السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الأفضل أشكركم جزيل الشكر على موقعكم المفيد مشكلة ابني وعمره (اثنا عشر عاما وأربعة أشهر) كثيرة الفروع.
أولا: أنه موسوس بالخوف فلا يقبل النزول إلى الطابق السفلي إلا بصحبة أحد ولا يفتح النافذة ليلا خوفا من أن تدخل له رصاصة وهو نائم، وإذا سار وحده نهارا في الشارع ظن أن هذا الشخص أو تلك السيارة تتبعه.
ثانيا: أنه يعانى من التبول ليلا حتى الآن، ففي الأغلب الأعم أنه لا يقوم نظيفا إلا مرة في الأسبوع ثم إنه يستمتع بإيذاء المحيطين به في البيت وتلقيبهم بالأسماء المؤذية والاستيلاء على ما يحب قوة إذا كان للجميع أو حيلة إذا كان الشيء شخصيا.
يظهر عدم اهتمامه أبدا بمشاعر إخوته، يكرر كثيرا قول أن أباه لا يحبه وأنني أفضل فلانا عليه مع أنى أظهر له سبب التفضيل إن حدث؛ حيث إن اخاك عمل كذا وكذا مما يستحق المدح أو أنك فعلت كذا لذا تستحق العقاب، وأغلب عقابه هو أن يمكث في غرفته مدة من الزمن وهو بالطبع لا يحب ذلك لأنه يحب المجموعة والجماعة ولا يحب الوحدة، والآن مع نموه أكثر أصبح عقابه ليس هينا؛ حيث أنه يظهر أنه لا يهتم بل ويكمل خطأه وهو في طريقه إلى الغرفة وبعض الأحيان يرفض العقاب أصلا واضطر لتهديده بالضرب أو أقوم به فعلا.
أباه ضربه عدة مرات لأسباب مختلفة ولكنه في الأغلب لا يحاول التدخل في مشاكله فطبيعة أبيه أنه يجمع كل شيء إلى أن ينفجر عليه مرة واحده بعد مدة طويلة.
ابني هذا اجتماعي جدا ويفضل العلاقات الاجتماعية على أدائه المدرسي مما يجعل مستواه ضعيفا ولكن لا يصل إلى حد الرسوب مع انه ذكي إن أراد أن يركز فعلا. ويحب المدح وبه كثير من الصفات الطيبة فهو يعينني في رعاية الرضيع وإذا رآني مريضة ساعد بما يستطيع وعلاقته بي طيبه ويحب أباه ولكنه لا يفضل أن يمكث معه إلا إذا كان أباه في حالة راحة شديدة.
لم يصل إلى سن البلوغ بعد اعتبره صديقي فاحكي له ويحكي لي في أمور ومواضيع مختلفة طلباته كثيرة لا يقنع واعتقد أن هذا طبيعي في الأطفال.
دائما يختار صداقة الأولاد المشاغبين بغض النظر عن مستواهم الدراسي والأخلاقي.
لا يلعب في الشارع إلا قليلا لأننا لا نتيح لهم ذلك في بلد منفلت. منتمي إلى نادي كراتي ومدربه يقول انه ولد قوي وعنيف ومتفوق. يذهب إلى المسجد مع أباه ويقابل رفاقه هناك فيقضي وقتا لا باس به في لعب الكرة. يحب السباحة ويمارسها عند توفر الظروف وخاصة في الصيف. يذهب إلى المكتبة ويقرا بنهم فتستطيع أن تقول أنه يأكل الكتب أقصد القصص اكلأ في بعض الأيام ثم تراه يكره الكتاب ولا يمسه في أياما أخرى.
يحب الكمبيوتر واسمح له بذلك حيث أن الجهاز أمام الجميع لا أخشى عليه أن يدخل في شيء مكروه. لا يحسن اختيار الصحبة ولا استطيع أنا أن اختار له لأنه يرفض ذلك ويعي جيدا أن هذا اختيار والديه وليس هو.
الكذب عنده تلذذ واستمتاع فهو يكذب في كل شيء ثم يصحح بعدها أولا حتى أنني أقول له انك لو قلت لي شربت ماء فلن اصدق وأظن انك شربت عصير. أحاوره كثيرا وأحاول أقناعه ويقتنع فهو يأخذ ويعطي في الكلام ولكن بعدها لا يطبق ولا يحاول حتى بعد أن نتفق، ويعلم أن ما يفعله خطا وان التصحيح سيوفر لنا جميعا حياة أفضل؛ حيث أنه يسبب النكد في البيت والشكاوي والبكاء والضجيج ولا يستطيع أن يجلس احد بجانبه في أمان الله.
