هل أنا مريض؟
السلام عليكم ورحمة الله؛ أنا شاب ولدت بإعاقة جسدية. كنت أعيش في السعودية، لحد سن 15، جئت مصر على ثانوية عامة. كان عندي حياة هناك كنت أذهب إلى المدرسة كل يوم، أختلط بأصحاب، أمر بمواقف، أتعلم كل يوم جديد، ولكن حياتي انقلبت رأسًا على عقب لما انتقلت لمصر.
سكنت في الدور الثالث في عمارة بلا أسانسير وكنت أخرج في المتوسط حوالي كل ست شهور مرة، وفي مرة المدة تخطت السنة والنصف، أكملت الثانوية العامة ودراستي الجامعية من المنزل ومجتليش فرصة لأحضر ولو محاضرة واحدة أشوف الدنيا عاملة إزاي.
المهم أنني في أول سنة أو سنتين من نقلتي لمصر كنت متضايقًا بسبب انقطاعي عن الناس ولكن بعد ذلك تعودت على الموضوع، بل وبقي بالنسبة لي أحسن، علشان كل مرة كان الخروج بزفة ووجع قلب، المهم أنه من 2000 وحتى 2012 هذا كان الحال، في نصف 2012 نقلت إلى بيت آخر في الدور الأرضي.
في البداية استبشرت خير قلت بداية الخروج بانتظام مع مئات الوعود منهم أن الفرج قادم، لكن الحياة أصبح جحيمًا بعد أن اكتشفت أن خروجي أقل من الأول. انشغل الوالدان بإخوتي وجوازاتهم وخناقاتهم وما إلى ذلك، ثم بالأحفاد وبدل ما يملأوا عليّ دنيتي زاد الضغط أضعاف مضاعفة طوال الوقت صريخ وزعيق، وشخط من الجدين وهذا عاوز وهذا عاوز وهذا عاوز.
كل اللي في البيت هنا يخرجون يروحون عن أنفسهم (وفي معظم المرات يتركون عيالهم أكيد) الظريف في الموضوع أنهم في معظم الأحيان يشتكون من عيالهم وأنهم غير قادرين على التحمل، وعندنا واحد من أزواج البنات عيط في بداية جوازه لأنه غير قادر على تحمل المسؤوليات وعندما أظهرت التململ غضبوا.
بدأ التوتر يزيد عندي، كنت في البداية أقعد معهم في نفس الغرفة وأحاول أتحمل، لكن بعد ذلك بدأ التوتر يزيد جدًا ولم أعد أتحمل فنقلت إلى غرفة لوحدي وانعزلت، ولكن على مين، المولد اللي هنا صوته هيوصل لأي مكان. دلوقتي تعاملي مع أهل البيت لا يزيد عن عاوز آكل وأشرب وأروح الحمام وأفرد على السرير شوية وخلافه! مرة عديت عدد الكلمات اللي بأنطقها في اليوم لقيتها لم تتعدَ 100 تقريبًا.
ليس لي أصدقاء أبدًا وأقاربي يسكنون بعيدًا بشوفهم في العيدين فقط وأهلي كانوا يقتلونني لو اشتكيت لأحد خارج الأسرة، ترتيب اليوم والروتين على وشك أن يقتلني. قاعد أمام الكمبيوتر طوال اليوم ومليش في التلفزيون نهائيًا.
أنا دلوقتي عالق في هذا الوضع طول اليوم والراحة لا تأتي إلا وقت النوم، مبقتش عارف أركز في أي حاجة، لا صلاة ولا شغل (أعمل مترجمًا من المنزل).
الوالد والوالدة كبرا في السن وصحتهما تعبت ومعدوش قادرين يخرجانني، فأتتني فكرة (ربما تكون سخيفة) أنه بما أنه في يوم في المستقبل من الممكن أن يأتي أحد يساعدني، قلت أخبط عصفورين أتجوز ويسيبولي الشقة ويطلعون لأي شقة ثانية، منها هما يرتاحون من خدمتي ومنها أجد السلام والهدوء أخيرًا، لكنهم غضبوا جدًا من الفكرة وقالوا لي نرمي عيال إخوتك في الشارع يعني، عاوز تتجوز مفيش مشاكل لكن إحنا مينفعش نمشي.
الغريب (من وجهة نظري طبعًا) أنهم يحسسونني أنني مبالغ أو بالأصح مفترٍ، يقعدون يقولون هو إيه اللي مضايقك؟ إحنا مش عارفين هو عاوز إيه؟ طب نعملك إيه؟! وكل اللي بيعملوه أنهم يقولون لي لازم أتحمل ومفيش غير ذلك.
