فصام اضطهادي؟
- هل سيصل به الأمر فعلا إلى ارتكاب جريمة بحق مضطهديه, أو بحق نفسه؟
- هل لنا أن نجد بصيص نور في هذا الجحر المظلم؟؟ هل يوجد أمل بعلاجه من دون اللجوء لطبيب؟؟؟! هل هناك علاج دوائي ينصح به؟
- وعلى سبيل المزاح, هل لي أن أدرس الطب النفسي بمجهود شخصي؟ ومن أين أبدأ؟؟
السلام عليكم ورحمة الله..
بعد التحيه أتقدم لكم بخالص الشكر والعرفان لجهودكم الطيبة وشخصكم الكريمة.
أما فيما يتعلق باستشارتي, فصاحب العلة رجل (أخي) في ال28 من عمره لم يكن لشبابه وطفولته طعم سوى المرار. ظهرت معه وساوس هذا المرض اللعين لأول مرة في بداية عشريناته، علما أنه تعرض لعملية خطف في سن ال15، ليتبين بعد فترة قصيرة أن المدبرين لعملية الاختطاف ما هم إلا أقاربنا, فكان وقع الصدمة شديدا عليه، ومن هنا تحطمت كل أواصر الثقة ولم يعد لها محل في نفسه.
على مدار الـ8 سنين الماضية, شاهدنا العديد من السيناريوهات التي أُلفت ونقحت من قبل أخي وكلها تدور حول عمليات الخطف والتهديد وطلب الفدية والضحية بالطبع أخي, أما المجرم فإن لم يكن قريب (من العائلة) كان صديق مقرب، وبالطبع مع كل قصة نشهد نوبة غضب وجنون أثناء محاولاته لإقناعنا بصحة استنتاجاته الذكية، وإن سايرناه سيكون علينا الخضوع لمطالبه الغير معقولة كأن نقابل المُضطهِد ونخبره بأننا نعلم نواياه وما يضمر ثم نلزمه بكتابة تعهد يحمله مسؤولية أي ضرر يقع لبطل القصة (أخي).
والمضحك أننا بالفعل حققنا له عدة مطالب من هذا النوع!، وعليه كثر العارفون بعلة أخي وضعفه. أيضا شهدنا محاولتين لقتل نفسه إحداها كانت في نوبة غضب عارمة والأخرى في نوبة حزن لعدم تصديقنا له. أوقفناه في الأولى، ولم نتدخل في الثانية, إلا أنه لم يقوى على فعلها.
أما ما يجري اليوم, والذي دفعني لهذه الاستشارة بعد كل هذه السنين هو ما يدور في رأس أخي من أفكار شيطانية لقتل زميله في الدراسة (الشخص الجديد في القائمة السوداء)، زميله الذي كان البارحة بمنزلة أخيه واليوم عدوه، لأسباب تافهة كالعادة! والموضوع يكبر يوم بعد يوم. ومع صعوبة إقناع أخي بحاجته لطبيب نفسي جرجرناه مرة في بداية مرضه إلا أننا لم نخرج بفائدة تذكر.
جربنا الكثير من دون نتيجة، فلم يبقى لنا سوى التعايش مع الحالة إلا أنها تسوء يوما بعد يوم وتبدع في اختلاق ما يقرح القلب والنفس، ومع أني لا آمل الكثير (لصعوبة وضع أخي), لكن لا خسارة في الاستشارة
* النوبات تظهر أو تزداد مع زيادة ضغوط الحياة (قبيل فترة الامتحانات أو محاولة التقدم لفرصة عمل, شيء من هذا القبيل)
وشكرا لكم
14/1/2016
رد المستشار
للسائل الكريم نقول:
هذا الذي تصفه عند أخيك هو نوع من أنواع الاضطرابات الذهانية، والذي يضطرب فيه تفكير المريض ولا يتبع قواعد العقل والمنطق التي يتبعها التفكير عادة عند معظم الناس. ومن أِكثر أنواع هذه الاضطرابات وأكثرها انتشارا الاضطرابات الزورانية أو اضطرابات التشكك Paranoid Disorders والتي تجعل المريض متشككا فيمن حوله ويكثر اتهامه للآخرين في نياتهم، فهو مقتنع في معظم الأحوال بأن الآخرين يحيكون له المؤامرات ويعدون له الفخاخ والألغام في كل خطوة يخطوها،
وهذه الاضطرابات مرتبطة بعوامل وراثية تجعل لدى الإنسان استعدادا للإصابة بهذا المرض وإن كانت تظهر أحيانا مع بعض الضغوط الحياتية التي تجعله يفقد الثقة فيمن حوله كما حدث في حالتكم. وهي أيضا عرضة للتزايد مع أي ضغوط أخرى حتى وإن لم تكن مرتبطة بكيد الآخرين له.
وقد يستفحل المرض ويزدادا حتى يفقد الإنسان الثقة في أقرب الناس إليه، وقد يكون مزاجه عصبيا سهل الاستثارة وربما يكون عدوانيا لأنه يرى نفسه في حالة دفاع عن النفس فقد يرتكب جريمة يرى لنفسه الحق في ارتكابها من باب الدفاع عن النفس واستباق الهجوم على الآخر قبل أن يهجم عليه. ولهذا فإن هذا المرض من الأمراض الخطيرة التي لا ينبغي التهاون أو التراخي في علاجها، ويصطدم العلاج في معظم الأحوال بعائق كبير وهو افتقاد الوعي أو الاستبصار بالحالة، أي أن المريض غالبا ما ينكر أنه مريض وبالتالي يرفض العلاج، بل قد يعتبر محاولة مساعدته بالعلاج لونا جديدا من المؤامرات التي تحاك ضده.
وهناك بعض العقارات التي يمكن أن تؤثر على مراكز معينة في المخ لتعيد الإنسان إلى صوابه بإذن الله، وبعض هذه العقارات مصنع بحيث يمكن وضعه في الطعام أو الشراب دون أن يشعر المريض بذلك، ولكن لابد من مناظرة الحالة بمعرفة الطبيب المختص لوصف العلاج اللازم، فإن لم يتيسر ذلك فلا بديل عن إرغام المريض على دخول المصحة النفسية وتلقي العلاج لفترة كافية داخل المستشفى حتى يأذن الله بالشفاء.
والله المستعان