في المدرسة اشتكت منه المعلمة عدة مرات من أنه يقصر في أدائه المدرسي ليقوم بعلاقاته الاجتماعية فهو يحب أصدقائه ولا يحب إيذائهم وهنا أعطيكم مثالا حيث أن مدربه في الكراتى يقيم بعض المصرعات بينه وبين الأولاد فلا يقبل ابدأ أي يصارع صديقه حتى وإن أثر ذلك على نتيجته وتأخر استلامه لدرجة من الترقية جديدة؛ فهو حريص على أن لا يؤذي أصدقاءه جسديا ومعنويا.
لم يتدخل في تربيته أحد سواى أنا وأبوه؛ حيث أننا مغتربون ولم أضعه في حضانة إلا مدة مؤقتة جدا حاولت أن أشغله فهناك كثير من الأشياء التي يحبها ويمكن أن يتسلى ويستفيد بها ولكنه يكمل مشوار الإيذاء لإخوته حتى وهو مشغول إما بكلمة أو رفسة أو قرصة أو أي تعد يخطر على باله، ويقول ألا تعلمون أني وجدت في هذه الدنيا لأزنخ وأذي الآخرين؟
بعض الأحيان يخطر على بالي أنه ربما يحتاج إلى طبيب نفسي أو ربما اهتمام ولكن لماذا فأنا أعطيه الكثير وأحبه جدا وأعامله معاملة الكبار وأوضح له أنه كبير وأحاوره وأستشيره وأوكل له بعض المهام التي لا يقوم بها إلا الكبار العقلاء وأجازيه على أدائها بما يحب وأشترى له كل ما يريد فقبل ذهابي لشراء متطلبات البيت آخذ طلباته وأقضيها له وله مصروف شخصي كإخوته يصرفه فيما يشاء علما بأنه لا يحكم التصرف فيه إلا نادرا.
أعلم أنه بدأ في ما يسمى بسن المراهقة، ولكن هذه طبيعته منذ فترة طويلة جدا تعد بالسنين. لست أدري إن كنت وفيتكم المعلومات اللازمة كلها ولكني أعلم أني أطلت كثيرا وأسأل الله أن يكون في إطالتي فائدة. أنتظر إجابتكم بفارغ الصبر؛ حيث إن سلوكه يؤثر كثيرا على إخوته الذين يتعلمون منه وتؤثر ألفاظه بشدة على نفسية أخته الصغيرة، ويتعلم منه كل كلمة أخوه حديث الكلام.
آخر معلومة هي أني من بلد وأبوه من آخر, ملتزمون ولله الحمد, العلاقات العائلية كلها جيدة وفي مستوى إسلامي جيد.
وفي النهاية أسال الله أن يجعل عملكم هذا كفة ثقيلة في ميزان حسناتكم
وجزاكم الله كل خير.
2005-11-13
رد المستشار
الوالدة العزيزة أهلا وسهلا بك وشكرا على ثقتك، لأول وهلة أقول لك يا سيدتي أن إفادتك عن حالة ابنك المراهق تبدو للطبيب النفسي وكأنها إفادة عن شخصين مختلفين، فوصفك في السطور الأولى هو وصفٌ لولد خواف رعديد عصابي البنية، أي أن الولد بما أنها (هذه طبيعته منذ فترة طويلة جدا تعد بالسنين) كما قلت، يعاني من أحد الاضطرابات الانفعالية ذات البدء النوعي في الطفولة Emotional Disorders with Onset Specific to Childhood ذلك أن ما تشيرين إليه من أعراض (الخوف من النزول إلى الطابق السفلي وحيدا, والخوف من فتح الشباك إلخ) في طفلٍ ذكرٍ عمره اثنتا عشرة سنة يندرج في ذهن الطبيب النفسي مع اضطرابات الأطفال العصابية، ويتماشى اضطراب البوال أو التبول اللا إرادي الذي يعاني منه مع هذه التركيبة، وإن كان يتماشى أيضًا مع ما تشير إليه السطور التالية في إفادتك.
وأما إحساسه بأنه مراقب كما نقل لك فلا أستطيع التعليق عليه لأنني أحتاج إلى تفاصيل أكثر منه شخصيا، ولذلك فإنني أعتبرُهُ انشغالا عابرا مرَّ به الولد، أو تضخيما من قبله لفكرةٍ عابرة كي يزيد من قلقك وانشغالك به، فإن كان غير ذلك فإن الأمرَ قد يكونُ بدايةً لاضطراب نفسي أعمق وأسأل الله ألا يكون.
