العاشقة
أحببتك يا وجعي
لم يسبق لأحد من العالمين أن عشق مثلما عشقت أنا، أنا مريضة أشعر أنني مريضة، فتاة تعيش في أجواء عائلية مملة جداً، نوم، دراسة، تنظيف البيت، فقط. لم أتكلم مع أي شاب، فأنا أخاف التقرب منهم لأنهم وحوش، أمي قالت ذلك! عائلتي بذلوا قصارى جهدهم أن يكرهوني في الجنس الآخر، ممنوع أن أكلم أحدًا منهم، فهذه جريمة.
دخلت جامعتي وأنا لم يسبق لي التحدث مع شاب في حياتي. كنت أبكي كل يوم لأنني أخاف الاختلاط بهم. ليس لدي الجرأه الحقيقية للوقوف أمام شاب ومحادثته، عائلتي سبب مرضي، أنا أشعر أنني مريضة حقًا، جميع صديقاتي يقلن إنني مجنونة كنت أضحك وأعتبرها مزحة إلى أن دخلت الجامعة واستمرت كلمة مجنونة تلاحقني حتى من عائلتي، أبي يقول لأمي ابنتك مجنونة أفكارها غريبة، أختي تردد ذلك، حتى أيقنت أنني مجنونة.
أنا أتكلم مع نفسي بانفراد، وأصل إلى مرحلة البكاء، كان شباب في جامعتي يصارحونني بمشاعرهم فأنا جميلة، كنت أعود إلى البيت أبكي لأنني أرفض الحب، أعجبت بإحدهم ولكن عائلتي لا تسمح وأنا أيضا أخاف من الفراق فقلبي لا يتحمل الانكسار.
أنا جميلة وأعلم ذلك ولكنني مريضة، فأنا أحتاج إلى طبيب أشرح له معاناتي والانكسار الذي سببه لي عمار.
عمار من؟ حبيبي القاسي الأناني، هل هو حقا حبيبي؟!
نحن افترقنا قبل شهرين ولم أدرك ذلك ولم أستوعبه، عمار شاب تعرفت عليه عن طريق النت! كنت خائفة جدا من الحب ولكن أعجبت به وبثقافته وبكتاباته، فقد كان كاتبًا! يكتب عن الاهتمام بالمرأة. سحرني إلى أبعد حد، تقربت منه ويا ليتني لم أفعل، خدش نقائي! طيبتي، زاد مرضي! كسرني هذا الرجل!
عمار يمتلك عينين صغيرتين، لم يكن جميلا، أعشقه، قرر تركي لأنه غير ملتزم بالحب وغادر ولم ينظر إلى النزيف الذي أحدثه بقلبي.
عمار وجعي!
عمار انكساري!
عمار محطمي!
عمار سرق سعادتي وابتسامتي البريئة! أفقدني جمالي!
أنا أعشق تفاصيل تفاصيله الصغيرة! أنا أستحقه وهو يدرك ذلك تماما! لم يحبني! طلبت من الله أن يبقيه بجانبي!
المشكلة أن طيفه معي طوال الوقت أنا الآن أحادثه بشكل علني وبصوت عالٍ، وأبكي له وأشكي، لأنني أراه ولكن أي شخص آخر لا يراه لأنني أكلم خيالا!
أريد أن أراه! أنا أحتاجه! هو غاد، رحل!
أصبحت أبكي وأصرخ بصوت عالٍ، أضغط على وسادتي بأسناني لكي يختفي صوت صراخي! كل ليلة أفعل ذلك!
بعد أيام تبدأ الدراسة في جامعتي، كيف لي أن أبتسم من جديد وأنا مريضة بالكامل؟! كيف أراجع طبيبًا نفسيًا وأهلي لا يعلمون ما بي؟! وليس من الممكن إخبارهم.
يراودني شعور أن أصبح مجنونة، فأنا أريد ذلك. ممتع هذا الشعور، فالمجانين سعداء، أكتب لكم الآن وأنا لا أريد حلا، وإنما أريد أن تأتوني بعمار!
أريده حقا وأنا لا أمزح. بعد كل هذا ألا يستحق أن تقولوا مريضة!
25/9/2015
رد المستشار
قرأت رسالتك الأخيرة والسابقة، وشعرت بك كطائر مذبوح بسكين غير حاد وببطء لعين!، وكرهت وغضبت معك. هذه السكين أقصد ذلك الشاب، ولكن بعد ذلك رأيت أمورًا تمكنت من رؤيتها رغم أني أشعر بك نعم ولكنني في نفس الوقت لست أنت!، وهذا ما أتمنى أن يصلك من خلالي كما وصلتني مشاعرك من خلالك، فأنت فتاة أغلقت عليها كل أبواب التجربة؛ وهذا رغم أنه حدث بحب وخوف عليك إلا أنه كان خطئا جسيما في حقك كإنسان خلقه الله تعالى وأراد له أن يكون موجودا ووجوده مسؤوليته.
