كيف نحول الفشل الذريع لبصيص أمل؟ م1
عذاب سنين ومستقبل حزين
أبدأ الحكي عن معاناتي، من عشر سنوات عندما نجحت في الثانوية العامة ودخلت كلية الطب وكنت فى غاية السعادة لأني حققت حلم عمري في دخولي كلية الطب بدون أي ضغط من أحد وتركت محافظتي وسافرت للقاهرة للدراسة ولكن أخذتني القاهرة بزهوها وبريقها وانصرفت عن المذاكرة وتحصيل العلم وبدأت في الفسح والخروج مع أصدقائي ولكنها كانت فسح بلا طعم لأني بيني وبين نفسي أعلم أني لا أؤدي واجبي الأساسي وهو المذاكرة، ولكن الخروج كان وسيلة جيدة للهروب ومن ستر الله أني نجحت في الفرقة الأولى وانتقلت للفرقة الثانية التي للأسف بقيت فيها ثلاث سنوات لعدم المذاكرة وعدم دخولي الامتحانات وأخيرا نجحت وصعدت للفرقة الثالثة التي لازلت فيها للمرة السادسة بسبب أيضا عدم المذاكرة وعدم دخولي الامتحانات مع العلم أني أحب الطب جدا وأستمتع به عندما أذاكر ولكن أكره الحفظ والتكرار وأخاف من النسيان بعد المذاكرة.
أشعر وكأن الثانوية العامة أرهقت عقلي من كثرة الشد العصبي كالأستك المطاط الذي نشد فيه نشد فيه وقبل أن نرخيه لنشده من جديد يكون قد انقطع، هذا ما حدث مع عقلي شددت فيه في الثانوية حتى انقطع عن المذاكرة وتحصيل العلم قبل أن أرخيه ليواصل تحصيل العلم في الجامعة. نتيجة لكل هذا الفشل الدراسي الذريع ساءت علاقتي بأبي وأصبحت فاترة الذي لم يعد يسألني في أي فرقة أنا، وها هو أخى الصغير ينصحني بالمذاكرة، بعد أن كنت أنا متفوقا عنه، ووسط كل هذا أنعم الله عليَ بأم ليست ككل الأمهات فقد تحملتني ووقفت بجانبي وهاهي تقف بجانبي حتى الآن وتشد من أذري ولكن فاض بها الكيل ولها الحق في ذلك وقالت لي مؤخرا، إن لم أنجح هذه السنة فستتبرأ مني، ولم يعد لي أصحاب فلم أعد أريد أن أرى أحدا حتى لا يسألني أسئلة تحرجني كسؤال في أي فرقة أنت؟ وهل انتهيت من الدراسة أم لا؟ ومتى ستنتهي من الدراسة؟
وبعد عام ونصف إن شاء الله سيوقف قيدي بالكلية وستتوقف الدراسة بالنسبة لي حتى الانتهاء من الخدمة العسكرية وأنا قلق جدا بل ومرتعب من أن يتم قبولي لأداء الخدمة العسكرية ويضيع من عمري سنتان إضافيتان وأعود للدراسة مرة أخرى وأنا في سن الثلاثين. وظهرت مشكلة مؤخرا عندي وهي أختي الصغيرة التي تبلغ من العمر أربعة سنوات ونصف ولم تتكلم حتى الآن وبعد الكشف عليها تبين أن لديها تأخر عقلي عن زميلاتها، وهو ما يشعرني دائما بالهم والغم ويضع عليَ حملا إضافيا في المستقبل خاصة وأنا أكبر إخوتى وهم ولدان وبنت وأبي موظف عادي وأمي مدرسة.
