السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات ولدي طفلة عمرها سنتان، كان زواجي تقليديًا "بالنظرة الشرعية" وتعارف أهلي وأهل زوجي، كانت أم زوجي تعاني من مرض السرطان، الفرق بين خطبتي وزواجي حوالي ستة أشهر كنا نتقابل فيها أسبوعيًا في منزل أهلي. عائلة زوجي متفتحة قليلاً بينما أنا أعتبر بالنسبة لهم "قروية" أو متحفظة زيادة عن اللزوم.
عشت مع أهل زوجي حوالي السنة توفيت والدته بعدها وحصل ما كان يحصل بين أهل الزوج وزوجة أخيهم من المشاكل أدت لطرد أخو زوجي لي من المنزل ولزوجي معاً. عشت بعدها لمدة شهرين في بيت أهلي وزوجي في بيت أهله ريثما نتمكن من تجهيز منزل الزوجية وقام أهلي بمساعدتنا به.
استمرينا في العيش في المنزل حتى سنة ونصف وكان طيلة هذه الفترة زوجي يشتكي من عدم ارتياحه للحي الذي نسكن به، وباستمرار يكرر رغبته في الانتقال ولكن ولظروفنا المادية كنت أقوم بتصبيره وإقناعه بالانتظار حتى تتحسن أحوالنا المادية ولكنها لم تتحسن حتى الآن. مشكلتي هي: علاقتي بزوجي فترة الخطوبة كانت غريبه نوعاً ما كان يأتي فقط للاختلاء بي دون أن يحدثني إلا ما ندر، وبعد زواجنا كنت أشعر بعدم تقبل أهله لطباعي وعدم تقبله هو لي.
بعد انتقالنا من منزل أهله تحسنت أحوالنا قليلا وأصبح بيننا الحوار أكثر، لكن كان شيئ بداخلي يخبرني أن هناك شيء غريب في علاقتنا فلم أجد منه "الاهتمام" الذي تجده الزوجة من زوجها المحب، فأغلب الأوقات يذهب مع أصحابه للتنزه ولا يقوم بإخراجنا معه إلا بعد إلحاح مني.
ومنذ شهر تقريباً أخبرني برغبته للذهاب إلى الدمام ولكني صدمت بعدها بذهابه للبحرين وقد عرفت هذا عن طريق انتقال صور "لبارتي" إلى إيميل الكلاود، واجهته بها قبل خروجه من البحرين وأخبرت أبي وأصريت على الطلاق لكني صدمت بعدم تجاوبه وكأنه "مستبيع" لنت قليلا لكي لا "أخرب بيتي" ووافقت للعودة إلى المنزل بمقابل اعتذاره لأبي ووعدي بعدم تكرار ما حدث ووعدني أنه لن يذهب إلى أي مكان مستقبلاً إلا برفقتي.
بعد عودتي للمنزل تغيرت معاملة زوجي كثيرا لي للأسوأ فلم أعد أجد منه الحب والحنان الذي كنت بالأصل أشتكي من قلته فأصبح منعدما. وبالأمس فاجأني زوجي برغبته بالطلاق مني وأنه لم يستطع أن يحمل لي أي مشاعر وكان يخبرني بذلك وهو يبكي ويرفض أن ألمسه أو أن أنظر لعينيه ويطلب مني الذهاب لمنزل أهلي لكي يرسل لي ورقة الطلاق وحين أطالبه بالأسباب لا أجد أي سبب منه سوى أنه كان زواجه بي مجرد إرضاء لأمه المريضه وطوال الفترة الماضية كان فقط يتصنع لي الحب علما وأنه بعد روجعه من البحرين رفض أن أستمر بأخذ مانع الحمل وأنا الآن حامل.
إنصحوني جزاكم الله خير ما العمل هل أوافق على طلبه؟ أم أطلب منه مهلة؟ لعل الله يصلح بها قلبه،
أم أن الأمل مفقود؟؟؟؟ أشعر بالخوف من أن يطلقني ويرسل لي ورقة الطلاق في أية لحظة.
