وفق ما ترشدونني إليه من حلول, وذلك حتى لا يفقدن الثقة بي, فبما أنهن يبُحن لي بمكنونات القلوب فهذا يعني أن لي مكانة كبيرة عندهن, وأنا أريد أن أستغل هذه المكانة لأؤثر فيهن تأثيرا إيجابيا..
وجزاكم الله كل خير.
28/05/2004
رد المستشار
نعم.. هناك ترياق...
هذا الترياق لا يمنع الاحتياج للحب، فهذا الاحتياج فطري مثل الجوع والعطش –لا يمكن منعه ولكن يمكن السيطرة عليه.. فيمكن للمرء أن "يصوم" عن الحب كما يصوم عن الطعام والشراب... وهو مع هذا الصيام.. يشعر بالجوع والعطش ولكنه قادر على الاستمرار في صيامه.. والاستمرار على إرادته حتى يحين وقت"آذان" المغرب وإقامة الصلاة– أقصد أذان "الزواج" "وإقامة الأفراح".
نعود للترياق... فأقول لكِ وبما أنك مربية فأنت بالتأكيد تدركين أن التربية مثل "الزراعة".. فأنتِ تتعهدين التربة وتضعين البذور وتقومين بالري...و...و...و حتى تصلين إلى الثمرة بعد جهد وصبر.
وهناك من الثمار ما يُجنى بعد أسابيع، وهناك ما يجنى بعد سنوات مثل الأشجار والنخيل.. هكذا الزراعة، وهكذا التربية.. عمل شاق ودءوب.. لذلك فإن هذا "الترياق" الذي تسألين عنه ليس حقنة بالوريد أو العضل، ولا نقاطا بالأنف أو الفم، ولا أقراصا تحت اللسان، وإنما هو برنامج طويل ومتكامل الأركان... أستطيع أن ألخص هذا البرنامج في جملة فأقول:
لا تستطيع الفتاة أن تتحمل مشقة الصيام، عن الحب لابد أن تكون ممتلئة من الداخل ومدعومة من الخارج!!!
• ممتلئة من الداخل: روحها ممتلئة بمعرفة الله، وقلبها ممتلئ ويحب الخير، وعقلها ممتلئ بالأهداف العظيمة للدنيا والآخرة.. مشغولة بعبادتها، ودراستها، وهوايتها، وعلاقاتها، وأنشطتها..
• مدعومة من الخارج: بالصحبة الطيبة التي تحبها في الله –حبا صادقا، وتغفر زلاتها، وتجبر كسرها، وتأخذ بيدها بالحسنى بغير تنطع ولا تكلف، وتعينها على الخير، وتشاركها في الأنشطة النافعة، والمفيدة، والممتعة أيضا.. التربية أمر شاق أليس كذلك!!
علي أية حال، كلما تعبت أو شعرت بطول الطريق تذكري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا من الدنيا وما فيها".
ابنتي الحبيبة؛ يبقى الدور بعد ذلك لصاحبة الشأن.. الفتاة نفسها... وأنت تجتهدين وتتضرعين إلى الله، ولكنه سبحانه يقول "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه"، نسأل الله تعالى الهداية لنا جميعا.