ممكن أحس؟؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أشكركم على مجهوداتكم، وأنا أشعر أنكم على ثغرة مهمة لحماية الإسلام وحماية شباب المسلمين.. جزاكم الله خيراً..
الموضوع: أنا طول عمري غير مهتمة بمشاعري، وكنت أكبتها على قدر استطاعتي.. فإذا مثلاً شعرت أن ولدا معينا لفت نظري وأنا معجبة به، أحاول على قدر استطاعتي أن أقنع نفسي وأكلمها: "لا شيء يوجد اسمه الحب..العالم كله ليس فيه من يحميكِ أو يشعرك بالأمان..لازم تعتمدي على نفسك في كل حاجة ..مش حاتتجوزي، عشان كل الرجالة ملهمش أمان وخاينين..."
اللي حط الكلام ده كله في دماغي، إن وأنا صغيرة (4 أو 5 سنين تقريبا) في رجل تحرش بي جنسياً، وكنت أشاهد كثيرا أمي وأبى يتشاجروا مشاجرات بصوت عالي وعنيف (بس من غير ضرب) وبألفاظ مهينة... حسيت إن الرجالة كلهم يهينوا المرأة.. وإن أنا لو اتجوزت جوزي "حايطلع عيني"... أنا أصلاً شخصية حساسة جدا، وبحب السَكَن، وأحب الهدوء والحب والعاطفة.. فلما تعرضت لكل ده في صغري، ولقيت نفسي بخاف من أي حاجة.. من كل حاجة.. بقيت أكره إني أسمع صوت عالي، أو فيه تنشنة...
لما كبرت شوية، وبقيت في الثانوية العامة..بقيت أعجب بولد معايا في الفصل مثلا... أول ما أحس إني بدأت أعجب بيه، أفضل أبعد عنه على أد ما أقدر (بس في نفسي أنا من جوا بحبه أو معجبة بيه، بمعنى أصح.. علشان فترة المراهقة ديه مافيهاش نضج كفاية إني أحب، بل هو مجرد استلطاف)... أنا دلوقتي تقريبا عندي 19 سنة، كل السنين دي حاسة إني قاعدة بكبت في مشاعري وأقتلها..أنا مش بقول إني أحب ولد وأطلق بصري عليه، وأروح أكلمه من غير ضرورة وأعترف له بحبي و... لأ طبعا، أنا بحاول ألتزم فأنا أكيد مش حاعمل كده، لكن أنا عايزة أدي لنفسي مساحة إني أحس...
أنا كبتي لنفسي ساعات بيوصل لدرجة إني لما أعد لوحدي في الأوضة، وأكلم نفسي.. أكسف أتكلم مع نفسي في الموضوع ده... متخيل؟؟ مكسوفة ورافضة رفض تام إني أفتح الموضوع ده مع نفسي.. ولما أتكلم مع ربنا وأناجيه في الموضوع ده باكسف أوي... أنا بحاول ألتزم و أنشغل بهموم الأمة.. بحس إني خجلانة من ربنا إني أقوله: "يا رب لو في خير في فلان قربهولي ويسرهولي.." و إخواتي بيدبحوا في فلسطين والعراق.. بحس "هي الأمة في إيه و لا في إيه؟"...إخواتك بيموتوا في فلسطين وانتي منشغلة بولد؟؟؟؟ إيه الدنُّو ده؟؟
لما حكيت الأحاسيس دي لإخواتي في الله، قالوا لي إنتي شخصية حساسة بطبعها وبتنكري الأحاسيس دي كلها على نفسك...وكده غلط... بدأت أصلح من نفسي شوية.. الحمد لله، مبقتش أتكسف لما أكلم ربنا.. ومبقتش أخاف زي الأول الحمد لله..
لكن نفسي في صدر حنين.. نفسي أتجوز عشان أحس إني أول ما أتعب من حاجة، يبقى عندي سكن أسكن إليه وحد أحس معاه بالأمان وأحس إنه الرجل اللي بيدافع عني (بدل الراجل التاني اللي تحرش بيه، أو بابا اللي كان بيزعأ لماما كتير "أنا بحب بابا كدا ربنا يكرمه لكن أنا ماقدرش على الزعيئ والصوت العالي")...
