كيف أعيش حياتي جيدا؟
السلام عليكم، شكرًا على جهود القائمين على الاستشارات، جزاهم الله كل الخير، مشكلتي منذ الثانوية أدركها، وأدرك أنها معي منذ الصغر، باختصار هي مزيج من القلق، والرهاب الاجتماعي، والاكتئاب البسيط، عانيت منها كثيرًا وتناولت عقاقير الاكتئاب وذهبت لأكثر من طبيب، لكنني لم أستطع الاستمرار، عمومًا أشعر بأن أقراني متفوقون علي اجتماعيًا، وإني مش في المود دومًا، وحديثًا عند استلامي تخصصي.
أعاني من ضعف التركيز في عملي، ولا أستوعب مهارات العمل سريعًا في تخصصي، وأشعر أني لا أحفظ ما يشرح أمامي ويدركه أقراني سريعًا، ويعملونه بأنفسهم، وأنا أتساءل، هل بهم قدرات خاصة أم إنني أنا البطئ؟ مع إني دخلت كلية الطب، لكن دومًا كنت أدخل المحاضرة لا أستطيع التركيز، ولا أحفظ منها شيئًا، وكثيرًا ما كان المحاضر يسألني ولا أجيب، ويعرف من بجانبي الإجابة، مع إني في آخر العام من كتر الحفظ والتكرار في البيت؛ لمعرفتي أني جيد في الحفظ بعد التكرار الكثير، أحصل على مجموع أعلى منه ومن الكثير من أقراني سريعي الفهم والتركيز.
أشعر دومًا أن طاقتي ليست فيّ، وأني لا أعيش حياتي، لكنني دومًا متصلب العقل، عندما خطبت كان نصيبي مع امرأة على عكسي اجتماعية، وأشعر دومًا بغياب المشكلة الاجتماعية هذه معها، إلا لو قارنت نفسي بها في موضوع يحتاج إلى تركيز، أو مهارة اجتماعية، أشعر أنني أدنى كالعادة.
كل ما أريده الآن ليس أن أكون اجتماعيًا، أريد أن أكون سعيدًا، ومركزًا فى حياتي، ولا أشعر بالكأبة دومًا وحتى ولو لم تكن هناك كـأبة، فهناك ضعف في أي حافز، لا أنزل للعمل إلا مجبرًا، ولا أصلي إلا نادرًا، ولا أذاكر لأطور نفسي، ولا أستطيع استيعاب المهارات كأقراني، حتى إني لو شاهدت عملية لا أستوعب ماذا يفعل الجراح، أو أي تخصص آخر في الدراسة؟ حتى وهو يشرح وأستغرب، كيف يفهم زملائي، وأنا لا أفهم ما يحدث تماما؟ أنسى بسرعة حتى ما أمارسه بيدي، وأحفظه أنساه سريعًا جدًا!! كان الاسترخاء يوميًا أكثر من مرة يشعرني بالتحسن، لكني لا أستطيع المواظبة عليه للأسف، ولم أستطع المواظبة عند الأطباء؛ لضعف الحافز. ما رأي سيادتكم في هذه المشلكة؟
08/06/2015
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
ما يصفه السائل الكريم هو لون من عسر المزاج Dysthymia وهو حالة من الاكتئاب البسيط المزمن، وهو بسيط؛ لأنه لا يعوق الأداء الوظيفي للسائل كما هو واضح من وصف الحال البادي في السؤال، فعلى الرغم من المعاناة الشعورية التي يصفها السائل، فإنها على ما يبدو لم تمنعه من إحراز نجاحات ملحوظة في شتى مجالات الحياة، كالمجال الأكاديمي (الدراسة والتفوق على الأقران في كلية الطب) والمجال المهني (ممارسة الطب والتخصص فيه) والمجال الاجتماعي (الزواج بشخصية اجتماعية وممارسة حياة زوجية ناجحة).
ولكن من الواضح أن الاكتئاب البسيط الذي نصفه بما يحمله معه من الأفكار السلبية، يمثل عائقا يمنع السائل من "الاستمتاع" بالنجاحات التي يحققها، وللاكتئاب قدرة فائقة على تشويه كل إنجاز أو نجاح يحققه صاحبه كما هو واضح من وصف السائل، فوصف الزميل العزيز لمراحل حياته هو نموذج من الانتباه الانتقائي Selective Attention الذي يركز على السلبيات ويتناسى الإيجابيات، بل يصورها في شكل السلبيات أحيانًا، وهو لون من ألوان التفكير الاكتئابي المشوه Distorted thinking الذي يصب في خانة التقليل من الذات Self devaluation،
وأنصح الزميل العزيز بأن يحاول تغيير هذا اللون من التفكير وأن يحاول أن يرى إيجابياته وإمكاناته، وأن يكف عن تقييم نفسه من خلال إحساسه الشخصي المتأثر بالاكتئاب كما هو واضح ويبدأ التركيز على إنجازاته في العالم الواقعي، وعلى رأي الآخرين فيه، وأنا متأكد أن زوجته وزملاءه ومرضاه يرون فيه نموذجًا جيدًا في جوانب كثيرة من شخصيته، فليس من المهم مثلا إحساسه بأنه لا يركز جيدًا ما دام الآخرون يرونه ناجحًا في عمله،
وليركز في الجوانب التي يراها ناقصة على تنمية قدراته، وتحسين أدائه بدلا من التباكي على سلبياته دون عمل إيجابي، فإن لم تفلح هذه العملية من التغيير الفكري فليستعن السائل بأحد المتخصصين في الطب النفسي، وخاصة في مجال العلاج المعرفي السلوكي Cognitive Behavioral Therapy للاكتئاب فهو الوسيلة المثلى لتحسين حالته في ظني؛ لتركيزه على تصحيح التشوهات الفكرية المذكورة، والله أعلم.
ويتبع ...............: عسر المزاج: اللاستمتاع المزمن م