16/03/2015
رد المستشار
بادئ ذي بدء أشكرك على لجوئك لموقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية، وثقتك في القائمين عليه، ثانيا أنا لا أستطيع أن أفسر لك معنى تصرفات زوجك، لأنني لم أعرف عنه المعلومات الكافية التي تمكنني من تحليل أو تحديد سمات شخصيته التي تنعكس على سلوكياته، ثم أنه لم يلجأ إلينا لأنه يعاني من مشكلة، بل أنت التي لجأت الينا لأنك استشعرت الخوف من الطلاق بأي لحظة، فدعيني أبدأ بك وأذكرك بقول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (سورة الروم:21) فتشير الآية وفق تفسير الجلالين إلى أن "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا" فخلقت حواء من ضلع آدم وسائر الناس من نطف الرجال والنساء "لتسكنوا إليها" وتألفوها "وجعل بينكم" جميعا "مودة ورحمة إن في ذلك" المذكور "لآيات لقوم يتفكرون" في صنع الله تعالى، فأنت أكثر الناس معرفة ودراية بنفسك وبزوجك، فأنت تحتاجين الى وقفة مع نفسك قبل أن تمضي في اتخاذ أي قرار، ويبدو واضحا أنك تحتاجين إلى زيادة الثقة بنفسك واكتساب المزيد من التوكيدية لذاتك وتعلم فنيات التعامل مع الضغوط وكذلك اكتساب مهرات الحوار مع الآخر، فهل ترين أن هذا الزوج هو السكن الذي تأمنين على نفسك بالسكن اليه؟؟؟ هل هو الشخص الذي تتوافر فيه مقومات الألفة والمودة والرحمة؟؟؟؟؟ هل هذا الشخص هو فارس أحلامك الذي تأمنين على نفسك معه؟ هل هو قادر على تحمل المسؤولية ليفتح بيت ويكون أبا لأولادك؟؟؟ والآية الكريمة تحثنا على التفكير والتدبر، فأنت الوحيدة القادرة على الإجابة على هذه الأسئلة، وأنت الوحيدة القادرة على التدبر في أخذ القرار.
وأحمد الله الذي جعل الحوار أسلوباً ومنهجاً مرضياً للوصول إلى الحق الذي يرضاه، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الذي سلك طريق الحوار في دعوته، وسنّ بذلك منهجاً للدعاة من بعده، يضرب لنا الرسول- صلى الله عليه وسلم- في حياته الخاصة النموذج العملي للعلاقة الزوجية، فسيرته - صلى الله عليه وسلم - تمثل السنة العملية التي لا تقل في حُجِّيَّتها وإلزامها عن السنة القولية، فقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يداعب زوجاته، ويلاعب أهله، ويعاونهن في شؤون البيت، ويتحدث معهن في شؤون الحياة والدعوة.
فالحوار ظاهرة إنسانية عالمية، سنة إلهية نظراً لتفاوت البشر في عقولهم وأفهامهم وأمزجتهم، قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) "هود: ١١٨ – ١١٩".
وهناك حكمة عربية قديمة تلخص أهمية الكلام في التواصل الاجتماعي وهي "تكلم كي أراك"، فإذا كان الكلام مهمّاً بين الناس لتحقيق التعارف والتعاون والتكامل فإنه أكثر أهمية بين الزوجين، إذ يسهم الصمت في إرباك الحياة الزوجية، وإثارة الشكوك فيها، فقد تعتقد الزوجة انشغال زوجها بأخرى، وقد يبادلها الزوج نفس الشك، وقد يظن كلا الطرفين أن الآخر يتخذ موقفاً خاصاً تجاهه؛ فيدَّعي الإرهاق والتعب ليهرب من الحوار وجلسات النقاش. وهكذا تسهم الشكوك في شرخ جدار الزوجية، وتقويض أعمدتها، والكلام والحوار هما الحل الأمثل لإعادة المياه إلى مجاريها، والحياة إلى طبيعتها.
وسواء أكان الصمت من الزوج أم من الزوجة فإن مواجهته وتمزيقه بالكلام أمر حيوي من أجل بقاء كيان الأسرة؛ لأن الكلام عنصر من أهم عناصر التفاهم بين الزوجين والأولاد، فالبيت المسلم يقوم على مشاركة الزوجين، ويهدف إلى السكن والمودة والرحمة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالاتصال بين الزوجين سواء على المستوى المادي أو المعنوي، وذلك من أهم الواجبات الملقاة على عاتق كل منهما.
