أريد استشارة نفسية ""عاجلة""
السلام عليكم، تحية طيبة وبعد؛
أعاني من مشكلة تؤرقني كثيرا وهي أنني عند النوم يقال أنني أتحدث كثيرا وأنا نائم. وأحيانا لا يقتصر الموضوع على الكلام فقط وإنما يمكن أن أتحرك وأذهب إلى أماكن في المنزل، وفي إحدى المرات قيل لي أنني قمت بفتح باب الشقة وجلست على السلم لمدة حوالي 4 ساعات حتى فتحوا لي الباب في الصباح وأدخلوني، وإلى الآن لا أتذكر عن هذا الموضوع أي شيء.
وبالنسبة للكلام وأنا نائم يقال أنني عندما يحاولون أن يفيقوني من النوم ممكن أن يجاروني في الحديث وأتحدث معهم وعندما أفيق لا أتذكر شيئا عن ما حدث.
الرجاء الرد على استفساري في أقرب وقت ممكن وإن كان هناك أي علاج لمشكلتي الرد على بريدي الإلكتروني إن أمكن ((((((((عاجل))))))) وشكرا.
طارق دسوقي
2/6/2004
رد المستشار
الأخ العزيز السائل؛ أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين نقطة كوم، وشكرا على ثقتك، يعتبر الكلام أثناء النوم Somniliquy Sleep talking وكذلك السرنمة أو السير أثناء النوم Somnambulism sleepwalking، اضطرابان من اضطرابات النوم Sleep Disorders، ومعظمُ الآراء العلمية تنفي علاقتهما ببعضهما، فأما الكلام أثناء النوم فشائع في الصغار أكثر منه في الكبار، وهو عادةً ظاهرةٌ عابرة ولا خوف منها فأي شخص يمكنُ أن يتكلم أثناء النوم وقد يكونُ الكلام مفهوما أو غير مفهوم وإن كان غالبا غير مفهوم، لكن من الكبار من يستمرون في الكلام أثناء النوم بشكل مزمن وغالبا ما يكونون من المبدعين أو
أصحاب الفنون بشكل عام.
وكي تطمئن أكثر فإن الكلام أثناء النوم أيضًا حدثٌ شائع ونادرا ما يعني خللا أو مرضا جسديا أو نفسيا خطيرا، وعادة ما يحدث أثناء الدخول في النوم في المرحلة الأولى أو الثانية من مراحل النوم، أو خلال الاستيقاظ، وقد تزيد احتمالية حدوثه بالنوم عقب الإرهاق الشديد، لكنه على أي حال قد يحدثُ أثناء كافة أشكال ومراحل النوم بما في ذلك نوم حركة العين السريعة REM Sleep، وأرى من المناسب هنا أن تقرأ المقال المنشور على صفحة مقالات متنوعة بموقعنا مجانين تحت عنوان النوم والأحلام في الطب النفسي الحديث.
وأرى أن الأجدر بالاهتمام في حالتك هو السير الليلي أو السرنمة: وهو اضطرابُ نوم تختلطُ فيه أعراض النوم بأعراض اليقظة، وغالبًا ما يحدثُ أثناء الثلث الأول من الليل، حيثُ يقوم الفرد من النوم ليلاً ويتجول مبديًا مستوى منخفضًا من الوعي والتفاعل والمهارة الحركية، وكثيرًا ما يعود إلى سريره بعد أداء بعض الحركات التكرارية، وربما أيضًا ذهبَ إلى الحمام أو تبول في أي مكان، وأثناء النوبة يكونُ وجهه محدقًا دون تعبير، وغير مستجيبٍ نسبيا لمحاولات الآخرين للتواصل معه ولا يمكنُ إيقاظه إلا بصعوبةٍ بالغة، ولكنه لو ترك سيعود إلى سريره بهدوء ليستكمل نومه، ولا يتذكرُ شيئًا عنها إلا في الصباح إذا تركَ ليتم نومه ولا بعد أن يتم إيقاظه من النوبة إذا حدثَ ذلك.
وهناك اضطراب ذو علاقة باضطراب السرنمة وهو الفزع الليلي Night Terror وهو أيضًا شائع في الصغار، والسرنمة والفزع الليلي اضطرابان شديدا الارتباط ببعضهما، فالاثنان يعتبران من اضطرابات التنبه وبشكلٍ خاصٍ أثناء المراحل العميقة للنوم (المرحلتان الثالثة والرابعة)، وكثيرٌ من المرضى لهم تاريخ عائلي إيجابي بالنسبة لأي من الحالتين بالإضافةِ إلى تاريخ شخصي بتجربة الحالتين، كذلك فإن الحالتين أكثر شيوعًا في فترة الطفولة مما يشيرُ إلى الدور الذي تلعبهُ عوامل النمو في إحداثهما، إلا أنك لم تذكر لنا شيئا عن نومك في الطفولة وهل عانيت من الفزع الليلي أو التبول الليلي اللاإرادي؟
وعلى قدر المتوفر من المعلومات الحديثة في الطب النفسي فإن هذين الاضطرابين يعتبران الآن جزءًا من طيفٍ تشخيصي واحد، استنادًا إلى وجود التماثلات السريرية والمرضية بين السرنمة والفزع الليلي وإلى حقيقة أن التشخيص التفريقي بين هذين الاضطرابين عادةً ما يستندُ إلى أي الأعراض أكثر ظهورًا من أعراض الاضطرابين في ذات الحالة، والاحتمال التشخيصي الأغلب في حالتك هو السرنمة، فأنت لا تصرخ في البداية إذا افترضنا أنك كنت دقيقا في وصفك للحالة وهو ما يجعلنا لا نستطيع تشخيص الفزع الليلي، وأنت أيضًا تقوم ببعض الحركات بلا هدف بما يوحي بعدم وعيك بما تفعل وهو ما يجعلنا نفكرُ في السرنمة، ونضع احتمال أن تكونَ قد عانيت في طفولتك بين سن الثالثة والسادسة مثلا، ولعل والدتك أكرمها الله تذكر ذلك فاسألها.
وبعض حالات السرنمة تكونُ متعلقة بالاضطرابات التفارقية (الانشقاقية) Dissociative Disorders، حيث يحدث انشقاق بين الوظائف النفسية المعرفية المختلفة أثناء النوم، فيستيقظ جسدك بينما وعيك غير كامل الاستيقاظ، وكان لنظرية التحليل النفسي صولات وجولات في تفسير ذلك إلا أن شيئا من تلك الفروض لا يمكن إثباته. ليست هناك عقاقير معينة وآمنة لعلاج مثل هذه الحالة ودائما ما ننصح بتأمين مكان النوم بحيث إذا حدث وواتتك نوبة السرنمة لا تكونُ معرضا للخطر أيا كان نوعه، وأنصحك إن لم تجد في ردنا هذا ما يطمئنك أن تعرض نفسك على أقرب طبيب نفسي من محل إقامتك بحيث يكونُ أقدر على فهم الحالة والوصول إلى تشخيص أدق وأسلوب أصلح للتعامل مع الحالة، وفي النهاية أتمنى لك السعادة والتوفيق ومزيدًا من الوعي والإدراك والتواصل مع مجانين، فتابعنا بأخبارك.