كيف أتخلص من الابتسامة؟
إلى الدكتور/ وائل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أشكركم على هذا الموقع الذي يسعى إلى تقديم المعونة لجميع من يعانون من المشاكل النفسية.
أنا مشكلتي معقده نوعا ما، أنا بدأت أعاني من المشاكل النفسية منذ الصغر تقريبا في سن السادسة عشر كانت مشكلتي هي الوسواس القهري والرهاب الاجتماعي والحمد لله لا يوجد في الأسرة من يعاني من أي مرض نفسي, تربيت تربية قاسية فالوالد كان قاسيا في تعامله خصوصا من ناحية الدراسة. استمر معي الوسواس القهري والرهاب وهو خوفي من الناس فكنت لا أفارق المنزل, طبعا أنا لم أكن أعلم أنني مصاب بهذه الأمراض إلا في سن الثامنة عشر.
حيث ذهبت إلى طبيب وشرحت له المشكلة ووضح لي المشكلة التي أعاني منها فكانت المرة الأولى التي أسمع فيها الوسواس القهري والرهاب الاجتماعي، عانيت أشد المعاناة مع مرض الوسواس القهري لكن في الحقيقة لم أعر هذا المرض أي اهتمام لأنني اعتبرته جزءًا لا يتجزأ من حياتي حيث إنني بطبيعتي أحب الانضباط والالتزام وأكثر من الوسوسة فيها.
بعد ذهابي إلى الطبيب وصف لي دواء أنافرانيل واستمريت مع الدواء وكان التحسن بسيطا لكن سرعان ما يعود المرض........، لم يتغير شيء فلازالت مشكلة الوساوس موجودة والخوف من الناس ومن حضور المناسبات فكنت انطوائيا وخجولا جدا. طبعا كل هذا لم يؤثر فيَّ أي الحمد لله كنت أواصل دراستي والحمد لله محافظ على صلواتي في المسجد وإن كنت أعاني الخجل إذا نظر الناس إلي أو أطالوا النظر إلي فكنت أتصبب عرقا وارتبك، لكن ما حدث وقلب حياتي رأسا على عقب هو عارض غريب وهو عندما أخاف من الناس أو أرى شخصا أبتسم كنت، أحاول أن لا أفعل ذلك لكن لا أستطيع، أعلم يا دكتور أنك تستغرب مما أقول وقد تعتقد أنني مجنون, وأنا لا أعلم ما هو سر هذه الابتسامة التي تظهر رغما عني, كنت أخاف وأرتبك وأبتسم عند التحدث مع أي شخص وكثيرون اعتقدوا أنني أسخر منهم.
ذهبت إلى أكثر من طبيب نفسي وكانوا يستغربون من هذه الابتسامة فكانوا يسألونني هل تأتيك فكرة ما تدعوك للابتسامة ويكون جوابي هو لا. ذهبت إلى أحد الأطباء النفسين المشهورين وشرحت له حالتي وأكد لي "مليون بالمئة" أنها وسواس قهري. لكن ما يدعو للاستغراب كيف يكون وسواسا قهريا ويظهر على شكل ابتسامة قهرية تجبرني على الابتسام.
وأيضا أريد أن أضيف أنني قرأت في أحد المقالات التي تختص بالاستشارات النفسية، كان هناك شخص لديه نفس حالتي فهو ذكر أنه كان يخاف أن يذهب إلى المناسبات أو العزاء لأنه لا يمكن أن يتخلص من الابتسامة ولا يمكن أن يكون جديا، فكان رد الطبيب عليه أن هذا رهاب اجتماعي لكنه تحول من خوف إلى ضحك. هل هذا صحيح؟؟؟
أنا محتار جدا ولا أعلم سر هذه الابتسامة وبسببها تركت دراستي في الجامعة وتركت الصلاة في المسجد خوفا من أن يقول الناس عني أنني مجنون. وحتى لا يمكن أن أذهب إلى أقرب سوق لشراء علبة "بيبسي" بسبب هذه الابتسامة اللعينة التي لا تفارقني.
أنا انتهيت يا دكتور وائل ولا أعلم ماذا أفعل؟
أنا في السابق كنت أعاني من الوسواس القهري لكن لم يؤثر على حياتي ومستقبلي وأيضا خوفي من الناس فهذا الشيء اعتبره سرا بيني وبين نفسي ولا أحد يعرفه وكانت حياتي طبيعية حتى مع وجود هذه الأمراض، لكن عندما ظهرت الابتسامة اختل كل شيء.
