الوسواس في العبادات
السلام عليكم، أنا لدي وسوسة في العبادات، ولكنني شفيت في جزء منها ولله الحمد، ولكن عندي مشكلة أخرى، الوسواس في الصيام، فأنا أمتنع عن دخول المطبخ في رمضان؛ خوفًا من تطاير ماء الصنبور على شفتي، فأبلعه مع الريق، وأيضًا أحس به يتطاير إلى أنفي فأبقى أستنثر كثيرًا، وبعد المضمضة في الضوء أيضًا يكون هناك بقايا ماء في شفتي فأجمعه، وألفظه، وأظل على هذا كثيرًا، وأحس أيضًا أن هناك طعامًا في فمي، فأقول ربما تجشأت، والواجب علي لفظه، فأبقى حذرة طوال النهار.
ومشكلتي الأخرى هي وسواس المذي، فأنا تأتيني الأفكار الجنسية رغمًا عني، وأحاول طردها وإبعادها، وأصبت بسبب مقاومة الأفكار بالصداع النصفي المزمن، ولقد سألت كثيرًا عن الأفكار السيئة، ودائمًا يجيبونني بتجاهلها، ولكنني لا أعلم كيفية تجاهلها، هل بالاسترسال فيها وعدم مقاومتها أم بالاستمرار في مقاومتها؟ فأشك دائمًا في نزول المذي، واضطر لتغيير أو غسل ثيابي، وحينما أكون في الجامعة أضطر لصلاة الظهر والعصر جمعًا في المنزل؛ لشكي في ثيابي.
ولدي مشكله النية خصوصًا إذا صليت أمام أحد أظل طوال الصلاة أذكر نفسي أنها لله، وليست رياءً.
أفيدوني، وأرجوكم الإجابة على جميع أسئلتي على حدة مع الشرح الوافي فقد تعبت كثيرًا. شكرًا
الرجاء عدم عرض الاستشارة أو معلوماتي الشخصية.
05/07/2015
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته "يا زهراء"، وتحية طيبة من مستشارتك الكسولة، سامحيني وتدربي على ترك الوسواس إلى رمضان القادم...
من الناحية الشرعية: لا يفطر الإنسان إذا دخل إلى جوفه شيء بغير قصده، فما بالك بتطايره على شفته وأنفه فقط؟!
ومن الناحية الشرعية أيضًا: لا يكلف من تمضمض إلا بمج الماء من فمه، وربما اشترط بعض الفقهاء البصق البسيط جدًا جدًا.
ومن الناحية العقلية المنطقية: هل مطبخكم مسبح يا بنتي حتى يدخل الماء والطعام إلى جوفك إذا دخلته؟!!!
ومن الناحية العملية: هل رأيت أحدًا أفطر بهذه الطريقة؟! هل سقط الصوم عن ربات البيوت اللواتي يضطررن للطبخ، وغسل الأواني؟ ما رأيك أن تبقى أمك خارج المطبخ وتبقين بلا طعام؟
ومن الناحية العلاجية: غدًا إن صمت أثناء العام، أقيمي في المطبخ! ادرسي... شاهدي التلفاز... اقرئي كتابًا... مارسي الرياضي واكسري الأواني أثناء ذلك!! وتأكدي أنك لن تفطري!
نأتي إلى وسواس المذي! كلمة جوهرية كتبْتِها: (فأشك دائما في نزول المذي)!!
ما قيمة الشك في الشرع، وما ضرره على طهارة ثيابك؟ بكل بساطة قيمته=الصفر!!
القاعدة الفقهية تنص على أن: (اليقين لا يزول بالشك)، ثيابك كانت طاهرة بيقين، والشك تأثيره صفر على اليقين؛ لأنه لا يغير فيه شيئًا ولا يُزِيله، فتبقى ثيابك طاهرة.
ثم ما الخطير في أن ترد الأفكار الجنسية على ذهن فتاة في سن 21؟ ورودها طبيعي، ومرورها في الذهن لا عقاب عليه، تَقَبَّليها هكذا، لأنها طبيعية، لا تفنديها ولا تخافي منها، فلا تضرك عند الله، هذا هو تجاهلها...
أرأيت لو أنك في حديقة مليئة بالأطفال، وأصواتهم تملأ المكان، وأنت تمسكين بالجوال تراسلين أعز صديقاتك، هل يزعجك ضجيج الأطفال؟ لعلك لا تسمعينها نهائيًا وأنت غارقة في الحديث. في الحقيقة هم يصرخون ويضحكون، ولكنك لا تنزعجين منهم البتة! اتركي الأفكار تأتي وتذهب ولا تأبهي بها، وركزي على أعمالك، لا يهمنا أبدًا إن اقتحمت ذهنك أم لا، فعند الله لا عقاب، بل لعل في تكرر تجاهلها مع استمرار ورودها وإلحاحها ثوابًا كبيرًا، فافرحي بقدومها إذ هي السبب في ازدياد حسناتك؛ وبالنسبة للمذي ذكرت لك أنها لا تضر، فالأصل الطهارة وقيمة شكك بنزوله=صفر. فما المشكلة إذن؟!!
وأخيرًا وسواس الرياء:
أنقل لك نصًا كتبته في التعامل مع الرياء، في مقال منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري (10): "قد يأتي الشيطان عند فعل الطاعات فيوسوس للمسلم: إنك إنما تفعل طاعاتك رياءً، ونيتك إرضاء الخلق لا الخالق، وأنت منافق، والله لن يتقبل منك. أو: اترك العمل بالطاعة؛ لأن عملك رياء فتركه أفضل من فعله، ونحو ذلك...
والدواء: أن لا يهتم الموسوس لما يجري في ذهنه، ولا يترك العمل، ويستمر على طاعاته إخزاءً للشيطان وعصياناً له.
- قال ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" [1/372] عند الحديث عن اتباع السنة بإسدال قطعة من قماش العمامة بين الكتفين: (ولو خشي من إرسالها نحو خيلاء، لم يؤمر بتركها،... بل يفعلها، وبمجاهدة [أي يؤمر بمجاهدة] نفسه في إزالة نحو الخيلاء منها، فإن عجز [أي عن إزالة خواطر الرياء من قلبه] لم يضر حينئذ خطور نحو رياء، لأنه قهري عليه، فلا يكلف به كسائر الوساوس القهرية، غاية ما يكلف به أنه لا يسترسل مع نفسه فيها، بل يشتغل بغيرها ثم لا يضره ما طرأ قهراً عليه بعد ذلك، وخشية إيهامه الناس صلاحاً أو علماً خلا عنه [لا يتصف به] بإرسالها، لا يوجب تركها أيضاً بل يفعلها ويؤمر بمعالجة نفسه كما ذكر)".
إذن لا يضر الخوف من أنك مرائية، ولا يلزمك تذكير نفسك، أيضًا اتركي فكرة أن الصلاة رياء تمرّ في ذهنك دون وجل، لأن مرورها لا يعني أنك مرائية!!
أرجو أن تحاولي تطبيق ما نصحتك به، وأن تتجاهلي أفكارك وتتركيها تمرّ بسلام، فليس فيها ما يخيف.
استعيني بالله، والتجئي إليه بالدعاء، فالشفاء بيده واتخذي الأسباب، بالذهاب إلى المختصين للعلاج الدوائي والمعرفي السلوكي، وبعدم الخوف من الأفكار...
وأتركك في أمان الله.