السلام عليكم ورحمة الله.
أنا صاحبة مشكلة الوسواس القهري: أنواعه وأعراضه وحكمه الشرعي، وهذه المشكلة تقريبا لها أكثر من عام ولقد عملت بنصيحة حضرتك واستمريت مع الدكتورة وأحب أن أبشر حضرتك أنني الآن قد شفيت تماما وانتهيت من جميع مراحل العلاج وأصبحت إنسانة طبيعية وأنا الآن أكتب لحضرتك لعدة أمور أولها أن أبشر كل من في حالتي فلا ييأس وأنه مع العسر يسرا
وثانيا إنني أريد من حضرتك عدة نصائح فأنا أخشى أن أعود مرة أخرى وخاصة أنني في بعض الأحيان القليلة جدا أشعر ببعض الآثار البسيطة ولكنني أدعو الله أن أبقى طبيعية 100%فهل هذا طبيعي
وخاصة أن الدكتورة قالت لي أنت استجبت للعلاج سريعا ولكن حتى الآن لا أعرف ما الذي أدى بي إلى ذلك حتى أتقيه ولا أقرب إليه فما هي نصيحتك لي وهل هناك احتمال لرجوع هذا المرض مرة أخرى وما هي نصيحتك للتخلص من هذه الرواسب المتبقية.
أرجو أن تكون في عوني كما كنت في عوني من قبل فإنني أمتن إليك بفضل كبير بعد الله سبحانه وتعالى.
وجزاكم الله خيرا.
28/5/2004
رد المستشار
الأخت العزيزة؛
أهلا وسهلا بك وحمدا لله على سلامتك، وشكرا جزيلا على متابعتك التي تشعرنا بسعادة كبيرة وراحة لأننا نجحنا في إرضاء الله سبحانه وتعالى من خلال مساعدة من يلجئون لصفحتنا فكم هو جميل أن أقرأ من صاحبة مشكلة كانت في العام الأول لمجانين، وأن يكونُ ما أسمعه طيبا ومطمئنا بهذا الشكل، الحمد لله الذي هدانا وأكرمنا بفضله.
إذن فأنت تزفين البشرى لكل من يعاني من عذاب الوساوس (الأفكار التسلطية والأفعال القهرية) وتطلبين منهم ألا ييأسوا وأن يتذكروا دوما أن مع العسر يسرا، ونسأل الله أن تصل بشراك إلى كل صاحب معاناة من المسلمين القاعدين عن طلب العلاج من أهله وهم مأمورون شرعا بذلك، فعليهم السعي القويم والشفاء من الله.
وقبل أن أجيبك ما ألهمني الله في الجواب على أسئلتك، سأسألك أنا أولاً: لقد راجعت مشكلتك القديمة الوسواس القهري : أنواعه وأعراضه وحكمه الشرعي ، وقرأت رديَ عليها، فوجدتُ أنك لم تخبريني عن طريقة العلاج التي اتبعتها لقهر الوسواس القهري؟ فما يفهم من نص المشكلة الأصلية هو أنك كنت قد بدأت في تناول أحد عقاقير الماسا (مضادات الوسوسة التي تزيد السيروتونين في المشابك العصبية في المخ)،
وكنت قد طلبت منك المتابعة مع طبيبتك النفسية -وفقها الله- ومناقشتها في عمل بعض جلسات العلاج المعرفي السلوكي لك أو إرشادك إلى من يقوم بها في بلدك، فهل فعلت؟ وثانيا أسأل ماذا تقصدين بقولك في إفادتك: (أخشى أن أعود مرة أخرى)، هل تعودين للوسوسة؟ أم تعود الوسوسة لك فلا تستطيعين ردها؟ فهل هناك علاماتٌ ترين أنها موجودةٌ على ذلك ؟ أنت تقولين: (في بعض الأحيان القليلة جدا أشعر ببعض الآثار البسيطة ولكنني أدعو الله أن أبقى طبيعية 100%فهل هذا طبيعي)، ما هي بعض الآثار البسيطة التي تقصدين؟
وفي السطور التالية سأقول لك بعضا من خبرتي الشخصية في علاج حالات الوسواس القهري الشبيهة بحالتك والتي تحتل الأفكار التسلطية والمزاج الاكتئابي معظم صورتها المرضية، فمثل هذه الحالات تتحسن غالبا بفضل الله باستخدام العقار المضاد للوسوسة وخلال عدة أسابيع، ولعلك كنت من المحظوظين سريعي الاستجابة للعقار (والذين كلمتك عنهم في ردي السابق) فما لبثت حالتك أن تحسنت بعد أن وصلك ردنا والفضل لله، وبعض هؤلاء المرضى يحافظون على تحسنهم حتى بعد وقف العقاقير، وبعضهم تنتكس حالته بعد حين لا يعلمه إلا الله، وقد يتزامن ذلك مع فترات كرب حياتي معينة في حياته، ولما كان المريض الذي يتحسنُ بسرعة هو من أكثر المرضى إلحاحا على طبيبه النفسي أن يوقف العلاج، فإن معظمهم أوقف له العلاج بعد عام كامل من التحسن الكامل، وتكونُ نصيحتي لكل منهم عليك إذا شعرت بخاطرةٍ ملحة ألا تفزع وألا تحزن واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واستعن به سبحانه في إلهاء نفسك وصرف انتباهك عن تلك الخاطرة أو الفكرة، فإن أبت إلا إلحاحا راجعني وقل لأفكارك التسلطية إن عدتم عدنا والله معنا.