أريد أن أسأل ماذا تنصحونني أن أفعل وهل هناك دواء يقضي على الابتسامة أو يجعل الشخص أكثر جدية.
أرجو عدم نشر مشكلتي وتكون سرية والاكتفاء بالرد عليها في البريد إذا أمكن.
28/05/2004
وتحت عنوان "كيف أتخلص من الابتسامة" أيضًا كتب صاحب المشكلة بعد أسبوعين يقول:
السلام عليكم يا دكتور وائل.
أنا أرسلت لكم رسالتي ولكن لم أجد رداً منكم. أريد أن أعلم ما هي المشكلة وهل مشكلتي ليس لها حل. ومشكلتي هي كيف أتخلص من الابتسامة وكتبت لكم بالتفصيل عن المشكلة.
أريد أن أعلم هل هي وسواس قهري لأن الابتسامة تظهر رغما عني وأنا أحاول أن أظهر نفسي بشكل جدي. فأنا أبتسم إذا رأيت شخصا أو تحدثت مع شخص مع الارتباك والخوف لأن عندي أيضا رهاب اجتماعي. وكما ذكرت لكم سابقا أنني ذهبت إلى أكثر من طبيب نفسي وكلهم يسألونني هل ترادوني فكرة تدعوني للابتسامة وأنا لا تراودني أي فكرة. وفي الأخير ذهبت إلى طبيب نفسي مشهور ومتدين وبعد أن أحطته بكل جوانب المشكلة ذكر لي بأنها خليط من الرهاب الاجتماعي مع الوسواس القهري. وأريد أن أعرف هل الرهاب الاجتماعي يتحول من خوف إلى ضحك، هذا ما قرأته لأحد الأطباء النفسين في رده على مشكلة شخص يعاني من نفس مشكلتي.
أرجو عدم إهمال رسالتي يا دكتور وائل والرد إذا أمكن على البريد
11/06/2004
رد المستشار
الأخ العزيز؛
أهلا وسهلا بك على مجانين، ونعتذرُ بدايةً عن تأخرنا في الرد عليك حتى أنك كررت إرسال المشكلة مختصرةً، وعرفت حين بحثت عن الأصل الأول أن تقلبي في اليوم الواحد بين أكثر من جهاز كومبيوتر، كثيرا ما يتسبب في إغفال بعض ملفات المشاكل، ولعل الله ينعم علينا قريبا بالجهاز المحمول، المهم أنني رجعت إلى السؤال الأول ورأيت أن أنشر كلا من النصين اللذين أرسلتهما لي، وخلافا لما طلبت من عدم النشر رأينا أن ننشر ردنا عليك بعد تجهيل بياناتك إضافة إلى إرسال الرد على بريدك الإليكتروني، وذلك كي تعم الفائدة وكي يقرأ غيرك مثلما قرأت فائذن لنا بذلك. وأنت في الحقيقة تحكي لنا قصة معاناة طويلة تذكرنا بمشكلة: في نطاق الوسواس القهري: رحلة العذاب، وأيضًا بصاحب مشكلة: مسلم يعاني من الوسواس القهري: ماذا عن العلاج؟،
ذلك أننا نراك بعد فترة من غياب الوعي بأن معاناتك معاناة مرضية، ورغم أنك طرقت باب الطبيب النفسي ووصف لك أحد عقاقير الماسا، إلا أنك تعايشت مع أعراض الوسواس القهري ورأيتها متماشية مع ميولك الشخصية ويبدو أن قراءة مقال الوسواس القهري والشخصية القسرية، ستفيدك إن شاء الله، والرأي عندي أن التعايش مع الوسواس القهري قد أضر بك ربما رغم اعتقادك أنك تعايشت معه.