إلا أن ما تشير إليه بقية إفادتك هو حديث عن شخص يبدو مختلفا فهو اجتماعي نشيط مغامر يحب أصدقاءه ويحسن معاملتهم، بل ويسرف في الاجتماعيات إلى حدِّ أن ذلك يؤثر على أدائه المدرسي، ولكن معلمته لم تذكر فيه عيبا كالكذب أو قلة الأدب أو غير ذلك، كما أنه يستطيع بفضل ذكائه النجاة من وصمة الرسوب، أي أنه يستطيع ضبط نفسه عند الحاجة وهذه نقطة مهمة، كذلك فإن مدربه في النادي وصفه بأنه "ولد قوي وعنيف ومتفوق" وهو كذلك لا يحبُّ إيذاء زملائه، أي ولد ناشطٍ ومحبوبٍ هو خارج المنزل؟
يبدو إذن أن ما لمسته أنا من تناقض هو تناقضٌ شعرت به لأول وهلة فعلا، لكن الحقيقة هي أنك بمنتهى الصدق والعفوية وصفت لنا التناقض بين سلوكيات ومشاعر وانفعالات ابنك داخل البيت أو في حدود العائلة، وبين مقابلاتها خارج نطاق العائلة، أي أنك ربما تصفين ما نسميه اضطراب التصرف المقتصر علي إطار العائلة: Conduct disorder confined to the family context وتشمل اضطرابات التصرف التي تتضمن سلوكا مستهينا بالمجتمع Dissocial,أو عدوانيا Aggressive (وليس مجرد سلوك معارض أو متحد أو مزعج) ويقتصر فيها السلوك غير الطبيعي تماما، أو يكاد أن يقتصر علي المنزل أو علي التعامل مع أعضاء العائلة المصغرة Nuclear Family أو المعاشرين المباشرين للطفل أو علي كليهما؛
مع مراعاة أن أشد علاقات الآباء بالأطفال اضطرابا لا تكفي في حد ذاتها للتشخيص، وقد تكون هناك سرقة (أو أخذٌ بالقوة) من المنزل ترتكز غالبا علي أموال وممتلكات فرد أو فردين بعينهما وقد يصاحب ذلك سلوك تدميري عمدي يركز مرة أخري غالبا علي أفراد معينين من الأسرة ويتضمن تكسير اللعب أو التحف وقطع الملابس، ونحت الأثاث وتدمير المقتنيات الثمينة، كذلك فإن العنف الموجه ضد أعضاء العائلة (دون غيرهم) والمقتصر علي المنزل هو أيضا من أسس التشخيص.
معنى ذلك أن انطباق هذا النوع على حالة ابنك يتطلب ألا يكون هناك اضطراب في التصرف له شأنه خارج نطاق العائلة السوي، وأن تكون علاقات الطفل الاجتماعية خارج إطار العائلة في النطاق السوي.وفي أغلب الحالات سوف نجد أن اضطرابات المسلك المقتصرة علي العائلة قد برزت في سياق شكل ما من الاضطراب الشديد في علاقة الطفل بواحد أو أكثر من أعضاء عائلته المصغرة، ربما معك ومع إخوته مثلا، لكننا بناء على ما لدينا من معلومات لا نستطيع تشخيص اضطراب التصرف العام أي اضطراب السلوك (التصرف) Conduct Disorder في الأطفال والمراهقين.
ولا حتى اضطراب التصرف غير المتوافق اجتماعيا: Unsocialized Conduct Disorder والذي يشترط لتشخيصه عدم الانخراط الفعال في مجموعة من الأقران، ويستدل علي اضطراب العلاقات مع الأقران أساسا بالانعزال عن الأطفال الآخرين أو المواجهة بالرفض من قبلهم وعدم الشعبية بينهم أو بكليهما معا، وكذلك بافتقاد الأصدقاء المقربين والعلاقات المستمرة، المتعاطفة، المتبادلة مع آخرين من نفس المجموعة السنية أما العلاقات مع البالغين فتتميز بالخلاف والعدوانية والرفض ومع ذلك قد توجد علاقات طيبة مع بعض الأفراد البالغين (ولكنها تفتقر غالبا إلى الطبيعة الوثيقة).
والعلاقات مع الكبار ذوي السلطة تميل إلى أن تكون سيئة ولكن قد تكون هناك علاقة طيبة مع بعض الكبار، وتكون الاضطرابات العاطفية عادة ضئيلة وقد يتضمن اضطراب التصرف أو لا يتضمن الإطار العائلي ولكن اقتصاره علي المنزل يستبعد هذا التشخيص. وغالبا ما يكون الاضطراب أكثر وضوحا خارج إطار العائلة وإذا ما اقتصر علي المدرسة (أو أطر أخرى خارج سياق العائلة) فإن ذلك لا يتناقض مع التشخيص، إلا أن من الواضح أن ابنك أقرب إلى اضطراب التصرف المقتصر علي إطار العائلة، وربما شكل من اضطراب العناد الشارد ربما أيضًا في نطاق العائلة.
أستطيع أن أكونَ مطمئنا إذا تحركتم بسرعة لعرضه على أقرب طبيب نفسي وحبذا لو استطعتم الحصول على العلاج النفسي الأسري خاصةً أنني غير راضٍ عن كثير مما ذكرته من طرقٍ في تعاملكم معه، وأنصحك أيضًا بقراءة حتى نعْدل إن عاقبنا، وكذلك: كيف نُعد دستورًا أسريًا؟ أيضًا.
واستخيري ربك واختاري أقرب طبيب أو طبيبة نفسانية مسلمة من مكان إقامتك، وتابعينا بالتطورات.