حالة معقدة ومزمنة
أولاً: أنا على أمل أن يكون من حضراتكم سعة صدر لمشكلتي لأنها متصلة بمستقبلي.
أنا شاب عندي 24 عاماً حالياً، مع العلم أنني حتى عمر 16 عام لم أشتكي من شيء أبداً وكنت مثل أي شخص طبيعي، أسافر وألعب وكل شيء بدون مشاكل. وأنا في عمر 16 عام، أصبت بالاكتئاب ولكن عفيت منه بعد حوالي عام من الإصابة ولله الحمد، ولكن تبقى معي من هذه الإصابة إلى الآن مرض الوسواس القهري.
أنا مشكلتي المعقدة والمزمنة والتي تهدد حياتي هي أني عندما أمشي في الشارع تأتي لي حالة دائمة وهي أني لا أشعر بجسمي وأشعر أن جسمي خفيف جداً مثل الورقة أو الريشة وأفقد الإحساس بالسيطرة على جسدي، وأشعر أن جسمي يمشي لوحده وكأني لا أتحكم به.
وفي هذه الوقت أخاف جداً وأكون في هلع وأهرب من المكان الذي أنا فيه وأعود للمنزل فوراً خوفاً من أن أسقط أمام الناس، وهذه الحالة معي من حوالي 4 أعوام، وأنا بسبب هذه الحالة أبقى دائماً في البيت ولا أخرج إلا لوقت قليل جداً.
والآن أنا تخرجت من الجامعة ويجب أن أعمل، والوظيفة ستكون بمكان بعيد عن المنزل فأنا خائف جداً أن تأتي هذه الحالة وأنا بعيد عن المنزل لأني دائماً عندما تأتيني هذه الحالة أعود للمنزل فوراً، وأنا بسبب تلك الحالة صدري مقفول من العمل وخائف جداً من أن أعمل، بالرغم من أن ظروفي صعبة وأحتاج للعمل والشغل ولا مفر أبداً.
وأنا أشعر أن هذه الحالة سببها نفسي وليس عضوي لأنها تصيبني بمجرد التفكير فيها وعندما أقرر أن أنزل من البيت أشعر أن جسمي يخف أكون في حالة من القلق بسبب خوفي من أن تعود الحالة لي بالشارع، وبالفعل تصيبني هذه الحالة بالشارع.
لا أستطع أبداً أن أوقف هذا القلق قبل النزول من المنزل، مع العلم أنني عندما أذهب لمشوار قريب جداً من المنزل لا تأتيني هذه الحالة مثل "فقد التوازن أو فقد الشعور بجسدي".
أرجو حل لحالتي لأني بالرغم من حالتي يجب أن أعمل وأشتغل وأبدأ حياتي العملية.
05/03/2015
رد المستشار
الأخ الفاضل، أهلاً ومرحباً بك على الموقع.
رغم قصر رسالتك وتركيزك فقط على ما تراه أزمتك الحقيقية، ولكني سأناقش معك ما سردته من معلومات.
ترى أنك كنت طبيعيا حتى عمر 16 دون أن تتحدث عن طفولتك ولا أسرتك ولا علاقاتك ولا تعليمك.
سنة اكتئاب دون أي تفاصيل أو علاج،
وسواس قهري دون تفاصيل أيضا
ركزت على عرض واحد فقط (لا أشعر بجسمي وأشعر أن جسمي خفيف جداً مثل الورقة أو الريشة وأفقد الإحساس بالسيطرة على جسدي، وأشعر أن جسمي يمشي لوحده وكأني لا أتحكم به) رغم أنه لا يختلف كثيرا عن سابقه، فهو نوع من أنواع الوسواس (لأنها تصيبني بمجرد التفكير فيها وعندما أقرر أن أنزل من البيت أشعر أن جسمي) فهي مرتبطة بالفكرة وتحدث مباشرة بعد نزولك (وأكون في هلع وأهرب من المكان الذي أنا فيه وأعود للمنزل فوراً) وهذا تأثير الفكرة حيث تصاب بالقلق الشديد وتستخدم التجنب (لا أستطع أبداً أن أوقف هذا القلق قبل النزول من المنزل) أو الهروب من الموقف (وأعود للمنزل فوراً).