أنا دلوقتي عندي حاجتين:
1) أنا خايفة إن رغبتي في الزوج الصالح وحبي وشوقي ليه من قبل ما ييجي، تقلل من حبي لله... المفروض إني لما أحس بأي خوف أو ضعف من أي حاجة أشكو لله ولا أشكو للخلق (زي ما الرسول صلى الله عليه وسلم شكى همه لله في يوم الطائف).. أنا خايفة إني أحب جوزي أكتر من ربنا.. وهل لما أقوم حبي لزوجي (لما ييجي) يبقى نوع من أنواع الكبت اللي كنت بعمله لنفسي زمان؟؟ وكيف أقوم مشاعري؟؟
2) كيف أصبر نفسي؟؟ حموت عايزة سكن (زوج)، ولسة ماحدش تقدم (أنا مش معترضة...الحمد لله) لكن إيه الخطوات العملية اللي أعملها علشان أصبَّر نفسي لحد ما زوجي ييجي؟؟ ..أنا أملي في ربنا كبير، ومتأكدة إنه حايعمل الخير لي، سواء لو الخير إني أتجوز ولا لأ... و بأمل نفسي للجنة (فهي دار البقاء، وهي دي الدار اللي فيها السكن كله...الحمد لله إن في جنة)... لو عند حضرتك أي نصائح أو وسائل عن "كيف أئمل نفسي في الجنة" فلا تبخل علي بها..
آسفة على الإطالة..جزاكم الله خيرا....
ردوا عليّ بسرعة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
28/05/2004
رد المستشار
أختي العزيزة....
الإحساس ليس فقط ممكنا في حالتك بل هو ضروري وكذلك الحب، وأنت تحسين وتحبين فعلا ولكنك تهربين من الحقيقة خوفا من الوقوع في الخطأ أحيانا وخوفا من الرجال أحيانا أخرى وخوفا من الانشغال عن قضايا الأمة المهمة.. وخوفا من الانشغال عن الله.. وخوفا من... وخوفا من.... وخوفا من.......
أي أن الإحساس موجود والحب أيضا موجود ولكنهما مخنوقان بطبقات من الخوف المتراكمة، وقد بدأ خوفك منذ طفولتك المبكرة حين تحرش بك بعض الرجال جنسيا فانطبع في نفسك الصغيرة بدايات الخوف من الرجال والخوف من التعلق بهم، ثم تأكد هذا الخوف حين شاهدت معاملة والدك الجافة والعنيفة بعض الشيء لوالدتك (وأنت بطبيعتك حساسة ومحبة ولا تتحملين ذلك)، ثم زاد الخوف عندك حين أحسست ببدايات مشاعر الحب وهي تنمو وتتجه بأنظارك وبقلبك نحو زميلك في المدرسة الثانوية فأنت من فرط مشاعر الحب المكنوزة بداخلك تخشين اندفاعها وعدم السيطرة عليها فتنكرين وجودها أحيانا أو تكبلينها باستدعاء المخاوف القديمة والحديثة من الرجال (الغرباء والأقربين على السواء) وإذا لم يكف هذا وضعت قضايا الأمة لك شاغلا وإذا لم يكف هذا وضعت حب الله في كفة وحبك للزوج وللسكن في كفة أخرى وكأن الأمر إما هذا وإما ذاك.
والمشاعر الإيجابية مثل الحب لها وظيفة إيجابية في حياتنا (ولذلك خلقها الله فينا) فهي تملأ نفوسنا بالشوق للزواج والسكن وتكوين الأسرة والاستقرار وإنجاب الأطفال، وقد زين الله لنا كثيرا من الأشياء بينها في قوله تعالى، بسم الله الرحمن الرحيم (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) صدق الله العظيم (آل عمران:14).
