الورقة اللعينة م
حقائق أم وساوس وأوهام
قرأت ردكم على رسالتي السابقة "الورقة اللعينة م" واتبعت إرشاداتكم بخصوص المتابعة مع طبيب نفسي والمداومة على العلاج، لكن بعد مرور 3 أشهر على العلاج لا أشعر بتحسن كبير سوى في انتظام النوم والشهية لكن مازال القلق موجود بنفس الدرجة تقريباً، ويبدو أنه مازال يدور حول نفس الإحساس بالخوف من تدهور الحالة والإصابة بمرض أخطر وتحديداً الفصام وكانت محاور شكوكي كالآتي:
1- أن الحالة بدأت في سن مبكرة وهو عادة سن الإصابة بالفصام وأدت إلى انسحابي من الدراسة والمكوث بلا عمل وبلا احتكاك بالعالم الخارجي لفترة تعدت 3 سنوات.
2- سن الولادة المتأخرة حيث أنني ولدت وكان والدي في عمر الأربعين وقد قرأت أن هذا ربما يزيد فرص الإصابة بالفصام أو الاضطراب الوجداني أو التوحد.
3- أعاني من جميع الأعراض السالبة تقريباً مثل (فقدان الطاقة والحافز avolition، الانسحاب الاجتماعي، اللامبالاة والنظرة العدمية لكل شيء، تبلد المشاعر flat affect، عدم القدرة على الشعور بلذة الحياة anhedonia)
4- مسار المرض الذي يمكن القول بأنه مزمن حيث أنني لم أعد أتذكر متى كانت آخر مرة شعرت فيها بالحياة ولذتها وأشعر أني فقدت المرجعية أو البوصلة التي يمكن القياس عليها، ويمكن التمثيل بحالتي كشخص ولد في سجن وعاش فيه أغلب حياته ولم يكن يشعر ببؤس الحياة في السجن كباقي السجناء لأنه لم يذق طعم الحرية أبداً، فربما كان طول فترة الاكتئاب سبباً في ترسيخ فكرة العدمية لدي أكثر حيث أنني لا أرى أن شعوراً بالمكافأة أو السعادة ينتظرني إذا فعلت كذا وكذا فالحياة أصبحت ملونة بلون واحد قاتم بشكل لا يمكن معه تصور أن هناك مخرج أو أمل أو حتى حاجة ملحة بالتخلص من الاكتئاب.
قرأت عن تشخيص العصاب الكاذب والذي يفيد بأن القلق والاكتئاب ما هو إلا قناع لعملية ذهانية فكيف يمكنني التأكد؟
وبعد تأكيد حضراتكم بنفي احتمال الفصام وبعد استشارة طبيب كفؤ آخر بناءاً على ارشاداتكم كان تشخيصه بأني مريض عصابي وليس ذهاني بغض النظر عن اختلاف التشخيصات السابقة من قلق لاكتئاب لوسواس قهري لاكتئاب هوسي واستدل الطبيب الأخير على ذلك باستبصاري بالمرض ورغبتي في العلاج لكن رغم ذلك مازلت لا أستطيع التوقف عن التفكير في أنني على وشك الإصابة بالمرض إن لم أكن مصاباً ببعض أعراضه بالفعل.
عندما أواجه نفسي بهذه التأكيدات التي من المفترض أنها مطمئنة أجد نفسي منهمك في التفكير في أكثر من احتمال:
- إما بسبب القلق دائماً أشعر بأني على وشك أن أفقد السيطرة على نفسي أو أجن فيدفعني هذا للتفكير في أسوأ الاحتمالات.
- إما أنني مصاب بنوع من الوساوس القهرية التي ترتكز على الأمراض وتشخيصها كما أكد الطبيب الحالي ووصف لي دواءً للوسواس اسمه "استاتومين" وهو بديل "الفافرين".
- إما أنني مريض فعلاً ببعض أعراض الفصام لكن لأنني أجيد تقديم نفسي أمام الأطباء بشكل لا يوحي بأني مريض وربما ساعد في ذلك أنني لا أحمل الأعراض الموجبة فيزيد من الأمر التباساً ولاقتناعي الزائد بإصابتي بالمرض رغم نفي الأطباء والمقربين قد يؤكد فعلاً على أنها فكرة وهامية ذهانية!
لكن بعد كل هذه التأكيدات منكم ومن أكثر من مختص آخر ومن الكثير من الاختبارات على الإنترنت يبدو أنه لم يعد لدي خيار سوى قبول تشخيص الاكتئاب الجسيم والوسواس القهري واتباع الخطة العلاجية الموصوفة لكن لدي عدة تساؤلات أخرى أتمنى أن أجد لها ردأ قبل أن ينفذ صبركم!!:
- هل هذه الوساوس منبعها القلق أو الاكتئاب أم أنها تمثل طيفاً مستقلاً من أطياف الوسواس القهري؟
- هل دواء "استاتومين" هو الأفضل لحالتي أم أنني بحاجة لدواء آخر مضاد للاكتئاب بشكل رئيسي مثل "سيبرالكس" أو "سيرباس" والذي له تأثير جيد على الوساوس أيضاً؟
- أعلم جيداً أن العمل خطوة مهمة نحو العلاج لكن هل من الأمثل الاستمرار في البحث عن عمل الآن بما يليه من ضغوط وإحباطات أم الإنتظار حتى التحسن المبدأي من العلاج؟
أشكركم جداً
وأرجو الله أن يجعلكم سبباً في شفائي من هذا الكرب
13/04/2015
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
استشارتك تطلب الإجابة على ثلاثة استفسارات والجواب عليها بصراحة أمر يسير والحقيقة هي أنك تعرف الجواب عليها.
ولكن الفقرات التي تسبق هذه الاستفسارات الثلاثة أهم من ذلك بكثير والواضح أنك تكثر من مراجعة المصادر وتشخيص نفسك بنفسك واقتناعك بأن ما تعاني منه هو اضطراب نفسي جسيم أكبر بكثير من اضطراب وجداني أو عصابي. الأعراض السلبية التي تتحدث عنها لا يصعب ملاحظتها في عموم الناس والمتمارضين الذين يراجعون مراكز الصحة النفسية ولا يرغبون في حمل بطاقة شخصية غير مرضية.
وضح لك الموقع رأيه وحسنا فعلت باستشارة طبيب آخر ولكن عليك الآن أن تخطو خطوة أخرى وتتوقف عن البحث في اضطرابات الصحة النفسية وتبحث عن هواية أخرى وفرص للعمل تساعدك على الحياة بصورة طبيعية.
ما تسميه وساوس أسميها أفكار تحت إرادة الإنسان المطلقة يضعها في أي اطار يشاء ويرميها في سلة النفايات أو يحتفظ بها في حقيبته الشخصية ويحرص على وضعها قرب وسادته في الليل.
أما العقاقير فلا يوجد دليل على تفضيل عقار على آخر بصورة عامة في علاج الاكتئاب.
اخلع ثياب المرض وواجه تحديات الحياة واقرأ كتباً غير الكتب الطبية النفسية.
وفقك الله.
ويتبع >>>>>: الورقة اللعينة م2