تحياتي وتقديري اللانهائي لكم ولجهودكم الملموسة والواضحة على الآباء والأبناء كلٌ فيما يخصه.. أتمنى لكم السداد والتوفيق.
أردت فقط التعليق على مشكلة الظرف السمج .. ماذا نفعل به؟؟ وأردت مشاركة الأخت السائلة نفس الشكوى وإن كان أبنائي لم يصلوا إلى سن المراهقة بعد، ولكنني في الكثير من الأحيان أشعر بالإزعاج من تحركاتهم وأصواتهم المبالغ فيها، لدي طفلان الأول عمره ست سنوات والثاني عمره أربع سنوات، الأول كان منذ ولادته وهو يتمتع بنشاط جسماني وعقلي مبالغ فيه أي أنه طفل مفرط في الحركة والتفكير وكثير الأسئلة، والآن وهو منتظم في الدراسة بدأ يهدأ قليلاً.
والثاني بدأ حياته هادئا تماما وتدرج إلى أن أصبح هو مصدر الإزعاج الأول في منزلي، حيث أصبح هو الآخر كثير الحركة بشكل مزعج وكثير القفز واللعب والمزاح مع أخيه، وثرثار جدا حيث لا يدعنا نشاهد أي برنامج تليفزيوني مثلا إلا وتنهال العديد من الأسئلة ذات معنى أو غير ذات معنى ويحاول لفت الانتباه إليه بصورة تجعلني أتعصب عليه وأطرده من المكان...
الشيء المزعج أو المخيف بالنسبة لي هو أن الولدين لا يستغني أحدهما عن الآخر وما أن يبدأن اللعب إلا وأسمع الصراخ والصوت العالي في ألعابهما، ومن فرط خوفي من أن يؤذي أحدهما الآخر أقوم بضربهما الاثنين وأعود فأندم على ما فعلت وأقول لماذا لا أعطيهم الحرية؟
ولكنني أخاف جدا وخاصة عندما يطرح الطفل الكبير أخاه الصغير أرضا ويتدرب عليه كاراتيه مثلاً أو ملاكمة وأرى الآخر يثيره في هذه اللعبة وما أن يبدأ في اللعب بهذه الطريقة العنيفة إلا وأسمع الصراخ والعراك انقلب من اللعب إلى الجد.
أكثر من ألف مرة نبهت ابني الكبير إلى أنه لابد من المزاح مع أخيه بطريقة أخف من هذا العنف إلا أنه يقول لي بأن أخاه طلب هذا، وعندما أعاقبه منفرداً على ذلك أخاف في قرارة نفسي أن يكره أخاه باعتبار أنه سبب العقاب له.
قرأت الكثير من كتب التعامل مع الأطفال وحاولت كل الطرق في السيطرة على موقفهم وبلغت موقعا متميزا في ذلك إلا أنني أفقد تلك السيطرة على تصرفاتهم أمام الناس أو خارج المنزل في وجود العامة فينطلقان من مبدأ أنني لن أضربهم أو أعاقبهم في وجود الناس.
السؤال؛ كيف أُعلم أولادي الهدوء وكيف أوصل لهم رسالتي بأنني أخاف عليهم أكثر من نفسي؟
كيف أُحبب ابني الأكبر في المذاكرة على الرغم من أن عقله متميز ولكنه يكره القيود والالتزام بوقت طويل في المراجعات واستذكار الدروس، علما بأنه في (KG3) حاليا ومقبل على دخول الصف الأول وأخوه سيدخل معه العام القادم في (KG2).
موقف الأم متذبذب مابين الشدة واللين إلا أنهما فعلاً يثيران عصبيتها بشكل يجعلها تجن وإنما طبعها كأم يحول دون معاقبتهم كما أفعل أنا بل على العكس إذا رأتني أضرب أحدهما تنهمر الدموع من عيونها بدون تحكم فهل هي فعلا أم زائدة عن اللازم؟ ولكنني أريد تربية أولادي.
أرجوكم أفيدوني، فأنا إنسان أسعد بالهدوء ولكنني أفتقده في أولادي. علما بأنه لا توجد فيما بيني وبين زوجتي مشاكل وإن وجدت بعض المناقشات تكون عادة بعيدة عن الأولاد.
أرجو الإفادة...
محور الاشتراك في المشكلتين (مشكلتي ومشكلة القارئة) هو الخوف من عقاب أحد الأطفال فيشعر بالدونية عن الطفل الآخر.
تحياتي لكم دائما
15/5/2004
رد المستشار
سيدي؛
إن الأطفال يتعلمون من آبائهم وأمهاتهم أكثر بكثير من خلال تقليد الأفعال.. إنهم لا يتعلمون الكثير من خلال الإرشادات والنصائح والثواب والعقاب.. وبالتالي فإن وصفك لمعاملتك معهما يفسر الكثير من أفعالهما..
ولداك ذكيان ومليئان بالحيوية والنشاط ويفتقدان حبك واهتمامك... ولكنهما لا يحصلان على حبك واهتمامك إلا من خلال توجيهاتك وعقابك.. فإن كان تعبيرك دقيقا وفهمي صحيحا فقد علمتهما بطريق غير مباشر أن يحصلا على اهتمامك بأن يلعبا حتى الشجار ثم تأتي أنت وتنتبه إليهما وتُنزل بهما العقاب..
ابنك الأكبر خاصة مليء بالغضب منك ومن أخيه الأصغر (وهذا شيء طبيعي بسبب الغيرة الطبيعية والصحية بين الإخوة).. هو أيضا تعلم منك أن يكون عنيفا ثم يقول أن أخاه طلب منه هذه النوعية من اللعب.. وتقول أنت أنك تخاف عليهما أكثر من نفسك ثم تعطيهما أكثر اهتمامك أثناء العقاب والتذمر... كيف بالله عليك تتوقع أن يكُفا عن محاولة الحصول على اهتمامك وانتباهك ولو بطريقة سلبية تؤدي إلى العقاب؟؟؟؟؟
لاحظ أيضا أنك تصف الابن الأصغر على أنه يحاول جذب الانتباه بشتى الطرق... وهو لا يدري أي الطرق سيجدي، ولكنه أيضا تَعَلَّم أن الطرق التي تستفزك هي الطرق التي ستنتج الاهتمام والتركيز وليكن الاهتمام السلبي...
لقد دللت ابنيك يا سيدي وأغضبتهما في آن واحد (بدليل استفزازهما لك على الملأ على اعتبار أنك لن تعاقبهما علنا) وقد عرفا بسذاجة وبراءة الطفولة كيف يستخدمان هذا وبدون قصد أو وعي لكي يحصلا على ما يحتاجان منك..
الحل هو الحنان الشخصي والاهتمام الشخصي عندما يفعلان ما هو مرغوبا فيه والحزم عندما يخرجان عن الأدب والأخلاق... أعطهما وأعط زوجتك ما يحتاجون من وقتك واهتمامك دون أن يحتاجوا لخلق المشاكل كي تنتبه.
أرجو المتابعة معنا، وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.