وهذا التزيين يؤدي وظيفة في عمران الحياة حين يكون في مستوياته الطبيعية، وحين لا ينشغل الإنسان عن حب الله والتعلق بما عنده، ولذلك قال تعالى في نهاية الآية: "والله عنده حسن المآب"، فنحن نتعلق بأشياء كثيرة في الدنيا (وقد فطرنا الله على ذلك) والمشكلة ليست في التعلق وحب هذه الأشياء ولكن المشكلة هي في عبادتنا لهذه الأشياء بحيث تطغى على حبنا لله وحبنا لما عند الله في الآخرة، هنا يختل الميزان.
وفي مسألة المشاعر هناك فرق بين الكبت والضبط، فالكبت هو أن تتنكري لمشاعرك وتخافين منها وتنظرين إليها على أنها شيء مدنس مستقذر يجب استئصاله وقمعه والتخلص منه، وهذا موقف مرضي يولد الكثير من الاضطرابات النفسية لأنه شيء ضد الفطرة السليمة التي طبعت على الحب والميل للجنس الآخر والشوق للقرب منه والسكن إليه، ولذلك فعلماء النفس يحذروننا من الكبت بمعنى محاولة استئصال المشاعر أو التنكر لها أو قمعها.
أما الضبط (وهو الموقف الصحي المطلوب) فهو أن نعترف بهذه المشاعر ونحترمها ونقدر قيمتها ووظيفتها، ثم ننظم خروجها في الوقت المناسب وللشخص المناسب وفي الظروف المناسبة وبالطريقة المناسبة، فاشتياقك للزوج الحبيب وللسكن الحاني والراعي وللعلاقات الدافئة شيء مشروع جدا، ودعاؤك لله بأن يمنحك كل هذا دعاء واجب، وتجهيزك لنفسك استعدادا لهذا اللقاء المأمول الميمون سعي نحو التكامل الذي أراده الله بين الذكر والأنثى في حدود ما شرع، وحبك لزوجك ليس منتقصا من حبك لله ولا متعارضا معه بل كلاهما يزيد الآخر ويدعمه.واشتياقك للزوج الحبيب وأحلامك الجميلة حول ذلك ليس انشغالا فارغا عن قضايا الأمة ومشكلاتها المؤلمة، وإنما هي دفقة حياة تصب في شرايينها وومضة روح تحيي الأمل في جيل جديد وعلاقات جديدة تختلف عما كان في الجيل الماضي أو الأجيال الماضية، وهذه الأحلام ليست محرمة ولا ضارة بل هي مشاريع للمستقبل تملأ النفس بالمشاعر الإيجابية وبالطاقات المتجددة كي تستمر الحياة، ونحن مأمورون بذلك ورسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يقول: "تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة" صدق صلى الله عليه وسلم، أخرجه ابن ماجة، ولا نكاح بدون حب ولا حب بدون إحساس.
وليس مطلوبا منك قتل إحساسك أو حبك أو حلمك وإنما المطلوب هو رعاية كل هذا وتوجيه الطاقة الهائلة الناتجة عنها في بناء المستقبل في إطار ما شرع الله، وأن نعلم أن عمران الدنيا بنفوس عامرة بالحب والإيمان هو ضرورة للوصول إلى الآخرة وأن ما عند الله خير وأبقى وبهذا يعتدل الميزان العاطفي والنفسي وتكون لدينا السيطرة على تيارات المشاعر المتدفقة والتي نخشى اندفاعها وخطورتها في كثير من الأحيان.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين نقطة كوم وشكرا جزيلا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به أخي الأكبر الدكتور محمد المهدي غير أن أحيلك إلى عددٍ من الردود السابقة على صفحتنا استشارات مجانين على مشكلات مشابهة لمشكلتك وإن كنت أنت الأكثر براءة فانقري العناوين التالية:
بالمنعطف: جِنُّ واقعنا وجنونه، يوميات المعتاد
القلب الطاهر ينبض : حبا وطهرا مشاركة
أنجح صافي على الأقل: الفهم أولا
بداخل أعماقي حيرة وأحلام وقلة خبرة
قبلة ولمسة : صدمات الخبرة والتبكيت مشاركتان.
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بأخبارك.
ويتبع >>>>: ممكن أحس ممكن أحب مشاركة