صديقي، لم تتحدث في رسالتك عن أي خبرات علاجية سابقة أو عن طبيعة شخصيتك أو غيرها من الأشياء المهمة في التشخيص لنعرف هل تعاني من الوسواس فقط أو يصاحبه أنواع أخرى من القلق.
نصيحتي لك وستجدها موجودة في استشارات الوسواس كلها أن تتوجة للعلاج لدى طبيب نفسي يتقن فن العلاج النفسي وليس الدوائي فقط:
وأقول لك أن الخطة العلاجية ستشتمل على شقين:
الأول: العلاج النفسي في صورة:
1- التجاهل الكامل للأفكار والقهورات يعني (التجاهل + عدم التفكير + عدم الإقناع)
والمراد بالتجاهل التام هو تجاهل جميع الأفكار الوسواسية صغيرها وكبيرها وعدم الالتفات لها نهائياً ويجب ألا يكتفي المتعالج بعدم فعل السلوك الوسواسي بل يجب عدم التفكير به أيضا.
ولهذا فلو أوهمك الوسواس أنه سيحدث لك شيء ما (وأفقد الإحساس بالسيطرة على جسدي، وأشعر أن جسمي يمشي لوحده) فيجب تجاهل الفكرة نهائياً وعدم التفكير بها حتى تستمر الفكرة بالإلحاح ثم تتوقف بسبب عدم الاستجابة، وهذا سيسبب لك توترا شديدا، وقتها نلجأ إلى تمرين استرخاء لإزالة التوتر، دون استخدام الإقناع بمعنى مناقشة الفكرة لماذا جاءت وكيف ستتم وكيف أمنعها ووووووووووووووووو إلخ لأنه سيسبب لك هدوئا مؤقتا لفترة ثم تعود الفكرة، أما التجاهل الكامل سيجعل التوتر يقلل تدريجيا من تسلط الفكرة عليك وهكذا.
2- عليك أن تطبع هذه الورقة وتقرأها كثيراً:
أن تسأل نفسك الأسئلة التالية وحاول أن تجيب عنها بصراحة تامة بينك وبين نفسك والأسئلة هي ما يلي (وسأضع لك جوابا مساعدا):
س1: منذ متى وأنا أعاني من الوسواس؟
ج: أعاني منذ سنة، سنتين، عشر سنوات (اذكر المدة)
س2: هل أنا موسوس بالفطرة أم طرأ علي الوسواس ولماذا؟
ج2: لا، بل كنت صحيحاً معافاً أعيش كما يعيش الآخرون ولكنني تساهلت في بادئ الأمر فتطور معي شيئا فشيئا حتى وصلت للمرحلة التي أنا فيها الآن (وقد يكون هناك سبب آخر)
س3: أيعقل أن يكون الناس كلهم على خطأ وأنا وقلة معي هم المصيبون؟
ج: لا، بل أنا مقتنع أن الناس على صواب بل وأتمنى أن أن أكون مثلهم.
س4: ما هو الدافع الأساسي للأفعال الوسواسية؟
ج: لكي أرتاح من المعاناة النفسية.
س5: هل أحسست بالراحة بعد فعل السلوكيات الوسواسية؟ أم أن معاناتك تزداد يوما بعد يوم؟
ج: لا، بل معاناتي في ازدياد كبير، وكل يوم أزداد هما وأزداد تعاسة!
س6: إذاً ما الفائدة من فعل كل هذه السلوكيات الوسواسية؟!
ج: لا أدري.
س7: هل تريد أن ترتاح من هذه المعاناة الطويلة؟
ج7: عليك بتنفيذ سياسة التجاهل التام.
3- استخدم قاعدة ابدأ، استمر، أكمل.
ابدأ تجاهل الفكرة واستمر في هذا ولا تستسلم لأي أفكار تثنيك عن الرجوع في قرار العلاج ومواجهة الوساوس والقهورات.
ثانياً: العلاج الدوائي من خلال طبيب متخصص، وهناك العديد من الأدوية الآمنة والمفيدة إن شاء الله.
وسترى أننا بدأنا بالشق النفسي لأن اضطراب الوسواس يعتمد عليه بنسبة كبيرة.
وفقك الله