الورقة اللعينة
ما القول الفيصل في تشخيصاتي المتعددة؟
أنا صاحب رسالة "الورقة اللعينة"؛ أشكركم جدا على اهتمامكم أسأل الله أن يجعل مجهوداتكم في ميزان حسناتكم، لدي المزيد من الأسئلة حول حالتي التي أتمنى أن أجد لها ردا شافيا، أولاً لا أعرف إذا كان السبب في حالتي مصدرها ظروف الحياة والتي يمكن أن يمر بها الكثير أم أنها مرض قائم بذاته ذات أصل وراثي وعضوي كتغير في كيمياء المخ كما هو شائع، لكن ما أعرفه الآن أنني أجدت التعايش مع أشياء كثيرة لا أطيقها ولا أعبر عن رفضي أو استيائي لها حتى لو كان مرض (ربما كان ذلك سببا في تأخري لطلب العلاج)، لا أعلم إن كان هذا نوع من الصبر أم مجرد سلبية وعدم حب الذات أم أنني نشأت في بيئة المعتاد فيها التعايش والاستسلام فتطبعت بطباع هذه البيئة؟؟ أيا كان السبب فعندما أنظر إلى ما مضى من حياتي أشعر بأنني ظلمت نفسي كثيراً وألوم نفسي على سلبيتي أمام مواقف تتطلب المواجهة بل والغضب أحيانا...
- المهم بدأت زياراتي للأطباء النفسيين عندما كان عمري 17 عام برفقة والدي عندما امتنعت عن الدراسة فكان التشخيص هو اكتئاب ووصف لي أدوية "لوسترال" و"أكينتون" لكن لم آخذ أي أدوية لاعتقادي ذلك الوقت أن حالتي سببها صدمتي في الواقع والإحباطات المتتالية والتي لن يجدي معها الدواء في شيء، ربما كنت محقا وربما لا، على أي حال تركت الجامعة (لأكثر من سبب غير القلق النفسي) وازدادت حالتي سوءا وانعزلت عن الواقع لفترة ليست بالقصيرة فوت فيها الكثير من المناسبات الاجتماعية التي لا يجوز بأي منطق ألا أتواجد فيها كحفل زفاف أخي مثلا! (أدركت لاحقاً أنني كنت مصاب بالقلق الاجتماعي الشديد)؛
بعدها التحقت بالخدمة العسكرية في مستشفى عسكري كبير وعاد اندماجي بالواقع مرة أخرى بعد أن كنت قد نسيت الكلام تقريبا وأبجديات التواصل مع الناس، لكن بعد انتهاء المدة شعرت أنني أنتكس إلى حالتي القديمة شيئا فشيئا فرغم بدئي لمشروع تجاري إلا أنني لم أخرج كثيرا وكنت أمضي معظم الوقت أمام شاشة الكمبيوتر بحكم عملي فارتددت مرة أخرى إلى العالم الافتراضي، فجأة صار عمري 26 سنة وأدركت أني لم أنجز شيئا يذكر فلم أكمل دراستي ولم أكون حياة اجتماعية ولم يسبق لي أن دخلت في علاقة عاطفية ولم أدخر حتى أي نقود.
- أصبت بنوبة أخرى من الاكتئاب وذهبت إلى طبيبة نفسية شخصت حالتي ب"العُصاب" وبعض من أعراض schizoid personality disorder وصفت لي دواء اسمه "نودب 10مجم" أخذته لمدة 10 شهور وأثناء متابعتي معها قررت العودة للدراسة مرة أخرى وانتقلت للعمل والعيش في مدينة أخرى لكن لظروف مادية لم أستطع المتابعة معها وكانت تحاصرني الكثير من الأفكار السلبية والوحدة الشديدة فانتكست حالتي وتركت العمل ثم تركت الدواء لإحساسي بأن حالتي لا تتحسن معه، أمضيت ستة أشهر في عزلة ثم استشرت الدكتور "وائل أبو هندي" وشخص حالتي بالاكتئاب المضاعف ووصف لي دواء "سيرباس" ولم آخذ منه سوى ثلاث أقراص بسبب الأرق وقلة النوم ثم تركته (لحماقتي!) ثم وصف لي أحد الصيادلة دواء اسمه "صفامود" وهو خلاصة عشبة القديسين تناولته لمدة 15 يوم تقريبا وشعرت بتحسن ملحوظ لم أشعر به حتى مع دواء "نودب" إلى أن توقفت عنه يومين لنسيان الجرعة أصبت بعدها بنوبة تشنجات وكانت أشبه بالهيستريا أو ما يسمى بالصرع النفسي وكنت مذهولا من حالتي ولم أعد أكلم أحد لأيام رغم أني أسمع أهلي يتكلمون معي لكن لم أستطع الرد وكنت أكتفي بالإيماء بنعم أو لا.