الأخت الكبيرة مختلفة مع زوجها منذ ما يزيد على السنة ومقيمة معنا وهي مهملة للغاية في تربية الطفلين، الاثنان يتطاولان على أخوالهما والجد والجدة بشكل غير مقبول، رغم أنهم يحترمانني جدًا ولا أنكر ذلك أبدًا. المشكلة أن كل التخريب اللي بيحصل هنا لا يمكن يسمحون به عند أبيهم لما بيروحوا يزوروه، حتى أمهم بتسيبهم يعملون هنا كل اللي بدالهم وهناك تقطم رقبتهم خوفًا من أبيهم.
الطفلان سيذهبان إلى المدرسة بعد بكرة لكنهم سيرجعان يعني مش هيباتوا هناك، ولي أخ متزوج بينزل بنته عندنا لما بيروح شغله علشان الست هانم مراته بتدلع، لما الثلاثة يجتمعون مع قلة أدبهم الوضع يبقى جنونيًا.
لا تمر ساعة في اليوم علي دون أن تراودني أفكار سيئة عن خناقي معهم، الموضوع سيطر علي وهزمني بالقاضية وعجزت بكل الطرق عن التخلص منه، وألاحظ حاجة غريبة أنني لما بتخانق معهم أو أنفس بالبكاء أقعد يومين ثلاثة مرتاحًا، بعد ذلك أتتني فكرة النوم وسط اليوم.
قالوا لي أنت محسود (على إيه مش عارف!) اسمع رقية واخزِ الشيطان، سمعتها وقعدت أسبوعًا تمام أوي قلت فرجت وانتهينا ولكن عاد الموضوع أسوأ من السابق رغم عدم انقطاعي عن سماعها.
ال
دعوت ربنا كثيرًا يفرجها ولم يحدث، أقعد أقول لنفسي هذه حاجات تافهة يا عم متشغلش نفسك. الحمد لله صحتك كويسة وربنا كرمك بنعم كثيرة هناك أناس مش لاقيين، اهدء بقى.
طرقت كل الأبواب ولا مجيب، وصلت الحال أنني أصبحت أنام ساعتين في وسط اليوم لعلها تجلب الهدوء لكن في وجود الصغار مستحيل. حاولت أشغل نفسي بتعلم أي حاجة لكن أيضًا في وجود الصغار مستحيل، الوضع الآن وصل مرحلة متدهورة للغاية، مبقتش قادرًا أسمع كلامهم المكرر بنفس المشكلات والشكاوى والخناقات بلا حلول، كله مكرر مفيش جديد.
أنا متضايق منهم كلهم وخايف أن كرههم، هل أنا مريض بحاجة إلى العلاج؟ هل أنا مبالغ كما يزعمون؟
أفيدونا أفادكم الله.
26/9/2015
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
قرأت استشارتك أكثر من مرة والصراحة واجبة. لم أجد إشارة أو دليلاً على أنك تعاني من اضطراب نفسي طفيفا كان أم جسيماً.
لم تذكر بالضبط ما هي الإعاقة الجسدية التي تمنعك من الخروج من البيت وإقامة علاقات اجتماعية مع أقرانك من البشر. المحيط الذي تعيش فيه لا يلبي احتياجاتك الشخصية الناقصة ولا أظن أنه قادر على تلبية احتياجات أي إنسان في هذا العمر.
كل ما تصفه في الرسالة يقع تحت عنوان واحد وهو الشعور بالغضب. هناك عدة احتمالات:
1- فشلك في التأقلم مع الآخرين.
2- فشل الآخرين في التعامل معك.
3- وفي جميع الحالات يمكن جمع العامل الأول والثاني.
هناك عدة إشارات في رسالتك توحي بفشلك في استيعاب الظروف البيئية التي تخص الآخرين وخاصة في انتقاد الأخت الكبيرة وفشلها في تربية الأطفال. ليس من الصعب استيعاب ظروفها الزوجية والعائلية وذلك الحال في انتقادك للأخ والأطفال.
مشكلتك اجتماعية بحتة وما عليك أن تفكر به هو الخروج من البيت والعمل خارج البيت والتخطيط على العيش بعيداً عن البيت.
ما تطرقت إليه في رسالتك ليس من الصعب ملاحظته في أي شاب في هذا العمر لا يزال يعيش في بيت العائلة سواء كان ذلك في الشرق أو الغرب.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
نفس اجتماعي: مشكلات الشباب Youth Problems