يضاف إلى ذلك الرهاب الاجتماعي، فتصبح المشكلة أكثر تعقيدا لأن سريتك حول الأعراض ستصبح مدعمةً بانزوائك وابتعادك ما استطعت عن الآخرين، وليس غريبا أن تتعايش مع أعراض الرهاب خاصة في مجتمعاتنا المعاصرة لأنها مجتمعاتٌ ضد توكيد الذات، فأصبحت متعايشا مع الوسوسة التي ارتضيتها ولم تعط العلاج الدوائي فرصة فيما يبدو، ونفس الكلام انطبق على الرهاب وإن ظللت تعاني من القيود التي تتكاثر على حياتك. وكأن القعود عن طلب العلاج في كل هذا محتمل، ولكن الابتسامة في غير موضعها كانت بالنسبة لك القشة التي قصمت ظهر البعير،
والحقيقة أن هذه الابتسامة عرضٌ ليس غريبا بالشكل الذي تتخيله أو الذي صوره لك الأطباء الذين ذكرتهم، خاصة وأنها يمكنُ بالفعل أن تنتج عن الخجل فكثيرون من مرضى الخجل الاجتماعي خاصة رهاب الجنس الآخر يحدث لهم ذلك ولكنه عند معظمهم يكون عابرا لأنهم لا يوسوسون منه أو من الخوف منه، ويمكنُ أن نراه وسيلة دفاعية إلى حد ما حتى وإن بدت بلهاء، إلا أن كثيرين يخفون خجلهم خلفها، ولكنني أراك تأخذ الأمر بصورة مختلفة لأنك باختصار توسوس فيما يتعلق بتلك الابتسامة وماذا سيقول الناس عنك وكيف سيقيمون حدوث تلك الابتسامة بينما أنت تريد أن تكونَ جادًا، أي أنك كما قيل لك من قبل توسوس مستخدما الفكرة نفسها التي تعتبر العرض الجوهري للرهاب الاجتماعي وهي كيف سيقيم الآخرون أدائي؟ وكيف سيحكمون علي؟
إلا أن لي رأيا آخر قد يستغربه بعض زملائي ولكنني أفترضُ شكلاً من أشكال اضطراب العرات الحركية المركبة (اللوازم الحركية المركبة) Complex Tics قد يكونُ مكتملاً ولم تذكر أنت لنا أعراضه، وقد يكونُ مقتصرا على عَرَضِ الابتسامة في غير مكانها، صحيح أن الابتسام المصاحب بالخجل أمرٌ مختلف عن المعتاد من العرات الحركية المركبة (فالمشهور والأكثر شيوعا هو العبوس أو التجهم أو التكشير أو غير ذلك) ولكنني لا أرى الابتسامة في غير مكانها مختلفةً عن ذلك، ولكنني بالطبع أنتظر منك تفاصيل أكثر. ويصبح الحديث عن حفرٍ في نطاق الوسواس القهري تسقط فيها يا أخي تباعا في حفرة الوسواس القهري ثم حفرة الرهاب ثم حفرة العرات ربما، وهذا في النهاية مجرد رأي قد تستطيع الرد علي بشأنه بعد أن تقرأ الروابط التالية من على موقعنا مجانين لتعرف ما هو مفهوم نطاق الوسواس القهري وما معنى العرات، فانقر العناوين التالية:
الوسواس القهري جنة أم جهنم
الاستمناء والوسواس والعرات والشُّقَـيْـقـة !
اختلال الإنية في نطاق الوسواس القهري
مسلم يعاني من الوسواس : ماذا عن العلاج م
الحصار القهري أو الوسواس : المهم العلاج
هل هذا هو عذاب عَرَّات التوريت؟؟؟
هل هذا هو عذاب عرَّات التوريت ؟؟؟ م
ننصحك بعد قراءة ردنا هذا وما أحلناك إليه من روابط أن تفعل والآتي:
-1- اعزم على طلب العلاج من كل مظاهر الوسوسة التي تجعل حياتك أصعب بلا مبرر، وكل أعراض الرهاب المتبقية، وعلى أنك ستطلب العلاج السلوكي المعرفي إضافة إلى العلاج بالماسا، وربما بغيرها لأن حالتك فيها أكثر من اضطراب من اضطرابات نطاق الوسواس القهري.
-2- ابحث في ذاكرتك عن وجود تاريخ شخصي أو أسري للعرات أو اضطراب توريت، أي فيك أو في أحد أفراد العائلة، وأخبرنا بذلك.
-3- بماذا تشعر قبل ظهور الابتسامة وهل تستطيع كبت حدوثها لبعض الوقت، ويكون الخوف بعد ذلك من فشل مقاومتك وحدوث الابتسامة رغما عنك؟ وأنا لم أنس أن الابتسامة في غير موضعها حدثت بالفعل وتسببت في حدوث مواقف محرجة وأنت في غنى عن حرج يضاف إلى حرج الرهاب الذي لا تعالجه كما ينبغي، ولم أنس أنها لا تسبقها فكرة، ولكنني أسأل هل تشعر داخلك ساعتها وكأن تغيرا ما يحدث في كيانك النفسي ويدفعك ويلح على عضلات وجهك أن تبتسم؟ تابع معنا وسامحنا إن تأخرنا عليك، وادعو الله لنا بالثبات.
ويتبع>>>>>>>> : من الوسواس إلى الرهاب إلى العرات: ربما ؟ م