محتار
أنا اسمي محمد عبد السلام طالب بكلية طب قصر العيني (جامعة القاهرة) الفرقة الأولى. في الثانوية العامة كنت أحلم بدخول تلك الكلية كثيراً، لكن لم أضع آمال كبيرة على هذا الحلم وكنت أقنع نفسي أني سأدخل كلية الطب البيطري، كلية تناسب مستواي حتى لا أنكسر نفسياً إذا لم يتحقق هذا الحلم كنت جيداً في اللغة الإنجليزية لدرجة أن أصدقائي يلقبونني بـ(عبس الإنجليزي) وكان مدرسي اللغة الإنجليزية ينبهرون بي من أول حصة في السنة الدراسية.
كنت أكره الرياضيات، هذا العلم الذي لا أجد فيه أي متعة على الإطلاق كنت ألاحظ تميز أصدقائي علي في الكيمياء والفيزياء والرياضيات طبعاً ولكني التحقت بشعبة علمي علوم ومنها التحقت بكلية الطب، كنت أشعر بتوسط استيعابي في علم الأحياء في علم الوراثة (الذي يحتاج كثيراً إلى فهم) لكن لا أعرف كيف التحقت بكلية الطب هل هو حظ أم مجرد اجتهاد وليس ذكاء.
عندما التحقت بهذه الكلية كنت فرحاً بشكل غير طبيعي أني حققت حلمي ولم أخيب أمل والداي وأعمامي وبقية العائلة مع العلم أني الوحيد الذي دخل تلك الكلية من العائلة لاحظت في بداية الأمر صعوبة المواد الدراسية من فسيولوجي وبيوكمستري وأناتومي وهستولوجي ولكن استصعبت الفسيولوجي ووالبيوكمستري جداً.
وأشعر أني لست جيداً في الدراسة بل ضعيف جداً وألاحظ تفوق الكثير من زملائي علي وعندما أذاكر لا أشعر أني استوعبت المعلومة ليس في كل المواد طبعاً وأنسى كثيراً ولا أجد أن مذاكرتي أتت بثمارها وعندما نقف في المعمل لا أستطيع أن أفهم ما يريده مني الدكتور أو المعيد وأرى أن غيري يفهمه ونتيجة لذلك أصاب بالإحباط وأشعر أن قدراتي العقلية لا تناسب تلك الكلية ومن الأفضل لي أن أحول لكلية أخرى أدبية وأني اقترفت خطأ بالغاً بأني التحقت بكلية الطب ولم ألتحق بكلية أخرى كالألسن أو التجارة أو الاقتصاد والعلوم السياسية.....
فهل أنا غبي أم اخترت خطأ ومن الأفضل التحويل لكلية أخرى كما ذكرت في بادئ الأمر...
أرجوكم أفيدوني لأني لا أعرف ماذا أفعل وأصبت بإحباط شديد
12/11/2015
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
ما يصفه السائل الكريم هو لون من عسر المزاج Dysthymia وهو حالة من الاكتئاب البسيط المزمن، وهو بسيط؛ لأنه لا يعوق الأداء الوظيفي للسائل كما هو واضح من وصف الحال البادي في السؤال، فعلى الرغم من المعاناة الشعورية التي يصفها السائل، فإنها على ما يبدو لم تمنعه من إحراز نجاحات ملحوظة في مجال الدراسة والتفوق على الأقران و دخول كلية الطب.
ولكن من الواضح أن الاكتئاب البسيط الذي نصفه بما يحمله معه من الأفكار السلبية، يمثل عائقا يمنع السائل من رؤية النجاحات التي يحققها، وللاكتئاب قدرة فائقة على تشويه كل إنجاز أو نجاح يحققه صاحبه كما هو واضح من وصف السائل، وهذا ما نسميه التفكير الاكتئابي المشوه Distorted thinking الذي يصب في خانة التقليل من الذات Self devaluation ، وهذا التفكير هو الذي يؤدي لعدم الثقة في النفس والإحساس الدائم بأن الشخص غير كفء لأداء المهام الموكلة إليه، والإحساس بأنه لا يستطيع التركيز وأنه أقل من غيره الذين يستوعبون ويفهمون المواد الدراسية بشكل أفضل منه وهكذا.
ونحن ننصح السائل بأن يحاول تغيير هذا اللون من التفكير وأن يحاول أن يرى إيجابياته وإمكاناته، وأن يكف عن تقييم نفسه من خلال إحساسه الشخصي المتأثر بالاكتئاب كما هو واضح ويبدأ التركيز على إنجازاته في العالم الواقعي، وعلى رأي الآخرين فيه، فليس من المهم مثلا إحساسه بأنه لا يركز جيدًا ما دام الآخرون (كأساتذته مثلا) يرونه ناجحًا في دراسته، فعليه أن يركز الآن في إنجاز عمله ودراسته بأفضل وضع ممكن وليترك للآخرين وللامتحانات مهمة تقييم أدائه؛
وليركز في الجوانب التي يراها ناقصة على تنمية قدراته، وتحسين أدائه بدلا من التباكي على سلبياته دون عمل إيجابي، فإن لم تفلح هذه العملية من التغيير الفكري فليستعن السائل بأحد المتخصصين في الطب النفسي، وخاصة في مجال العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy) للاكتئاب فهو الوسيلة المثلى لتحسين حالته في ظني؛ لتركيزه على تصحيح التشوهات الفكرية المذكورة، والله أعلم....
ويمكنك في ذلك أن تقرأ 17 مقالا مبتدءًا من 1 ومستمرا حتى رقم 17 ترجمها بلغة سلسة وسهلة مستشارنا القدير د. محمد شريف سالم ضمن ملف العلاج المعرفي السلوكي على مجانين تحت عنوان العلاج المعرفي للاكتئاب. أما بالنسبة لفكرة التحويل من الكلية فهي فكرة سلبية أخرى من الأفكار الخادمة للاكتئاب، ونحن نحذر السائل من الانسياق وراءها حيث أن الانسياق وراء مثل هذه الأفكار يمكن أن يؤدي إلى دوامة لا نهاية لها من الأفكار السلبية، ومجرد التحويل سوف يتخذه الاكتئاب دليلا على صحة فرضياته فيهاجم السائل بقسوة أكثر، ويؤكد له أنه حتى الكلية التي حول إليها لا يستطيع القيام بأعبائها الدراسية وأنه أقل شأنا من أن يكمل الدراسة بأية كلية وهكذا حتى ينتهي به إلى الفشل التام.
والوسيلة المثلى لقطع الطريق أمام هذه الدوامة البائسة هو عدم الاستجابة لهذه الأفكار من البداية ومواجهة الواقع مع التركيز على الإيجابيات وشكرا
واقرأ أيضًا:
كيف نحول الفشل الذريع لبصيص أمل؟ م. مستشار
كيف نحول الفشل الذريع لبصيص أمل؟ م1
كيف نحول الفشل الذريع لبصيص أمل؟ م
اضطرابات وجدانية: عسر مزاج Dysthymia
نفس اجتماعي: مشكلات دراسية Scholastic Problems
نفس اجتماعي: دراسي Scholastic الرشد المبكر Adolescence