وسوف احاول معك ان أطرح عليك ابرز وأهم أسباب الصمت الزوجي حتى يمكننا أن نتوصل للسبب فيمكنني مساعدتك على علاج هذا السبب، ومن هذه الأسباب:
1. عدم وجود الحب واختلاف ميول الطرفين.
2. عدم الوعي بأهمية الحوار.
3. الظن بأن الحوار بين الزوجين يعني البدء بالتفاهم. أو أنه لابد أن يسوده دوماً الهدوء والسلاسة، فلابد من إدراك أن الحوار يحتمل الشد والجذب، ويحتمل اختلاف وجهات النظر حتى نصل إلى الهدف المنشود.
4. الخوف من تكرار الفشل أو رد الفعل السلبي: تخاف الزوجة أو تتحرج من محاورة زوجها، إذ ربما يصدُّها، أو يهمل طلبها، أو يستخف به كما فعل في مرة سابقة.
5. قد يكون الصمت بسبب التعب والقلق الخارجي، وليس بسبب خلافات أو عدم توافق فكري بين الزوجين.
6. الاعتقاد الخاطئ بأن الأفعال تُغني عن الأقوال.
كما لابد أن أشير الى آداب الحوار مع الآخر لعلك تستفيدين منها مع زوجك أو بحياتك المستقبلية حتى تستطيعي أن تجذبيه إلى حديثك ويكون الحوار أكثر فاعلية، منها:
1. البعد عن التعصب للرأي.
2. احترام شخصية المحاور ورأيه.
3. الحرص على القول المهذب بعيداً عن الطعن والتجريح.
4. التزام الطرق الإقناعية الصحيحة.
5. اعتماد الهدوء والروية والتحلي بالحلم والصبر والوقار.
6. اعتماد المحاورة بمودة واحترام وترفق.
7. الحرية في إبداء الرأي مع حق الدفاع عن وجهة النظر.
8. العدل والإنصاف والتزام الصدق.
وبعد أن تناولت معك ابرز وأهم الأسباب التي قد تؤدي إلى الصمت والفجوة بين الزوجين وكذلك استعرضت معك أهم آداب الحوار الذي يؤدي الالتزام بها الى زيادة فاعلية الحوار بشكل أكثر إيجابية، أتناول معك الان أبرز الحلول العملية التي قد تساعدك على كسر حاجز الصمت مع زوجك، لأن الإنسان بحكم تركيبه النفسي يحتاج إلى ذلك، والكلام أول درجة في سلَّم الوصال، ومن ثم فإن الصمت يمزق هذا الوصال، ويجب تجاوز أي مشكلة في الحياة الزوجية بحيث لا يتعطل الاتصال، ومن هذه الحلول:
1. لا تُشعري زوجك بأنه في حالة استجواب دائم.
2. اختاري الحديث المناسب قبل أن تشتكي من صمت زوجك.
3. التحاور والتشاور لا يكون إلا من طرفين أحدهما يتحدث والآخر يستمع ثم العكس، ولا يعني أن أحدهما يرسل طوال الوقت أو يُتوقع منه ذلك، والآخر يستقبل طوال الوقت، أو يُنتظر منه ذلك.
4. تفهم سيكولوجية الآخر، فالنساء فلديهن ميل إلى التفكير بصوت عالٍ، وذلك من أجل إطلاع الآخر على حالتهن النفسية، والحوار عند المرأة طلب عون، وهي بطلبها لتلك المعونة تقدِّر من تطلب معونته، أما الرجل فلا يطلب العون إلا في آخر المطاف، فلابد أن تفهم المرأة أن صمت الرجل هو جزء من تواصله أيضاً.
تعلم فن الحوار باختيار الوقت المناسب، وعدم الانفعال، والبعد عن الجدل والمراء، وحسن الإصغاء، وعدم المقاطعة.
وتابعينا بأخبارك دوما..... والله الموفق