حقا أنا أشعر بأني إنسان تافه وأصبحت أعشق الأنتخه والراحة والكسل وغير متحمل للمسؤلية بل وأناني وغير مقدر لقيمة ما أنا فيه ولكن التفكير في المذاكرة والدراسة يؤلمني بل ويعذبني وأجد الكتب أمامي ولا أفتحها ومستقبلي يضيع من يدي هباءاً
أمي كلما تحدثت مع في الهاتف تقول لي (والنبي ذاكر عشان خاطري ومتخذلنيش وحققلي أملي إنك تبقى دكتور حتى لو مش هتشتغل بالطب بس خد شهادة) وبعد المكالمة أجلس وأبكي لأني أشعر بالتقصير تجاهها، وأبي نفسه بكى أمامي وقال لي (كان نفسي تبقى حاجة كبيرة وترفع شأن الأسرة دي)، أشعر دوما بالخذي والعار من نفسي فأخي الأصغر مني قد انتهى من دراسته للهندسة وأنا ما زلت أعبث مع الكتب في الفرقة الثالثة، حتى أخي أصغر إخوتى أخاف أن أنصحه بالمذاكرة فيرد عليَ انصح نفسك الأول.
متى ينقشع هذا الظلام وهذا الهم والغم والفشل؟ هل ينتهي بموتي والخلاص من حياتي أم بترك الطب لمن هو أجدر به؟ هل بترك البيت والأهل والأصدقاء والذهاب بعيدا لمكان لا يعرفني فيه أحد؟
هل ينتهي بإجبار نفسي على المذاكرة وحرمان نفسي من الراحة والضغط على نفسي وتحمل ضغوط المذاكرة رغما عني؟
عذرا للإطالة
وأتمنى الرد بقسوة لأن الحنية والطبطبة لم تأت معي بنتيجة
08/01/2015
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالنجاح.
قرأت جميع ما أرسلته سابقاً والردود عليها.
يمكن القول بأنك سعيد الحظ لكونك لا تزال في كلية الطب أو الجامعة. القاعدة العامة منذ سنوات في الغرب وتنطبق على جميع الدراسات الجامعية هو الحق للطالب بفرصة أخرى بالامتحان ثانية خلال 3 أشهر من رسوبه في أية مادة. إن فشل يغادر ولكن له الحق في الدخول إلى الجامعة ثانية لدراسة أي اختصاص آخر غير الذي رسب فيه. يتم إعطاء الطالب فرصة ثالثة في ظروف استثنائية من قبل مجلس الجامعة وليس الكلية. في جميع الأحوال لا يحق لأي طالب البقاء في الجامعة لمدة تزيد عن سنين دراسته بعامين مهما كانت الظروف.
لو كنت في منتصف أعوام دراسة الطب لنصحتك بطلاق الطب والبحث عن دراسة جامعية أخرى. مهما كانت الأعذار المطروحة في رسالتك فليس هناك من يتحمل المسؤولية سواك. أهملت تعليمك ويبدو أنك دون درجة الاجتهاد والمثابرة المطلوبة في دراسة الطب. علوم الطب لا تحتاج إلى ذكاء خارق ولكنها تحتاج إلى اجتهاد ومثابرة مستمرة لكثافة المعلومات التي يتم توجيهها نحو الطالب. أنت دون ذلك بصراحة وإن تخرجت لا يوجد أمل من سعيك لتطوير نفسك والاستمرار في التعليم إلى حين توقفك عن ممارسة الطب.
ولكن مع الأسف وصلت الآن إلى مرحلة متقدمة ولا يوجد خيار لك إلا أن تبدأ بالدراسة بصورة مكثفة ولمدة 6 أيام في الأسبوع. تحرص على عمل جدول دراسي تلتزم به بصرامة وتتوكل على الله.
إن فعلت ذلك تنجح بجهودك، دون ذلك تودع الطب الآن قبل الغد.
وفقك الله.
التعليق: أولا أشكر حضراتك جدا يا د. سداد جواد التميمي إن حضرتك لبيت طلبي ورديت على رسالتي كما تمنيت ثانيا حضرتك قلت جملة (ولكن مع الأسف) هل حضرتك ترى أنه من الأسف أن أصل لهذه المرحلة المتقدمة من سنين دراسة الطب.
لو كان رد حضرتك بنعم أعدك أن أترك الدراسة فورا وإن كان رد حضرتك لا فأرجو أن تفسر لي معنى الأسف هنا؟