السلام عليكم
عزيزي الدكتور وائل أبو هندي، تحية من أعماق القلب، بداية أود أن أشكرك جزيلاً لاهتمامك بحالتي وسرعة تجاوبك بشكل لم أكن أتوقعه بهذا الصورة فتقبل مني سيدي فائق الاحترام والتقدير.
تفصيل الحالة: أنا ذكر عمري 21 سنة عراقي مقيم في لبنان للدراسة الجامعية، كان التزامي من الناحية الدينية منذ أكتوبر من العام الفائت، أي أنه منذ فترة بسيطة فقط، ولم يمر الشهر الأول من انتظامي الصلاة وسائر الفروض الأخرى حتى بدأت الوساوس تهاجمني وتلح علي وتشتد، كانت في البداية تقتصر على أوقات الصلاة وأثناء قراءة القرآن، وساوس تمثل كفراً وسباب تفزع منه نفسي،
حتى أنني كنتُ كل ما راودتني تلك الوساوس أضرب على صدري بشده بيدي كنوع من العقاب ولكن بلا فائدة، ومع مرور الأيام والأشهر أخذت الوساوس تستمر لأغلب اليوم وتلح وتشكل إزعاج وضيق غير طبيعي، فما أن أفتح عيني صباحاً حتى تبدأ وكم مرت علي أوقات عصيبة هزتني من الأعماق،
قبل أن التزم دينياً كان لي بضعة أصدقاء ملحدين وهؤلاء كانوا لا يتورعون عن الكفر والتلفظ بألفاظ تمس الذات الإلهية صراحة بشكل شتائم، أنا لم أكن أشاركهم ولكن لم ابد اعتراضاً، لا أدري إن كان لهذا علاقة ما، حاولتُ بشتى الطرق أن أتخلص من هذه الوساوس بلا جدوى، من قراءة المعوذات إلى الدعاء والاستعاذة إلى قراءة القرآن، كل ما قد يخطر ببالك، هذا مع ملاحظة ثلاثة أشياء:
1) أنا من النوع الذي يغضب بسرعة وربما لأتفه الأسباب غضباً شديداً.
2) كثير النسيان بشكل ملفت جداً أنسى المواعيد وكثيراً ما أجلس في مكان ما واضعاً دفتري أو ما شابه بجانبي ثم أقوم ناسياً أغراضي، وهذا يتكرر كثيراً جداً، حتى أنني مضرب المثل في النسيان بين أهلي وأصدقائي، كما قد أنسى الأسماء أحياناً.
3) ربما كان استعدادي للمرض وراثياً لأن أمي من النوع الذي يبالغ قليلاً في النظافة والتنظيف وإن كنتُ لا أجزم بأنها تعاني وسواساً ما، ماذا أفعل؟؟
هل أزور طبيباً نفسياً حالاً؟ لا أدري لمَ أتردد في الذهاب إلى الطبيب النفسي،
شكراً جزيلاً وجزاك الله خيراً بإحسانك.
22/8/2003
رد المستشار
الأخ العزيز: أهلا بك، أريدك أن تتأكد أن الأمر إن شاء الله أبسط بكثيرٍ مما تتصور، وليس هناك ما يستدعي التردد في الذهاب إلى الطبيب النفسي، لأن حالتك ليست أكثر من وسواس قهري من نوع الأفكار الاقتحامية وربما الاجترارية، وهذه الحالات هي بفضل الله من أسرع الحالات استجابةً لعقاقير الم.ا.س.ا، فلا تؤخر فرصتك في التحسن، لأن علينا كمسلمين أن نطلب العلاج من أدوائنا،
وقد قال صلى الله عليه وسلم : "ما أنزل الله داءاً إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله" وقال صلى الله عليه وسلم "عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكون والدتك كانت تعاني مما يبدو أنه وساوس تتعلق بالنظافة إنما يعضد التشخيص، لكنه لا يغير من طريقة العلاج، فقط عليك أن تواظب على أداء فروضك الدينية وعلى قراءة القرآن، وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
كل ذلك إلى جانب متابعتك مع الطبيب النفساني أما النسيان وسرعة الغضب فنستطيع ردهما إلى القلق الشديد الذي تعيش فيه والذي نستطيع رده إلى اضطراب الوسواس القهري نفسه، لأن القلق جزءٌ لا يتجزأ من ذلك الاضطراب، وأنا إنما أنصحك بزيارة عاجلة للطبيب النفسي لأنه سيستطيع وصف العلاج الأنسب لحالتك أكثر مما أستطيع فرغم أن العقاقير المتاحة لعلاج اضطراب الوسواس القهري في العالم العربي وربما في كل الدنيا هيَ خمسة عقاقير إلا أن المفاضلة بين هذا أو ذاك تحتاج إلى تقييم مباشر من طبيب نفساني متخصص، فلا تتردد ولا تؤخر نفسك، وتابع مع أقرب طبيب نفساني، وبعد عدة أسابيع ستعرف أن الله سبحانه وتعالى قد هون عليك معاناتك، وتابعني بأخبارك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.