وأما في حالة مرضى الوسواس القهري من نفس النوعية السابقة الذين يكونون قد انتظموا في جلسات العلاج المعرفي السلوكي فإننا عادةً ما نتفق بعد التحسن الكامل، على أرضية أكبر من الفهم المتبادل بين المعالج والمريض، على أن يتبع المريضُ طرقا عديدةً مبدئية للتعامل مع مثل تلك الفكرة، وأحيانا أن يحاول استباق الفترات المرتبطة بالكروب في حياته (مثل الامتحانات أو الإقدام على الزواج مثلا) وإعداد نفسه لمواجهة خطر الوسوسة مرة أخرى، ولو حتى باستخدام العقار بعد مراجعتي بالطبع.ولكن لي تعليقا حول ما أخمنُ أنك تقصدينه بقولك (بعض الآثار البسيطة)، ولكي يكونَ التعليق واضحا فسأضرب لك المثل التالي: كانت إحدى مريضاتي تعاني من اندفاعة ملحة أن تلقي بنفسها من شرفة المنزل(لا قدر الله)، أو من أن تطعن نفسها بسكين أو تلقي بنفسها في البحر، فكانت إذا وقفت في الشرفة شعرت بتلك الاندفاعة فابتعدت عن الشرفة، وإذا رأت السكين أو أي آلة مدببةٍ أو حادةٍ شعرت بالاندفاعة فابتعدت عنها، وإن رأت البحر أحست بالاندفاعة فتجنبته، وهكذا، هذه المريضة بعد أن من عليها الله بالشفاء، وبعد أشهر من التحسن الكامل كانت تقول لي أن شيئا لم يعد يضايقها غير بعض "الآثار البسيطة" وعندما سألتها عن معنى الآثار قالت: أتذكرُ حال وأفكاري وأفعالي أيام مرضي وأنا أقف في شرفة البيت إلى جوار زوجي وأولادي فتغلبني دموعي،
فسألتها وماذا تفعلين؟ فقالت أحمد الله أن أنعم علي بالشفاء ولكنني أبقى حزينة لبعض الوقت، ولكنني أنسى بعد ذلك، فقلت لها أن هذا طبيعي 100 % وليس أثرا للوسوسة بقدر ما هو أثرٌ للمعاناة من المرض النفسي لفترة بوجه عام، فالحمد لله.
وتكرر ذلك الموقف مع مرضى كثيرين، ولابد أن تدركي هنا أن العامل المهم ليس تذكر الفكرة في حد ذاته وإنما هو تأثير بروز تلك الفكرة في وعيك على كيانك النفسي ككل، فشتان بين مرتاع وشاعرٍ بالقهر وبين متأمل وحزين على ما كان قد أصابه يوما وأنعم الله عليه بالخلاص منه.
وأما ما الذي أدى بك إلى ذلك وكيف تتقينه، فإن أسباب إصابة الإنسان بالوسواس القهري ما تزال مجرد فروض ونظريات وعلمها عند ربي، وأما ما ينفع في الوقاية من المرض النفسي بوجه عام فهو التدين الداخلي هو الاطمئنان إلى الله سبحانه وتعالى والثقة فيه وفي عدله، وهذا نتاج أبحاث علمية وليس خطابا دينيا فقط، وأن تحسني فهم اضطرابك النفسي وما يتوفر بشأنه من معلوماتٍ تفيد في التعامل مع ما قد يخطر على الذهن ولا ترغبين بقاءه فيه، فهذا علمٌ مفيدٌ في حالتك، وطلب العلم المفيد سلوك المسلم الواعي. وأحيلك بعد ذلك إلى عددٍ من الروابط من على موقعنا مجانين، عن ما سألت عنه بخصوص اضطراب الوسواس القهري، فانقري الروابط التالية:
الوسواس القهري في الأفكار ، علاج معرفي !
مسلم يعاني من الوسواس : ماذا عن العلاج متابعة
وسواس واكتئاب شديد وعلاج الشيخ لا يفيد !
برنامج علاج ذاتي لمرضى الوسواس القهري القسم الرابع
أسأل الله أن أكونَ قد وفقت في إعانتك على ما يقلقك بشأن المستقبل من خلال ردي عليك والروابط التي أرشدتك إليها، وأنا هذه المرة في انتظار متابعة أكثر تفصيلا لتعم الفائدة، ودمت سالمة لمجيبك.