فالله تعالى خلقك موجودة، وخلقك مسؤولة عن نوعية وجودك في تلك الحياة، ونوعية وجودنا في الحياة نختارها بالتعلم من أهلنا الغير خائفين، وكذلك من تجاربنا الشخصية التي نحصل منها على دروس نتعلم منها ونسطر من خلالها خبراتنا وحياتنا؛ فمن أهم احتياجاتنا الفطرية أن نشعر بوجودنا، ووجودنا هذا يتطلب تجارب في مساحات مختلفة، ويتطلب حرية حركة ومرونة، فالغلق المحكم يجعلنا في حالة هشاشة لا تقاوم الخطأ، ولا تصمد أمام القيم، ولا تجعلنا نرى الحقائق رغم سطوعها؛ وهذا ما حدث تماما؛
احتياجك للشعور بأنك موجودة تحقق فقط حين مررت بتجربة أولى ووحيدة بهشاشة السجون التي أثرت عليك فكانت تجربة مؤلمة جدا جدا؛ لم تصمد أمام القيم كثيرا، ولم تتمكن من مقاومة الخطأ؛ فكان تذوقك لطعم وجودك بعد غياب سنوات كثيرة هو نفسه ما جعلك تتنازلين عما تؤمنين به، وهو نفسه ما يؤلمك بشدة الآن، رغم تصورك أنه ألم الفراق؛ فهو كشخص في حد ذاته لا يناسبك أبدا؛ فهو ملحد، قاسٍ، يخرج من تجربة مع فتاة لفتاة ببساطة وسهولة فلقد تركك منذ شهرين تعرف فيها على فتاة وتركها أيضا! فهو إذًا ليس الحب، وليس الفراق لحبيب، بل لفراق أعمق وأعظم بكثير وهو فراق تذوقك للوجود، والحرية، والأنوثة، وغيرهم الكثير من حقوقك المشروعة جدا؛ لذلك الألم يعتصرك ولكنك لا زلت تسمينه التسمية الخطأ بأنه فراق حبيب.
والمشكلة الأخرى في ذلك أننا حين نشبع احتياجنا من خلال شخص وليس من خلال إشباع الاحتياج من مصادره الصحيحة والمتنوعة؛ يرتبط الشخص بالاحتياج ارتباطًا مربكً ووثيقًا للدرجة التي تجعلنا لا نرى الفرق بين الشخص والاحتياج الذي التصق به التصاقا يكاد يجعلهما واحدا!، فانتبهي لذلك جيدا.
ولكن ماذا بعد؟
أقول لك: أولا: تكررين على نفسك ليل نهار اكتشافك المذهل بأن ارتباطك به راجع لاحتياجك وليس له هو؛ لأنه أصلا لا يناسبك وقاسٍ ولم يحب ولن يحب بالمناسبة مادام على حاله.
ثانيا: الله تعالى يعلم المرارة في صدرك من الألم، ومن الاحتياج، ومن حزنك لما قلته وفعلته في حقه سبحانه وفي حقك من قول وفعل، ولكنك تنسين أنه الغفور بصدق، وتنسين أنه من قال "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (الزمر 53)؛ فالله تعالى رب إله، وليس بشرا يقول فلا يصدق، أو يقول ما لايريده تماما؛
فالله العظيم يصدق ويقول ما يريده ولا يجاملنا كالبشر سبحانه؛ وهذا اختبار لحقيقة إيمانك؛ فالإيمان ببساطة شديدة معناه أنك تصدقين الله تعالى، وتصديق الله لا يعرف المنتصف؛ فإما أنك تصدقينه تماما، وإما لا تصدقينه إطلاقا، فكل مرة تشعرين بأنك لا تغفرين لنفسك ما حدث تذكرين أنك تصدقين الله وتصديقك لله لا يعرف المنتصف وأنه هو من قال إنه الغفور وليس أنا ولا أنت ولا أي بشر، ونحن نصدقه فالحمد لله أنه يغفر فتوبتك قد غفرت لك لا محالة ولا نقاش فيها؛ فالله صادق.
ثالثا: احتياجنا للوجود، والحرية، وللحب..... إلخ، احتياج فطري لا تدخل لنا فيه إطلاقا، فهو حق لنا، ولكننا مسؤولون تماما عن طريق الحصول عليه؛ وهذا ما أدعوك للتدرب عليه؛ فالتوازن، والإشباع يتحقق بطرق سليمة كثيرة؛ فوجودك لا يتحقق فقط بارتباطك برجل، لكنه يتحقق بأن تفعلي ما تحبينه وترفضين ما لا تريدينه ما دام لا يتخطى حدود الله وتمارسينه مع أي شخص كائن ما كان وتحافظين عليه مع أبيك وأمك وكل البشر بلا شجار ولا خنوع؛ فتكونين مسؤولة عن وجودك تماما أمام نفسك، وأمام الله تعالى؛
وهو طريق حقيقي للإشباع، وقد لا تتمكنين الآن من التوازن في ظل وقوعك في الاكتئاب الذي يثقل تحركاتك، ولذا يمكنك التواصل مع متخصص قبل أن تتلذي بالجنون المغري؛ لأنه فعلا قرار، وقبل أن تغرقي في دور المؤذي؛ لأنه من الأدوار الشهيرة جانب دور الضحية الذي تعيشينه الآن، وإن صعب عليك ذلك فنحن هنا نتابعك قدر المستطاع إن مددت يدك لنفسك بصدق.
واقرئي أيضاً:
كيف أجعله يحبني؟
حب استمر 8 سنوات وانتهى
ما أجمل ..ما أقبح..ما أصعب
ويتبع>>>>>>>>> : الطائر المذبوح: العاشقة م1