الوحدة والوساوس
كان لي صديقة أحببتها وأحبتني لدرجة لا توصف وتعلقنا ببعضنا تعلقا يكاد يكون مرضيا ولكنها كانت مريضة بداء الكذب وكان هذا سببا في أن أتخلى عنها ثم عدنا إلى بعضنا بعد أن وعدتني أن تكف عن كذبها المرضي وبالفعل قلت كثيرا حدة كذبها، ولكنها بعد عام دراسي كامل قضيناه معا -دبلومة إدارة أعمال- وبعد أن كنا تصافينا انتقمت مني في نهاية العام لأنني فكرت في تركها ومنعت عني المحاضرة الأخيرة في إحدى المواد والتي لم أحضرها لمرضي مع أن هذه المحاضرة كانت بها أسئلة الامتحان، وبعد هذا عدنا وتصافينا ولكن بعد ذلك ألحت علي ذات مرة موقف من مواقفها السيئة تجاهي فقطعت علاقتي بها ولكننا أيضا عدنا أصحابا بعدما ظهرت النتيجة ونجحنا ولكنني ظللت خائقة منها ومما تضمره لي في سريرتها فغيرت نمرة موبايلي فجأة وقطعت كل صلة لي بها ومن بعدها وأنا أندم وأبكي وأشعر بالوحدة التامة لأنها كانت صديقتي الوحيدة وأكثر من أحبني في هذه الحياة.
المشكلة أن الموضوع صار وسواسا قهريا عندي وأنني صرت طيلة الوقت أبكي وأفكر في أننا قد افترقنا إلى الأبد وأنها سوف تحضر الدكتوراه وتتزوج وتنجب وتحيا كل هذا وهي بعيدة عني لا أعرف عنها شيئا ولا يمكنني أن أطلب منها العودة بعدما جرحتها ثلاث مرات لا يمكن أن تسامحني.
طيلة الوقت ألوم نفسي ومما زاد الأمر سوءا أن أمي وأبي لم يعودا يحباني كما كانا يفعلا من قبل ولم يعودا يهتما بي على الإطلاق وكثيرا ما أبكي دون أن يلاحظوا وإن لاحظوا لا يهتمون كثيرا بمعرفة السبب ولا يلحون عليّ لمعرفته كما كانوا يفعلون في الماضي وقد نسوا عيد ميلادي هذا العام لأول مرة وقد طلبت منهم بنفسي أن يضعوا لي صدقة في المسجد كي يعافيني الله، في الماضي كانوا يفعلون هذا بنفسهم دون أن أطلب مهما كانت مشاكلهم هذا لا يبرر أبدا تجاهلهم وعدم اهتمامهم.
أشعر أن الله يعاقبني ولكنه عقاب عظيم لا قبل لي بمواجهته، للعلم بالشيء أنا أعاني من الوساوس القهرية وأعالج منها منذ زمن بعيد وأيضا لدي صورة من صور التوحد وهي الحديث مع نفسي في الخيال متخيلة أنني أحدث آخرين غير أني أكون على علم أنهم ليسوا موجودين، أنا أتناول دواء بروثايدين 75 مساءا و25 صباحا وحقنة فلونكسول 40 ملي وبدلت لي الطبيبة أقراص أولازين 10 ملي بحقنة كلوبكسول 200 ملي.
ماذا أفعل كي أستعيد اهتمام أمي وأبي بي فقد أعيتني الوحدة حقا وآلمتني كثيرا حتى حينما أكتب أشياء على الفيس بوك لا يهتم أحد ولا يعلق بالرغم من أن معظم من عندي على الفيس أعرفهم معرفة شخصية أشعر بالوحدة التامة والفشل التام والعجز المرعب عن مواجهة ما ألقى.
أرجوكم أخبروني ماذا أفعل ?
ولكم جزيل الشكر والاحترام
3/2/2015
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
تذكرت بعد قراءة سطورك دعوة المسنات في ثقافتي ورأيت أن أدعو لك بها "آنسك الله برحمته" كي لا تشعري بعد ذلك بالوحدة. استغراقك في الخيال نتيجة طبيعية لمعاناتك من الوسواس والاكتئاب ولا بأس به إن كنت تدركين أن من تتحدثين معهم هم مجرد خيال، فهذا يشبه كاتب الروايات، ويمكنك أنت أيضا كتابة هذا الخيال كنشاط يشغلك ويسليك وما يدريك لعل يتكشف لنا كاتبة جديدة.
احرصي على تناول أدويتك بانتظام وعلى مراجعة طبيبك، وحاولي أن تطلبي منه إحالتك لمعالج معرفي وسلوكي فهو سيفيدك بالاضافة إلى الأدوية في التخلص من الاكتئاب.
إن كنت تحنين لصديقتك فلا بأس بأن توصلي حبال الود معها ثانية، وتعلمي أن تتسامحي مع عيوبها كي تتقبل هي أيضا عيوبك. إن لم تكوني راغبة في استعادة صداقتها يمكنك أن تكتسبي صداقات جديدة.
تسامحي مع والديك وبادليهم الدلال ولا تحملي عليهم إن نسوا عيد ميلادك مرة في العمر، لعلهم ظنوا أنك لا تهتمين به بعد أن كبرت أو أن لديهم ما يشغلهم فعلا. لم يعودوا يلحون عليك لمعرفة ما يبكيك لأنهم عرفوا أن لك كراشدة خصوصية قد لا ترغبين بمشاركتها معهم، بينما عندما كنت طفلة كانوا حريصين على معرفة ما يزعجك ولا يجوز أن يعاملوك كطفلة الآن.
تعلمي التفكير الإيجابي، تذكري أنك تكتبين لتعبري عن نفسك بغض النظر عن تفاعل الآخرين، ويمكنك أنت أن تتفاعلي معهم بدل انتظار أن يبادروا هم. طوري لنفسك هوايات غير الإنترنت فهو لا يجدد الطاقة كما ينبغي.