- ذهبت بعدها إلي طبيب نفسي آخر اضطراراً نظراً لسوء حالتي فطلب مني عمل رسم مخ وجاء طبيعياً ثم شخص حالتي بالاضطراب الوجداني ووصف لي ديباكين 200مجم وبوسبار10مجم ونيورازين 25مجم، ما جعلني أشك في تشخيص الطبيب هو أنني لا أتذكر أني أصبت بنوبة هوس من قبل ولا أتذكر البذخ في الإنفاق ولا النشاط الجنسي المفرط ولا الفرحة العارمة أو النشاط البدني الزائد ولا قلة الحاجة إلى النوم، أنا طول الوقت مكتئب تقريبا وإن لم يكن هناك اكتئاب فأنا في أحسن الحالات "عادي"؛
قرأت أن هناك نوبات هوس أخف تتميز بالمزاج المرتفع وزيادة الأفكار والثقة الزائفة بالنفس وهذا قد أشعر به بعض الوقت لكن لا أشعر أنه تعدى الطبيعي أيضاً، تحسنت شهيتي ونومي على الدواء لكن ظل الاكتئاب موجوداً ما دفعني لاستشارة الطبيب مرة أخرى ولم يفعل شيئاً سوى رفع جرعة الديباكين إلى 500مجم مرتين يومياً والنيورازين إلى 100مجم مرة قبل النوم، لم يكن هناك مشكلة مع الديباكين لكن آثار النيورازين الجانبية كانت لا تطاق بالإضافة إلى أنني لم أفهم دوره بالضبط فهو كما أعرف مضاد للذهان وأنا لا أعاني من أي أعراض ذهانية، استشرت الطبيب مرة أخرى فكان أسلوبه فظاً وطلب مني ألا أتساءل عن أي شيء يخص التشخيص أو الدواء وكأنني معتوه أو فاقد للأهلية!!
- ذهبت لرؤية طبيب آخر وشخص حالتي بخليط من الاكتئاب والقلق والأفكار الوسواسية واستبعد تشخيص الاضطراب الوجداني ثم وصف لي دواء "استاتومين" 100مجم مرة مساءاً مع الديباكين 500مجم (كإجراء احترازي تحسباً لعدم التعرض لنوبة هوسية) وتحسنت حالتي بعض الشيء لكن مازال هناك نقص للدافعية والحافز وتدهور في قدراتي المعرفية مثل كثرة النسيان وقلة التركيز وأنا مقبل على امتحانات خلال أيام كما أنني توقفت عن الكتابة التي هي مصدر دخلي الوحيد الآن.
أنا الآن في حيرة شديدة من تعدد التشخيصات ازدادت بعد قراءتي عن نوع من أنواع الفصام اسمه الفصام البسيط ويتميز بأنه بلا أعراض موجبة وأنا تنطبق علي معظم أعراض الفصام السالبة مثل انعدام الطاقة والحافز وقلة التركيز الشديدة وضعف الذاكرة والتشتت الدائم بالإضافة إلى تجربتي الطويلة مع الاكتئاب وتوقفي عن الدراسة والذي يصنف دائماً على أنه عرض من أعراض الفصام السالبة (رغم عودتي للدراسة مرة أخرى الآن) وأيضاً المشي لمسافات طويلة (توقفت عن ذلك منذ سنوات)، فكيف يمكن التفريق بين هذه الأعراض وبين أعراض الاكتئاب أو القلق؟
وكيف يمكن التفريق بين الوساوس المرضية فيما يخص الفصام وبين الأعراض النذيرية المبكرة للمرض نفسه أي ما هو الحد الفاصل بين الاستبصار بالمرض وبين توهم المرض؟
أشكركم جدا جدا على اهتمامكم
23/01/2015
رد المستشار
شكراً على متابعتك الموقع.
قرأت استشارتك السابقة ورد الأستاذة أميرة عليك وعليك أن تقرأ ردها ثانية.
حالتك الطبية النفسية تشير إلى إصابتك باضطراب طبي نفسي جسيم بدأ مساره يتحول إلى مرض مزمن. ويتميز بما يلي:
1- بدأ هذا الاضطراب في سن المراهقة.
2- على درجة عالية من الشدة حيث أدى إلى تغيير مسار حياتك.
3- هناك تاريخ واضح لفترات من الهدأة والانتكاسة حتى بدون علاج.
4- تحسنت على عقار نودب وهو مضاد للاكتئاب لا يختلف تماما عن السيرباس في مفعوله.
5- الوصفات المتعددة الأخيرة ومن خليط عقاقير وعمل تخطيط مخ لا يمكن تبريره علميا.
التشخيص:
اضطراب الاكتئاب الجسيم المتكرر.
التوصيات:
1- عليك الالتزام بمتابعة طبية نفسية مع استشاري كفء والتوقف عن الشعور بالأسى على نفسك.
2- أنت بحاجة إلى عقار مضاد للاكتئاب وربما عقار آخر لتوازن المزاج وزيادة تأثير مضادات الاكتئاب بسبب المسار المزمن للحالة.
3- علاجك بالعقاقير يحتاج إلى عدة سنوات من تعاطي العقاقير لا تقل عن سنتين.
4- لابد من إضافة علاج كلامي منتظم كذلك كي تخرج من دوامة اكتئاب مزمن.
5- لا يوجد أي احتمال على وجود فصام وأقول 100%.
6- تخلص من الاكتئاب واحرص على الالتزام بمتابعة علاجية وإلا ستدخل مرحلة مرضية لن تخرج منها أبداً.
وفقك الله.
ويتبع >>>>>>>: الورقة اللعينة م1