قلق من العنوسة
رد: (قلق من العنوسة)
السلام عليكم ورحمته وبركاته؛ في البداية أود أن أشكر حضراتكم على ردكم المقنع على رسالتي المتواضعة بأسلوب طرحها. د حنان أنا عندما أسأل لماذا الله لم يجعل فيه القبول في قلوب كل من يطرق بابي على الطريقة التقليدية في الزواج. أستغفر الله كثيرا والله يشهد أني أشعر وقتها أن مجرد سؤالي هذا يعتبر اعتراض على حكمه وقدره ولكني كلما حاولت أن أنسى هذا الموضوع، مشاعري وعواطفي ترغمني على تذكره.
فيما يخص مسألة الجمال فإن هناك الكثير من البنات من هم أقل مني جمالا وأكثر مني جمالا قد تزوجن أعرفهن. أسأل نفسي لو فرضا كتب الله لي عدم الزواج هل أستطيع الصبر؟ هل أستطيع العيش وأنا أرى صديقاتي ومعارفي ابنائهن بدأو يكبرون
وأنا أشاهدهم من بعيد وأتحسر؟
كيف أعلم نفسي الصبر على نسيان الزوج؟
كيف أعلم نفسي الصبر على نسيان حلم الأمومة؟
أنا شارفت على ال35 سنة وقلقي بدأ يزداد أكثر وأكثر. نعم وإن شغلت نفسي بنشاطات تطوعية عن هذا الموضوع، كيف سينساني الناس كلما رأوني بسؤالهم لماذا لم تتزوجي لحد الآن؟ أو حتى بنظراتهم التي تملأها الشفقة.
وإن شغلت نفسي وعاطفتي بهذه النشاطات كيف سأنسيها وأخبار زواج الفتيات وولادة أطفالهن تأتيني من حيث لا أحتسب. هل تعلمين أني كل يوم ومنذ سنوات عندما أخلد للنوم أتخيل نفسي مع زوج وهمي أمارس معه مشاعر الحب والدفء؟
علميني صراحة كيف أنسى الحب ؟
كيف أتقبل فكرة عدم الزواج حتى مماتي؟
15/10/2015
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عزيزتي تقذفين قفاز تحدي لا منطقي في وجهي. كيف يمكنني أن أعلمك نسيان حاجات أساسية للنفس البشرية وهي الحاجة للحب والتقدير؛ الحاجة للاستقرار العاطفي والاجتماعي، طلبك غير منطقي، ولكن يمكنني أن أرشدك إلى كيفية التعامل مع حرمانك المفروض عليك بتغيير طريقة تفكيرك وتعديل أهدافك ليس في موضوع الزواج بل التعامل مع مختلف حالات الاحباط التي قد تواجهينها في الحياة، استغلي فراغك الحالي في تعديل هذا الجانب من شخصيتك.
هل يكلف الله نفسا إلا وسعها؟ هل تملك أي من النفوس أمرها من دون الله؟ تبدو أسئلتي ساذجة ولكنها أساسية للعقيدة وللرضا في الحياة. لا يملك عبدا أن يسأل ربه عن مقدار رزقه ولا أن يعترض على امتحانه؛ نحن عبيد للرزاق الكريم الرحمن الرحيم القائل بأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها؛ الرزاق الكريم الرحمن الرحيم نبهنا كي لا نفتن بأنه سوف يبتلينا وهذا الابتلاء قد يكون في النفس أو المال وقد يكون بالخوف، هذا هو حالك من خلقك وزرع في نفسك الحاجة للحب يعلم بأنك قادرة على الصبر عنها وإلا ما كان ليمنعها عنك أو يؤخرها، وما يدريك ما بين ارسال سطورك وردي عليها يكون الله قد قضى حاجتك فأمره كن فيكون.
لماذا يمنع عنك حاجتك، وهي حاجة ترين أنها بسيطة تحققها العديدات؛ سبحان من لا يسأل عما يفعل. ماذا فعلت لشكر النعم التي أنعمها عليك، هل نسيت أن الشكر يزيد النعم.صيغي أفكارك ضمن أطر هذه الثوابت الدينية كي تتأقلمي مع ألمك وامتحانك، هل تراك تصبرين على فقدان أي من النعم التي حباك الله بها.
رغبتك في الزواج والأطفال هي مفهومك لتحقيق السعادة في الدنيا، فهل هناك ما يضمن لك بأنها بالفعل أبواب سعادتك، لا سبيل للتأكد لأن لا ضمانات في الحياة حسب قوله تعالى عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون، لن أعدد لك مصائب الدنيا ولكن أذكرك بأن معاناتك هي في حدود قدرتك كوني متقينة من ذلك. الأطر الفكرية هذه يمكن تطبيقها لكل من يفقد حاجة من حوائج الدنيا يرى سعادته فيها.
عباراتي السابقة تأتي في صيغة دينية لأنك ذكرت عزيزتي أنك ملتزمة دينيا، ولو كان من بين من تقرأ السطور وتعيش نفس المعاناة دون ميلك الديني أقول لها أن تحقيق بعض الأهداف يستغرق بعض الوقت أكثر من غيرها، ونحن كبشر قدراتنا مختلفة ومتنوعة فلا توقفي حياتك أمام هدف واحد مهما رأيت أنه مهم وأساسي؛ تأخر بعض الأهداف لا يعني عدم تحققها ولكن لا يجوز اضاعة الوقت وفرص الاستمتاع بالحياة. ضيق الأفق يفقد الحياة متعتها ويضيع فرص التمتع بألوانها المختلفة. لا بد أن يكون هناك أهدافا بديلة تجعل للحياة معنى مخافة السقوط في الكآبة.
سأكتب لك الآيات كي تحفظيها وتردديها لنفسك وتعملي فكرك فيها، لا لأنسيك رغبتك ولكن لأعينك على الانتظار.
"لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" الآية 286 من سورة البقرة .
"لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ" الآية 23 من سورة الأنبياء
"كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" الآية 216 من سورة البقرة
"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" الآية 5 من سورة الشرح
"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" الآية 155 من سورة البقرة
"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم" الآية 31 من سورة محمد
"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ" الآية 7 من سورة إبراهيم
يمكنك كذلك مساعدة نفسك في تحقيق هدفك من خلال التنازل عن الشروط التي ترين أنها أساسية لمن تقبلين به زوجا فهذا سيؤدي بلا شك لتوسيع دائرة الاختيار أمامك. اشغلي عقلك قبل نومك بأحلام غير أحلام الزواج كي لا تبقى هذه الأفكار والرغبات مسيطرة على عقلك حتى اثناء نومك، ساعدي نفسك كي تنجحي في امتحانك دون أن تفقدي فرصة التمتع بالحياة.
ويتبع >>>>>>>>>>>: قلق من العنوسة م1